تقوم مؤسسات المجتمع المدني على أساس أنها مستقلة عن المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، وتهدف إلى صالح المجتمع في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإبداعية وغيرها من القضايا التي ترتبط بفئات المجتمع كافة من النساء والرجال وكبار السن والمعاقين والعمال والشباب والأطفال وتستهدف الفئات التي ترتبط بأعمال معينة مثل النشطاء والإعلاميين والنقابيين والسياسيين والفقهاء وغيرهم من فئات المجتمع كافة سواء كانت طرق التعامل بسبب من فئاتهم العمرية والجنسية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية أو بسبب من أعمالهم وأنشطتهم وتخصصاتهم في مجتمعهم المحلي.

وترتبط مؤسسات المجتمع المدني في أعمالها ليس فقط على العمل لأجل المجتمع ولكن أيضا العمل مع الحكومات لمناصرة السياسات الإيجابية في كافة القطاعات الحكومية أو الدفاع عن بعض القضايا التي ترتبط بأفراد أو جماعات أو مؤسسات تتعرض للظلم أو الاقصاء ضمن أنشطة مستقلة وتركز على الصالح العام لمستفيديها أو من تستهدفهم بشكل عام.

إن استقلال مؤسسات المجتمع المدني عن المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص يجعلها قابلة تعمل على رصد العمل الحكومي في كافة القطاعات ونقد تلك الأعمال ومناصرة تحسينها والعمل على حل النزاعات ما بين المجتمعات بعضها ببعض أو ما بين الحكومات والأفراد أو المؤسسات الاجتماعية أو الجماعات المجتمعية.

وتعتبر مؤسسات المجتمع المدني في أي دولة جزء من حركة مدنية عالمية، و تعمل على الكثير من القضايا الدولية والإقليمية والمحلية، وتتنوع مؤسسات المجتمع المدني في أي مجتمع بحسب اهتماماتها ونوعية القضايا التي تعمل عليها وحجمها ونطاقات عملها والفئات البشرية التي تستهدفها، والمناطق الجغرافية التي تستهدفها والمشاكل التي تعمل على حلها.

ويتطلب العمل في مؤسسات المجتمع المدني الكثير من المهارات والموارد والعلاقات والقدرة على التخطيط وتصميم السيناريوهات والاستراتيجيات وفهم طبيعة عمل تلك المؤسسات ومخاطر تلك الأعمال والقدرة على حلها والرغبة بالاستمرارية في العمل والتخطيط للاستدامة فيه مع أهمية العمل مع المجتمعات المحلية والمؤسسات غير الحكومية الأخرى في المجتمع ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية بشكل كامل لكي تستطيع الحفاظ على شرعيتها وقانونيتها وفعاليتها وجودة خدماتها وفعالية برامجها وأنشطتها ومشاريعها بحيث تخدم مستهدفيها بشكل لائق وبجودة عالية وصناعة تاريخ من النجاح والفعالية والاستدامة واحترام المجتمعات ومؤسسات الدولة بشكل عام.

عبر التاريخ نشأت الكثير من مؤسسات المجتمع المدني ولو بشكلها البدائي في المجتمعات والتي كانت تعمل لأجل العمل الاجتماعي والخيري والديني لتتطور تلك المؤسسات في الوقت الحالي لتصبح نشطة في العديد من القضايا الثقافية والابداعية والحقوقية والتنموية والقانونية والاجتماعية والمدنية والسياسية والاقتصادية وأصبح لها يد في تطوير العديد من تفاصيل تلك القضايا وجعلها موجودة في تفاصيل معينة الإنسان ضمن مجتمعها المحلي.

ويركز المقال على الإجابة على سؤال عن كيفية صناعة مؤسسة مجتمع مدني جيدة ومؤثرة والإجابة عن ماهية المجتمع المدني من ناحية تعريفة ومتطلبات إنشاء مؤسسة مجتمع مدني وما هي أهدافها، و أنواعها وسماتها وأنشطتها وأجيالها وأسباب الاهتمام بها بالإضافة إلى التركيز على البيئة المحيطة بها وآليات عملها والتحديات والمشاكل التي تواجهها بالإضافة إلى الحديث حول عوامل نجاحها، والتركيز على شرح العوامل التي تدعم وجود مؤسسة غير حكومية جيدة ومؤثرة مثل قانونيتها وشرعيتها وأهمية وجود مهمة ورؤية ورسالة وقيم وأهداف لكل مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني.

وسيتم التركيز على عدد متزايد من العوامل التي تدعم وجود مؤسسة غير حكومية جيدة ومؤثرة من قبيل الحديث عن أهمية وجود القيادة الملتزمة ومجلس إدارة قوي وفاعل وأن تملك المؤسسة القدرة على تحديد قضاياها الرئيسية والتخطيط الجيد لها وامتلاك المؤسسة لإدارة ناجحة وسهلة وتفاعلية وتشاركية ومتخصصة وفاعلة وواضحة وديمقراطية وقادرة على التوجيه المناسب، والسيطرة على جميع أنشطتها وقدرتها على حل المشكلات واتخاذ القرارات ومشاركة المهارات والمعلومات والقدرة على التشجيع والتحفيز والتفويض وامتلاك استراتيجيات ناجحة في الدعاية والوصول إلى الجمهور والمستهدف وجب وإدارة المتطوعين وبناء الثقة في المجتمع التي تعمل فيه والعمل على تحقيق مشاركة مجتمعها المحلي وتمكينه بالإضافة إلى قدرتها على تنمية مصادر الدخل الخاصة بها وتنمية مصادر تمويلها وقدرتها على جلب تلك التمويلات وقدرتها على تصميم خطط لمشاريعها وكتابة مقترحات ناجحة لها.

وفي موضوع التمويلات سيتم الحديث حول بعض العوامل الإضافية والتي تدعم بشكل كبير وجود مؤسسة غير حكومية جيده ومؤثرة من قبيل وجود إدارة مالية محترفة، والقدرة على وضع موازنات جيدة، ووجود تحديد دقيق للأدوار والمسئوليات المالية، والاحتراف في المعاملات المالية وحفظ السجلات، والقدرة على كتابة تقارير جيدة وشمولية ودقيقة، والقدرة على إدارة المعلومات، وقابليتها للمساءلة، والقدرة على المتابعة والتقییم، والقدرة على إدارة المشاريع وتحقيق النتائج، والاحتراف في تصميم العمليات وبرمجتها، والعمل على بناء القدرات البشرية والمؤسسية والمالية، والقدرة على التسليم والانتقال والانهاء.

من جانب أخر سيتم الحديث عن مؤسسة المجتمع المدني الراغبة في أن تكون جيدة ومؤثرة في مجتمعها العمل على أن تكون ممتازة في المواضيع المتعلقة بالعلاقات العامة وخصوصا في علاقتها مع الإعلام، وأن تكون لديها علاقات إيجابية متنامية مع أصحاب المصلحة، وفاعلة في إنجاح التنسيق الجماعي، وتنسيق الجهود، وتطوير الشراكات، والتواصل الإيجابي والمثمر، والقدرة على تنمية العمل الجماعي وكسب التأييد وأن تكون لديها خطط لتسهيل وتفعيل أنشطة المشاركة لتحقيق مشاركة الناس و فهم تصرفاتهم، مع أهمية أن تكون ناجحة في تكوين التحالفات والشبكات، و منفتحة على المشورة مع الجميع من محيطها الاجتماعي.

وسيتم الحديث ضمن الكتيب على بعض العوامل التي يمكنها أن تساعد المؤسسة الغير حكومية في بيئتها الداخلية على أن تصبح مؤسسة ناجحة ومؤثرة من قبيل أن تكون ناجحة في إدارة الاجتماعات، وذات خبرة في تنظيم وإدارة ورش العمل، وتملك القدرة على التفاوض، ولديها برامج وخطط لبناء القدرات، وتتمتع بوجود الخبرة والشفافية، وتتبع قواعد الحكم الرشيد، ولديها خطط لضمان الاستدامة والنجاح في العمل والتشبيك والشراكات لما يعود عليها بالنفع كمؤسسة وعلى مستفيديها في المجتمع ككل.