Sat,Dec 21 ,2024
لمجرد أنها تستجدى... تفترش الرصيف. تداعى إليها كل من يمشى على قدمين أو على أربع.
دائما ما كانت يديها ترجع مزخرفة بقرصات ممن يقدمون لها صدقاتهم فالفرصة تجاور الصدقة في مشهد يومي بغيض.
لم يراعى الجميع أنها كانت طفله في الخامسة عشرة من العمر. كل ما كانوا يشاهدونه هو فتاه في عمر الزهور وأن القطاف قد حان.
كانت تحس بالتقزز من كل يد خبيثة تمتد إليها. لكنها ظلت لسنوات منذ أن كانت في الثانية عشرة من العمر تتجاهل هذه الرسائل الخبيثة.
كل ما كانت تفكر به هو الرجوع إلى البيت حيث الوالد العاجز والأم التي ترجع من منطقتها التي تتسول فيها في أوقات متأخرة عن الأوقات التي يجب أن تعود فيها لتحصل منهما على بعض الشكر وقليل من الطعام وكثير من العمل لتصنيف وترتيب النقود.
في كل ليله قبل النوم كانت تتفقد ذراعيها والنقاط الحمر التي تنقش سطح جلدها قبل أن تسكب المياه عليها. علها تحس ببعض البرودة. وبعض الكرامة.
كان حنقها كل يوم يزيد ومع ذلك لم تستطع أن تقوم بخطوة واحدة لرفض كل هذا الامتهان.
كان لا بد لها أن ترجع كل ليلة بمبلغ... تقدم في مقابله القرصات أو تتجاهل لأجله الغمزات. لم يكن هذا مهما لأسرتها... لكنها أحست أن كل هذا يجب أن ينتهي.
في يوم ما كانت يدها الممدودة إلى السيارة تستجدى بعض النقود من السائق الذي لاحظ بياض جلدها... وأحس أنها ليست ككل المتسولين.
لم تكن قرصه عابرة. بل حاول جذبها إلى داخل السيارة. كان مصمما على الكثير. ولكنها كانت مختزنه الكثير أيضا من الغضب.
رمت بنقوده في وجهه وعضت اليد التي مدت لها بالإحسان في جانب ففي بعض الأحيان كان يجب ن تقطع يد الإحسان.
استطاعت التخلص منه.
كان الشارع قد أصبح يبدو أكثر أمانا من ذي قبل. وكانت تحس بنفسها أكثر قوة من أي يوم وحينها قررت أنها لن تعطى شيئا في مقابل النقود...
لا الصمت أو التجاهل.