Fri,Apr 26 ,2024

أطفال صنعاء

نبيل أحمد الخضر

تحميل


مع كل يوم، في كل قصف، وفى غياهيب الظلام السرمدي.

الطقس كأنه تفاهم مع بعض القيم الكونية يحاول بذلك ان يخفف ما عجز الأرضيين عنه فلم تكن صنعاء حارة منذ الازل.

 كان طقسها معتدلا على مدار العام ولكن لأجل صغارها أصبحت صنعاء حارة ليصبح الماء دافئا لأجل أجسادهم الغضة فلا وجود لقنينة غاز لتدفئة الماء. أو كهرباء لتشغيل السخان فإذا لا بد من أن تهرع الام الشمس بكل دفئها لإغاثتهم.

صنعاء تعشق الاطفال وتحمى أطفالها بكل ما أوتيت من قوة.

الشمس تصبح عند الظهيرة شديدة الحرارة.

ترى المياه دافئة.

دافئة.

كأنها رحم أم حنون.

كحضن جدة اختزلت في صدرها كل حرارة التاريخ.

المياه ...

تنثال بنعومة على أجسادهم الصغيرة.

تخاف ان تجرحهم.

أطفال صنعاء.

رائعون كما الماء.

رائقون كما الحياة.

رغم فقرهم.

تجدهم لامعين من بقايا ماء على وجوههم.

ولطخة فازلين على وجنتي كل واحد منهم.

وشعر مدهون بزيت الطبخ. الخالي من الكوليسترول.

لامعين كما يحق للمعان أن يتلامع.

تراهم سعداء.

لعوبون.

ببساطتهم رائعون.

برخص أناقتهم رائعون.

بضحكهم وفرحهم بالشارع والاصدقاء ...

دائما رائعون.

  • شفت الفستان الجديد حقي يا استاذ نبيل.

وفى كل ليله من أقصى شمال الشمال قصف أت ومن عمق العمق قصف مواز.

كل يستهلك قوته.

كل يضربنا ليؤلم عدوه.

تهتز الأرض.

وتنصفق الأبواب.

وترتج النوافذ.

تتساقط صور وذكريات من على الجدران.

وتتناثر تحف وفضيات من على الارفف.

وبووووووووم.

صاروخ يدك عطان.

وصاروخ أخر يجرح نقم.

الاف الاسر تصعد الى السقوف لمشاهدة النيران.

النساء تحدق في ذهول.

الرجال يحدقون بغضب.

الاطفال يصرخون بفرح.

طليع.

طليع.

طليع.

يعتقدون كل تلك الرصاص والقذائف العابا نارية يسعدون بها.

يتقافزون على الأسطح.

يتسامرون على السنة اللهب.

يتنافسون على حصر الرصاصات.

خمس رصاصات طلعت من القصر الجمهوري.

عشرين واحدة من وزارة الدفاع.

خمسيييين واحدة تصعد من العرضي.

ترجع الى الارض نحاس.

يجمعها الأطفال.

يلعبون بها العابهم.

ويتنافسون على ربحها.

يجمعوها كما يجمعون كل شيء في الشارع.

فكل شيء متاح للعب به.

هناك في سقوف بيوت صنعاء.

أطفال سعداء.

يشاهدون سماء ملتهبة.

وبلهجة المحذر المتعاطف. والجار القريب. يصيح.

  • انتبه من الراجع يا استاذ نبيل.