Fri,Apr 26 ,2024

ممارسة الوحدة

نبيل أحمد الخضر

تحميل


ها أنت تمارس قتل نساء عدوك.. وها عدوك يمارس قتل نسائك... ها أنت تمارس خنق حياة عدوك وإستلاب ضحكاته... وها عدوك يمارس خنق حياتك وإستلاب ضحكاتك.

 

وها أنا أمارس وحدتي بشكل يشبه موج البحر.. أتقدم.. أتقدم.. ثم أتراجع ومن ثم أتقدم.

 

أتسكع في طرقات بيت تعشش فيه العنكبوت وتمارس فيه الفئران طقوس تزاوجها على مرائ منى في مشاهد أقرب إلى الضجر.

 

أتعرف؟ لا لا أنت لا تعرف.. ولا أحد يعرف على من يقع الضرر الأكبر في هذه الحرب.

 

هل يقع على الرجال اللذين داخل دائرة النار وأمام الخطر وجها لوجه؟ أم على الأطفال والنساء.. النساء اللواتي يعانين إحساسا دائما بالترقب.. الوحدة.. الم الافتراق والشعور الدائم بالفقدان والجوع وعبثية البحث عن خبر موثوق.

 

أنت وقبل أن تذهب ربطت خيط قطني على غصن شجرتك المفضلة مقلدا بذلك أجدادك الذين كانوا يربطون خيطانهم ويذهبون إلى معاشهم وعندما يرجعون يتفقدون أول ما يتفقدون خيطانهم فإن كان قد انفكت فهذا يعنى الخيانة. خيانة من لمن؟ ومن يربط خيطان تضمن عدم خيانتهم هم؟

 

وأنت على بوابة هذا البيت لتخرج خروجك الأبدي قلت:

 

  • إنتظرينى.. إحتفظى بخصوبة أراضيك إلى أن ارجع فأنا فقط من أملك بذورا جيدة.!!
  • إلى متى؟
  • إلى أن تنتهي الحرب.

 

ورحلت.. ولم تأتى.. ها أنا منذ سنوات أنتظر... ولم تنتهي هذه الحرب.. ليس للشر نهاية...!!!

 

أنا أعرف أنك تزرع بذورك الجيدة في أراضي تسطو عليها مما يملك أعدائك.. عدوك أيضا زرع بذوره بالأمس في أراضي جيراننا.. كانت أراض بكرا.. بالنسبة لي فقد نبذني أعدائك زاعمين أن أرضى لم تعد تساوى تعب الحراثة.

 

فعلا أنا لم أعد أصلح.. الوحدة شققت روحي.. البحث الدائم عن جذر نبات أو ورق جاف أطهوه على العشاء.. الذي يبدو كل ليلة أنه العشاء الأخير.

 

طقوس الترقب.. الدوران المرهق حول نفسي خوفا من شخص يقف ورائي.

 

على مدار الساعة أنا أدور.

 

في أخر رسالة لك قلت:

 

  • أما زلت تنتظريني؟؟

 

وأجبت:

 

  •  لا يسعني إلا ذلك.. أنا لا أجيد إلا الانتظار.. وحيدة.. مهملة... متداعية.

 

وفى أخر رسالة لك كتبت فيها:

 

  • إلى متى هذا العبث.. ماذا تفعل.. تطلق قذائفك.. توقف عن كل ما تفعله.. توقف.. ماذا تفعل الآن؟ هه ماذا تفعل الآن.. تطلق نيرانك.. إذا توقف عن إطلاق النيران.. تتناول طعامك.. إذا توقف عن تناول طعامك.. تتداول الأحاديث مع أصدقائك أبعد أصدقائك من جانبك الآن.. الآن.. كافئ نفسك ببضع دقائق صمت.. اضغط على جمجمتك وحاول أن تسأل نفسك.. لماذا كل هذا؟؟ وحاول أن تجيب.. إن لم تعرف الإجابة فواصل إطلاق قذائفك.. وإن عرفت الإجابة فتعال سريعا لنمارس حرب الرغبة والاشتهاء فقد أصبحت مرهقة من ممارسة الوحدة.