Tue,Aug 26 ,2025

الكاتب كمبدع رقمي- أنشطة تسهم في نجاح المبدع من الاستفادة من البيئة الرقمية

2025-04-27


أنشطة تسهم في نجاح المبدع من الاستفادة من البيئة الرقمية

هناك الكثير من الأنشطة المتعلقة بالمبدع نفسه وبالمجتمع الذي يعيش فيه والحكومة التي تمارس السلطة في مجتمعه يمكنها أن تسهم في نجاح المبدع من الاستفادة من البيئة الرقمية وتعزيز وجود المبدع كمبدع رقمي نشط كمرآة لنشاطه الإبداعي على أرض الواقع ومعزز له، وفي التالي سيتم مناقشة بعض من هذه الأنشطة أو الآليات والتي منها:

نشر الإبداع رقميا

إن العمل على تنمية الاتجاه المجتمعي نحو تشجيع ومشاركة الإبداع وتعزيز تواجده في المجتمع والبيئة الرقمية هو الوسيلة الاجود لنشر الإبداع وتعظيم حضوره على شبكة الإنترنت بكافة الصيغ والأشكال المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة، ويعزز من وجود الإنترنت كوسيط اتصالي لتعزيز إدراك المبدع بشكل خاص والمبدعين بشكل عام والمجتمع ككل بأهمية الأدب في حياة المجتمعات وتطويرها وتغييرها نحو الأفضل في مسارات الإبداع على الإنترنت يكون ما بين الأفراد المبدعين والمجتمع والعكس، وما بين الأفراد المبدعين ومؤسسات المجتمع والعكس، وما بين مؤسسات المجتمع والمجتمع نفسه والعكس، وما بين المبدعين وصناع القرار والعكس، وما بين صناع القرار والمجتمع والعكس بحيث تكون أشكال التفاعل كالتالي :

  1. يكون التفاعل ما بين الأفراد المبدعين والمجتمع متميزا بالنشر الواسع من قبل المبدعين للوصول إلى ما يمكنهم من أفراد المجتمع المتواجدين على الإنترنت بحيث يساهم المبدعين في تغيير الرؤى والعادات والتقاليد والأفكار المجتمعية من خلال كتاباتهم الإبداعية، وعكسيا يكون التفاعل المجتمعي مع المبدعين قائم على التشجيع والتحفيز لهم لمواصلة إبداعاتهم وكذا استهلاك هذه الإبداع ات وتطوير أفكارهم من خلالها والمساهمة في نشرها عبر صفحاتهم أو مواقعهم الرقمية.
  2. يكون التفاعل ما بين الأفراد المبدعين ومؤسسات المجتمع متميزا بالدعم المشترك لأنشطة بعضهم البعض بحيث يكون المبدع مشارك في تحقيق أهداف هذه المؤسسات من خلال إبداعاته وأن تشارك هذه المؤسسات من جهتها في نجاح المبدع وتجربته الإبداعية.
  3. يكون التفاعل ما بين مؤسسات المجتمع والمجتمع نفسه لما فيه استفادة المبدعين من هذا التفاعل من خلال دعم المؤسسات للإبداع والأفراد المبدعين من خلال مشاركتها في تنظيم سير الأنشطة الإبداعية الفردية أو المؤسسية ومشاركتها في دعم المسيرة الإبداعية للمبدعين وتطويرها وبناء قدراتها والترويج لها ويكون على المجتمع بدوره تجاه هذه المؤسسات أن يقوم بتمويلها وحمايتها من تدخلات الدولة وخصوصا إن كانت تسلطية والتطوع ضمن أنشطتها وتشجيعها على مزيد من النشاط في مجال تنمية وحماية الإبداع في المجتمع.
  4. يكون التفاعل ما بين المبدعين وصناع القرار على الإنترنت من خلال دعم المبدعين القرارات الرشيدة التي يمكن أن يصنعها صناع القرار لما فيه صالح التجربة الإبداعية له وتنميتها وتأثيرها، ويكون على صناع القرار بدورهم الانتباه لحاجات المبدعين والمعلن عنها على الإنترنت وتلبيتها قدر الإمكان من حاجات تنموية أو دراسية أو تدريبية أو حماية أو تمويلية.
  5. يكون التفاعل ما بين صناع القرار والمجتمع قائم على أن وجود صناع القرار موجودين في الأصل لتحقيق احتياجات مجتمعاتهم، وفي موضوع الإبداع فمن المهم لصناع القرار الاستماع لحاجات المجتمع بشكل عام وحاجاتهم الإبداعية بشكل خاص والعمل على توفيرها ضمن الإمكانيات المتاحة بينما يصبح المجتمع داعما لمسيرة صناع القرار في التنمية والتغيير وحاميا لهم ومقدما عبر مساقات الحكومة لاستقطاب الأموال التي تتعلق بتنمية البلاد والتنمية الإبداعية مثل الضرائب والجمارك وتكاليف استهلاك الخدمات الحكومية واستثمار ثروات البلاد بما فيه مصلحتها.

الإدراك المجتمعي بأهمية الإبداع

إن الإدراك المجتمعي أهمية الإبداع وأهمية وجود الكتاب والأدباء في مجتمعاتهم هو نوع من التحفيز المجتمعي لدعم وحماية الإبداع والمبدعين وخلق حضور مجتمعي قوي في التجربة الإبداعية للمبدع أو الكتاب أو المبدعين عموما الإبداعية مما يعزز وجود الإبداع كأولوية لدى اهتمامات الرأي العام وبالتالي أولوية لدى نظام الحكم وخياراته، ويمكن أن يتم تعزيز الإدراك المجتمعي بأهمية الإبداع ووجود المبدعين في المجتمعات مجموعة من المعلومات أو التجارب أو الخبرات لدى مجتمعات أخرى أدركت هذه القضية وعملت عليها ضمن أنشطتها وسياساتها ومن هذه المعلومات أو الخبرات أو التجارب :

  1. التعرف على المؤشرات الوطنية أو الدولية عن الإبداع ودوره في التنمية وكيف أن الصناعات الإبداعية وعلى رأسها الكتابة تعتبر رافدا مهما في تقوية اقتصاد المجتمعات والبلدان سببا مهما في شهرتها وتأثيرها الدولي.
  2. معرفة أن المجتمعات والدول تعرف بمبدعيها قبل حكامها وأطبائها ومهندسيها وأن المبدعين وعلى رأسهم الكتاب والأدباء أحد أهم أسباب الفخر لدى المجتمعات والدول أمام المجتمعات والدول الأخرى.
  3. فهم أن مخرجات الإبداع ليست كمخرجات الصناعات الأخرى كصناعة الغذاء والذي ينتهي بمجرد التهامه في صناعة الإبداع صناعة تتميز بتواجد عشرات المنتجات من منتج واحد فرواية واحدة جيدة يمكنها أن تظهر على المجتمعات بأشكال مرئية ومسموعة ومقروءة ومصورة وبالتالي يمكن لرواية واحدة تشغيل عدد من الشركات يعمل فيها مئات الأشخاص فتولد الإبداع وصوره المختلفة لها تأثير كبير على العمل والتشغيل في المجتمعات.
  4. إدراك أهمية الإبداع في تطور المجتمعات وخصوصا الإبداع في مجال الكتابة والذي يعزز إيمان المجتمعات بقيم الحق والخير والجمال وحقوق الإنسان والديمقراطية والسلام والتسامح وغير ذلك من القيم المجتمعية النبيلة.

ومن الممكن أن يزيد الإدراك المجتمعي بأهمية الإبداع من خلال عدد من الأنشطة التي تروج له ما بين فئات المجتمع كافة ومنها على سبيل المثال:

  1. من خلال الترويج الرقمي للإبداع والصناعات الإبداعية في المواقع والصفحات الاجتماعية للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص والفرق والمجموعات الإبداعية بما في ذلك نوادي القصة أو محترفات الفنون وغيرها وتقديم الإبداع والصناعات الإبداعية للجمهور بشكل إيجابي وتعزيز تأثير مخرجاتها التي تروج للإبداع ومن ضمنها الكتابة الإبداعية بالطبع.
  2. من خلال التناول الإعلامي المكثف على أرض الواقع أو في البيئة الرقمية للإبداع ودعم نشر الإبداع ات الفردية والمؤسسية في مجالات الإبداع ات كافة بما في ذلك الكتابة الإبداعية وتجارب الكتاب والأدباء بشكل خاص والمبدعين في كافة صنوف الإبداع بشكل عام وإظهار قيمتها الكبيرة لدى المبدعين وتأثيرها الجيد في المجتمعات على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية من خلال الإبداع ات الوطنية نفسها أو من خلال تقديم تجارب الدول الأخرى مع الإبداع والصناعات الإبداعية وكيف ساهمت تلك الصناعات في نهضة تلك الدول والمجتمعات.
  3. من خلال المواقع أو الصفحات الرقمية على الشبكات الاجتماعية للأفراد من المبدعين أو المؤسسات والذين يشاركون فيها إبداعاتهم أو أنشطتهم بحيث يستثمرونها في الترويج لأهمية الإبداع في حياة المجتمعات عبر مقالات رأي خاصة به أو دراستهم تجارب المبدعين من الأفراد والمؤسسات الإبداعية والدول بشكل عام وكيف ساهم الإبداع والصناعات الإبداعية في التنمية في تلك الدول والمجتمعات وبما يشكل تحفيز المؤسسات الحكومية والغير حكومية والخاصة على تبني هذه الأفكار وحماسها لتنفيذ نسخ محلية من تلك التجارب الناجحة في الدول المختلفة وضمان نجاحها في البيئة المحلية.
  4. من خلال المعلومات ذات العلاقة بالصناعات الإبداعية ومن ضمنها الكتابة الإبداعية والمنتشرة على الإنترنت ومشاركتها ونشرها وتخصيص مساحات بارزة لها في وسائل الإعلام المحلية أو المواقع أو عبر المجتمع نفسه و تبادله الاحاديث والخبرات في حياته اليومية العادية لصناعة فكرة مستقرة في الذهنية العامة للجماهير بأهمية الإبداع ودعم المبدعين وإظهار كيف أن الإبداع والصناعات الإبداعية والكتابة الإبداعية بالضرورة بصفتها المادة الخام التي يستخرج منها الكثير من الإبداع ات هي أنشطة داعمة لسمعة البلد الدولية ومساهمة في موارده المحلية.

إن خلق بيئة واقعية أو رقمية حول الإبداع وتشجيع المواطنين في أي دولة للاستمتاع به وحمايته ودعمه بطرق مبتكرة ومتجددة، وكذا حشد المناصرة للإبداع والمبدعين سيكون له تأثير كبير ليس فقط في اقتصاد الدولة والمجتمع ولكن في تطورهم الأخلاقي والقيمي ويمكن خلق هذه البيئة الرقمية من خلال استثمار الأدوات المتوفرة على الإنترنت كمواقع الصور والفيديو والتسجيلات السمعية والمواقع التي تهتم بالنصوص أو بالكلمة المقروءة والمواقع التي تساهم في صناعة المعلومات البيانية والرسومية والجغرافية وتساعد في تصميمها ومواقع مشاركة المحتوى والشبكات الاجتماعية والفاعلين فيها في المجتمع الذي ينتمي إليه المبدع والمؤسسات بكافة أنواعها والتي تمتلك صفحات نشطة على هذه الشبكات الاجتماعية التي تساعد مستخدميها على التواصل والتشبيك وإطلاق المبادرات الرقمية والحملات الالكترونية بمختلف أنواعها ويمكن أن يكون الإبداع والصناعات الإبداعية والكتابة الإبداعية في الخصوص أحد أهم القضايا التي تهتم بها، والاستهداف قد لا يكون فقط للمستخدمين لهذه المواقع من أفراد ومؤسسات ولكن أيضا استهداف صناع الرأي و الذين يستطيعون بسبب من شهرتهم أو مناصبهم المشاركة بأنشطة رقمية لتداول مواضيع ترتبط بالإبداع والصناعات الإبداعية ودورها المهم في تنمية المجتمعات وتناولهم للأدباء والموهوبين في مجال الكتابة الإبداعية بصفتهم أحدى النخب الفكرية والثقافية المهمة والمؤثرة والذين يحتاجون إلى الاستثمار فيهم ليستطيعوا إثراء الحركة الأدبية والإبداعية في المجتمع ودفعها إلى الأمام، ويساهم صناع الرأي في تحفيز المجتمع على مناقشة مثل هذه القضايا و إمدادهم أو إثراءهم أو تبادلهم للمعلومات مع مجتمعاتهم والمؤثرين في هذه المجتمعات لوضع قضية الإبداع كأحد القضايا المهمة للمناقشة والتطوير.

التحريك الرقمي للإبداع

يحتاج الإبداع والصناعات الإبداعية والكتابة الإبداعية بشكل خاص والأدباء بالضرورة إلى وجود حراك مجتمعي يظهر مدى أهميتهم في المجتمعات ودورهم الفاعل في التنمية الإبداعية بشكل خاص والتنمية ككل بشكل عام، ويمكن أن يكون التحريك الرقمي للإبداع عبر اتجاهين :

    1. الاتجاه الرأسي: وهو الذي يتوجه الى الحكومات والسلطات في الدولة ويعمل على أنشطة الضغط والمناصرة ضمن البيئة الرقمية مثل الحملات الرقمية لقضايا الإبداع وتشجيع السلطات على وضع سياسات عامة داعمة للإبداع وعلى رأسهم الكتاب، وكذا وضع سياسات ترتبط بالإبداع وتسهم في تواجد السياسات المتعلقة بحرية التعبير أو السياسات المتعلقة بدعم الإنتاج الثقافي للمبدعين أو السياسات المتعلقة بتفعيل التربية على الإبداع ضمن التعليم في الدولة أو تلك المتعلقة بتخصيص الموازنات المناسبة للأنشطة الثقافية والإبداعية، ودعوة أو تحفيز السلطات على وضع برنامج لدعم المشاريع الإبداعية الصغيرة للأفراد أو الفرق الإبداعية أو المؤسسات غير الحكومية التي تهتم بالإبداع والمبدعين.
    2. الاتجاه الأفقي: وهو الذي يتجه الى المجتمعات وغالبا ما يستخدم أنشطة من قبيل التوعية والتي تعمل على إظهار إيجابيات قضية ما أو سلبياتها و دفع الجمهور إلى تبنيها أو مناهضتها، وفي موضوع الإبداع والصناعات الإبداعية والمبدعين وخصوصا الكتاب منهم يمكن العمل على استثمار البيئة الرقمية في نشر قصص النجاح الخاصة بمجتمعات اهتمت بالإبداع والمبدعين وإظهار حجم التأثير للمبدعين في تلك الدول ومدى مساهمتهم في تطوير مجتمعاتهم والاستعانة بالشبكات الاجتماعية مثل هذا النوع من التوعية ووصول المعلومات للجمهور.

إن العمل على وجود هذه التحركات والاهتمام بنشاطها واستمرارها هي الطريقة الوحيدة للتأثير على سلطات الدولة في تبني قوانين وسياسات وأنشطة تدعم قضية الإبداع والمبدعين والصناعات الإبداعية وهي الطريقة الوحيدة للوصول للجمهور وجعله داعما وحاميا وممولا للأنشطة والمشاريع الإبداعية والمبدعين. وإن استثمار البيئة الرقمية في هذه المجال يعني العمل باحتراف على تكتيكات وآليات العمل الرقمي في التحرك الإيجابي لأجل الإبداع والمبدعين في المجتمع المحلي نفسه أو حتى للوصول الى المجتمعات الأخرى ودفعها لتصبح داعمة للتوجه المحلي الداخلي في هذا المجال ومن ضمنها الشركات خارج الدولة أو الشركات الأجنبية التي تهتم بالعمل الإبداعي في الدول وتقوم بالاستثمار فيه على مستوى النصوص الإبداعية أو الأغاني أو الأفلام أو الإبداع بشكل عام وتربح من خلال هذا الاستثمار وخصوصا اذا استثمرت هذه الشركات الفنية أو الإبداعية أو الناشرة خبراتها الكبيرة في نشر وتسويق الإبداع المحلي على نطاقات إقليمية أو دولية ووسعت دائرة مستهلكيها وبالتالي توسيع دائرة مبيعاته، وكذا الأمر بالنسبة للمنظمات الدولية في البلد أو في الإقليم أو على مستوى العالم ممن تهتم بالإبداع كأحد أسباب التنمية أو أحد أهم أدوات مناصرة قضايا الحقوق الإنسانية والحريات العامة والخاصة.

تعزيز إيجابية ومشاركة الفرد المتلقي للإبداع

يعاني المبدعين في دول العالم الثالث من تهميش دورهم المهم في تنمية بلدانهم ويسيطر على مثل هذه الدول مجموعات من الديكتاتوريات أو الحكومات التسلطية أو الدينية المحافظة والتي تنظر الى الإبداع وحرية الإبداع وحرية التعبير بشكل سلبي كأحد الأسباب في تقويض أسس حكمها وتنظر الى المثقفين والمبدعين كجماعات من المناهضين لسياساتها في المجتمعات التي تحكمها، وبسبب من تجهيل المجتمعات التي تحكمها تساعد هذه المجتمعات تلك الحكومات في تجاهل ومحاربة الإبداع والمبدعين ولقد عملت تلك الحكومات التسلطية على جعل الفرد من مواطنيها متلقي لسياساتها وأخبارها والمعلومات التي ترغب هي بوصولها إليه وليست تلك المعلومات التي تسهم في ثرائه الفكري والمعرفي وتسهم في صناعة فرد فاعل ومتفاعل في نهضة وتنمية المجتمع الذي يعيش فيه ضمن إطار من الحريات واحترام حقوق الإنسان ودعم الإبداع والصناعات الإبداعية وجعلها مساهمة في تنمية البلاد ضمن سلة من البرامج التنموية والاقتصادية المتنوعة.  وإن أغلب المجتمعات النامية هي مجتمعات شابة وقابلة للأفكار الجديدة وقادرة على التجدد وتملك الحيوية للتغيير، ولكن تلك السلطات غالبا ما تتناسى هذه الأدوار الإيجابية وتدفع بمجتمعاتها الشابة إلى العنف عبر الحروب التي تخلقها من لا شيء، ودور الفرد في أي دولة وخصوصا في مجال إيمانه ودعمه للإبداع والمبدعين والصناعات الإبداعية والكتابة الإبداعية من ضمنها وعلى رأسها يجب أن يكون نشطا وإيجابيا ومرنا وحركيا. ومن المهم ألا يصبح الفرد متلقي للأوامر السلبية والعنيفة والتسلطية من حكوماته بل أن يكون فرد فاعل يسهم بجهوده في التنمية والتغيير في مجتمعه وأن يشكل بوابة للفرص وليس سببا للأزمات، وأن يكون مصدر للطاقة وليس للاحتياجات.

وفي هذا الموضوع بالتحديد تأتي البيئة الرقمية كفاعل في الدفع بالفرد في المجتمع الى أن يصبح مشاركا بإيجابية في قضايا مجتمعه، وتعطيه الأدوات ليكون مساهما فيها وعلى رأس هذه القضايا بالطبع الإبداع والمبدعين والصناعات الإبداعية والكتابة الإبداعية كمكون مهم من الصناعات الإبداعية في أي دول متطورة، والبيئة الرقمية هي بيئة تمكينية للأفراد وتوفر لهم الأدوات الرقمية التي تساعدهم على العمل والنشاط في محيطهم الاجتماعي والرقمي.

إن البيئة الرقمية هي بيئة معرفية لهم بحيث تعطيهم المعلومات والتجارب والخبرات التي مارستها المجتمعات الأخرى بحيث تشكل بالنسبة لهم نماذج يمكن تطبيقها في واقعهم المحلي للوصول الى ما وصلت إليه المجتمعات الأخرى من تنمية ورفاهية.

وتسهم البيئة الرقمية في توفير قنوات بديلة للأفراد تمكنهم من المشاركة في القضايا التي يعانون منها في الحياة العامة وأن يصبحوا فاعلين ومتفاعلين معها ضمن بيئة متساوية من الفرص والأدوات التي يمكن لأي فرد الحصول عليها مهما كانت ميوله واتجاهاته وتعطيه الفرصة للعمل والنشاط بعيدا عن الهيمنة والاستقطاب من حكومته المتسلطة أو الجماعات العنيفة في مجتمعه، وتقدم له الفرصة أو لمجتمعه للخروج من منطقة التهميش الى منطقة الفاعلية والتفاعل والتواجد والتمكين.

ويمكن للفرد الفاعل في البيئة الرقمية العمل على دعم وتشجيع الإبداع والصناعات الإبداعية والكتابة الإبداعية بشكل خاص عن طريق المشاركة في الحملات أو الترويج للفرص التي يقدمها الإبداع للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد المبدع من خلال استثمار القنوات البديلة للمشاركة التي تمتلئ بها البيئة الرقمي.  ويمكن للفرد أن يكون فاعلا في هذا الأمر من خلال رقابته لأنشطة الحكومة في هذا الجانب ومعرفة أوجه النجاح أو الفشل في أنشطة وخطط حكومته في مجال الإبداع ودعمه ورعايته وضمان الحريات للمبدعين وقدرة حكومته على استثمار الإبداع لصالح التنمية للدولة ككل أو أن يكون مراقبا لتعامل الحكومة مع المبدعين ومناصرة التحركات الإيجابية ومناهضة للتحركات السلبية كسجن المبدعين أو محاربتهم أو خفض مستويات حرياتهم.

ويمكن للفرد أن يستخدم الأدوات الرقمية للمشاركة عبر المقالات على موقعه أو مدونته أو بالصور على صفحته الشخصية على مواقع الشبكات الاجتماعية التي له حساب فيها، أو مشاركا للمعلومات المهمة والمتعلقة بالإبداع وتطوره في مجتمعه، أو فاعلا مع الحملات الرقمية التي تحمي المبدعين من ظلم الدولة، أو ناقدا للانحرافات عن الأهداف التي قد تكون الدولة قد أعلنتها في سياساتها عن دعمها للإبداع وتفعيل دور المبدعين في تنمية البلاد، وإن التزام الفرد أو الافراد أو المجتمع بشكل عام تجاه الإبداع والمبدعين واستثمار الصناعات الإبداعية لصالحهم ولصالح مجتمعهم سيحقق في الأخير تجاوب حكوماتهم تجاهها وخصوصا في حال كان هذا الالتزام مواكبا لحركة نشطة متنامية من قبل الفرد والمجتمع ككل، وأن تكون تلك الحركة النشطة هادفة إلى الحصول على الحق في الرفاه والتمكين والمشاركة ومستمرة في المطالبة بهذا الحق كجزء من حقوقهم الإنسانية والسياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

ويمكن للفرد والمجتمع أيضا العمل على نفسه وتوعية أفراده بحقوقه المختلفة ومنها الحقوق الإبداعية أو الحق في حرية التعبير أو حق التمتع بالإبداعات المحلية وضرورة دعم المبدعين في المجتمع يشكلون بإبداعاتهم جزء من نجاح الصناعات الإبداعية بصفتها جزء من التنمية للمجتمع والدولة ككل، والبيئة الرقمية ليست فقط مليئة بالأدوات التي تسهم في الضغط والمناصرة والتأييد لقضايا على نطاق السلطات ولكنها مليئة بالأدوات التي تساهم في التوعية والترويج لها على مستوى المجتمعات. ويمكن للفرد أو الأفراد النشطين والمؤمنين بأهمية الإبداع والمبدعين في المجتمعات العمل على حشد المناصرين وتحريكهم رقميا لنشر قيم الإبداع وأشكاله وأهميته في عموم المواطنين ليصبح الإبداع هما عاما يحظى بالاهتمام الشعبي ليصبح ذو تأثير موجود وحيوي، ويمكن للفرد أو الافراد النشطين من خلال البيئة الرقمية أن يشكلوا جدار حماية للمبدعين من مواطنيها ليس فقط من خلال مراقبة الانتهاكات التي يمكن أن تحدث للمبدعين ولكن من خلال التحرك رقميا للمطالبة بوقف هذه الانتهاكات، والدفع بالتعامل السلبي مع المبدعين الى التعامل الإيجابي ليس فقط من خلال توفير الحرية للمبدعين ولكن أيضا من خلال دعمهم ودعم مشاريعهم الإبداعية ويمكن للفرد أو الافراد النشطين من خلال البيئة الرقمية ليس فقط مراقبة المبدعين في أنشطتهم ولكن ان يشكلوا الحافز الأول لهم والمشجع الأكبر لهم من خلال مشاركة إبداعاتهم ودعمها للوصول الى أكبر عدد ممكن من القراء وأن يكونوا مساهمين من خلال البيئة الرقمية في صناعة أسماء وشهرة مبدعيها والوصول بهم إلى ما يستحقونه من مكانة وحماية وتشجيع.

تعزيز الفاعلية الرقمية

يحتاج الفرد الرقمي الفاعل الى أن يكون على معرفة ومهارة بالأدوات والبيئة الرقمية لتصبح فاعليته أقوى وأكثر احترافا بحيث يستطيع الفرد استعمال الإنترنت وأدواتها لصالح تجربته الإبداعي بالضرورة في صالح المجتمع الذي ينتسب إليه ويمارس فيه تأثيره، ويعمل على إشراك جميع أفراد المجتمع في قضية الإبداع والصناعات الإبداعية والتنمية الإبداعية في المجتمع وبالتبعية التنمية ككل، والعمل على إدماج جميع أفراد المجتمع في جميع قضاياهم المهمة وتفاعلهم الرقمي معها بالتزامن مع تفاعلهم الواقعي معها في حياتهم العامة، وألا يكون استخدام البيئة الرقمية فقط لصناعة العلاقات السطحية أو للترفيه بل أن تكون البيئة الرقمية فاعل مهم في تنمية المجتمعات، واستخدام البيئة الرقمية وأدواتها بهدف إحداث تغيير في المجتمع تجاه قضايا الإبداع والمبدعين والتنمية الإبداعية ككل ويمكن تعزيز الفاعلية الرقمية من خلال توظيف أدوات البيئة الرقمية للتأثير في الواقع الاجتماعي أو السياسي تجاه قضايا الإبداع والمبدعين ودور التنمية الإبداعية في التنمية بشكل عام في المجتمع، ويمكن استخدام جميع الأدوات الرقمية بشكل حر ومجاني في معظم مواقع الإنترنت مثل الصور والنصوص والفيديو والملفات الصوتية والتطبيقات المتوفرة على شبكة الإنترنت مثل التطبيقات مفتوحة المصدر والمواقع التفاعلية الجاهزة ومنتديات الحوار أو التطبيقات مفتوحة الاستخدام مثل البريد الالكتروني والمدونات والشبكات الاجتماعية ومواقع المشاركة المختلفة.

إن أهمية البيئة الرقمية والفاعلية الرقمية في حماية واستثمار الإبداع والمبدعين تنبع من كون الإنترنت أصبحت ثقافة اليوم ولها دور في تشكيل الوجدان الفردي والمجتمعي وتوجيه السياسات والأنشطة الحكومية في أي مجتمع وفي أي دولة، وأصبح لها دور في صناعة كل شيء في الوقت الحالي والمستقبل وكل ما تحتاجه البيئة الرقمية هو استعمالها بثقة واحترافيه لتصبح مساهمة قوية في ترويج الإرادة المجتمعية وبالتالي السياسات الحكومية، والتي من المأمول أن تتجه بعض من هذه وتلك لدعم وحماية ورعاية الإبداع والمبدعين والعمل على وضع الصناعات الإبداعية وعلى رأسها الكتابة الإبداعية على رأس سلم أولويات المجتمعات والسلطات في أي دولة في العالم .

توطين التكنولوجيا وردم الفجوة الرقمية

إن أهم أسباب عدم تفعيل البيئة الرقمية لقضايا المجتمعات في دول العالم الثالث بشكل عام واهتمامهم بقضايا الإبداع والمبدعين والتنمية الإبداعية هو تدني وجود وجودة البنية التحتية للإنترنت في هذه الدول، وكذا تدني مهارات مجتمعاتها في استعمالها، وبالتالي يجب أن تأتي قضية توطين التكنولوجيا كأولوية لدى الحكومات وأن يصبح ردم الفجوة الرقمية بين المجتمع في هذه الدول والمجتمعات المتطورة ممارسة يومية متنامية، وعلى الأفراد والمجتمعات في الدول النامية أن تجعل من كل فرصة للعمل على الإنترنت دور في تنمية مهاراتها، وفرصة للاستثمار البيئة الرقمية في تعزيز مشاركتهم في جميع جوانب الحياة في مجتمعاتهم وإحداث التغيير فيها  وفي هذا المجال يمكن للمجتمعات المطالبة برفع مستويات التعليم فيها لما يجعلها قادرة على، التعامل مع البيئة الرقمية والخروج من الأمية الرقمية إلى التفاعل الرقمي واستفادتهم من كل ما تتيحه هذه البيئة من معلومات وأدوات وسبل للتطور وردم الفجوة الرقمية من جانب والبنية التحتية للإنترنت، ومن جانب أخر تجعل من الأفراد والمجتمعات غير قادرة على أن تصبح فاعلة في مجتمعاتها بالشكل المناسب وخصوصا إذا كانت طرق المشاركة والفعالية خارج البيئة الرقمية محاربة أو غير مقبولة من جانب حكوماتها التسلطية.

إن وجود بنية تحتية متطورة وقدرة فردية ومجتمعية للتعامل مع أدوات البيئة الرقمية سينتج بالضرورة تفاعل مع القضايا المجتمعية ومشاركة في الحل لهذه القضايا وهذه الفاعلية حتى وإن كانت محاربة من قبل السلطات إلا أنها لن تكون قادرة على تجاهلها كلية وبالتالي سيدفع هذا الأمر بالتطور للمضي قدما للوصول لما يرغب الفرد والمجتمع بالوصول إليه في جميع نواحي التنمية التي ترتبط بهم والطبيعة العالمية للإنترنت.

إن البيئة الرقمية لن تدفع فقط المجتمعات المحلية للعمل لأجل قضاياها ولكنها قد تحفز جميع المجتمعات في العالم للتعاون والترابط والتعاطف معها مما يشكل بعد إنساني عالمي لقضايا المجتمعات المحلية ويؤثر إيجابيا على قضاياهم الملحة فأي سلطة مهما كانت تسلطية أمام شعوبها لن تستطيع الوقوف ضد كل دول ومجتمعات العالم متفاخرة بـ تسلطها ستلجأ بالضرورة إلى مزيد من الانفتاح على الأقل لتحسين صورتها الدولية قبل المحلية.

ضمان الاستخدام الجيد للبيئة الرقمية في خدمة الإبداع

إن من أحد أهم الأسباب التي تروج لها الحكومات في التعامل السيء مع الإنترنت والعمل على صناعة بنية تحتية قوية للإنترنت في مجتمعاتها هو ما تعتبره الاستخدام السيئ للإنترنت على المستوى الأخلاقي وتستثمر هذه الحكومات هذه التبريرات ليس فقط لحظر المواقع الإباحية ولكن أيضا حظر المواقع التي لا تتناسب مع سياساتها وتوجهاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعلوماتية وهذا ما يقلل من استفادة مجتمعاتها من البيئة الرقمية التي تكتظ بملايين المواقع المفيدة في جميع المجالات وإن الاستخدام الجيد للبيئة الرقمية من قبل الأفراد والمجتمعات بشكل عام سيقلل كثيرا من هذه التبريرات ويدعم حق المجتمعات في الحصول على بنية تحتية رقمية جيدة وكافية وسريعة وشاملة، وهناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن أن يقوم بها الأفراد والمجتمعات لإظهار مدى رشدها في التعامل مع البيئة الرقمية وكيفية استفادتهم الكبيرة منها. وفي موضوع الإبداع والصناعات الإبداعية والتي هي موضوع حديثنا سيتم الحديث عن بعض الاستخدامات الجيدة للإنترنت لخدمة الإبداع والمبدعين والتنمية الإبداعية، وتنسحب هذه الاستخدامات الجيدة بالطبع على بقية القضايا المجتمعية الأخرى ولكن بسبب من موضوع هذا الباب المتعلق بالكتابة والكتابة الإبداعية بشكل خاص وارتباط الكتابة الإبداعية بالصناعات الإبداعية والتنمية الإبداعية، وسيتم الحديث عن هذه الاستخدامات الجيدة للبيئة الرقمية عبر إسقاطها على الإبداع والمبدعين والتنمية الإبداعية ككل.