Sat,Apr 26 ,2025

الكتابة كمشروع- صفات الكاتب الناجح المختلفة

2025-04-25


يمتلك القدرة على تقديم فكرة مكتملة

ومن المهم للكاتب أن يكون قادر على تقديم فكرته مكتملة في النص دون إسهاب وثرثرة واستهلاك للصفحات دون جدوى، وقادر على حذف المشاهد واللحظات وخطوط الحوار التي يحبها ولكن لا تتناسب مع القصة وإعادة كتابة نصوصه لتحسينها، وهو من يمكنه اكتشاف الكلمات والعبارات غير الضرورية وخفض الحوار والمشاهد ككل بحيث يجعل كل كلمة مهمة في النص، وألا يستخدم الحوار كعكاز ويعمل على استثماره لدعم القصة، وهو من يعمل على صنع تجربة أدبية متراكمة في الخبرات والمهارات والعلاقات والكتابات بشكل عام دون أن يصاب بالطموح الزائد وغير المدروس أو الثقة الغير معززة بتجربة أدبية متراكمة .

يفهم القيم والأحكام والأشخاص والمواقف والقوانين والشرائع والأعراف المجتمعية

ومن أهم أشكال فهم الكاتب لمحيطه هو فهمه للمجتمع من حوله والقيم والأحكام والأشخاص والمواقف والقوانين والشرائع والأعراف المجتمعية بشكل عام، وما هي السلوكيات المجتمعية والأنظمة والعادات والتقاليد الاجتماعية من حوله وكيف يتعامل معها، وأيضا معرفته بالاتجاهات الأدبية والإبداعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجتمعية للمجتمع من حوله، وما هو السلبي منها وما هو الإيجابي وكيف يمكنه نقد السلبي منها والترويج للإيجابي. وعلى الكاتب تقديم النصائح من خلال شخصيته ككاتب أو مبدع أو من خلال الإبداعات الخاصة به لجمهوره مع الاهتمام بعين الاعتبار لقيم وعادات وتقاليد الأسرة والمجتمع المحيط به، ومساهمة الكاتب في حياة المجتمع من حوله، وترويج القيم الجيدة كـ التواصل والمشاركة والتقبل والدعم والتفهم والمساعدة والتعاون المثمر والمتين والناجح والإيجابي وتعزيز الثقة والتقبل في حياة الجمهور من حوله .

وفي موضوع معرفة الكاتب بالمحيط الخاص به يمكن الاستعانة بعالم المشاريع التنموية ففيها تفصيل للمحيط والجمهور الخاص بكل مشروع تقوم به المنظمة غير حكومية وينقسمون ل“المؤيدين- الخصوم- المحايدين "، وهذا قد يحصل عليه الكاتب عند الخروج بنصه الإبداعي، ويجب على الكاتب أن يمتلك مهارة التعامل مع كل فئة من هذه الفئات لتجنب الفشل وزيادة النجاح في مشروعه الإبداعي .

متفهم تحديات وظروف العمل الإبداعي

إن معرفة الكاتب بالمحيط الخاص به ومشروعه الإبداعي تعني أن يكون متفهم لتحديات العمل الإبداعي، وخصوصا في صناعة النشر والاعتذار أو الرفض أو القبول مع بعض الشروط هو أمر متوقع بسبب بحث دور النشر عن الجديد وكذا قدراتهم ومواردهم المحدودة للطباعة والنشر والتوزيع، وقد يبحثون في الأصل عن الأدباء الذين يكتبون النصوص التي تهتم الدار بنشرها أو يبحث الأدباء أنفسهم عن الدور المتخصصة في نشر هذا أو ذاك من النصوص الأدبية. وإن الرفض أو الاعتذار يحدث حتى للكتاب الذين حققوا نجاحات كبيرة في السابق من بعض دور النشر طالما أنهم لم يذهبوا لدور النشر المناسبة للنص الخاص به فالرفض في معظم الأحيان لا يتعلق بشخص الكاتب أو النص بقدر ما يتعلق بدار النشر ومعاييرها التي قد لا تتناسب مع النصوص التي يكتبها الكاتب، أو متعلقة بمناخ السوق الأدبي في الوقت الذي اكتملت فيه القصة وأنه غير مواتي لنشرها، أو قد يكون بسبب أن الدار ليست متخصصة في نشر هذا النوع من النصوص، أو أن النص لا يتناسب مع المجتمع الذي تسوق فيه دار النشر مطبوعاتها، أو لا يتناسب مع القوانين الخاصة بالدولة أو الإقليم الذي تنشط فيه دار النشر . وهناك الكثير من ظروف وتحديات العمل التي يفترض بالكاتب أن يكون على علم بها حتى لا يشكل الرفض دون فهم منه سبب في توقف تجربته الإبداعية رغم جودتها، وأن فهم الكاتب لظروف وتحديات العمل تحميه من الوقوع الحفر التي قد تدفعه لإيقاف تجربته الإبداعية، وخصوصا إن كان يتلقى أخبار عن قصص نجاح لكتاب آخرون من نفس جيله.،إن النجاح خليط من النص الجيد والعلاقات الإيجابية والدار المناسبة والسوق المواتية، وإدراك الكاتب أنه حتى في حال تحقيقه للخلطة المناسبة للنجاح أنه لن يحصل على الرفض في المستقبل فكل نص هو كيان قائم بذاته وله مقومات نجاحه وفشله، وبالتالي على الكاتب التوقف عن تعظيم المشاعر السلبية نتيجة رفض منتجه الإبداعي والسيطرة على هذه المشاعر وفهم كل تحديات العمل ووضع حلول مقترحة لمواجهتها عند تخطيطه لكتاباته كـ مشروع إبداعي .

يدرك كيف يستثمر محيطه الإبداعي

ومن المهم أن يدرك الكاتب كيف يستثمر محيطه الإبداعي والذي قد يكون داعما أو معوقا لتجربته ويحتاج الكاتب لإدراك هذا المحيط ومعرفة كيف يستثمره ففي الدول المتقدمة والتي لديها صناعة أدبية قوية ومتنامية سيكون لها تأثيراتها على الكاتب فيها ورفع مستوى قوته وموهبته في الكتابة أكثر من الكاتب في الدول الفقيرة والتي لا تهتم بالأدب كصناعة تحتاج الدعم والتمويل والرعاية.

يتمتع بوجود صناعة أدبية قوية ومتنامية في محيطه الإبداعي

إن وجود صناعة أدبية قوية ومتنامية سيبقى بظلاله على وجود صناعة نشر قوية وناجحة وبالتالي فإن فرص النجاح في وصول النصوص إلى ماكينات الطباعة في الدول المتقدمة أفضل بكثير من الدول الأخرى النامية أو المتخلفة وعلى نفس النسق في وجود قوانين وتشريعات خاصة بحقوق الملكية الفكرية وحماية حقوق المؤلف تعني أن الكاتب سيستفيد جيدا من موهبته الإبداعية والنصوص التي يقدمها وكلما كانت النصوص جيدة ومشهورة وناجحة كلما كانت أكثر مردودا للكاتب. وإن هذا يدفع هذا الكتاب في الدول المتقدمة إلى الوصول إلى أجود ما يمكنهم من كتابة النصوص الأدبية التي يكتبونها للحصول على مساحة جيدة على أرفف المكتبات والحصول على المردود المالي من المبيعات بخلاف الكتاب في الدول المتخلفة والذين تضيع حقوقهم المادية في مواقع القرصنة والنسخ غير القانوني لـ إبداعاتهم لتصبح تجربتهم الإبداعية تكلفة سلبية صافية لهم على الصعيد المالي .

ولنقس على ذلك في حال كان الكاتب عالميا عن عدد الفرص لبناء القدرات الخاصة به في مئات الملتقيات والمنتديات وورش العمل المتخصصة بالجانب الإبداعي بينما لا يكاد الكاتب في الدول الأخرى يحصل على فرصة المشاركة في بناء قدراته أو صقل موهبته في حياته بالكامل ولو مرة واحدة ويظل يحاول بناء موهبته ومعارفه وإصدار إبداعاته من خلال موارده القليلة والتي تسهم في فقره وقلة إيمانه بموهبته والكتابة كمورد مالي مهم في حياته. إن العالم يتجه بشكل متزايد لتحويل الجمل السردية التي أبدعها كتابها لـ مشروع مدر للمال من ناحية بيع الكتب والحصول على الأموال من خلال ذلك سواء عبر بيع الكتب ورقيا أو إلكترونيا وتحويل النص القصصي لنص درامي مرئي عبر شركات الإنتاج السينمائية أو التلفزيونية وما يتتبع ذلك من أموال للكاتب وشهرة أكبر على اعتبار أن المشاهدين في العالم هم مئات أضعاف القراء وخصوصا قراء الأدب والقصص بغرض القراءة والتثقيف والتسلية وإن هذه المقارنة البسيطة والمستعجلة لحال الكتابة والكتاب في الدول المتقدمة والمتخلفة تعطينا الفكرة كيف أن إدراك الكاتب لمحيطه له دور في تنمية موهبته الأدبية وخصوصا إذا أدرك تفاصيل المحيط ووضع الخطط والاستراتيجيات للاستفادة منه .

لا يتوقف عن طرح الأسئلة

هناك صفات إيجابية يجب أن تكون لدى الكاتب ومنها ألا يتوقف عن طرح الأسئلة في مشروعه الإبداعي وتجربته الإبداعية ككل، ولا يتوقف عن البحث عن إجابة لها، وفي الحقيقة هناك الكثير من الأسئلة التي يمكن للكاتب طرحها ومحاولة الإجابة عنها على مدار العمل الإبداعي، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن للكاتب طرح أسئلة من قبيل :

1.             هل يحتوي النص على شفرات على القارئ حلها عند قراءته للنص؟

2.             كيف سيتم رواية القصة للقارئ بشكل طبيعي حتى ولو كانت شخصياتها تعيش بشكل غير طبيعي؟

3.             هل النص سيكون من الحكايات المفضلة للقراء؟

4.             وما هو النمط الذي سيطوره الكاتب في كتاباته؟

5.             وهل يكتب الكاتب النص من منطقة الراحة التي يعيشها أم من منطقة التجديد والتحدي لكتابة الجديد والمثير للقراء؟

6.             هل يعمل الكاتب على تلبية لاحتياجات التي يرغبون بتواجدها في النص، وحصولهم على شيء كانوا يبحثون عنه أو يتوقون لقراءته، ويدركون أنهم يشاركون قراءتهم للنص من أجل الاستمتاع بهذا الشيء الجديد؟

وهناك آلاف الأسئلة التي يجب أن يطرحها الكاتب منذ بدء موهبته في الكتابة، ومع بدء أول كلمة في النص الذي يكتبه، ومع آراء العديد من الأشخاص المحيطين بتجربته الإبداعية والتي تتشابه وتتغير بحسب تجربة الكاتب ونوعها وتراكمها وطبيعة الكاتب نفسه، وطبيعة المكان الذي يعيش فيه ويمارس فيه الكتابة فالكاتب الذي يطرح الكثير من الأسئلة هو الذي يجد الكثير من الإجابات وهو من سيحصل في تجربته الإبداعية على التنوع والاختلاف والمغايرة والنجاح في نهاية الأمر، ومن المهم أن يعمل الكاتب على زيادة الإلهام الخاص به في فكرة القصة أو عند صياغتها، ومعرفة أن الفكرة هي بذرة العمل الإبداعي الخاص به .يرحب بكل وجهات النظر المختلفة

يفترض بالكاتب أن يمتلك بعض المهارات ومن ضمنها مهارات الاتصال وأن يكون عامل اتصال جيد وإيجابي بينهم والاستماع إليهم وتفهمهم وتلبية متطلباتهم وتوقعاتهم وحل المشكلات التي يواجهونها ومساعدتهم على القفز على العقبات التي تواجههم بالإضافة إلى قدرته على صياغة الأهداف الخاصة بالمشروع ورؤيته بشكل يحفزهم على العمل، ومساعدتهم على تحديد الأوليات، تنظيم المسؤوليات، وتعلم طرق جديدة لتخفيف ضغط العمل، اكتشاف أنشطة جديدة تصب في صالح المشروع الإبداعي الخاص بالكاتب .

 ومن المهم للكاتب أن يعمل على جعل الاتصال إيجابي ومثمر يسهم في جعل الكاتب أكثر قدرة على تحمل وجهات النظر المختلفة للنص الخاص به، وجعل كل وجهة نظر مختلفة جزء من ثراء النص وتجربة الكاتب الإبداعية. ومن الممكن أن يكون للفهم الخاطئ لبعض وجهات النظر دور كبير في نشوء مشكلة عدم القدرة على تقبل الآراء فمع الفهم الخاطئ للرأي الآخر سواء كان من عائلة الكاتب أو أصدقائه أو محيطه الاجتماعي أو دور النشر أو حتى الحكومات حتى ولو كان الرأي الآخر جيد بما فيه الكفاية لتطبيقه في حياة الكاتب أو في مسيرته الإبداعية وإن الفهم الخاطئ للرأي يتسبب في عدم تقبله وعدم تقبل الرأي حتى مع جودته وهذا قد يكلف الكاتب الكثير من الإيجابيات التي كان يمكنها أن تؤثر في مسيرته الأدبية والشخصية بشكل مثمر وبالتالي يجب على الكاتب الحرص على فهم وجهات النظر الخاصة بمن حوله بشكل جيد وإيجابي وأن يعمل الكاتب بحرص على أن تصل وجهة النظر الخاصة به بشكل بسيط ومفهوم للآخرين، ومن المؤكد أن كل قراءة للنص هي إعادة خلق له بشكل جديد في عقل كل قارئ بحيث قد يختلف النص في عقل القارئ عن النص الذي في عقل الكاتب كلية، وهذا الأمر في حال تعامل معه الكاتب بإيجابية فسيقوم باستثمار كل وجهة نظر مختلفة لأفكار أكثر تنوعا وجمالا تسهم في نجاح النص وتستند جميع المهارات السابقة لمهارة تتصف بأهمية فارقة ويفترض بالكاتب أن يكون ملما بها وقادر على إدارتها وهي قدرته على إدارة اتصال مثمر وفعال .

يدرك أن كل رأي مهم

من المهم أن يدرك الكاتب أن كل رأي مهم ويسهم في تنمية شخصيته ودفعه إلى النجاح وأن عليه أن يتلقى بجدية أي ملاحظات من كل من حوله من الاستشاريين النصي، وكتاب التغطية، والمنتجين، والمديرين، والوكلاء، والمسؤولين التنفيذيين في مجال التنمية، وأقرانه في الكتابة ومن المهم للرد على الآراء أن يقوم الكاتب بالرد بجدية وشفافية حول أسئلتهم والتي توسع مدارك الكاتب وتلفت انتباهه لمواضيع لم يلتفت إليها في غمرة انشغاله بالكتابة، ويستفيد من الآراء الإيجابية. ومن المهم للكاتب أن يصنف كل الآراء الإيجابية ويستفيد منها، واعتبار الآراء السلبية فرصة لمزيد من التأهيل وبناء القدرات لنفسه وتجربته، ومن المهم له بغض النظر عن نوعية التغذية الراجعة أن يستفيد من مكوناتها وأفكارها وتفاصيلها في تطوير تجربته الأدبية والحرص ألا تضر التغذية الراجعة برغبته أو حماسه أو استمراريته بالكتابة، وكما تحدثنا في الفقرة السابقة عن التغذية الراجعة السلبية أو الإيجابية لتجربة الكاتب الإبداعية وكتاباته، وتأتي من أفراد أو مؤسسات تحيط بالكاتب في مجتمعه المحلي أو مهتمة بتجربته على الرغم من أنها إقليمية أو عالمية .

يعرف من أين يستقي مصادره

ومن المهم للكاتب أن يعرف من أين يستقي مصادره حتى لا تؤثر تلك الآراء والمصادر سلبيا على حماسته ورغبته بالكتابة والإبداع فـ الأفراد أو المؤسسات المحيطة بالكاتب ومشروعه الإبداعي هم مصادر لمعلومات جديدة يمكن للكاتب استخدامها في إثراء تجربته الأدبية والنصوص الخاصة به وبمعنى أوسع فإن كل ما يحيط بالكاتب هو يشكل مصادر تفيد تجربته الإبداعية وكتاباته، وتتنوع من الأخبار إلى المعلومات ومن الدراسات إلى البحوث ومن الخطابات السياسية والدينية إلى الحكايات الشعبية والأسطورية فالكاتب الذكي هو الذي يعرف من أين يستقي مصادر معلوماته لتشكل إضافة لتجربته الأدبية وجودة كتاباته الإبداعية ويقلل من تأثره بالجوانب السلبية منها والتي قد تؤثر على مسيرته وتطورها .

ومن المهم للكاتب أن يكون على معرفة بالمصادر التي يأخذ منها لإثراء النص الخاص به، وهل هو موضوعي في اختيار المصادر وحريص على تنوعها أم أنه يرغب بإنتاج نص يروج لسياسة أو طائفة ما وبالتالي غير قادر على الخروج عن المصادر الخاصة بهم؟، وما هي مصدر تلك المصادر التي يأخذ منها الكاتب؟، وهل هو فرد أم مؤسسة، ومدى استقلاله؟، وخبراته؟، وتجربته ليصبح أحد المؤهلين للأخذ منه وإثراء النص الخاص بالكاتب؟، وكيف يمكن لهذه المصادر من جهة واحدة أن تنتج نص إبداعي حقيقي .

يدرك إنه ليس العالم بكل شيء

إذا كان الكاتب غير مكرس تجاه سياسة أو طائفة ما ويرغب بالتنوع فمن المهم لأجل بناء هدفه الإبداعي الجيد أن يسأل العديد من الأسئلة من نوعية ما هي الآراء المختلفة والمتنوعة في هذه القضية، وما هي الكتب والدراسات والأبحاث المتوفرة والتي قد تساعده في الكتابة، وما هي دور النشر التي قد تساعده لقراءة المزيد حول موضوع النص الخاص به لينتج نص أكثر ثراء وموضوعية ومن الأهمية بمكان أن يكون الكاتب على إدراك إنه ليس العالم بكل شيء، ومن يملك كل المهارات، وبالتالي يجب عليه أن يعرف أن كل مرحلة من مراحل تجربته الإبداعية أو منتجاته الإبداعية أو مشروعه الإبداعي يمكن أن يقوم بها متخصصين في مجالات معينة مرتبطة بالمنتج الإبداعي .

يتعاون مع المتخصصين في شتى الفنون الإبداعية

على الكاتب أن يعمل بصدق على أن يتعاون مع المتخصصين في شتى الفنون الإبداعية كـ التصميم والتدقيق اللغوي والإملائي والتسويق والطباعة والتوزيع وغيرها فالكاتب ليس مبدعا كليا في كل المجالات التي تتعلق بالنص الذي يقوم به وهناك العديد من الكتاب ممن يملكون موهبة فريدة في الكتابة ولكنهم قد لا يكونوا على معرفة بالقواعد النحوية أو الإملائية للنص، وكذا قد لا يكون لديهم المقدرة على التعامل مع معالجات النصوص على الكمبيوتر لتنضيد وترتيب النص فالكاتب الحقيقي هو الذي يعمل ويخطط على إخراج النص بأجود شكل يمكن بلوغه والتعاون مع المتخصصين في إتمام العمل على النص لغويا وإملائيا وتصميما وتنضيدا وتنقيحا للخروج به كما يجب للقراء .

يحترم آراء الغير وقراراتهم

ومن الشروط الأخرى لضمان أن الكاتب منفتح على الآخرين ويحترم آراء الغير وقراراتهم ومعرفة كيف تساهم قراراتهم تلك في صناعة قرار الكاتب نفسه في موضوع تجربته أو مشروعه الإبداعي وأن يدرك ما هي القرارات التي اتخذت من قبل الآخرين؟ وما هي القرارات التي اتخذها الكاتب نفسه لتجربته ومشروعه الإبداعي استنادا على تلك القرارات سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل، وهل هناك تسرع في القرارات أو التسرع بالحكم على منتج أو نشاط في مشروع الكاتب الإبداعي، وما مدى مساهمة المعلومات للكاتب وشركائه والقائمين على مشروعه في خلق قرارات إيجابية وجيدة وتسهم في نجاح الكاتب وتجربته ومشروعه الإبداعي .،إن كل ما سبق الحديث عنه لن ينجح إلا في حال كان الكاتب قادر على التفكير الناقد، وفحص وتقويم الحلول والمشاركات والمعلومات وفرزها واختبارها لاختيار السليمة والمفيدة منها، وأسباب تلك الاختيارات، ومصادر تلك المعلومات، وما هي الظروف المحيطة بالكاتب ومشروعه الإبداعي والآخرين من حوله، وكيف نظر للموقف ككل بينه وبينهم، وهل هناك بدائل للأفكار والآراء التي يقدمونها، وما درجة الانفتاح المطلوبة من الكاتب للآخرين من حوله، وهل تتميز تلك الأفكار والآراء بالدقة، وهل تعزز تقدير الكاتب لنفسه وإبداعاته ومشروعه الإبداعي، وتسهم في نجاح تلك التجربة والمشروع أو تسهم في الفشل.

يعزز التنوع ويرعى التفرد

هناك أهمية للكاتب أن يعزز التنوع ويرعى التفرد سواء كان في تجربته ومشروعه الإبداعي أو لدى المبدعين الآخرين فـ إدراك الكاتب بأن لكل كاتب آخر قدرات إبداعية فريدة خاصة به وقد لا تكون موجودة لدى الآخرين بنفس النوعية والكثافة والإبداع فلكل عقل بشري طريقته في فهم ما حوله وتحليله ومعالجته، وأن لكل كاتب تجربته الخاص به في الخيال وامتداداته وقدرته على توليد الأفكار وتحليلها وإشباعها بالتفاصيل وأن يدرك مدى تنوع الفروق الفردية، وأن لكل كاتب مستواه الإبداعي بحسب درجة تعليمه وقراءاته المختلفة وثروته اللغوية الخاصة به، وأن لكل كاتب طريقته في المعالجة الأدبية للنص والتي تصنع نص فريد خاص به حتى ولو كانت فكرة النص مشهورة وعولجت أدبيا عبر الكثير من الأدباء، وأن يؤمن أن كل فكرة أو حدث أو قضية تتكاثر النسخ الخاصة بها بقدر العقول التي دخلت فيها فأي عقل يعالج أي فكرة بطريقة تختلف تماما عن العقول الأخرى.،إن كل هذه الإدراكات السابقة تجعل الكاتب مدرك تماما لـ فرادته وفرادة ما يكتبه وبالتالي الاعتزاز بالنص الخاص به وأن يكون متفهما لكل نص يقرأه ويحكم عليه ضمن المعايير والفروق الفردية مما يجعله قادرا على كتابة النصوص الفريدة والاستمتاع بها إن كانت من مبدعين آخرين .

وتشكل التجربة الحياتية الجزء الأهم في ثراء أو نجاح تجربته الإبداعية فالكاتب الحقيقي هو من يملك التنوع في حياته بعامة فـ التجربة الحياتية للكاتب وتنوعها وثرائها يمكنها أن تكون الجزء الأهم في فقر وفشل تجربته الإبداعية، وخصوصا لو كانت منعزلة وفقيرة إنسانيا حيث يشكل الانعزال أو الفقر في التجربة الحياتية للمبدع دور في فقر الكتابة الأدبية الخاصة به وعدم احتوائها على التنوع الفكري والحياتي والصراع والشخصيات والأفكار التي تجعل من النص جيدا للنشر والقراءة .

ويحتاج الكاتب من هذه النوعية العمل على توسيع شبكته الاجتماعية والحصول على صداقات ومعارف يضيفون لـ تجربته الحياتية الأحداث التي تشكل عصيره الإبداعي والذي يمكنه استعماله في النصوص الخاصة به فـ التنوع يعني أن الكاتب يجب أن ينهل الكثير من الأفكار والرؤى والمعلومات والتجارب الحياتية للأشخاص والمجتمعات من حوله لتصبح إبداعاته ونصوصه متنوعة. ومن الخطر فعليا على الأدباء أو الكاتب أن يحصر نفسه في بعض المجتمعات أو الأفكار أو الجماعات أو المعلومات ويظل يجترها في نصوصه أو يتبعها في حياته العامة بحيث يمكن تصنيفه كشخص يعيش الأصولية الإبداعية وهي تلك الأصولية التي تمنع الكاتب من الكتابة خارج نطاق جماعته أو مجتمعه أو تمنعه من الحصول على معلومات خارج نطاق ما يؤمن به أو يصل إليه من تلك الجماعات أو المجتمعات التي يعيش فيها، والأصولية أو الثبات على أفكار وشخصيات وحركات سياسية أو دينية جيدة أو سيئة، جديدة أو قديمة، لامعة أو مهترئة، قابلة للتسويق أم لا لن يدفع بالكاتب إلا لأن يكتب نصوص فقيرة فكريا وإبداعيا .