Sat,Dec 07 ,2024
كل ليله يهرع الى الشوارع.
رجال بالآلاف يثبتون على جباههم كشافات النور.
يحاربون بها الظلام والظلمة المتكدسة في الطرق.
كأنهم في منجم تاريخي، في أعمق أعماق الأرض.
يحفرون باتجاه ماض سحيق مجيد، ينغمرون في تجويفه.
بقرأون العصور.
العصر الحجري الطالح ...
عصر التسلط. التصلب.
عصر الخزاع والتزلف.
عصر الزيف والتمظهر.
العصر الصخري الأفق.
الحجري التفكير.
عصر الجمود والصلادة.
ويحفرون أكثر.
يشاهدون احافير جديدة من عصور أخرى.
عصر السيد الجليدي.
عصر التكبر والتعجرف.
عصر اللسان البارد والتفكير الجامد.
عصر انهيارات القيم.
عصر تلك الكرة الثلجية الصغيرة. المتناهية في الصغر. حد الاختفاء التي انحدرت من المرتفعات وتراكمت لتصبح كرة ثلجية ضخمة.
بحجم الوطن
سحقت كل آيات الجمال.
زرعت كل آيات القبح.
عصر الظلمة الملموسة.
وطبقات من جليد أجلد.
عصر اللاشئ.
الذي تكون مع الايام شيئا.
وينغمرون أكثر في تفاصيل المحنة.
ويقراءون أكثر في أحافير وطنهم المحفور حتى شرايينه.
الى العصر الطباشيري الهادئ.
عصر من لا عصر له. لا قيمة له. لا أهمية له.
عصر يكتب قراراته وتاريخه على السبورة لتمحيه ممحاة متسخة.
ليصبح كل قرار كأنه لم يكن.
كأنه خزعبلات مجنون.
أو امرأة حانقة.
يتجاهلها عشاقها الكثيرون مهما طلبت أو صاحت.
عصر اللا رجولة، عصر اللا معالم.
عصر اللاشئ.
- أنتبه لا تسقط في هذه الحفرة يا استاذ نبيل.