Wed,May 14 ,2025

نحو مؤسسات غير حكومية نشطة وفاعلة – قدرة على التواصل الإيجابي والمثمر
2025-04-25
السادس عشر: قدرة على التواصل الإيجابي والمثمر
في حالة المؤسسة فهي تستثمر الاتصال في إيصال الأهداف الخاصة بها إلى جمهورها وشركائها ومانحيها والإعلام أو بين موظفيها ومكاتبها المختلفة بشكل رسمي أو غير رسمي ويهدف إلى دعل طرفي الاتصال متكاملين بدرجة تسمح بفهم مشترك للرسالة بينهما، وهو ضروري لصنع علاقات مع الآخر، ويقوم بعملية الإبلاغ أو الأخبار و نقل المعلومات والمشاعر والسلوكيات والتصرفات بين طرفيه عبر قناة تواصل محددة توضح طبيعة التفاعلات والاستجابة بينهما للوصول لحل مشترك بينهما تميزه علاقتهما الإنسانية وطبيعة التواصل اللفظي أو غير اللفظي وما هي وسيلة الاتصال المستخدمة بينهما.
ويحتوي الاتصال على مرسل ورسالة ومستقبل وقناة اتصال، وتختلف الرسالة باختلاف المواضيع التي يتم التراسل بشأنها أو المواقف أو الأحداث، وتختلف قناة الاتصال تبعا لاختلاف الرسالة وشكل الرغبة في توصيلها عبر الحديث وجها لوجه أو الاتصال الهاتفي أو المراسلات الالكترونية أو الورقية أو الاتصال المرئي، وتختلف أيضا قناة الاتصال في حال كان المستقبل فرد أو جمهور كبير، وقد تصل الرسالة بشكلها الصحيح لتصبح مفهومة لدى المستقبل، وقد تصل بشكل خاطئ فلا يتم فهمها أو تقبلها وهذا يحدد مدى نجاح أو فشل الرسالة في الوصول ونجاح عملية الاتصال أو فشلها بالنتيجة، وقد تصل الرسالة ناقصة أو مشوشة وقد لا تصل للمستقبل، ويمكن للمرسل التأكد من وصولها من عدمه من خلال تلقيه للرد عليها والذي يعطيه المعلومات حول ما إذا كانت رسالته وصلت وتم فهمها بالشكل المناسب أم لا.
تتكون عملية الاتصال من المرسل والذي في حالة المؤسسة يعتبر مرسل المعلومات من العاملين فيها ولديه أهداف محددة من القيام بالاتصال وتقديم الرسالة في شكل مفهوم لتحقيق هدف محدد ويمكن للشخص المستقبل فهمه وفهم الغرض منه.
الجانب الثاني من عملية الاتصال هي الرسالة وتحتوي على الأفكار والمعلومات التي قام المرسل بإرسالها إلى المستقبل، والجانب الثالث وهو وسيلة الاتصال الذي سيحمل الرسالة من المرسل إلى المستقبل عبر الاتصال المباشر بينهما أو عبر الهاتف أو في الاجتماعات أو الرسائل المكتوبة أو عبر الإشارات.
الجانب الثالث هو المستقبل الذي يستلم الرسالة ويفهم ما تحتويه ويتعامل على أساسه مع المستقبل والقيام بالرد عليه بالشكل المناسب.
إن نجاح الرسالة في الوصول يتحقق من خلال عدد من الشروط ومنها تفهم الرسالة وتحقيقها الغاية التي أرسلت لأجلها وارتباطها بالمرسل إليه وطريقة تفهمه لها والرد عليها واستجابته لها ومدى توافق هذه الاستجابة مع الهدف الذي تم تحديده من قبل المرسل، وتحتاج الرسالة الجيدة للنجاح إلى توفر مهارات الاتصال والتواصل من قبل المرسل وقدرته على صياغتها بالشكل المناسب والتي تمكن المستقبل من فهم موقف أو سلوك المرسل والقضية التي تحتويها الرسالة.
وفي الحالات التي يكون فيها المرسل والمستقبل وجها لوجه فهناك العديد من الحركات والإيماءات والتصرفات التي قد تساعد أو تعوق وصول الرسالة كالغضب أو الحزن ونغمة الصوت او تعبيرات الوجه واليدين والكفين وبقية حركات الجسد الأخرى بينهما وكيف يستطيع الطرفين استعمال مشاعرهم في توصيل الرسالة بينهما.
وتنبع العديد من الأهداف من عمليات الاتصال البسيطة والميسرة ومنها اختصار الوقت والجهد، والتبادل السريع للقرارات والمعلومات والأحاسيس وتقصير خطوط الاتصال ونطاق الإشراف، وقرب الإدارات التي تتعامل مع بعضها البعض، وخلق معايير للتفاهم أو التحاور أو التأثير أو التحفيز أو التفاعل بين طرفي التواصل، والذي يفترض أن ينتج عنه اكتساب المعلومات والمهارات والمعارف والسلوكيات والتوجهات المختلفة، وتهدف إلى حاجة الإنسان إلى المعرفة والاكتساب والتعلم والانتماء وتأكيد الذات.
وتنجح العملية التواصلية أو تفشل تبعا لعدد من المعايير والتفاعلات والمتغيرات مثل المرسل ونوعه وجنسه ومركزه الإداري وثقافته وتعليمه ومعارفه وأفكاره والمعلومات التي طرحها في الرسالة ومضمونها والقيم والمواقف والتكوين المعرفي أو الشخصي التي يرغب المرسل بإثارتها لدى المستقبل سواء كان فرد أو جمهور وما يتعلق بالمهارات ورغبة المرسل بتنميتها لدى المستقبل وهو الشخص أو الجهة أو الجمهور ممن قد يكون هناك العديد من المعايير والتفاعلات والمتغيرات لديه أو لديهم مثل مواقفهم تجاه الاخرين وتجاربهم الحياتية وشخصياتهم ومزاجهم وعلاقاتهم الإنسانية بالمرسل كالحب أو الكراهية، الانجذاب أو النفور، اللامبالاة أو الاهتمام، وكذا تلك المعايير التي تتعلق بالإرسال نفسه كأن يكون تم بشكل عرضي أو استهلاكي أو يعمل على إحداث أثر.
وتخضع العملية التواصلية للعديد من الشروط ومنها الاشتراك في اللغة وحالة التلقي، وطريقة التواصل بين المرسل والمستقبل إن كان بصريا أو سمعيا أو حركيا أو عبر التواصل الغير لفظي والمسافة التي تبعد بين المرسل والمستقبل وكذا المكان الذي يجلس فيه كلا منهم والموقع الذي يتم فيه التواصل والشروط الخاصة بالجانب النفسي أو الوجداني أو الحافز من القيام بعملية التواصل والحركات التي يقوم بها المرسل أو المستقبل مثل حركات الانتباه أو الرفض أو الكبرياء أو الاحتقار أو الانكماش أو الخوف أو الاكتئاب أو الحزن أو تعابير الوجه وغير ذلك من المشاعر الإنسانية التي تعطي معلومات حول عملية التواصل ومدى نجاحها أو فشلها.
وتحتاج العملية الاتصالية في المؤسسة لضمان نجاحها بناء قدرات الفريق العامل فيها على مهارات الحديث والاهتمام بمحتواه ومضمونه، وإدراكهم للفروق الفردية بين الأشخاص واختيار الوقت المناسب ومعرفة أثر الحديث على الآخرين، وهذا بالنسبة للأحاديث بين الأشخاص أما بالنسبة للاتصال المكتوب فمن المهم للمؤسسة العمل على بناء قدرات فريقها في مهارات الكتابة الإدارية والموضوعية والدقيقة والتي تخلو من الأخطاء الاملائية واللغوية، وكذا مهارات القراءة والفهم ومهارات الإنصات والتفكير واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.
ومن ناحية السياسات يمكن للمؤسسة العمل على تطوير أنظمة عملية الاتصال لدى المرسل أو المستقبل في المؤسسة وشكل الاتصال بينهما من أعلى إلى أسفل أو من أسفل إلى أعلى أو بشكل أفقي، والعمل على تطوير أنظمة حفظ المعلومات وأمانها والتعامل بطريقة المشاركة بين الموظفين وتشجيعهم على المشاركة في عرض أفكارهم وآرائهم، وأن تقوم ببعض الأنشطة التي تدعم الثقة بين العاملين بعضهم ببعض وبين العاملين والإدارات العليا في المؤسسة وبين العاملين والجمهور، والعمل على تشجيع العاملين على التخلي عن الاتجاهات والأفكار السلبية أو صناعة بيئة سلبية في محيط العمل ومساعدة الموظفين في مشاكلهم النفسية إن وجدت.
ومن المهارات التي تساعد على وصول الرسالة بشكل جيد مهارة الاستماع الفعال والإصغاء للمرسل وتشجيعه على الاستمرار في الحديث، وقدرته على استخدام كلمات وأصوات حسب الموقف وتلخيص وإعادة الأفكار بعبارات محددة والرغبة في الاستيضاح في حال عدم فهم بعض مكونات الرسالة وطرح الأسئلة التي تضمن وصول الرسالة بأفضل شكل ممكن وتقدير أفكار المرسل وتقدير المرسل نفسه على مشاركته تلك الأفكار والقضايا التي احتوتها الرسالة الخاصة به مما يدعم بناء الثقة بين طرفي الاتصال والقبول بآراء المتحدث وحقه في التعبير عن نفسه وأن هناك من يستمع له ويعطيه فرصة التفريغ النفسي والمساهمة في منع الكثير من المشاكل من النشوب نتيجة سوء فهم الرسالة ورغبات المرسل لها، وهذا ما يتم عبر الأسئلة المفتوحة والهادفة إلى جمع المعلومات حول الرسالة التي يرغب بإرسالها إلى المتلقي عما يدور في عقله وتلخيص الحديث للوصول إلى فهم مشترك وتصحيح أي فهم خاطئ للرسالة.
وهناك العديد من المعوقات التي قد تدفع إلى فشل التواصل بين المرسل والمستقبل ومنها استخدام المرسل لكلمات غير واضحة أو تحمل أكثر من معنى أو تغيير محتوى الرسالة مما يؤثر على المعلومات المنقولة أو اختيار بعض أفكار الرسالة وتجاهل البعض الاخر لتصل منقوصة أو بسبب احتفاظ المرسل بالمعلومات المهمة لنفسه أو فقدانها لقيمتها أو بسبب اختلاف المهارات بين المرسل والمستقبل أو وجود وجهات نظر ضيقة ومتبادلة بينهما أو أن يعيب أحدهما أو كلاهما التحيز والتحامل والخوف، أو أن الزمان والمكان غير مناسبين لتبادل عملية الاتصال بينهما، أو أن الرسالة المتبادلة بينهما تعتمد على أخبار كاذبة أو معلومات مظللة، ومعوقات ترتبط بعدم ملائمة القناة للرسالة وعدم وضوحها، وانتقاء المستقبل للمعلومات في الرسالة بالشكل الذي يتوافق مع رغباته أو عدم قدرته على استيعاب الرسالة أو كانت لديه أحكام وقناعات مسبقة عن المرسل أو حتى أن يكون غير متفرغ لتلقي الرسالة وغير منتبه لها، ومعوقات مؤسسية تؤثر سلبيا في وصول الرسالة ما بين المرسل والمستقبل من حيث عدم وضوح السياسات والإجراءات الخاصة بها والتي تحدد الصلاحيات والمسئوليات بينهما وإمكانيات وجود وسطاء وتعدد القنوات الاتصالية بين المرسل والمستقبل.
وهناك معوقات تتعلق بـ التسرع بالحكم على المرسل والرسالة، واستخدام المرسل لعبارات تدفع الآخرين إلى المقاومة والدفاع وتشيع جو التوتر وتعيق عملية التواصل الإيجابي وشيوع سلوكيات المقاطعات والغضب والاستفسارات وعدم ترك فرصة الحديث والرد وشيوع الاستدراج والتأمري والسلبية والتهكم والسخرية والردود السلبية والمجادلة والتركيز على الأخطاء والانشغال بأعمال غير ذات أهمية عند الحديث، والتحدث بشكل مكثف أو الضحك والسخرية وإهانة أي طرف للأخر وشيوع عدوى القلق والانفعال والجدل والاضطراب وعد الارتياح أو تجريح طرفي الاتصال بعضهم لبعض.
ويمكن ذكر بعض المعيقات مثل عدم ملائمة قناة الاتصال أو تشويشها أو أن الخط غير واضح أو أن التسجيل مشوش أو الصورة غير واضحة، أو أن التواصل بطيء أو معقد أو مكرر أو متباعد، ومن الممكن أن يكون المعيق بسبب اختلاف اللغة أو الآراء أو المعتقدات أو الثقافات أو العمر أو الجنس، ومن الممكن أن يكون بسبب بعض العيوب النفسية مثل التعالي والكبرياء والانعزالية والانطواء والخوف والتشبث بالرأي وغير ذلك من المعيقات التي تفشل العملية التواصلية بين المرسل والمستقبل.
وهناك عوامل تساعد في نجاح العملية الاتصالية ومنها الإنصات والاهتمام برسائل المرسل لفهم مضمون الرسالة وتفهم ما يرغب المرسل بتوصيله وتساعد في تفادي الحكم على المرسل بأحكام سلبية وتساعد في فهم قنوات الاتصال والقدرة على التعامل معها للرد، والتعرف بشكل جيد على المرسل والمستقبل من ناحية العمر والجنس والأفكار والخلفية الثقافية والمجتمعية ولغته وطريقته في التواصل وخصائصه الاجتماعية والاقتصادية وربما معرفة أسلوب حياة المرسل أو المستقبل والتقاليد والقيم والعادات والمعتقدات والسلوكيات والاتجاهات والمعارف التي يمتلكها كلا منهم، وفي حالات الاتصال الفعال والثري والمستمر يمكن معرفة الوضعية المالية لهما وتسهم في انتقال الرسالة بينهما بشكل سلس وفعال وبدون خلل بحيث تحقق الهدف منها.