Thu,Apr 25 ,2024

طفل ملعون

نبيل أحمد الخضر

تحميل


أناس ما تزال فوق بعضها البعض في بيتي!!!

هم نزحوا من هنا وهناك، بدأ لهم أن بيتنا الجديد هو الاكثر أمانا بسبب موقعه الجغرافي في وسط المدينة.

ليس بجانب معسكر.

لا يرتفع بجانب هلام جبل مجوف من الداخل ومتخم بالأسلحة.

وليس في شارعنا كما سمعت وأنا مستغرب بيتا للزعيم!

عائشة بدأت تصحو مع الفجر لتستطيع أن تخبز عشرات الارغفة اليومية التي يستهلكها الغاز بشراهة للدرجة التي كلما سألوها عنى أخبرتهم أني هناك أمام المحطة في:

طوابير لا تنتهي.

الطابور الطويل والذي يصل الى كيلو مترين من السيارات المتلاوطة بعضها خلف بعض وبجانية طابور أطول من أنابيب غاز منزلية. وأنا أقرفص بجانب أنبوبة الغاز الفارغة التي أملكها.. وكذا طابور ثالث من عبوات بلاستيكية لحفظ البنزين لأجل المولدات يمتد كل ساعة أكثر وأكثر.

هناك في الزحام كنت مقرفصا بجانب أصدقاء جدد يقرفصون بجانبي كونت سمرتهم شمس الصباح وقمر المساء ونجوم الليل.

الكل صبور.

الكل ينتظر.

الكل يحاول أن يتعلق بأمل زائف ولكن حتى الامل الزائف أصبح مغرورا ولم يأتي.

نستهلك الوقت في قات وسجائر وأحاديث لا تنتهي حول السائل والمسئول. القاتل والمقتول. الأحمق والاكثر حمقا ولا ندرك تقريبا أننا الاكثر حمقا على سطح الكوكب.

بعضهم يشتم في سره

أخرون يشتمون جهرا.

بعضهم يرفع راسة بكبرياء مجوفة.

أخرون يخفضون رؤوسهم في مشهد مسكنة يعتقدون أنها أجدى وأنفع للحصول على أنبوبة الغاز.

يتعاركون عراكات بسيطة، يحاول كل واحد منهم أن يفرغ جزء من غضبه وحنقه على من هم على شاكلته.

لا يفكرون مطلقا بأن تلك العراكات البسيطة ستتحول الى معارك كبيرة تحرق أرواحهم وأجسادهم لتصبح سعرات حرارية يقتات عليها أسياد الحرب.

مهمة عبثية أشبه بلعنه فما أن يصبحن عبوات الغاز مليئة حتى يمسين فارغات. لأعاود القرفصة بجانب أصدقاء جدد كونت سمرتهم شمس الصباح وقمر المساء ونجوم الليل.

وجهاز الام بي ثرى لصديق جديد في الطابور يغني:

نجـــــوم الليل تسألني. على قلبي ومن أضناه.

لم يفتح الزحام بابا للمشاكل بيننا فعائلتي تحتل الديوان الكبير فيما عائلتها تحتل غرفة الضيوف ابتسامتنا تتوزع على الضيوف في كل المنزل من رجال ونساء وأطفال وعجائز ... لا أنام الا في منتصف الليل بعد أن مرت فترة كنت خلالها أنام في التاسعة ويحلو دائما اللعب في الليل مع الضيوف.

العاب نملكها.

العاب تربينا عليها.

العاب اخترعناها.

كنت أخاف من نظرة زوجتي الخائفة على حقيبتها كل فترة كانت تستهلك مواردها سريعا بسبب فخرها الدائم بنفسها وبيتها وكرمها اللامتناهي.

كنت أخاف أن تختفي هي بعد أن أكلتها الايام الماضية واستنزفت نضارتها وبدأ أخر الضيوف من النازحين يغادرون بيتنا مع إحساسهم بزوال الخطر قبل أن نغلق الباب. ووالدتي تودعني...

  • الله يجعله في ميزان حسناتك يا نبيل