Sat,Dec 21 ,2024

غباء

نبيل أحمد الخضر

تحميل


تعلمنا الصدف ما لا يمكن أن نجدة في أمهات الكتب وأفواه الحكماء... دروس تعلمتاها من الشارع بنينا عليها أفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا.

كنت متوجهة في عصر يوم من الأيام إلى دورة تدريبية. لم أكن من الفتيات اللواتي يتأنقن عند الخروج فمثلى مثل ألاف الفتيات غيري... لا يرى منا غير السواد. كل شيء مغطى حتى اليد. لا يبدو واضحا إلا عيناي. وهما سوداوان. كان الأمر لا يعنى في النهاية إلا " سواد في سواد".

 عند أول صعود إلى الباص. لمحت عيناي فتاه من أجمل الفتيات اللواتي رايتهن في حياتي وزاد جمالها بأناقتها المفرطة. صوتها الرقيق وهي تتحدث على الهاتف عطرها الذي يفوح في أرجاء الباص. ذوقها الرفيع في صورتها الكاملة.

خمنت أن الباص سيمتلئ عن آخرة. وسيصبح الوضع مزدحما.... ليحظى الركاب بقضاء بعض الوقت مهم ينظرون إلى هذه الفتاه ويستنشقون عطرها الشهي.

كنت ما زلت غارقة في تفكيري والباص يمتلئ رويدا رويدا بالركاب ولم يتحرك الباص إلا وقد أصبح عدد الواقفين في الباص أكثر من الجالسين على الكراسي وبداء مترهلا وبطي السير إلى درجة لا تطاق.

كان أحد الركاب يحدق لي بابتسامة عريضة... لم أصدق نفسي. هل يقصدني أنا... خمنت أنه ينظر إلى الفتاه التي تجلس أمامي. فأدرت راسي باتجاه النافذة لبرهة واعدته مرة أخرى عندما أردت إخراج بعض النقود من الحقيبة كان ما يزال ينظر إلى. يحدق.. يبتسم.

هل كان أعمى... لا... هل كان غبيا... أنا لا أكرة شيء بالدنيا أكثر من الغباء والأغبياء... ومع ذلك كان وما يزال عندي شك في اننى المقصودة... ربما كان يغطى على تحديقه بها بالنظر إلى من حين لأخر.... درءا للشبهات... لان كل الحقائق تقول انه لا يمكن أن تكون أنا.

وتحول شكي إلى يقين عندما جلس بجانبي وأستمر في تحديقه. عندها تأكدت أنه مريض. مختل عقليا ربما... أيترك تلك الفتاه الرائعة والواضح جمالها كعين الشمس ليشاكس فتاه لا يعرف مطلقا مدى جمالها من قبحها. لو يعرف الحقيقة لمات.

أنا ضد التحرش... لكن هذا الموقف اخرجن عن طوري... كنت قد بدأت أكتشف أن هناك العديد من المختلين عقليا الذين لا يهمهم التحرش بقدر ما يهمهم كشف المستور وإشباع الفضول بالشيء الغامض الملي بالأسرار وأن الإجابة على أسئلة الرجل حول الفتاه قد يكون أهم من الفتاه نفسها