Sat,Dec 21 ,2024
ريح تكشف تضاريس الجسد، وتكشف فيما تكشف رداء التراب، عن عظام الموتى، الراقدون في مقابرهم الجماعية.
ها هي الريح تضرب بلا تكلف، تقتل أحلامنا لعش أمن، تغير فينا، تجعل من أحلامنا سراب، من أمننا خوف.
يا للركام الذي تخلفه الريح فينا، ركام من صور، خلفتها ذكريات قديمة ومتداعية، تبعث على الحزن فينا.
تحيط بنا عيون شفقة.
تكسر ما هو صعب الكسر فينا، تعصر ما هو صعب العصر فينا، تتركنا هلام أشياء مجوفة.
نصدر طنينا يزعج العالم.
بدأت الحكاية حين أحببت.
كان شخصا يفوقني طبقه، أحسست حين رايته زائرا لقريتنا يدق الأرض بقدميه ويرتفع على هامته سلاحه اللامع أن هذا من أعيش العمر كله بجانبه بأمان، وأحسنت أنه بعيد بعد الشمس رغم أنه أكثر حرارة منها.
أحسسته ريحا تضرب جوانحي وتكشف ما ظللت العمر أستره بلا جدوى من مقاومتي التي كانت أقرب إلى الاستجداء.
عندما عرف والدي بما تكنه جوارحي أفرغ رصاصاته بين قدمي وكأنه يقول ستدخل رصاصاتي رحمك قبل أن يدخل هو!
هل كان رافضا.. لا وألف لا.. فهو يحلم مثلما كنت أنا أحلم ولكنه يعرف أن الحلم بعيد فقرر أن دوى رصاصاته سترجعني إلى الواقع.
لم أكن لأرغب بأن أرجع إلى الواقع ففي الحلم قدرة على العيش بأمان داخل عالمي الخاص وفى الواقع هناك دمار وطمع يغلب الأرواح ويقتل جمالها.
كان أشقائي الأشقياء جنود.. أتذكرهم أقوياء، فحول، نظرة واحدة من أي كان كانت تخلق منهم إعصارا يدمر الأجواء.
إندلعت الحرب.. وبأسلحتهم وبفحولتهم عاركوا العدو أو ذاك الذي قيل إنه عدو.
ماتوا، ذهبوا ثلاثتهم ورجعوا إلى السراب، هل أحسست بالحزن.. نعم أحسست به.. هل أحسست بالحرية؟ نعم أحسست بها.
كنت أعرف أنه يملك الكثير من الاراض.. كنت أعرف أنه يحرس أراضيه، وفى ليلة تواطئت فيها مع القمر أن تظلم على العالم وتجعل كل الطرقات مظلمة وصعبة الرؤية ما عدا طريقي أنا.
خطوت إليه.. هل كانت خطوات خيانة لمن أحب؟ هل كانت خطوات رغبة لمن اشتهى؟
وحدقت به من خلف الصخور كان ما يزال يتحسس جذوع شجراته المحرمة بحنو، كم حسدتها تلك الأشجار.
وقفت في منتصف أرضة رافعة أطرافي كشجرة تنتظر يديه الحانيتين.
كيف سقطت أوراقي حتى أصبحت لا أملك ما يستر جذعي المتيبس.. كيف سقطت ثماري طازجة بين يديه يمضغها بإلتذاذ مجنون.
وكيف رجعت إلى موطني الأصلي أحمل بين جوانحي بذراته التي ستنبت في غير موطنها.
هل كان حلما؟ هل كان حقيقة؟ كنت أكرر الحلم ما استطعت.
هل أنا مخطئة؟
هل أنا مصيبة؟
هذا ما أفكر به دائما وأنا أخطو إلية محققة الحلم التالي ورافده الحقائق السابقة بحقيقة جديدة.