Wed,May 14 ,2025

نحو مؤسسات غير حكومية نشطة وفاعلة – القدرة على الحفاظ على الموظفين
2025-04-25
تاسعا: القدرة على الحفاظ على الموظفين
تعد عملية التوظيف من أهم العمليات التي تقوم بها المؤسسات وخصوصا بالنسبة للموارد البشرية، وفي ظل التنافس الشديد على الوظائف من قبل المتقدمين والحاجة إلى الخبرات الجيدة وأصحاب المهارات المميزة والتي تستطيع من خلالهم تقديم أعمالها في المجتمع بشكل جيد وإيجابي ومؤثر.
ويجب على المؤسسة العمل بحذر مع عمليات التوظيف والتعامل بإيجابية وبشكل جيد مع موظفيها للحفاظ عليهم ضمن محيطها العمل وهذا يحتاج سياسات توظيف فعالة واستراتيجيات للاحتفاظ بالموظفين، والعمل على تحديد احتياجاتها بدقة من الموارد البشرية والبحث عن المرشحين المؤهلين للعمل فيها وتوظيفهم عبر الإعلانات وتلقي السير الذاتية للمتقدمين وترشيحهم والمفاضلة بينهم لحين الوصول للمرشح الجيد لها، وتوظيفه مع مشاركة الموارد البشرية أقسام أخرى ترى لها الحق في التدخل في التوظيف كالقسم الذي سيقوم المرشح بالعمل فيه كالمالية أو إدارة المشاريع وغيرها من الأقسام الوظيفية فيها, ومن المهم للمؤسسة الراغبة بالتوظيف العمل على أن يكون لديها دليل عملي داخلي يوثق عمليات التوظيف وخطواتها وتطوير التوصيف الوظيفي لأي عمل فيها، ونوعية الإجراءات التي يجب القيام بها منذ إعلان الوظيفية حتى طرق مقابلات المرشحين وما هي العروض المقبولة في المؤسسة وتحديد الاحتياجات الوظيفية في العمل المراد شغله وتحديد ما هي سياسات النزاهة والشفافية في التعامل مع المرشحين وتشجيع الموظفين والمدراء على البحث بشكل مستمر وجاد على أصحاب الخبرات والمهارات وتشجيعهم على التقديم للوظائف المتاحة مع الحذر من التوظيف الزائد عن الحاجة بما يثقل كاهل ميزانيات المؤسسة.
إن على المؤسسة تطوير الوصف الوظيفي لكل الأعمال التي يتم الإعلان عنها وتحديد المسئوليات والمهام والكفاءات والمهارات ومستوى التعليم والخبرات المطلوبة والأعمال التي قام بها في السابق وما هي المؤسسات أو المؤسسات التي عمل لديها وفي أي منصب كان يشغله هناك، والاهتمام بطرح معلومات الاتصال التي يمكن للمتقدم استخدامها للوصول إلى المؤسسة وإيصال المستندات الخاصة به للتقديم ووضع المتطلبات والمعلومات والمعايير والشروط اللازمة للتقدم للوظيفة فالوصف الوظيفي الجيد والمتكامل والمتميز بأوصاف وظيفية واضحة مهم للغاية في شغر الوظيفة المتاحة لأنه يحدد متطلبات الوظيفة الرئيسية وواجباتها ومسؤولياتها ومهاراتها ومؤهلاتها المطلوبة، ويوفر الوضوح للمرشحين من خلال المسؤولية التي يحملونها في العمل، وتوجيههم حول أدوارهم ومسئولياتهم والنتائج المتوقعة منهم, ويجب التأكد من مشاركة الموظفين الذين سيعملون مع المرشح في تطويره والاستعانة بإدارة القسم الذي يحتاج المرشح في تحديد المرشح المناسب بحسب اختصاصهم والاختصاص المطلوب من المرشح نفسه، ولماذا هذه الوظيفة مطلوبة منهم وما فائدتها للقسم صاحب الطلب وما فائدتها للمؤسسة نفسها، وهل هي بدوام كامل أو جزئي، وما هي المهارات والخبرات المطلوبة من المرشح وما هو عنوان الوظيفة المتاحة ووصفها وغرضها وأهدافها ومهامها وكم مدة العمل فيها ومسؤولياتها وواجباتها وموقعها وشروطها ونوعها ونوع العقد الخاص بها والإدارة التي تنتمي إليها ومن مسئولها وما هي المؤهلات العلمية والأكاديمية والتدريبية المطلوبة من المرشح لها حتى يكون كل من يقرأ عن الوظيفة في أي موقع يعلن عنها على بينة من كل شيء يتعلق بالوظيفة ليدرك قدرته على التقديم لها.
ويعتبر الإعلان عن الوظيفة من الأعمال المهمة للترويج عن الوظيفة ضمن معايير تنافسية وشفافة وبالتالي يجب استعمال الطرق المتاحة للإعلان عن الوظيفة للوصول إلى أكبر عدد من المهتمين وأصحاب الخبرات والمهارات من خلال شركات التوظيف، وموقعه المؤسسة على الانترنت، والصحف والمجلات اليومية والأسبوعية المحلية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر النشرات والصحف والمنصات المتوفرة سواء كانت منصات إخبارية أو تدريبية أو معرفية أو المواقع المتخصصة بإعلانات التوظيف والوظائف المتاحة لدى المؤسسات.
في المرحلة التالية من الإعلان وحصول المؤسسة على عدد من المتقدمين يمكن العمل على وضع المعايير الخاصة بالعاملين في المؤسسة وخصوصا أولئك القائمين على فحص أوراق المتقدمين ووضع القائمة الطويلة ومن ثم وضع القائمة القصيرة لحين الوصول لأفضل المرشحين المحتملين وتحديدهم للمرشحين المناسبين والقيام بفحصها للوصول إلى المرشحين الأقوى ممن سيحضرون إلى المؤسسة لعمل الاختبار التحريري في حال تواجده ومن ثم تقليص العدد أكثر للوصول إلى الأشخاص الذي سيتم إجراء مقابلات معهم، وهي المرحلة التي تتم عبر إجراء مقابلات شخصية مع المتقدمين في حال تواجدهم في نفس المنطقة التي تعمل فيها المؤسسة أو يمكن عمل المقابلات معهم عبر الهاتف أو عبر الانترنت في حال كانوا في منطقة أخرى بعيدة أو دولة أخرى أو لأسباب صحية كما هو الحال عند انتشار فيروس كورونا.
إن من المهم عند الإعلان عن الوظيفة التفكير في توقيت الإعلان والمكان المناسب له وتضمين المعلومات الكاملة حول الوظيفة والمؤسسة والمسؤوليات والواجبات الخاصة بالوظيفة ومعلومات الاتصال للمتقدمين بما في ذلك خطوات التقديم والمتطلبات والموعد النهائي للتقديم، ويمكن لمن يقوم بتطوير الإعلان طلب تقديم ملاحظات من القسم الراغب بالموظف ويحتاجه للتأكد من وضوح وسهولة فهم المعلومات في الإعلان وتحديد الأماكن التي سيتم الإعلان فيها مع الاستجابة السريعة لأي اتصال يحتاج مزيد من المعلومات حول الوظيفية و التقيد بسياسات المؤسسة والبلد الذي تعمل فيه في قوانين العمل.
ومع بدء وصول الطلبات لشغل الوظيفة من المهم للمؤسسة العمل على تجهيز فرق متخصص في الاختيار والمقابلات ووضع القوائم الطويلة والقصيرة للمرشحين بحسب الإعلان وسياسات المؤسسة وإتباع الإرشادات الخاصة بالتوظيف والعمل مع الفريق لتقييم المرشحين وتحديد أدوارهم ومسئولياتهم وحدودهم وضمان عدم تضارب المصالح بالنسبة لهم في عملية الاختيار ليقوموا بفلترة الطلبات وفرزها وتحديد المقبولين بشكل أولي للعمل من خلال درجات تقييم مستوى تطابق المرشحين مع معايير التوظيف بناء على خبراتهم و مهاراتهم وتعليمهم وتلبيتهم للحد الأدنى من متطلبات الوظيفة، ومن ثم طلب نماذج امتحانات من القسم الراغب بالوظيفة وخصوصا اذا كان الامتحان تخصصي في مجال لا يدخل في مهارات العاملين في الموارد البشرية أو إدارة المؤسسة والقيام بالاختبارات للمرشحين ومن ثم وضع قائمة مختصرة للمختارين للمقابلات مع أهمية تخزين وتسمية الطلبات جميعا في حال احتياج إحداها في المستقبل.
ومن المهم عند إجراء المقابلات العمل على تجهيز لجنة المقابلة، ومراجعة الوثائق الخاصة بالمقابلة وتحديد الأدوار الخاصة بكل عضو في اللجنة، وصياغة أسئلة المقابلة، وتحديد ما تريد من المقابلات وفهم كل عضو في اللجنة ومساهمته في تحقيق اللازم من المقابلة، وتحديد وقت زمني محدد لكل مقابلة حتى لا ينتظر المرشحين الآخرين بسبب طول المقابلات السابقة ولكي يتم التنسيق مع كل مرشح بالزمن المناسب له بالضبط ليكون متوفرا بشكل شخصي أو على الهاتف أو على الإنترنت والتأكد من أن الاختبار أو المقابلة لا يعطي أمالا كبيرة للمتقدمين للحصول على العمل حتى لا يصبحوا خصوما للمؤسسة في حال عدم حصولهم على الوظيفة.
إن كل ما سبق لا يعني ألا يكون هناك خلال المقابلة وعود أكيدة بالتوظيف للمتقدم الا في حال كان هناك اتفاق عليه من قبل من قاموا بالمقابلة مسبقا، ومع الاتفاق مع الشخص على الوظيفة يمكن حينئذ الطلب منه بإعطاء المراجع الخاصة به من الشخصيات أو المؤسسات التي عمل لديها في السابق والنسخ الخاصة بـ شهاداته وخبراته في السابق.
ومن المهم عند المقابلة أن يكون المكان الخاص بها مناسب والاضاءة أيضا، وأن يكون نمط طرح الأسئلة بشكل مريح وهادي وغير هجومي أو يتوقع منه استثارة المرشح وتشتت تركيزه، وأن يكون التركيز على المرشح وإعطائه الوقت للإجابة على كل سؤال والإنصات له وتقديم الفرصة للمرشح للتحدث عن مهاراته وخبراته ونفسه وشخصيته وطريقته في العمل بشكل سلس والسماح له أن يقدم الصفات الإيجابية التي يمتلكها، والنجاحات التي حققها في السابق والحديث عن جوانب القصور التي يعاني منها بشكل مريح، وأن لا يكون أحد أعضاء اللجنة أو كلها متعب أو غاضب أو متعكر المزاج عند المقابلة، وأن لا يتم إصدار أي أحكام بشكل صريح أو بالإشارة بين اللجنة حول المرشح لأنه قد يفسرها بطريقة غير ما هي متفق عليها في اللجنة، وأن يكون غرض المقابلة التركيز على المرشح وكيف يتحدث ويتصرف ويشرح مهاراته وخبراته للوصول لفهم أسلوب عمله وشخصيته والتي لا توجد في الملف الخاص به.
من جانب أخر على من يقوم بعمل المقابلة من أعضاء اللجنة أو الموارد البشرية الحذر من الخبرات المهنية المشبوهة كطرح خبرات عملية لدى مؤسسات غير معروفة أو خبرات عملية لدى مؤسسات تعليمية غير معروفة أو غير معتمدة ويمكن لهم ذلك بوضع أسئلة تركز على المسئوليات التي قام بها المرشح في المؤسسات السابقة وتقديم تفاصيل عنها أو البحث عن المؤسسات التعليمية التي حصل منها على شهاداته والتأكد من وجودها وجودتها ومدى استمرارية المرشح في كل عمل من الاعمال السابقة وهل كان يظل مدة طويلة أو أوقات قصيرة وما هي أسباب خروجه في أوقات قصيرة من تلك المؤسسات وهل هو الملل من قبل المرشح أم بسبب وجود مشاكل سابقة بينه وبين المؤسسات أو المؤسسات السابقة أو زملائهم السابقين أو سلوكياتهم العملية والأخلاقية في أعمالهم السابقة وما هي أسباب خروجه من هناك والحذر من الوقوع في المبالغات التي يقوم بها المرشحين لإبهار اللجنة الخاصة بالتوظيف بمهارات ربما لا تكون لديهم في الحقيقة، وأن يتنبه القائم بالمقابلة إلى لغة المرشح وطلاقته وتوقيت وصوله إلى المقابلة وطريقه حديثه مع كل شخص في المقابلة وإذا كان هناك أخطاء لغوية أو إملائية في طلب التقديم الخاص به فهذا يعطي مجموعة من التفاصيل التي قد لا ينتبه لها المرشح وهو يقوم بها ولكنها تقدم معلومات غنية عن شخصيته وخبراته ومهاراته.
ومع الانتهاء من كل الأعمال السابقة يتم إرسال العرض الخاص بالمرشح والذي يتضمن الراتب والمزايا المادية والمعنوية وشروط العمل وساعاته، وفي حال قبول العمل يتم تجهيز العقود وتوقيعها، وأما في حال رفض المرشح للعرض فيمكن التفاوض معه حول أسباب الرفض و قدرة المؤسسة على تلبية طلباته للوصول إلى الاتفاق أما في حال عدم قدرتها فهناك الاختيار الثاني من قائمة المرغوبين لشغل الوظيفة، وذلك مع أهمية إعطاء الموظف الفرصة لترك العمل السابق في حال ما يزال فيه والالتحاق بالعمل الجديد في المؤسسة وأيضا الاهتمام بتعريف الموظف مع أول أيام العمل الخاصة به بمعايير وشروط مشاريع وسياسات المؤسسة وأن يكون على إطلاع على أعمال كل الأقسام في المؤسسة من خلال التنسيق لزيارات الموظف الجديد لمكاتب الأقسام والاطلاع عليها والتعرف على موظفيها، فهذا يعزز كثيرا من علاقاته داخل المؤسسة مما يسهل عليه القيام بواجباته.
إن دخول المرشح دائرة العمل في المؤسسة لا يعني الحصول عليه بشكل نهائي وضمان ولائه بغض النظر عن سياساتها وإجراءاتها مع الموظفين وبالتالي يجب على المؤسسة العمل على تكوين سياسات وممارسات للاحتفاظ بالموظفين فيها وخصوصا أولئك ذوي المهارات والخبرات المتميزة، ويمكن ذلك من خلال السياسات والمزايا والمكافآت والتقدير مما يجعل من المؤسسة قادرة على الاحتفاظ بموظفيها.
ويمكن للمؤسسة معرفة مدى قدرتها على الاحتفاظ بموظفيها من خلال دراسة متوسط سنوات العمل لهم في المؤسسة ومعدل دخول وخروج الموظفين منها، وهل بيئة العمل في المؤسسة صحية ومحفزة لهم، وعلى المؤسسة أن تدرك مدى قدرتها على منافسة المؤسسات الأخرى من نواحي الراتب والمزايا الأخرى، وتحفيز مشاركة الموظفين في الإدارة وتوفير الأمان الوظيفي والمالي لهم بالإضافة إلى مزايا التأمين الصحي والتدريب والتأهيل وبناء القدرات لهم، وكيف توفر لهم فرص النمو والتعلم والتقدم في العمل وتعزيز خيارات العمل والتوظيف الداخلية لهم والاعتراف بأعمالهم وإنجازاتهم ونجاحاتهم، وتلبيتها لاحتياجات وتوقعات الموظفين ورضاهم عن إدارتها ووضع استراتيجية للحفاظ على الموظفين فيها وتعزيز ثقافة الموظفين والمؤسسة الإيجابية وحل المشاكل بشكل إيجابي وسريع وعادل.
إن الإدارة الجيدة للموظفين في المؤسسة تعني تقديم المساعدة لهم عند احتياجهم لها والاستعانة بقدراتهم وإمكانياتهم لتسيير العمل بشكل جيد وضمان توظيفهم في وقت مناسب وأن يكون كل شخص منهم في مكانه المناسب ويخدم استراتيجيات عمل واضحة مع أهمية حصولهم على التدريب والدعم وضمان عملهم ضمن سياسات وإجراءات مكتوبة وموثقة وواضحة وعادلة وشمولية ومنسقة ومتسقة و منصفة وشفافة وعدم تمييزيه و تحترم الثقافة المحلية ذات الصلة وتطبق قوانين المؤسسة والدولة الذي تعمل بها، وأن يعمل جميع الموظفين ضمن تسلسل وظيفي واضح وأهداف عمل ومعايير واضحة تترجم التوصيف الوظيفي لكل موظف بدقة مع تعزيز أساليب ووسائل وأشكال الاتصال والمشاركة فيما بينهم البين وبينهم وبين الإدارات العليا وأن يعملوا ضمن مدونات سلوك تضمن جودة علاقاتهم الإنسانية والوظيفية وأن يكونوا على علم بها وعواقب عدم تطبيقها والتحفيز والتوجيه لهم في جميع أعمالهم وتصميم برامج بناء القدرات لهم في أعمالهم مع أهمية ضمان أمنهم وصحتهم وسلامتهم وتلبية احتياجاتهم وكل ذلك ضمن خطط وإجراءات وسياسات وعمليات واضحة وسهلة الفهم والتطبيق.