Fri,Apr 19 ,2024

في الشارع

نبيل أحمد الخضر

تحميل


اعرف كل اللمسات.... وأتجاهلها جميعا... فيما عدا لمسة واحدة لا يمكنني أن أنساها أو أتناساها ومن يقوم بها...ولماذا يقوم بها.

أنا متسولة في الثانية عشرة من العمر... سوداء البشرة... رثة الملابس... أقضي وقتي في الشارع منذ الصباح وحتى العاشرة ليلا... إنه وقت متأخر وغالبا ما تحدث اللمسات التي أكرهها في تلك الأوقات.

يدفعني الكثير بعيدا عنهم. في المطاعم... دائما يدفعني عمالها على الخارج بقسوة كي لا أحرج زبائنهم وهم متجمعين حول مائدتهم... البعض أيضا ينهرني بقسوة. في محلات البقالة والباصات والمكتبات ونوادي الانترنت.... هذا شارعي والكل يعرفني...وربما كانت هذه المعرفة هي من تدفعهم إلى التعامل معي بهذا الشكل.

لا توجد لدى مشكلة في القسوة. لا توجد لدى مشكلة في الصراخ... لا توجد لدى مشكلة آن يمر العشرات دون أن ألاقى من أحد منهم تفهما ورحمة.

وحدة من كان يدفعني برفق من جانب الطاولات إلى خارج المطعم.... ويطلب منى أن أنتظر في الخارج. وحدة من كان يجمع لي البقايا ويعطيني إياها. ووحدة من كان يمسح ظهري وكل يوم ينزل بها رويدا نحو الأسفل.

في ليله ما بعد أن جمع لي أكثر من خمسة أرغفة مقطعه وفخذي دجاجه. أراد أن يأخذ جزاء إطعامي على مدار الأيام الماضية... مسح على رأسي... أنزل يده... أدخلها. ضغط برفق. ثم بقسوة... ثم بدأت وسطى أصابعه تبحث عن منفذ. أحسست أنى مستعدة لكل قسوة العالم من صياح ودفع وإهانات إلا هذه... قلبي يدق... هربت إلى البعيد. ومن مكان أمن رميت فخذي دجاجته في وجهه وهرعت إلى الشارع أبحث عن مطاعم أخرى.