Thu,Apr 25 ,2024


كان الوحيد ربما من لم يسقط في هاوية الفقر ومدن الصفيح والعشوائية.

ورث عن أباه عن جده منزلا ليس بالفخم وليس بالمتواضع، ثروته لم تتعد الرقم الذي يتيح له الانضمام إلى نادي الأغنياء ولكنه يحاول جاهدا.

أن الدخول إلى عش الدبابير مخاطرة كبيرة لكنه سوف يقوم بالأشياء المناسبة التي تتيح له الدخول إلى نادي الأغنياء طمعا في الوضع المأمول به.

كرسيه ما يزال فراغا ويقال انه من أقوى المرشحين كي يشغله .. وحسناء يقال أنها تحبه.. أو ترغب به.

الإشاعات تنطلق بهاتين الفكرتين ولكن لا غلبه لأحداهما على الأخرى، أحبته أو رغبت به لا فرق.. فالنتيجة واحدة.

هي علاقة تعطيه الشرعية ليدخل نادي الأغنياء بقوة من يملك ثروتين لا ثروة واحدة.. بل ثلاث ثروات لو أضيف جمال الزوجة أو أي كانت إلى البيعة التي انتشرت أيضا كإشاعة.

سياسية على الأغلب.

يقال انه يرغب بالجلوس على قمة نادي الأغنياء ويجمع منذ حين أصوات تبايعه.. وزع صفقات رابحة لمن قال نعم.. دهس من قال لا، أطعم الفقراء في العشوائيات.. كل يوم تضاف أصوات جديدة على البيعة.

صندوقه هناك فاغرا فاه في انتخابات له هي الأطول على الإطلاق.. لثلاث سنوات ظل فاه مفتوحا ….

منهم من يأتي ليبصق صوته مطعما بالجوهر.

ومنهم من يأتي ليبصق صوته الملطخ ببقايا طعام.

 ومنهم من يأتي ليبصق صوته مصحوبا بالدم.

قال لها وكانا في إحدى الحفلات على حافة مسبح:

  • أريدك حبيبتي .

وبعد أن حدقت بساقيه للحظات:

  • في بيتك أم في بيتي!!!
  • بل أريد زوجه
  • ما يزال الوقت مبكرا.

 

يوم ما، تراءت في قبة السماء بعض نجوم في عز الظهر.. كانت تلمع لمعانا خافتا.. وتلتها نجوما أكبر.. فشموسا كانت تلمع بشدة وتصدر ضجيجا يملأ أركان السماء.

حدقت هي .. كانت تحب التحديق.. حدقت في الجو … وهي تربط قطعه قماش على خصرها لتغطى بعضا يسيرا من أجزاءها والتفت إلية قائلة:

  • هل جهزت نفسك لهذا اليوم؟
  • أي يوم؟
  • يوم ترجع للحرب حرارتها التي افتقدتها منذ ألاف السنين.. ها قد بداء الأحفاد يكملون لوحة الأجداد!!

هرع الجميع إلى الخارج.. كل منهم أتجه إلى سيارة له.. أو طائرة.. باصا فاخرا.. إلا هو.

  • الم تملك سيارة بعد؟
  • فكرت أن اقتنيها بعد دخول النادي.
  • إنس ذلك.. فلم يعد هناك نواد أو مرتادون.

أصيب ساقه بشظية ما.. نزلت عليه من قبة السماء.. ومع طغيان الألم قذفت الفتاة بلعناتها على من ألقى الشظية.

  • عليك اللعنة الم تجد إلا ساقية.. الم أكن ارغب به إلا لأجلهما.. لم تعد منك جدوى.. إبق هنا فأنى راحلة.

سيارات لا حصر لها نهبت الطرق إلى أراض شاسعة ما تزال تملك الأمان.

النيران ما زالت تدور في السماء.. والشظايا ما زالت تتساقط كالمطر.. كان يزحف يريد اللحاق بركب الأغنياء. ولكن زحفه لم يبلغه الأمل.. وعم الجو هدوء.. وحدث نفسه:

  • هل انتهت الحرب ...ما زالت في بداياتها؟؟

ألاف وملايين الأبواب الخشبية والقماشية المتهرئة فتحت بحذر.. في لحظة واحدة.. كانت السماء نظيفة من دون شظايا.

الأرض فارغة إلا من شخص ما يزحف في الأفق.. الهدوء.. الصمت.. والإحساس المفاجئ بالأمان.. الإحساس بالفرصة التي قد لا تأتى ولو بعد حين.

أندفع الملايين من الحفاة العراة … إلى الشارع.. كل ماسحي الأحذية وبنات الهوى.. كل الأمهات وكل الجدات.. كل البشر خرجوا من جحورهم المتهرئة إلى العراء.

ملايين إصطفت وكأنها على بداية ماراثون تاريخي سيحكى عنه في المستقبل.. بأنه كان بداية الدمار.

 

 

رصاصة ما لشخص كان ربما ينظف سلاحه انطلقت وأحدثت صوتا مرعبا، جعل كل الحفاة العراة يبدأون سباق الجنون.. منهم من يحمل حقيبته.. ومنهن من تحمل طفلها.. ومنهم من يحمل جدته.

النظر إلى الخلف كان مرعبا.. له هو بالأخص.. أصبح يزحف بجنون.. يريد الاختفاء من أمام هذا الكائن البشرى الهائل.. ولكن الحفاة العراة كانوا أسرع ممن ينتعل الأحذية وداسته ألاف. بل ملايين الأقدام.. لمدة طويلة وهو ما يزال يحس بوقع الأحذية على صدره.. وأنفة.. وساقيه.

 قطع المهمشون.. الحفاة العراة … طريقهم من فوقه.. ذاهبين إلى أفق أمن.. ولكن بعد أن انتهوا منه تماما.