Tue,May 13 ,2025

التدخلات الإنسانية القائمة على الإدارة - تصميم وبرمجة المشاريع

2025-04-25


إن أهم هذه الأدوات هي تصميم وكتابة المشاريع وبرمجتها بالشكل الملائم، والذي يضمن لها النجاح والتأثير الإيجابي لدى السكان المتضررين من الصراع، وبالتالي فالبرمجة الجيدة هي أول الأدوات التي يمكن للمنظمة غير الحكومية العمل عليها للخروج بخطة استجابة جيدة وإيجابية التأثير، وتهدف البرمجة لتشكيل استجابة جيدة لحالات الطوارئ، وتضمن للمنظمة تحقيق أكبر تأثير إيجابي في محيط المجتمعات المتضررة، وتوفير احتياجات السكان المتضررين.

وتستند البرمجة الجيدة في تفاصيلها على وجود استراتيجية مصممة بشكل جيد، وذات أهداف واضحة، وتوفر الاحتياجات الإنسانية الملحة، ولديها معرفة القدرات والموارد المحلية وطرق استثمارها لصالح السكان المتضررين، وما هي القيمة المضافة التي ستتوفر للمجتمع من تدخل المنظمة الدولية أو المحلية ضمن نشاط الاستجابة الذي تقوم به بحيث يكون ضمن معايير الجودة في الخدمة والتفاعل الإنساني والوصول الحقيقي للمتضررين، ومن المهم أن تضمن المنظمة ألا يخلق عند التنفيذ أثارا سلبية على المجتمعات التي تم التدخل فيها، وتتطلب القدرة والخبرة الفنية وإدارة البرامج السليمة والدعم التشغيلي الكافي، وتلبيتها للمعايير الفنية في كل قطاعات العمل الإنساني، وتضم البرمجة الجيدة للتدخل الإنساني العمل على التالي:

1.             معرفة الاحتياجات الإنسانية في المجتمع المتضرر.

2.             قدرة المنظمة أو مجموعة المنظمات العاملة على توفير هذه الاحتياجات.

3.             توفير المعلومات حول الوضع الإنساني والأمني.

4.             إمكانيات الوصول للفئات المتضررة، وما الاحتياج الذي يعتبر أولوية للفئات المتضررة في كل مرحلة من مراحل تطور الصراع في المجتمع المتضرر.

وعلى ضوء هذه المعلومات يجب القيام وبسرعة على البرمجة للنشاط الإنساني القائم على هذه الاحتياجات الملحة، ومن سيتدخل؟ وكيف؟ وأين؟ ومتى؟ لكيلا تتضارب الأنشطة في الميدان، وتتكرر لنفس الفئات مع حرمان فئات أخرى متضررة، ومع وجود الخطة الإنسانية للتدخل يبقى القيام بتحديد أدوار ومسئوليات المنظمة في التدخل بالتعاون مع المنظمات الأخرى الشريكة في العمل الإنساني، وأدوار ومسئوليات المكاتب العاملة في المنظمة بحسب تخصصها، ومن المهم الإشارة إلى أن بعض المنظمات لديها تخصص في الأمن الغذائي، والبعض الأخر في النساء أو الأطفال أو غيرها من أوجه التدخلات الإنسانية.

إن تحديد أدوار كل مكتب أو كل برنامج بداخل المنظمة وتدخلاته وتخصصات فريقه ذو أهمية فارقة كأحد نتائج البرمجة الناجحة، وتخصص كل منظمة في مجال واحد في العمل الإنساني يعطي الفرصة لتراكم خبراتها وزيادة تأثيرها الإيجابي ويقدم قيمة مضافة للمنظمات الأخرى وللمنظمة نفسها والمجتمعات المتضررة، والعمل الإنساني مكلف بطبيعته.

ويحتاج الكثير من التمويل والدعم لتغطية احتياجات المجتمعات المتضررة، وأحد أهم أدوات البرمجة الخاصة بالتدخل يستند على:

1.             قدرة المنظمة على تحديد الموارد التي تحتاجها لتلبية تكاليف أنشطتها الإنسانية في المجتمعات المتضررة.

2.             تنويع سلة مانحيها وبرامجها لتستطيع العمل والتأثير الإيجابي في الفئات الإنسانية التي تقوم بدعم سبل الحياة لها، ويحميها من آثار الصراع.

إن المجتمعات المتضررة من الصراع لا تعيش حالة صراع ثابت في العنف أو في السلام بل يتطور الصراع سلبا أو إيجابا حسب الظروف الجغرافية أو السياسية أو الحربية أو الاقتصادية، وهذا يتطلب من المنظمة العاملة في المجال الإنساني التطور بحسب:

1.             التغيرات التي تحيط بالمجتمع الذي تقدم له الخدمة.

2.             تطوير البرمجة الخاصة بـ تدخلاتها، واستراتيجية التدخل التي تقوم بها في المجتمع.

3.             معرفة سيناريوهات تطور الصراع في المجتمع.

4.             وضع الخطط التي تحقق تدخلها الإيجابي في كل سيناريو من السيناريوهات المحتملة.

5.             مدى تلبية هذه السيناريوهات والتدخلات مبادئ العمل الإنساني، والمعايير التي اتفق بشأنها في العمل الإنساني.

إن الحروب تبدأ عنيفة، ومضرة بالمجتمعات، وتخلق أمواج من النازحين، واللاجئين، والأطفال الأيتام، والأرامل، وأشخاص جدد من ذوي الإعاقة، ومع التدخلات الدولية تبدأ الحرب بالضمور حتى تنتهي وهذا يدفع المنظمات حينها إلى الاتجاه لتأهيل المجتمعات للعودة للحالة الطبيعية، ومن ثم عند الوصول إلى السلام بين المتحاربين يتم العمل على برامج إعادة الإعمار، وهذه بطبيعة الحال هي حالات تطور الحروب في المجتمعات عبر الزمن، وفي كل حالة من حالات الحروب يجب على المنظمة:

1.             تطوير رؤيتها، وأعمالها لتصبح جاهزة للعمل في المجتمع المتضرر مثل الإغاثة في بدء الحرب، والتأهيل في أواخرها، وإعادة الإعمار بعد انتهائها.

2.             تحديد المناطق الجغرافية المتضررة، وما هي مستويات الحاجة لدى كل منطقة جغرافية.

3.             تحديد ما هي مستويات الحاجة لدى كل فئة من الفئات المتضررة من الصراع، وتلبية احتياجها بالشراكة مع المنظمات المحلية، والجهات الحكومية، والمنظمات العاملة في تلك المناطق.

إن أسس البرمجة الجيدة وصناعة استراتيجيات تدخل ذات تأثير إيجابي ولا يضر بالمنظمة:

1.             التفكير والعمل على تصميم استراتيجية لتجنب وإدارة المخاطر التي يمكن أن تصيب المنظمة العاملة في المجال الإنساني أو المجتمعات المتضررة.

2.             وضع أنظمة للرصد والتقييم لهذه المخاطر بشكل دوري حتى لا تتعرض المنظمة أو أفرادها للخطر مما يسبب خروجها أو توقفها عن العمل الإنساني، فالبرمجة وصناعة استراتيجيات التدخل في مناطق الصراع المتغيرة باستمرار يجعل من نشاط البرمجة للتدخل الإنساني صعبا ومرهقا بسبب كثرة التعديلات على الخطط والبرامج.

3.             اتخاذ القرارات السريعة بالتعديلات والتغيرات تبعا لحالة الصراع في المجتمعات، والعمل بشكل متسارع على تحليل المعلومات المتغيرة باستمرار في الميدان.

4.             التعامل مع بيئة عمل خطرة على الدوام تحتاج الكثير من الأنشطة اليومية في التصميم وإعادة التصميم، والتحليل، والتقييم، والقيام بعمليات التنفيذ، ورصد المجتمع والمخاطر الموجودة فيه، والمراقبة لأعمال المنظمة، وتقييمها.

5.             الوصول للنجاح في تنفيذ البرنامج الإنساني والتأثير الإيجابي في الفئات المستهدفة.

إن تطوير استراتيجية إنسانية يتطلب الإجابة على كل الأسئلة التي تحتويها في أوقات قياسية لتجيب عن ماهيتها، وهدفها، وحدودها، وتفاصيلها، وسبل تطويرها، ومدى أهميتها، وكيفية تمويلها، وتنفيذها، وتحليلها، ومراقبتها، وتقييمها، وضمان نجاحها، وكذا وجود مبادئ تحدد نجاحها في التأثير الإيجابي لدى المستفيدين، ومن المبادئ الرئيسية لأي برمجة:

1.             تعزيز التمكين للمجتمعات المتضررة لتستطيع عند خروج المنظمة العيش باستقلالية وسلام وتنمية.

2.             إشراك المجتمع في تصميم، وتنفيذ، ورصد، وتقييم برنامج الاستجابة.

3.             اعتماد العمل مع الشركاء المحليين وبناء قدراتهم ليواصلوا العمل على البرامج الإنسانية والتنموية من خلال تحديد الشركاء الرئيسيين للمنظمة، وصناعة تحالفات معهم لتعظيم الأثر الإنساني الإيجابي في المجتمعات المتضررة.

4.             وجود مبادئ عملية تضمن وجود المساءلة، وتعزيز المسئولية، وتحديد المسئولين عن دعم وحماية حقوق فئات المجتمع المتضرر من الصراع.

ومن المهم للمنظمة وشركائها العمل على:

1.             مناهضة التمييز في العمل الإنساني.

2.             دعم الفئات الإنسانية التي يتم التمييز ضدها.

3.             ضمان ألا تحتوي برامج المؤسسة على التمييز في تعاملها مع الفئات الإنسانية في المجتمع المتضرر.

4.             تشجيعها للحل السلمي للصراعات في المجتمعات، والعمل على بناء السلام.

5.             الحصول في برامجها الإنسانية على نتائج تضمن الاستدامة، كخطوة في طريق تعافي المجتمعات بشكل مستدام في المستقبل.

6.             تطبيق المعايير الدولية ذات الصلة بالعمل الإنساني، ومراقبة احترام وتطبيق أفرادها لهذه المعايير مثل المعايير الدنيا لحماية الطفل في النزاعات، والمعايير الدنيا للتعليم في الطوارئ، وغيرها من المعايير الإنسانية المتعلقة بالغذاء، والصحة، وسبل المعيشة، وبقية الأعمال الإنسانية الرئيسية التي تقوم بها المنظمات الإنسانية.

7.             تحديد التدخلات التي ستقوم بها المنظمة في المجتمع المتضرر تبعا لقدراتها وتخصصاتها ومناطق قوتها، وهذا ما توفره للمنظمة معرفتها لنفسها، وأعمالها، ومناطق شهرتها، وخبراتها المتراكمة في هذه الجزئية أو تلك من العمل الإنساني.

8.             تحديد مدى احتياج المجتمع، ومدى قدرة المنظمة على توفيره، وقدرتها على معالجة القضايا الرئيسية في برنامجها الإنساني.

وتضم البرمجة مجموعة من الاستراتيجيات للتدخل الإنساني في المجتمعات المتضررة، والاستراتيجية هي مجموعة متماسكة من المشاريع والتي تتكون من مجموعة من الأنشطة التي تحقق هدف المنظمة من التدخل الإنساني، وتلبية الاحتياجات الإنسانية.

وتنبع أهمية وجود استراتيجيات للعمل الإنساني لـ:

1.             ضمان أن المنظمة تلبي احتياجات المجتمع المتضرر.

2.             أن تكون المساعدات فعالة ومكملة لجهود المنظمات الأخرى، ومصممة لتلبية الاحتياجات.

3.             معرفة التحديات التي تواجه العمل الإنساني في منطقة الصراع، وأن تكون ضمن هذه الاستراتيجية خطط تشغيلية ناجحة، ومتخصصة، تفاعلية، وإبداعية، وإيجابية التأثير، قائمة على الشراكة مع الفئات الإنسانية كافة في المجتمع المتضرر.

4.             تغيير وتعديل وتطوير استراتيجيات التدخل الإنساني تبعا للتطورات في ميدان العمل، والتكيف مع هذه التطورات في تطوير الاستراتيجية بحيث تضمن توفير الاحتياجات الإنسانية ذات الأولوية.

5.             تغطية الفجوات التي تركتها المنظمات الأخرى، وتحديد تدخلاتها الإنسانية بحسب معرفتها بالوضع الإنساني، والاحتياجات الإنسانية للمجتمعات المتضررة بدقة، وما هي القضايا الرئيسية التي ستعمل فيها، وما هي عوامل الخطر في الوضع الإنساني.

إن تصميم استراتيجيات التدخل الإنساني هي عمل تخطيطي مبدئيا، ويتشابه في مكوناته مع مكونات البرنامج أو المشروع من ناحية:

1.             وجود أهداف طويلة وقصيرة الأمد للاستراتيجية، وإمكانيات تحقيقها.

2.             وجود مدى زمني تقوم بتغطيته.

3.             المدى الجغرافي الذي سيتم العمل فيه.

4.             تحديد الموارد المطلوبة، وإمكانية وجود شراكات للعمل.

5.             تحليل المخاطر، ومقدار الضرر المحتمل عند التنفيذ.

6.             إمكانيات الوصول للمجتمعات المتضررة.

7.             قابلية الالتزام بالمعايير الدولية في العملية الإنسانية.

8.             تحديد طرق الخروج النموذجية من المجتمع بعد انتهاء التدخل الإنساني.

وهذه العناصر جميعها هي ما تحدد الاستراتيجية كـ:

1.             وثيقة نموذجية للاستجابة الإنسانية، ومدى قابليتها للتطور والتعديل بحسب بيانات التقييم الأولية القادمة من ميدان العمل.

2.             تحقق قرار المنظمة بالاستجابة في المجتمع أم لا، ومواقع العمل.

3.             توفر قطاعات التمويل، وتوفر البيانات، ووجود سيناريوهات التدخل في جميع الأوضاع المحتملة للصراع في المجتمع.

4.             ذات لغة واضحة، وبسيطة، ومفهومة، وقابلة للتنفيذ.

5.             لديها مراحل واضحة للأنشطة المنفذة، وتستند لخطط تشغيلية.

6.             تتم مشاركتها مع الجهات المحتملة للتمويل أو الشراكة لكي يتم التنسيق بصورة تضمن عدم تكرار الأنشطة لنفس المجتمعات، ونسيان مجتمعات محلية أخرى ما زالت بحاجة للتدخل الإنساني.

7.             تقوم في صياغتها على مجموعة من المعلومات والبيانات التي تساعد في وضع أنشطة ذات فائدة ايجابية للمجتمعات المتضررة.

8.             يراعى عند تصميمها أن تعرف خلفية وطبيعة الصراع في المجتمع، وحجمه، وطبيعته، وتأثيره على الفئات الإنسانية المحلية، وتطوراته، وظروفه الحالية والمستقبلية، واستجابة المجتمعات له، وما الذي قامت به الحكومة، والسلطات المحلية، والمنظمات المحلية للاستجابة للصراع.

9.             يراعى عند تصميمها معرفة ما الذي قام به المجتمع الدولي للاستجابة للصراع والتدخل الإنساني، ونقاط القوة للمنظمة التي ترغب بالتدخل الإنساني، ونقاط القوة لمانحيها وشركائها في المجتمع المتضرر، وقدرتها على توفير التمويل والدعم لتدخلها الإنساني بالإضافة لبنيتها التحتية من مكاتب، وموظفين، وانتشار في ميدان العمل في المجتمع المتضرر.

10.           قائمة على لتقييم احتياجات السكان المتضررين من النزاعات لتستطيع المنظمة العاملة في الاستجابة الإنسانية تلبية هذه الاحتياجات.

11.           تستند لمعرفة ما الذي تحتاجه من موارد مالية وبشرية لتغطية هذه الاحتياجات، ومن ثم تبدأ المنظمة بتصميم التدخل في هذه المجتمعات، وهذا التدخل هو المشروع الذي تقوم المنظمة بتصميمه.

12.           تضم تفاصيل التدخل كالهدف منه، ومكانه وزمانه وأنشطته وشركائه ومراحل تنفيذه، والفرق العاملة فيه، وتكاليفه، والرقابة، والتقييم كأحد الخطوات المهمة في المشروع مع النظر في تحديث المشروع بشكل دوري لمواكبة التغير بحسب التغيرات الأمنية والسياسية، واستراتيجيات الخروج الخاصة من المشروع.

13.           أن تكون على اتساق مع رؤية المنظمة ومبادئها، وأن يمتلك تصميما يعتمد على فهم للمجتمع المتضرر، والظروف الدولية والإقليمية والمحلية للنزاع، ودرجته، ومدى تضرر المجتمع منه.

14.           تقوم على تحليل لقدرات المنظمة، وكادرها، وتمويلها، وانتشارها في المجتمع.

15.           قائمة على فهم كامل للمخاطر المحيطة بالمنظمة، والمجتمع، ودرجة التدخل الآمنة التي يمكن للمنظمة أن تقوم بها دون ضرر.

16.           قائمة على احتياجات المجتمع المتضرر من النزاع، ويهتم بحماية حقوق واحتياجات أفراد المجتمع، وخصوصا الفئات الهشة كالأطفال، والنساء، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة.

17.           قائمة على مشاركة أفراد المجتمع في تصميم التدخل، وطرق تنفيذه، ومنطقته الجغرافية، ومداه الزمني، وأن يكون المجتمع مراقبا لتنفيذه، ومشاركا في تقييمه، وتقدير مدى نجاحه في تلبية احتياجاتهم الملحة.

إن من أهم مراحل التدخل الإنساني الذي تقوم به المنظمة هو القيام بــ:

1.             مراجعة السياسات الوطنية والدولية التي تنظم عملية الاستجابة الإنسانية.

2.             التأكد من أن التدخل يتناسب مع المعايير الإنسانية ذات الصلة، سواء تلك المتخصصة بالمعايير الإنسانية الخاصة بحماية الطفل في الاستجابة الإنسانية في دول الصراع، أو المعايير الخاصة بحماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي في أوضاع النزاعات، ومعايير إسفير كأهم المعايير الدولية للعمل الإنساني، والمعايير الخاصة بحماية العاملين في المجال الإنساني من العنف الذي يقع عليهم أو الأخطار التي تحيط بهم عند عملهم، وعند إصابتهم بأضرار جسدية أو نفسية أو عقلية جراء العمل الإنساني في مناطق الصراع، والتي تستهلك قوة الناشطون في العمل الإنساني.

3.             أن تكون المنظمة قادرة على تطبيق معايير وقواعد السلوك الإنساني الجيد، والقانون الإنساني الدولي، والقوانين الدولية ذات الصلة.

4.             أن تكون المنظمة قادرة على أن تجعل من التدخلات الإنسانية على درجة من الجودة العالية، وذات تأثير إيجابي، والحديث عن التقييم، والتصميم، والتنفيذ، والمراقبة، والتقييم، ومشاركة المجتمعات المتضررة في كل خطوة.

5.             الاتساق ما بين التدخل، ورؤية، ورسالة المنظمة العاملة، والاتساق ما بين التدخل، والقوانين، والمعايير، والسياسات، والأطر الخاصة بالعمل الإنساني، تعتبر خطوات أولية في مراحل التدخل الإنساني.

ويعتبر" التشبيك" من المعايير المهمة في التدخل الإنساني حيث تستفيد المنظمة العاملة في الاستجابة الإنسانية من قدرات من حولها من مؤسسات حكومية، وغير حكومية محلية، ومنظمات دولية، ووكالات الأمم المتحدة، والتي تقدم للمنظمة المعلومات الخاصة بالوضع الإنساني، الناتج عن دراسات لمؤسسات ومنظمات متخصصة بدلا من العمل على جمع بيانات تم جمعها سابقا، وهذا ما يجعل من المنظمة تستفيد من البيانات المتوفرة لتستطيع اختيار شكل التدخل دون تكرار للعمل مما يجعل تدخل كل منظمة فريدا، ويكمل أعمال الأخريات.

ومن المهم الإشارة أن المنظومات الإنسانية طورت العديد من منصات التشبيك " cluster " وهو فريق من المنظمات تهتم بواحد أو أكثر من التدخلات الإنسانية الرئيسية كالأمن الغذائي، والصحة، والتعليم، وحماية الطفل، والنساء، والمياه والصرف الصحي، وتتشارك هذه الفرق كل المعلومات الخاصة بموضوع اهتمامها، وتقوم بتوزيع الأدوار لكل منظمة بحسب تخصصها، ومناطق قوتها الجغرافية في المجتمع المتضرر، ومجال خبرتها، وبالتالي يعتبر فرصة للتمويل للمنظمة من خلال الدخول في شراكات مع الفريق الإنساني الذي يتشابه معها ويتناسق مع رؤيتها وأعمالها فكل الأعمال والمشاريع في كل مكان وزمان تقوم على أساس وجود شراكة في العمل ما بين النساء والرجال.

إن العمل الإنساني يحتاج النساء بالقدر الذي يحتاج الرجال، وليس فقط بسبب فهم النساء لطبيعة احتياجات النساء المتضررات في المجتمع، وقدرتهن على تقديم المساعدة لهن، ولكن بسبب أن المجتمعات المتضررة يكون لديها بعض الاعتبارات الثقافية والدينية الخاصة بالنساء، وقد لا تستطيع النساء المتضررات الوصول المساعدات الإنسانية في حال كان العاملون فقط من الرجال وقد لا يوافق المجتمع أن يعمل الرجال من الفرق الإنسانية على البحث عن النساء المتضررات لمعرفة طبيعة احتياجاتهن الإنسانية، والتحقق منها، ومن ثم تقديم المساعدة، وهذا قد يخرج النساء المتضررات من الاستفادة من العمل الإنساني، وحتى في وجود مجتمع متفتح فقد يكون للمرأة احتياجات لا تستطيع قولها إلا للنساء، وبالتالي تتشكل العقبات أمام النساء المتضررات من النزاع للوصول للمساعدة الإنسانية في حال لم يكن نساء في العمل الإنساني، وهذا ما يجعل مشاركة النساء في العمل الإنساني من أهم المعايير التي تساعد على تدخل إنساني إيجابي.

وقد تكلمنا سابقا عن مراحل الصراع أو الكارثة التي يمكن أن تحيط بمجتمع من المجتمعات ولكن لا بأس بتقديمها مجددا بشكل مختصر ففي البداية يكون الوضع كارثي وذو تأثير سلبي على المجتمعات، ويعيش المجتمع المتضرر في بداية النزاع عنفا قويا، و متزايدا، ويتواجد اللاجئين خارج الدولة، والنازحين داخليا، وزيادة عدد الأشخاص ذوي الإعاقة، والأطفال فاقدي الرعاية الأسرية، وتدني مستويات التعليم، والصحة، وانتشار الأوبئة، وانعدام الخدمات التي كانت تقدمها الحكومة، والقطاع الخاص، وبالتالي يجب على المنظمة عند التدخل القيام بتدابير استثنائية من قبيل:

1.             توفير أساسيات الحياة للأفراد في المجتمعات من الطعام، والمأوى، والأدوية، وبعدها تمر المنظمة والمجتمعات مع وصول النزاع لدرجة يستطيع أفراد المجتمع التعايش معها بمرحلة التعايش.

2.             توفير نفس تلك الأساسيات الخاصة بالحياة للمتضررين ولكن عبر برامج تساعد المجتمع المتضرر ببناء بعض ما دمره النزاع، وغالبا ما تنقص أنشطة الاستجابة المتعلقة بالطعام، والمياه، والأدوية، وأدوات المأوى، والبدء ببرامج النقد مقابل العمل بكافة أشكالها وابتكاراتها، كالنقد مقابل الأصول، والنقد مقابل التدريب، والنقد مقابل تعليم الفتاة أو التعليم بشكل عام، والنقد مقابل السلام، وغير ذلك من البرامج التي تضمن أن يعمل المجتمع المتضرر للحصول على المساعدة.

3.             تساعد في نمو واستقرار الأسواق، وتسهم في بناء أو إعادة بناء البنية التحتية المحلية، ومع وصول النزاع مراحله الأخيرة يتم البدء بالمشاريع التي تؤهل المجتمعات لمرحلة الاستقرار السياسي والأمني، ومرحلة إعادة الإعمار، والعودة إلى الحياة الطبيعية.

ومن المهم التفكير عند وضع البرامج والاستراتيجيات الخاصة بالتدخل العمل على وضع سيناريوهات للتغيرات في الوضع الأمني، والإنساني، لضمان:

1.             جاهزية المنظمة للعمل في كل الظروف المحتملة لتطور الصراع والوضع الإنساني، ولن نتحدث عن عدد السيناريوهات التي يمكن أن تقوم بها المنظمة فهذا يأتي تبعا لقوتها وحجمها ومواردها.

2.             أن تعمل كل منظمة على الإجابة على أهم الأسئلة التي تحدد قوة هذه السيناريوهات وجودتها، وهذه الأسئلة مهمة لوضع خطط عديدة تتفهم تغيرات الصراع والعمل الإنساني، وستكون هذه الأسئلة من قبيل:

             ما هي المؤثرات الدولية، والوطنية، والأمنية، والاقتصادية، والشعبية التي تؤثر في زيادة أو تقليل الصراع واحتماليات زيادته أو انحساره؟

             كيف سيؤثر هذا التصاعد أو الانحسار على المنظمة وأعمالها والوضع الإنساني ككل؟

             ما هي سيناريوهات الاستجابة لهذه المتغيرات.

             هل تتطابق الاستجابة مع مبادئ وأخلاق المنظمة؟، وأثار الاستجابة على المنظمة؟

             هل تتطابق الاستجابة مع السياسات واللوائح الحكومية؟ والمعايير والأنظمة الدولية؟ والحساسيات الدينية والثقافية للمجتمعات أم لا.

إن هذه الأسئلة وإجاباتها من خطوات البرمجة الجيدة لأنشطة وتدخلات المنظمة الإنسانية، ومن ناحية أخرى وفي مجال تصميم السيناريوهات الخاصة بالتدخل يجب العمل على تقسيم العمل الإنساني لمراحل، ووضع سيناريو خاص بكل مرحلة من مراحل الصراع بداية من حالات الطوارئ الشديدة الى المتوسطة، ومن ثم التعافي مرورا بإعادة التأهيل، وإعادة الإعمار، والتركيز على معايير وأسس الاستهداف الإنساني للفئات المتضررة، وتخصيص شكل تدخل نموذجي يلبي معايير هذه الفئات، ومن ثم العمل على وضع سيناريوهات الخروج من المجتمعات بعد تعافيها بشكل إيجابي قائم على ترك المجتمعات المتضررة قوية وقادرة على استعادة حياتها الطبيعية، وهناك مسئوليات عديدة يجب أن تقوم بها المنظمة أو المنظمات العاملة في الاستجابة الإنسانية، ومنها:

1.             تقييم الاحتياجات للمجتمع المتضرر، وزيادة الموارد الخاصة بتلبيتها، والمسؤولية الخاصة بتصميم الاستراتيجيات، والمشاريع، والتدخلات الإنسانية.

2.             العمل على التشبيك مع المؤسسات الحكومية، وغير الحكومية، والدولية، ووكالات الأمم المتحدة، والقطاع الخاص، وأصحاب المصلحة في المجتمعات المحلية أو الخارج.

3.             تحديد أنظمة العمل، والشراكات، وتبادل المعلومات، وتطبيق معايير الجودة، والاتفاق حول الأهداف الخاصة بالتدخل الإنساني، ومؤشراته، وأنشطته، ورقابته، وتقويمه، وتقديم الدعم المعلوماتي والفني له.

4.             التأكد من أن الأنشطة مناسبة، ولا تؤثر سلبيا على المجتمع.

5.             ربط الاستجابة بالمعايير، والأطر، والقوانين الدولية والاستجابة الجيدة والمؤثرة تأثيرا إيجابيا هي التي تركز على الفئات المستهدفة، وتدرك مدى هشاشتها، وكيفية تقدم العون الإنساني لها بشكل يضمن تلبية حاجتها، والحفاظ على كرامتها، وبناء قدراتها.

وهناك العديد من الفئات الهشة التي تحتاج لمزيد من التركيز في العملية الإنسانية ولنبدأ بالطفولة كأحد أهم الفئات المستهدفة من الاستجابة الإنسانية وأكثرها هشاشة في وضع الصراع، ويمر الأطفال في هذه الأوضاع بالعديد من القضايا، ومنها تجنيد الأطفال من جانب المتحاربين، ويفقد العديد من الأطفال الرعاية الوالدية، ويزداد عدد الأيتام، وأطفال الشوارع، والمتسولين، والمفقودين، واللاجئين، والنازحين، ويعيش الأطفال في ظل النزاعات العديد من الأحداث التي تؤثر على صحتهم النفسية، والجسدية، والعقلية، وتضرر البيئة الخاصة بهم في المنزل أو البيئة التعليمية أو الترفيهية.

ومن المهم العمل على خلق تدابير تساعد على ضمان تلبية احتياجات الأطفال الاجتماعية، والنفسية، والتعليمية، والصحية، والغذائية، والأخلاقية، والروحية، والاجتماعية، والترفيهية، ومستلزمات النظافة الخاصة بهم ضمن مواد الإغاثة التي توزع على النازحين، و اللاجئين، والمجتمعات المضيفة، والمتضررة.

 ومن التجارب الجيدة التي يمكن الإشارة لها في وضع النزاع في اليمن ما اصطلح على تسميته المراكز الصديقة للطفل، والتي تقدم العديد من الخدمات الصحية، والنفسية، والتعليمية، والتدريبية، والترفيهية ضمن برامجها، وتقديم خدمات الإحالة للمتخصصين في صحة الطفل، وحمايته من العنف، والإساءة، والإهمال، والاستغلال الجسدي أو الجنسي، الذي قد يتعرض له.

الفئة المهمة التالية هن النساء واللواتي يجب أن يكن في مركز اهتمام المنظمات الإنسانية والعاملين فيها لعدم قدرتهن في بعض المجتمعات الوصول للمساعدات الإنسانية، ويجب أن تهتم المنظمة العاملة في الاستجابة الإنسانية بالأدوار التي تقوم بها النساء بسبب الصراع أو دورهن في إنهاء الصراع، والصعوبات اللواتي يواجهن الحصول على المساعدات الإنسانية، وأدوارهن في تنمية وحماية أسرهن وحماية الأطفال في الصراع.

ومن ناحية أخرى يمكن للمنظمة العاملة في الاستجابة الإنسانية العمل مع النساء بحسب المعايير الإنسانية التي ضمنت لهن حق لمشاركة في العمل الإنساني، وحمايتهن من المخاطر التي تقع في الصراع ومنها العنف الناتج عن الصراع نفسه عليهن كنساء، والعنف القائم على النوع الاجتماعي من محيطهن.

ومن الواجب أن تتخذ المنظمة الإنسانية التدابير التي تكافح التمييز ضد النساء في الاستجابة الإنسانية، وضمان مشاركتهن في جميع مراحل التدخل الإنساني، ومساهمتهن في صناعة القرار الخاص باحتياجاتهن، وطرق سير وتنفيذ العملية الإنساني في مجتمعهن، وتشجيعهن على الوصول المتساوي في الفرص والموارد والأسواق ففي الصراع تنشأ العديد من الأسر التي يغيب فيها الرجل عن القيادة بسبب الموت أو الفقدان أو السجن أو حتى الانشغال بالصراع كأحد عناصره، ويجب العمل مع النساء كما يتم العمل مع الأسر التي يقودها الرجال من ناحية بناء القدرات، والحصول على المساعدات الإنسانية، والوصول لكل الخدمات التي تقدمها المنظمة العاملة في المجتمع.

وقد يحدث أن تكون النساء ضمن مجتمعات من النازحين أو اللاجئين، وتكون هي القائدة لأسرتها مع غياب الزوج، وبالتالي يجب العمل معها ومع مجتمع النازحين أو اللاجئين ككل في تأسيس سبل المعيشة، ومساعدتها على التكيف، وتمتعها كما كل أفراد مخيم النازحين أو اللاجئين بنفس الحقوق والحريات، وإمكانية الوصول لجميع الخدمات التي تقدمها الاستجابة الإنسانية، ومن الفئات المهمة كبار السن، والذين قد لا يستطيعون بسبب السن والعجز الوصول للمساعدات، أو أنهم يعانون تجاهلهم ممن يقدمون لهم الرعاية بسبب ضغوط الحرب على موارد الأسر، وبالتالي يجب العمل على الوصول لهم، وتقديم الرعاية الخاصة بهم بما في ذلك الرعاية التي تعزز من مقاومتهم لأمراض الشيخوخة ومشاكلها، ودعم مشاركتهم في صناعة أنشطة الاستجابة بسبب من خبرتهم الكبيرة في الحياة.

ونأتي لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة كإحدى الفئات التي تحتاج الوصول للدعم الإنساني، والذي يجب أن يكون أكثر حساسية لنوع إعاقتهم، وجنسهم، وقدرتهم على الوصول للخدمات الإنسانية فكما تشير الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة يفترض في المؤسسات التي تقدم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة أن تكون حساسة لإعاقتهم، وتكون بنيتها التحتية، واستراتيجياتها، ومشاريعها ممكنة للأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في العملية الإنسانية، ومستفيدين منها فالأولوية للمساعدة في المساعدات الإنسانية لمن هم في أمس الحاجة إليها من الفئات الهشة التي تم التحدث عنها وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية فلا نجاح لأي استجابة إنسانية لا تركز وتعمل مع ولمن يحتاجون المساعدة.