في زاوية منزل مجاور، عجوز طيب. كأقصى ما تحمله الطيبة من طيبة ...

يتذكر وهو يسمع صوت الانفجارات القريب والمستمر الادعية التي يتلوها مغرب كل يوم مع أصدقائه وجيرانه.

يعتقد أن ما اصاب الناس في هذه الايام هي نتيجة لهجرانهم بيت الله، الله الذي يعرفه هو منذ سبعون عاما.

هو لم يقتل لأجل الله حتى ولو خروفا واحد طوال حياته. كان فقيرا الى أن أتى صنعاء في منتصف قرن غابر.

عمل مساعدا لأسطى في البناء قبل ان يتحول أسطى بناء مشهور في العاصمة ليصبح أمهر الناس في بناء البيوت بالحجر. قدرته على العمل:

 كبيرة

إبداعية

مبتكرة

كان في مقدورة التعامل مع كل الاحجار بكل الوانها وترتيبها في تشكيلات معمارية رائعة بحيث تحولت الاحجار المصمتة بين يديه الى أحجار زينة!

تتوج حتى الان البيوت التي عمل عليها حتى منتصف ستيناته.

استطاع خلال كل تلك السنوات أن يبنى بيتا كبيرا وزع غرفه على أولاده.

غرفة وحمام للابن الاكبر ومثلها للابن الاوسط وكذا للابن الصغير بينما ظلت ابنته الوحيدة تعيش مع والدتها في غرفة واحدة ويقضى هو بقية حياته في الديوان أكلا، شاربا، مقيلا، نائما ومستقبلا الضيوف من أصدقائه واصدقاء أولاده نهار كل يوم للمقيل.

كان أحفاده قد تجمعوا حوله هو فقط. فهو من كان يشعرهم بالأمان والعطف في كل الظروف ويحميهم من ثورات غضب أباءهم.

 أنشد معهم الأدعية التي يرتلها بشكل دائم في المسجد.

يا تواب توب علينا.

وارحمنا.

وأنظر الينا.

يا تواب.

كررها مع الاطفال ثلاثة وثلاثين مرة في مشهد أقرب الى التسبيح الجماعي ومن جديد بدأ معهم مأثور أخر مما توراثه.

يا لطيف.

يا لطيف.

يا لطيف يا الله.

وتكرر العدد ثلاثة وثلاثون مرة ليبدأ معهم بعد الانتهاء دعاء جديد.

حسبنا الله ونعم الوكيل.

حسبنا الله ونعم الوكيل

حسبنا الله ونعم الوكيل

 وترددت الترتيلة ثلاث وثلاثون مرة ولم تزال أصوات الانفجارات تتوالى والادعية ما زالت تذكر.

يبدأ الاطفال في حفضها أيضا ليبدأون تريدها لوحدهم عندما يأتي القصف ويكونون بعيدين عن حضن الجد.

عند الانتهاء من التراتيل التي أبعدت صوت الانفجارات العنيفة بعيدا عن مسامع ومدارك الاطفال تقارب الحشد الطفولي، الكتلة البشرية الصغيرة الى حضن الجد الشاسع لسماع حكاية من حكايات القرية صانعا حولهم سياجا من أحلام لقصص خرافية ابتعدت بهم عن صوت الواقع ودوى الانفجارات لينأموا في:

 سرر وردية

تحرسهم جنيات ضحوكات.