Tue,Aug 26 ,2025

قدرات الكاتب الناجح- قادر على تقبل النقد والتمتع بمهارات النقد

2025-04-27


قادر على تقبل النقد

تشكل الفوقية لدى بعض الكتاب والإحساس بثقافتهم وثقتهم العالية في مقابل الآخرين في جودة أعمالهم وهي ثقة في أغلب الأحيان تكون في غير محلها وعقبة في سبيل تطوير الكتاب لأنفسهم، ومن العقبات المهمة عدم قدرة الكاتب على تقبل النقد واعتبار النص الذي قام به مكتملا وفريدا. ويحتاج الكاتب هنا لمعرفة أن أي عمل أدبي في العالم يمكن أن يضاف إليه العديد من الأفكار والمفاهيم والصراعات والشخصيات حتى ولو كان مكتملا من وجهة نظر الكاتب. ومن الممكن أن يكون النص فعلا مكتملا وعبقريا ولكن هذا لا يتيح للكاتب الموهوب أن يكون متغطرس على محيطه ومتابعيه، واعتقاد بعض الكتاب أن ما لديهم من أفكار و خبرات وطرق وممارسات في الكتابة كافية لكتابة نصوص مهمة وجيدة وجديدة وهذا اعتقاد خاطئ فالكتابة هي قرين القراءة والقراءة تعمل على إثراء الكاتب بالمعلومات التي تساهم في تأثيث النصوص الخاصة به بالأحداث والشخصيات وتجعل من الكاتب على دراية بالأفكار والمناهج الداخلية والأوصاف التفصيلية للأشخاص والأحداث والحوار والشخصيات وطرق كتابة الفقرات الجيدة وجعل الأجزاء الداخلية من الرواية أو النص ثرية بالتفاصيل وجاذبة للاهتمام.

يتمتع بمهارات النقد

إن أول الخطوات التي يمكن للكاتب العمل عليها للتحضير لمرحلة إعادة الكتابة هي أن يبتعد لوقت محدد من النص الأول الذي خرج به من مرحلة التدفق الإبداعي وألا يقم بقراءتها أو يدع الآخرين يقومون بذلك، وعند العودة، سواء بعد أسبوع أو شهر، يقرأ الكاتب النص بأكمله دون كتابة أي ملاحظات بصفته قارئ عادي وحينها سوف تظهر الأخطاء في النص بشكل كامل أمامه وسيتعرف على المفهوم الخاص بالنص والشخصيات والموضوعات والصراع والقصص الموجودة به. وعلى الكاتب التعرف على صوته الخاص ضمن النص كي لا يفقده في مرحلة إعادة الكتابة ومن ثم يقوم بالعمل في هذا نشاط إعادة كتابة النص وهذا يتيح له التركيز على الأخطاء الإملائية والنحوية والتنسيقية ومراجعة كل سطر واكتشاف الحروف أو علامات الترقيم المفقودة أو مشهد رديء. وتتيح القراءة للكاتب الشعور بتدفق الحوار وشعوره أن الحوار حي وليس مجرد عرض وشخصيات يتحدثون دون هدف كما تتيح له الإحساس بالاتساق في النص وجودة السرد بداخلة وتناغم وبناء الشخصيات والقصة والحوار والنغمة والجو والمفهوم. والنشاط التالي في مرحلة إعادة الكتابة هي عدم تكرار مرحلة الكتابة المتدفقة ففي هذه المرحلة يفترض بالكاتب التركيز على الأخطاء والمبالغات والحفر الموجودة في النص والقيام بمعالجة كل منها فالكاتب في هذه المرحلة يقرأ بعين القارئ الحساس. ومن المهم للكاتب أن يكون قاسيا بما يكفي لإعادة كتابة الفقرات التي لا تعجبه أو حذف الفقرات التي لا تخدم النص الخاص به وإذا استدعى الأمر تقليص الوصف والحوار، وتقصير المشاهد فليقم بذلك وإن الكاتب في هذه المرحلة ليس القارئ فقط ولكنه الناقد المتخصص الذي يدرك من خلال قراءته الأولى للنصوص بمدى أهميتها أو رداءتها، ومن المهم في مرحلة إعادة الكتابة التركيز على قواعد الكتابة وإرشادات صناعة النشر وتوقعات الآخرين من المنتج الأدبي الخاص به والذي يترجم المرحلة الأدبية التي وصل إليها والنظر بشكل مباشر إلى الموضوعية والتنسيق الخاص بالنص والتنسيقات الخاصة به وإعطاء النص مختلف الميزات الفنية والإبداعية. ويحتاج الكاتب في هذه المرحلة أن يبتعد عن التعاطف وأن يكون موضوعيا في التعامل مع النص، وأن يستدعي النقد الذاتي، وأن يدرك مهاراته التي تعينه على الوصول لهذه المرحلة من الوعي والمهارة، وكيف يمكنه تحقيق ذلك، وما الأدوات التي يمكنها مساعدته للوصول لهذا المستوى من الموضوعية أو الاحتراف في التعامل مع النصوص.

إن إعادة الكتابة تتيح للكاتب الفرصة لإضافة التفاصيل المدهشة، التنبيهات الذكية، تطور الشخصيات مع كل مشهد، كل شخصية، وكل سطر من الحوار، وكل لحظة في النص، وهي مرحلة اتخاذ القرارات الصعبة وتعديل وحذف لحظات أو شخصيات يحبها الكاتب ولكن لا بد من التخلص منها فأي مشهد أو شخصية أو قصة أو نقطة حبكة وأي سطر حوار لا يخدم استمرار تدفق وجودة النص يصبح من المهم التخلص منه  وإن إتقان إعادة الكتابة ضرورية لمستقبل الكاتب وتساعده على جعل نصوصه أفضل وتجعله يحس بالشجاعة وبأنه قادر على حذف هذه الفقرات، وأن يعيش الإحساس الفوري بالحرية عند الانتهاء من هذه المرحلة، وأن عملية إعادة كتابة النص هي إنقاذ له من الفشل عبر الوقوع في الملل الذي قد يأتي بسبب طبيعة النص أو عدم تقليمه للوصول لنص مثير وجيد ومختصر وهناك طرق لتخليص النص من الملل وجعله نص مشوق وأولها أن يتخلص الكاتب من الجمود الذي يمكن أن تصيبه وهو يعمل على إعادة الكتابة للنص فمن المرهق للغاية للكاتب التحديق في الورق دون القدرة على القيام بشيء. ومن المهم للكاتب عند إعادة الكتابة الاستمرار في طرح الأسئلة حول أسباب قيامه بهذا العمل؟ وكيف سيكون شكل النص النهائي؟ ومن يقرأه؟ وكيف سيقوم الكاتب بالدخول في معترك إعادة الكتابة بنجاح، ومن الأدوات التي تساعد الكاتب على المرور من مرحلة إعادة الكتابة بنجاح هي أن يبدأ بالكتابة كالمحترفين والتعامل مع نصوصه كما يتعامل المحترفين مع النصوص الخاصة بهم والتي من خلالها يقدمون منتج إبداعي مصقول ومصحح ومحترف والقيام بالعمل ضمن أكثر الطرق سهولة وسلاسة ومعيارية يمكن بلوغها.

ومن الأدوات التي تساعد الكاتب على المرور من مرحلة إعادة الكتابة بنجاح هي أن يغير من الروتين اليومي الذي يقوم به والذي يعتبر أهم الأنشطة التي لا تساعد على الإبداع أو عملية إعادة الكتابة فالروتين اليومي يقتل الإبداع ويقلل من المعلومات والخبرات التي يحصل عليها الكاتب لصالح تجربته الإبداعية وأفكاره المتنوعة. ومن الضروري للكاتب أن يغير من أماكن وأوقات الكتابة فالكتابة بحد ذاتها يجب أن تحدث في الأماكن التي يشعر فيها الكاتب بالراحة حتى ولو كانت اعتيادية بالنسبة له والروتين هنا الذي نتحدث عنه هو في الحياة بشكل عام للكاتب والتي قد تؤثر سلبا على ثراء تجربته وأفكاره.  ومن الممكن أن يكون لبعض الأشياء دور في سرعة الكاتب في الكتابة وإعادة الكتابة ومن ضمن هذه الأشياء اتفاق الكاتب على موعد زمني للتسليم فهذا يساعد الكاتب على التفرغ للكتابة والعمل فيها بشكل جاد للخروج بالنص بشكل جيد خلال فترة محددة، ويعتبر وجود مواعيد زمنية صارمة من الأدوات التي تسهم في تكثيف عملية إعادة الكتابة وسرعتها وجودتها، ومن السلبيات التي يمكن أن تحبط عملية إعادة الكتابة للنص هي الرضا الخاص بالكاتب عن النص في مرحلته الأولى فهذا شكل سلبي من أشكال التعامل مع النص إعادة الكتابة الخاصة به. ومن المهم للكاتب ألا يصل لمرحلة الرضا في العمل الإبداعي وأن يعمل دائما على الوصول بتجاربه الكتابية إلى أعلى مستوى يمكنه بلوغه، ومن المهم للكاتب العمل على نصوص ذات تحدي لموهبته والعمل على ابحث عن المعلومات التي تضيف وتثري لهذه النصوص وأن يملأ عقله بهذه المعلومات التي تشكل في الأساس ليس فقط ثراء النص الخاص به ولكن ثراء تجربته الإنسانية والحياتية. وإن حرص الكاتب على التعمق والبحث عن المعلومات التي تتناسب مع نوعية النص الذي يقوم به جزء مهم في الكتابة وجزء مهم للغاية أيضا عند إعادة الكتابة وتصحيح المعلومات والمفاهيم داخل النص بمعلومات صحيحة وموثوقة.