Sat,Apr 20 ,2024

شقيقة

نبيل أحمد الخضر

تحميل


فى زيارة لمنزل شقيقتي اجتمع الاطفال على طاولة الغداء في انتظار ما ستقدمه الام التي سارعت بطرح صحن كبير أمامهم:

  • ما هو هذا؟!!! الغداء كله موز.
  • لقيت الكيلو بمئتين ريال قلت اشترى كيلو او اثنين. حالي ... يرزم البطن

وبعد الانتهاء سارعت الام الى المطبخ لترجع بصحن جديد:

  • ما هو هذا؟!!! الغداء كله فرسك؟
  • لقيت الكيلو بمئتين وخمسين قلت اشترى كيلو أو إثنين. حالي. ينظف الاسنان.

وبعد الانتهاء سارعت الام الى المطبخ لتعود بصحن جديد:

  • ما هو هذا؟!!! مانجو.
  • ما بلا أبصرته رخيص قلت أشترى كيلو أو اثنين. حالي ... يجلي الوجه.

وبعد الانتهاء سارعت الام الى المطبخ لتعود بصحن جديد:

  • وهذا ما هو ... شمام.
  • الحبه بمئة ريال بس ... اشتريت أربع حبوب .... حالي ... يهدئ الاعصاب.

وبعد الانتهاء سارعت الام الى المطبخ لتعود بصحن جديد:

  • حبحبه!!!!!!!!!!
  • لقيتها رخيصة. قلت حالية. تنظف الكلى وتدر الشواخ!!!

وبعد الانتهاء سارعت الام بجمع الصحون والنهوض للعودة الى المطبخ ...

  • ما هو هذا مابش رز وطبيخ.
  • ما قد شبعوا يا مجانين. مافيش رز وطبيخ. قد الدبة الغاز بقيمة رأس منكم يا عيااااال الكلب.

كنت اضحك في كل مرة منها ومن أطفالها. سارعت لتعطيني كيك وشاي.

  • كذبتي على الأولاد أنه مافيش غاز!!
  • أدخره لو جاء ضيف أعرف أعمل شاى أو قهوة.

وسحبت طفلتها ذات العام والنصف بقسوة الى الحمام والطفلة مرعوبة من العنف الذي اصاب والدتها فجاءة بعد أن شاهدت شيئا ما خلفها لتصفع مؤخرتها بقوة.

كانت تبكي بحرارة وهي تجرى بقدميها الصغيرتين محاولة أن تجارى والدتها في الهرولة من الديوان الى الحمام وبدأت الام في عتابها وهي تقرص فخذها بقوة:

  • قلت لش مئة مرة الحمام. الحمام!!

والطفلة ما زالت تولول بالبكاء ووالدتها تعريها بجلافة. حتى ان ياقة فنايلتها أوجع أنفها وأذنيها ووالدتها تدفعه بعيدا:

  • ما كرهن نلاقى الدبة الماء وأنتي كل شوية توسخي ثيابك. الماء نصة للبيت ونصة لك أنتى!!!

وتركت الطفلة بعد ان عرتها تماما من ثيابها لتغلق باب الحمام وتذهب لتحضر ثيابا نظيفة. لترتفع وتيرة بكاء الطفلة بشدة بعد ان أصبح الحمام مظلما تماما عندها الا من " شاقوص " صغير في الزاوية اليمنى للحمام مسدود بعلبة شامبو ضخمة لتكفي كل ساكني البيت، لدقيقة كاملة وهي تصيح وتبكي وتصيح بكلمات غير مفهومة فما زالت غير قادرة على الحديث.

كانت الام قد رجعت بثياب نظيفة لتبدأ في الباسها ثيابها والطفلة تهدأ بشكل تدرجي بعد رجوع والدتها التي اصبحت هادئة وهي تعاتبها.

  • لما تشتى الحمام. قولي حمام. تمام.

لم تفهم الطفلة شيئا. لكن كلمة تمام كانت قد سمعتها كثيرا. فأشارت بالحركة السحرية التي يفهمها الكبار رغم أنها لا تفهمها كثيرا. "هزت رأسها بالموافقة ". ويبدو أن هذه الحركة أعجبت الام فستقوم بتكرارها في أي مرة تسمع فيها كلمة " تمام "

  • لا تتعبي ماما تروح كل شوية للشارع تجيب ماء. ماما تتعب. تمام.

وهزت الطفلة بحركتها السحرية المخادعة. علامة الموافقة ... لتخرجها والدتها من هناك أخيرا لتعود للعب في ارجاء الديوان.

ولتعود شقيقتي إلى جانبي وتعطيني كاس الشاي في يدي.

خرجنا الى السوق مستثمرة وجودي كمحرم. سحبت ورقة نقدية من فئة الالف الريال لتذهب في جولتها المعتدة الى السوق لشراء احتياجاتها وأطفالها من الاكل، كانت تنظر الى المبلغ الذي تناقص مساء يوم أمس بعد أن اشترت قنينة غاز ارتفع سعرها فجأة من ألف وخمس مئة ريال قبل شهور قليلة الى سبعه الاف ريال دفعتها بالأمس وهي منبهرة.

كانت أغلب المحلات التي تشترى منها قد أغلقت ابوابها وهم من كانوا يعرفونها وقد يعطونها بنقودها القليلة بعض الاشياء التي كانت فيما مضى تستطيع شراءها.

حاولت لتلك الورقة الصفراء شراء ما يكفي ولكنها لم تعد تكفي، بائعه الخضروات الورقية التي تعتبرها صديقة لها منذ سنين لم تعد تستطيع بنفس المبلغ إعطائها نفس الاشياء ...كانت تريد الضعفين. حتى حبات البطاطا التي تشتريها دائما وتعتبرها الطبق الرئيسي لم يعد باستطاعتها شراءها اليوم.

كان انسحابها من السوق مرهقا وهي تفرك ورقتها النقدية عساها تتناسخ وتستطيع بنسخها المتعددة إشباع بطون أطفالها ولكن لم تحدث المعجزة وظلت الورقة الصفراء في يدها أشبه ببصقة بردقان ضخمة تضحك في وجهها. وتنظر الى وجهي ويدها في يدي في رحلة الرجوع الى منزلها.

  • وأنت متى نفرح بأولادك يا نبيل؟