Wed,May 14 ,2025

أولويات حقوق الإنسان في اليمن
2025-04-25
على مر الزمان كانت مطالب حقوق الإنسان من المطالب الأولية حتى وإن لم تكن بنفس المفهوم الذي أصبحت عليه الآن كمفهوم له دلالاته وأبعاده وتفاصيله ونتائجه واتفاقياته ومعاهداته ففي كل عصر كانت هناك مطالبات بالعدل والأمان والعيش بسلام وهذه كلها مفاهيم حقوقية ولكنها لم تكن مطلوبة بنفس المفهوم والتحديد الذي ينتشر الآن في العالم، ولكنها كانت مطالبات ضمن ثقافة ولغة وتحضر المجتمعات، ولكنها في كل عصر وزمان كانت مطالب حقوقية في جوهرها.
إن هذا الكتيب سيعمل على التحدث عن حقوق الإنسان من ناحية تاريخيته والتأصيل له في العالم، والوطن العربي، والإسلام، ومن ثم سيتم الحديث عن أولويات حقوق الإنسان في اليمن من ناحية التنفيذ الصارم للاتفاقيات والبروتوكولات والتوصيات، وتطوير القوانين والتشريعات، والتفعيل الجيد للاستراتيجيات، وتطوير السياسات والإجراءات، والعمل على البناء المؤسسي، وتنمية الشراكات، وتفعيل البحوث والدراسات، وتفعيل حق الحصول على المعلومات، وتوفير الموازنات، وضمان جودة التدريب وبناء القدرات، وتفعيل القياس والرقابة والمتابعة والتوجيه والتقييم، وتعزيز الجودة، وتحقيق الأهداف الوطنية في تعزيزها، وتضمين الثقافة الحقوقية، وتعزيز التعاون مع المؤسسات المانحة، ودعم الأنشطة الجماهيرية، والتعامل الحكيم مع الأزمات، والتفعيل الإيجابي للوسائل الإعلامية، وحماية حقوق الإنسان في الصراعات، وتعزيز الســـلام والتسامح، وتعزيز التنمية، والنساء، والبيئة، والأدب والثقافة، والمجتمع المدني، والطفل، والتعذيب والإيدز، وإن هذا الكتاب يحاول أن يقدم قدر ما يستطيع من أفكار ومعلومات عن أولويات حقوق الإنسان في اليمن والتي يجب البدء بها.
معرفة تاريخ وتطور حقوق الإنسان عالميا
تأتي المعرفة كأحد الأولويات في حقوق الإنسان في اليمن فعدم معرفة تفاصيل حقوق الإنسان وتاريخ تطور ونضال حقوق الإنسان يؤدي إلى عدم الإحساس بقيمة المفهوم وتطبيقاته وتأثيراته الإيجابية على الفرد والمجتمع.
ويجب على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية العمل على أولوية معرفة الجمهور اليمني لتاريخ وتطور حقوق الإنسان بشكل جاد وشمولي ليدرك الجمهور اليمني تطور تلك الحقوق من القبائل البدائية الى الحضارات الكبيرة مرورا بالديانات الوثنية ومن ثم الديانات السماوية حتى الوصول الى الثورات الأوروبية وبعدها الحروب العالمية ونشوء الأمم المتحدة والبدء بتصميم ونشر مئات الاتفاقيات والصكوك والمبادئ و الإعلانات و الدساتير والشرائع الحقوقية والعمل على تكثيف الإيمان بمفاهيم وتطبيقات وتطور وشمول حقوق الإنسان كمساهمة في التطورات العلمية والاجتماعية والثقافية، والوصول بالحقوق الإنسانية إلى التطبيق الكامل في كل العالم.
فهم تاريخ وتطور حقوق الإنسان عربيا
إن فهم الجمهور اليمني لتاريخ وتطور حقوق الإنسان عربيا يعني فيما يعنيه أن يفهم الصعوبات التي عانت منها الحركة الحقوقية في العالم العربي كي يساهم في تذليل تلك الصعوبات وهي كثيرة ومنها الاحتلال والديكتاتورية والتسلط والفساد وغياب الإدارة والحكم الرشيد، والطبقية والطائفية والقبلية، وتدني مستويات التعليم، وإهدار حقوق النساء، والحروب والنهب والتخلّف، والقهر وسلب الإرادة، والظلم، والقمع، والملاحقة والتهديد، والغلبة والإكراه، وغياب تداول السلطة سلميا، وغياب الديمقراطية، ومصادرة الحقوق والحريات، وفرض القوانين والمحاكم الاستثنائية، وعدم تفعيل سيادة القانون، وتخلف الدساتير والقوانين العربية واتساع الفجوة، والقطيعة، والتجزئة وفشل خطط التنمية العربية والتكامل الاقتصادي العربي، وعدم التفاهم بين الحكومات العربية، وتخلف السياسة والاقتصاد والثقافة العربية، وفقدان الأمن، بما في ذلك الأمن الغذائي، والمائي وعنف الأجهزة الأمنية.
ومن الصعوبات التي واكبت حقوق الإنسان في العالم العربي زيادة حدة التناقضات الاجتماعية، وبروز اتجاهات محافظة ومتعصبة، وغلبة الشعارات، ومصادرة السياسة، وبناء أحزاب العسكر، والقضاء على التجارب الأولية لبناء الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وبناء أجهزة قمعية أمنية، وإبعاد الشعب عن المشاركة، وظهور الفساد، وزيادة فقر الشعوب، وتفكك المجتمع العربي وهشاشته وبقاء الانقسامات الطائفية والقبلية والعشائرية وزيادة حدتها، والتناقض بين حاجة البلاد للتنمية وهدر ونهب وتبذير موارد وثروات الشعوب العربية.
ومن الصعوبات التي قللت من ترويج الحقوق الإنسانية عربيا هناك الصراع العربي الإسرائيلي، والصراع العربي العربي، ومحاربة القيم والمبادئ العالمية المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية ومناهضة ومحاربة تنامي الأفكار والقيم والأنشطة الداعمة لتطورها، ومحاربة أي أفكار أو أنشطة على المستويات السياسية والإعلامية والفكرية والفلسفية والمدنية والأكاديمية الداعمة لها، وخلو نظرة الحكومات العربية عند نظرتها لحقوق الإنسان الموضوعية والمنطقية والمؤسسية والمجتمعية.
وحاربت السلطات العربية حقوق الإنسان من خلال الأجهزة البوليسية والمخابراتية، ووضع الأجهزة الأمنية على رأس هرم السلطات، وعدم الاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والإعلامية، والشخصية للأفراد وانتهاك حرمة أسرارهم، ومحاربة التنمية، وفرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية، والقوانين والمحاكم الاستثنائية والتهديد والمطاردة وتكبيل الإبداع والكرامة والتنمية، ومحاربة الحق في التنظيم وخنق مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية، وشيوع القمع والتعذيب والإرهاب والاعتقال والاحتجاز والتصفيات الجسدية، واختفاء السياسيين والمعارضين، وانتهاك الحق في الخصوصية والحرية والحق في الحياة والرأي والتعبير والنشر والتجمع السلمي والحق في الحصول على العلم والثقافة، وحرية اختيار العمل، وتفشي الفساد والرشوة، وتفشي القوانين الاستثنائية والاعتقال والتعذيب الجسدي والنفسي.
إن معرفة الجمهور اليمني بكل تلك الانتهاكات التي تقوم بها حكوماتها ودور كل الأسباب سابقة الذكر في تدني تطبيق مفاهيم حقوق الإنسان سيعمل على مشاركتهم في حل تلك الأسباب ومناهضة تلك الانتهاكات بما قد يزيد من وجودها وتطبيقاتها لصالح الإنسان اليمني.
فهم تاريخ وتطور حقوق الإنسان في الإسلام
يعادي الجمهور اليمني حقوق الإنسان لاعتقاده أنها صناعة غربية رغم أن حجم التشابه بين القيم الإسلامية والمبادئ الحقوقية يكاد يكون كاملا، ومع ذلك قام رجال الدين العرب على مناهضة الحقوق الإنسانية عبر كتاباتهم وفتاويهم دون العمل على ملائمة الحقوق الإنسانية مع الدين الإسلامي مما جعل الشعوب العربية والإسلامية تنفر من مبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان وتشيطنها بالرغم أن مبادئ الدين الإسلامي ومبادئ حقوق الإنسان يتصفان بالشمولية والعدالة والتوازن والدقة والامتداد، بحيث قام العديد من رجال الدين العرب والمسلمين من فقهاء السلطة ممن يدينون بالولاء للحكومات التسلطية بمحاربة مبادئ حقوق الإنسان، وجعلت الدين الإسلامي يخدم تلك الحكومات ولا يصب في صالح المجتمعات، وكل ذلك بسبب وجود القليل من الاختلافات بين الإسلام وحقوق الإنسان كحد السرقة والزنا والحرابة والقذف.
إن الإسلام وحقوق الإنسان يراعيان حقوق الإنسان وحرياته، ويدعمان حمايته من تفشي الظلم والطغيان، والاضطهاد والمعاناة ويدعمان السلوك الجيد ويحفزان على احترام النظام وتطبيق العدل، وبناء المجتمع السليم والسعيد، وكفالة الحريات والحقوق وصيانتها، ويتفقان في حق الحياة، والكرامة والتعليم والصحة والتعبير والعدل، والسلام، والمشاركة، والأمن، والخصوصية، وحرية المعتقد، والمساواة، والحق في حماية الأطفال وتنميتهم، وحقوق الأسرى، والحقوق المالية، والثقافية، والضمان الاجتماعي والحق في التجارة، والكثير من الحقوق في شتى مجالات الحياة.
إن معرفة كل تلك التطابقات سيعمل على زيادة قبول المجتمع اليمني لحقوق الإنسان ومن هنا يأتي دور المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في الترويج لها وجعل مبادئها مقبولة في الشارع اليمني مما يجعلها من أولويات حقوق الإنسان في اليمن.
الفهم المعمق لمفاهيم حقوق الإنسان
إن الإنسان يحارب المجهول، والكثير من الحقوق الإنسانية لا تصل الى الجمهور اليمني وكما يقال " الإنسان عدو ما يجهل" وفي حال أدرك الجمهور اليمني تفاصيل حقوق الإنسان سوف يدرك مدى أهميتها بالنسبة له وسيعمل على حمايتها ومناصرتها والمطالبة بها مما يجعل من أولوية الفهم المعمق لمفاهيم حقوق الإنسان مهمة لتفعيلها والعمل عليها في اليمن.
وهناك الكثير من مبادئ وتعاريف وقيم ومصطلحات وعلوم وفلسفات وأبحاث ودراسات وتقنيات وأسس وفروع وخيارات وموضوعات وأعمال وقوانين وميادين ومعايير وأنظمة وسياسات واستراتيجيات ومجالات وأنظمة وأطروحات وضمانات وزوايا ومفاهيم ومعاني وكفالات وقواميس وأفكار واختصاصات وحالات ومكتسبات وتطورات وحصيلة وتواريخ وأوضاع وفروقات وخصوصيات ومواد وأصعدة واهتمامات ونظريات وميادين واطارات ومراحل وأساسيات وتناولات ترتبط بحقوق الإنسان في أي دولة، وإدراك أي مجتمع لما يتعلق بحقوقه الإنسانية سيجعل من تطبيقها يسيرا وشموليا.
ويجب التأكد من معرفة الجميع أن حقوق الإنسان كونية وغير قابلة للتصرف فيها، وهي لجميع الأشخاص في جميع أرجاء العالم، ولا يمكن لإنسان يملك تلك الحقوق أن يتنازل عنها طوعاً، كما لا يمكن للآخرين أن يسلبوها منهم، وإدراك أن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، سواء كانت تلك الحقوق مدنية، أو حقوق ثقافية، أو اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية، ومعرفة أنها حقوق اصلية مرتبطة وعلى نفس المكانة كحقوق، ومتكاملة، وتستند إلى المساواة وعدم التمييز والمشاركة والاشتمال والمحاسبية وسيادة القانون مما يجعل وجودها في الشارع اليمني أمرا مؤكدا.
فهم دور المؤسسات واللجان في حقوق الإنسان
مثلما تم شيطنة حقوق الإنسان وخصوصا في الدول العربية تم التعامل مع المؤسسات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية والأممية بنفس مستوى الشيطنة والتشويه وبالتالي فإن فهم الجمهور في اليمن لتفاصيل حقوق الإنسان من جهة وكذا فهم دور المؤسسات واللجان في حقوق الإنسان وأهميته سيجعل من الجمهور يساهم في نجاح تلك المؤسسات ويشارك في أنشطتها وفعالياتها والاستفادة منها في محيطه المحلي أو الوطني أو الإقليمي أو الدولي، وأن يعرف الجمهور أن تلك المؤسسات واللجان تعمل على مدار الساعة من أجل حقوقه الإنسانية وحمايتها من الانتهاكات والتمييز والعنف وتدافع عن حقوقه الإنسانية ولا تتعامل معه بسلبية بسبب عقائده أو لونه أو جنسه أو عرقه وتعمل بجهد وحيادية ليحصل على العدالة والحماية.
إن من المهم أن يعرف الجمهور ما المقصود بحقوق الإنسان؟ وكيف يحصل الإنسان عليها؟ وكيف تنتهك؟ وأن يعمل مع تلك المؤسسات واللجان وعبر الهيئات الرسمية وغير الرسمية لضمان حصوله على حقوقه، وأن يساعد تلك المؤسسات واللجان والآليات على التنفيذ والترويج والرقابة والتوثيق والملاحقة والحماية والمتابعة والتوجيهات التي تدعم حصول الجمهور على كافة حقوقه والتأكد من وجود قوانين تضمن حقوق الإنسان، وآلية عملية لتنفيذها وضمانها، ومساعدة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المحلية والوطنية والإقليمية والدولية التي تتابع تنفيذها.
فهم دور الآليات الخاصة بحقوق الإنسان
لا مغزى من فهم تاريخ حقوق الإنسان وعالميته أو إقليمية أو انتهاكاته دون معرفة الآليات الخاصة به وبالتالي من الأولويات المهمة في حقوق الإنسان في اليمن العمل على أن يفهم الجمهور اليمني بشكل عام وشمولي أهمية الآليات الخاصة بحقوق الإنسان وتفصيلاتها وتطبيقاتها.
إن الآليات تضمن تطبيق مواثيق والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، وتنشأ بموجب اتفاقيات معتمدة من الأمم المتحدة، وتعتمد الأداة التنفيذية لتطبيق الاتفاقيات من قبيل إعداد وتقديم التقارير، وتوجيه الشكاوى، وتمكين الأفراد والجماعات من تقديم الشكاوى، وتقديم التوصيات لتعديل القوانين المحلية بما ينسجم بتحقيق أفضل الممارسات في، واستلام التقارير الدورية والسنوية من المؤسسات ذات العلاقة بحقوق الإنسان، ورفع التقارير إلى الأمم واللجان العليا للاتفاقيات، وتتم عبر لجان متخصصة، فنية وعلمية تضم مجموعة من الخبرات المعروفة والمشهود لها بالنزاهة والموضوعية والحياد، و تهدف إلى مراقبة تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، وتقديم توصيات ومقترحات لتفعيلها ووقف الانتهاكات الحقوقية واستقبال الشكاوى بشأنها، ومن هنا تأتي أهمية فهم الجمهور اليمني لدور الآليات الخاصة بحقوق الإنسان والاستفادة منها في رفع المظالم عنهم في حال لم يستطيعوا الحصول عليها في وطنهم ومعرفة ما توفره لهم تلك الآليات من حماية وهذا ما يجعلها من الأولويات التي يجب العمل عليها.
فهم تفاصيل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان
حتى بعد أن يكون هناك ضمانات لفهم الجمهور اليمني كل ما سبق الا أنه قد لا يستطيع الاستفادة منها في حال لم يكن يدرك أو يعرف تفاصيل الاتفاقيات والمبادئ الدولية في حقوق الإنسان ومدى اتساع تلك الصكوك لكافة المجالات الحياتية.
إن على الدولة والمؤسسات اليمنية التأكد من أن كل فرد وجماعة محلية تدرك أن كل اتفاقيات حقوق الإنسان كونية وشاملة وغير تمييزيه، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء، وإنها تضمن أن لا يتعرض أي إنسان للتعذيب و العقوبات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة، وأن لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً وحق كل فرد في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد، وأن يدرك الجميع حقه في حرية التعبير والدين، وحرية إقامة الشعائر، وادراك أهمية التحرر من الاسترقاق والاستعباد، وعدم التعرض للتعذيب وإنصافه قضائياً، وحقه في عدم التدخل التعسفي في حياته أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو حقه في حرية التنقل واللجوء والتمتع بجنسية ما والتزوج وتأسيس أسرة، وحقه في الملكية والاشتراك في الجمعيات أو الجماعات السلمية وفي إدارة بلاده، وتخفيف معاناته من الظلم والفقر والارتقاء به إلى وضع أفضل في المجال السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي والفكري والشعبي والمصيري والاستثماري وعلى مستوى الموارد والثروات، والعمل على فهم الشارع اليمني لحقوقه السياسية والاجتماعية والثقافية والقانونية والقضائية والمدنية والتنظيمية والتشريعية والتنفيذية والشخصية والخصوصية والملكية والاسرية والصحية والتعبيرية والعملية والتعليمية والصحية والمجتمعية والتنموية.