Mon,Dec 30 ,2024
هناك في زاوية المنزل زوج وحيد سافرت زوجته بأطفالها الى القرية علها تجد بعض الامان هناك ... لم يجد ما يفعله وهو يسمع اصوات انفجارات بعيدة الا الاستغفار ...
ذكر الله.
ولكن تلك الهمهمات الدينية لم تنفعه بشيء حتى بعد تكرارها بكل ما يحمله قلبه من إيمان.
الجدران بدأت بالضغط عليه، أذناه تنفجران من ضغط الهواء
وصل الى سمعه صوت الانفجار الهائل لصاروخ ضرب الجبل بجوار بيته.
جدران بيته بدأت بالاهتزاز.
القنديل الاصفر المعلق في الوسط شرع بالتأرجح.
النوافذ تهشمت.
الزجاج تطاير من حوله وهو يهرب مغطيا وجهه كي لا يصاب.
أسرع بالنزول الى الطابق الأرضي من بيته وهو ينفض عنه بعض قطع الزجاج الصغيرة التي أصبحت كبلورات السكر على شعر راسة وثيابه.
اصداء صراخ في الخارج.
بعضهم يقذف لعناته.
أخرين يرددون دعائهم.
وبعض منهم شرع بالبكاء.
فتح باب الشارع ليشاهد المئات وربما الالاف من الأشخاص.
بعضهم يهرب
أخرين يحاولون أغلاق محلاتهم التي تكسرت واجهاتها الزجاجية.
بعض الجرحى ممن كانوا يتنزهون بالجوار.
نساء يخرجن ببالطو الخروج للبحث عن أطفالهن في الشارع.
نساء خرجن فقط بثياب البيت مع لف طرح على رؤوسهن بعد أن شاهدن أطفالهن مرميين بالشارع بعد أن فقدوا توازنهم وضربوا بأجسادهم الصغيرة الاسفلت لتسيل دماء من أنوفهم وأذانهم ...مكومين بجانب كرة ما زالت تتقافز هاربة الى البعيد.
أصوات سيارات اسعاف تقترب.
أناس من بداية الشارع يتوافدون مسرعين.
بعضهم يحاول القيام بإسعافات أولية.
أخرين يمسحون المنطقة لسرقتها.
سيارات شخصية تأتى الى المكان يحاول سائقيها إدخال أكبر عدد من الجرحى للذهاب بهم الى المستشفيات بعد أن تأخرت سيارات الاسعاف رغم دوى صوتها في الاجواء.
وسيارات أخرى تجرى بسرعه غير مهتمة أو ربما كانت خائفة وتهرب بركابها بعيدا.
الانفجارات مستمرة من الجبل فالصاروخ فتح فجوة الى الجحيم.
لأول مره يدرك الجميع أنههم كانوا يسكنوا بجانب ديكور جبل له شكله وهيئته وقساوته ولكنه مفرغ من الداخل ... ومتخم بالأسلحة.
وها هي مخزوناته تتفجر بفعل الحرارة لتنطلق الى شوارع شتى في المدينة.
وما يزال الفزع مسيطر.
حمل الاطفال على يديه.
حمل الرجال على كتفيه.
حمل النساء في قلبه.
عينيه مركزة على الباب المفتوح لبيته. أكتشف انه ما يزال بثوب النوم الذي لا يحتوي على جيوب بداخله. كان خائفا ان تصفع الريح الباب ليجد نفسه في الشارع فقد كان ممن أمنوا بيوتهم بشكل جيد عبر “مغلقتين" في الداخل “بالإضافة الى قفل باب خارجي اصفر كبير في هذا الشارع على حدود جبال صنعاء.
إن اغلقت الريح الباب سيتصل بزوجته لتبعث طفله الاكبر بالمفتاح الإضافي وليظلا معا لحراسة البيت ولكنه الان ما يزال مشغولا....
بالأنين. بالصراخ. بالآلام.
بإسعاف اصدقاء أطفاله أو أطفال أصدقائه ايهما أقرب.
وفي أذنيه ما تزال أصوات سيارات الاسعاف تقترب دون أن تظهر. أخرجني من خيالاتي وأنا ارقب الشخص شخص أعرفه. كان يصيح بي وأنا محدقا بالشخص، مندهشا من القوة التي تداخلت مع عروقه.
- خذ الطفل إلى سيارتي وتعال نسعفه يا أستاذ نبيل.