Sun,May 11 ,2025

أولويات حقوق الطفل في اليمن - حماية أطفال الشوارع والمتسولين
2025-04-25
العشرون: حماية أطفال الشوارع والمتسولين
إن الطفولة هي المستقبل وحماية الطفولة هي حماية للمستقبل، وإن وجود شرائح كبيرة من الأطفال يعانون من أشكال قديمة وجديدة ومتطرفة من أشكال العنف والاستغلال والانتهاك يعنى أنه ما يزال هناك الكثير من الأعمال التي يجب تنفيذها بالسرعة القصوى وبالتخطيط والتنسيق لنجاح فكرة حماية الطفل من العنف والإساءة والإهمال، والاهتمام بشكل أخص بالأطفال الذين يواجهون العنف يوميا بسبب ظروفهم الحياتية كأطفال الشوارع والمتسولين، وحماية الأطفال ليست تنفيذا للشرائع الوضعية فقط ولكنها تنفيذا لشرائع سماوية فعمل الأطفال في النهاية إستغلال وقد نهى عنها الرسول الكريم حيث قال " لا تكلفوا الصبيان الكسب فإنكم متى كلفتموهم لكسب سرقوا"، والتوعية بشكل جاد ومحوري وعملي للأسر من الأباء والأمهات والمدرسة والشارع ومقدمي الرعاية والحماية للأطفال وحمايتهم من العنف والإساءة والاستغلال والإهمال مهم وضروري للغاية.
ويجب أن يعرف الجميع أن وضع الطفل الطبيعي هو أسرة سعيدة، ومقاعد الدراسة، وإن العمل على أن تكون المدارس أماكن جذب لا أماكن طرد من الأشياء المهمة التي يجب أن تقوم بها الحكومة عبر العديد من النشاطات التي تتعلق بحماية الطفل داخل المدرسة، وإجمالا إن العمل على أن تكون الطفولة بجميع شرائحها من الأطفال الموهوبين إلى أطفال الشارع والمتسولين سعيدة وتتمتع بمستوى عال من الصحة والرفاه هو أيضا تنمية للبلاد وبناء لها.
إن الأطفال كما نعرف دائما هم نصف الحاضر وكل المستقبل كيف بدأ العنف بعامة، هذا هو السؤال الذي يتبادر للذهن عند أول احتكاك بمفهوم العنف، أهو عند أول عملية قتل في التاريخ، أم عند أول لحظة احتياج للطعام والبحث عن فريسة من قبل الإنسان، وإذا كان العنف قد يعتبر مفهوما في سبيل البحث عن الغذاء، وفي إطار الحفاظ على الحياة فأين يكمن الفهم والقبول في العنف ضد الأطفال بما هم عليه من عمر، وصفات جسدية، وفكرية يجعل من المفترض أن يكون العمل على حمايتهم من العنف والاستغلال والإساءة من الأولويات في الأسرة والشارع والمدرسة والمجتمع.
ويعاني الأطفال من الكثير من أوجه العنف الموجه ضدهم والناتج عن قيم ثقافية وسلوكية واجتماعية وسياسية واقتصادية، وكل هذه القضايا أو المشاكل أو السمات تساهم إما في تفشي العنف أو في مناهضتها، وبالنسبة لأطفال الشارع فهناك العديد من أوجه العنف الموجه ضدهم من المجتمع المحيط كالأسرة والشارع وعنف الأقران والمدرسة والمؤسسات الرعائية والعقابية والإيوائية التي تحتضن الأطفال لتحميهم، ولكنها تقع في نفس المحظور الذي تناهضه. وإن العنف ضد الأطفال في الشارع والمتسولين يقع بشكل كبير من الجهات التي يفترض بها أن تقدم الرعاية والحماية لهم، وهذا ما يشكل مشكلة حقيقية تستدعي الحلول الفورية.
بالنسبة لأطفال الشارع فإن أنماط العنف الموجه ضدهم تتمثل في بقائهم في الشارع بالأساس بما يشكله الشارع من قيم وعادات تصيب الطفل بحزم من الإصابات النفسية والجسدية والسلوكية والعقلية، وعدم ذهاب أطفال الشارع إلى المدرسة يعتبر عنفا يترتب عليه ضياع مستقبلهم ودورانهم في المستقبل في دائرة لا تنتهي من العنف المستدام في حياتهم وحياة أبنائهم، ويمكن اعتبار عدم حصول أطفال الشارع على التعليم عنف متمثل في المعاملة بإهمال أو بمعاملة تنطوي على إهمال.
ويقع على أطفال الشارع أنواع أخرى من العنف متمثلة في الاستغلال من قبل الكبار سواء كان الاستغلال اقتصاديا عبر العمل في مهن هامشية أو ذات خطورة، ويصبح الاستغلال أكثر خطورة على الطفل ومستقبله إذا كان موجها نحو جنس الطفل واستغلال جسده من قبل بعض الكبار والذين يعتقدون بسهولة انتهاك جسد الطفل فقط لأنه بلا حماية، وهذا يكثف من تكرار الانتهاك وديمومته وتكثيف خطورته على الطفل.
ويأتي العنف ضد الأطفال في الشارع والمتسولين من خلال المشكلات الصحية ومدى تفاقمها على الطفل وإهمال صحته، وإحداث عاهات في بعض الأحيان له، وخصوصا إذا كان سيعمل في التسول لاستدرار عطف المجتمع وهذا يعتبر من أفظع الانتهاكات والعنف الموجه ضد الأطفال.
إن العمل على حماية الطفل يعتبر من الأولويات التي يجب أن تعتمدها كل دولة، وكل مجتمع بما فيه مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها تلك الخاصة بالطفولة، وإن أطفال الشارع والمتسولين منهم يجب أن يتمتعوا بأقصى قدر يمكن بلوغه من الحماية كما أي طفل آخر في أي مكان، وذلك لأجل حياتهم، وأن لا يكونوا في المستقبل مجرمين يعيثون في الأرض فسادا.
وتعد ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر الحديثة في المجتمع اليمني والتي تعود أصلاً لمشكلة تزايد نسب الفقر وتصاعد الأعباء المعيشية على الأسر وانتشار البطالة إلى جانب المشكلات الاجتماعية الناجمة عن تطبيق برامج الاختلافات الاقتصادية والمالية وضعف التنمية الريفية وعودة مئات الآلاف من اليمنيين نتيجة حرب الخليج.
ويفترض بالحكومة ومؤسسات المجتمع المدني المهتمة بمشكلة أطفال الشوارع العمل على عدد من البرامج لحماية وتأهيل أطفال الشوارع وإعادة إدماجهم في الأسرة والمجتمع من قبيل إنشاء عدد من مراكز الطفولة الآمنة لحماية وتأهيل أطفال الشوارع والتنسيق مع الجمعيات الأهلية لإدارة وتشغيل المراكز وتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية والتأهيل النفسي وإعادة الإدماج الاجتماعي لأطفال الشوارع والقيام بالأنشطة التأهيلية (صحية - تعليمية - ثقافية - ترفيهية - ورياضية - مهنية) وإعادة الطفل إلى أسرته أو بيئته الطبيعية أو بيئة بديلة تتمثل بدار رعاية اجتماعية أخرى مثل حالات الأيتام أو غيرها والعمل على تعزيز وتسهيل إعادة أطفال الشوارع إلى آبائهم وأقاربهم، وحماية ورعاية وتربية وتأهيل أطفال الشوارع بلا مأوى بما يضمن توافقهم مع ذاتهم وأسرهم ومجتمعهم من خلال تنفيذ البرامج والأنشطة الاجتماعية والنفسية والتعليمية والصحية والدينية والثقافية والفنية والرياضية والترفيهية.
من ناحية أخرى يجب القيام بدراسة الأطفال اجتماعياً ونفسياً وذلك لتهيئتهم للدمج مع أسرهم مع تكثيف النزول الميداني إلى أسر الأطفال لدراسة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ومساعدتهم لتقبل أطفالهم في الأسرة. وكذلك ضمان توفير الغذاء والمأوى المناسب لأطفال الشوارع بالإضافة إلى الرعاية الصحية وفرص التعليم وتوفير الحماية المناسبة والمساعدة لهؤلاء الأطفال، وتوفير المراكز للأطفال المأوى والغذاء المناسب الذي يحتوي على العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجونها في المراحل العمرية المختلفة كما تتولى المراكز عمل الفحوصات الصحية الدورية للمقيمين ومتابعة نظافة الأطفال والإشراف على استخدام الأدوية ومتابعة الحالات الإسعافية حيث يوجد ملف صحي لكل طفل، وإدماج الأطفال في المدارس الحكومية القريبة من المركز، وتوفير المتطلبات الدراسية، والنزول الميداني للمدارس ومتابعة الأطفال، وعمل تقوية للأطفال في المركز ومساعدتهم في حل الواجبات والاستذكار، وفتح ملفات تعليم لكل طالب.
ومن المهم العمل على إجراء تقييم لتحديد المستوى التعليمي للطلاب الملتحقين دراسياً بالمركز، حيث تم فتح فصل محو الأمية للأطفال الذين تجاوز أعمارهم السن القانوني للتعليم النظامي، وتدريب الأطفال على كيفية استخدام أجهزة الحاسوب لإكسابهم مهارات تعليم جديدة إضافة إلى وجود مكتبة داخلية في المركز أعدت بخصوصية تتلاءم مع الأطفال للاطلاع وقراءة الكتب المتنوعة، وإقامة المسابقات الثقافية المختلفة للأطفال وتوزيع الجوائز التشجيعية وتكريم الأطفال المنضبطين في المدارس والفصول الداخلية في المركز وتوفير الحماية والمساعدة للأطفال يتمحور العمل الاجتماعي والنفسي في المراكز على حماية الأطفال وإعادة البناء التدريجي لشخصيتهم وإعادة تأهيلهم في كافة الجوانب ودراسة حالات الأطفال وتقديم المقترحات.
ومن المهم أيضا العمل الميداني خارج المراكز بهدف استكمال المعلومات من المجتمع المحيط ببيئة الطفل والعمل على إعادة دمجه في أسرته. وتعريف الأطفال بحقوقهم وتشجيعهم وتمكينهم من التعبير عنها وتزويدهم بالمهارات والمعلومات التي يحتاجونها لحماية أنفسهم من الاستغلال والإساءة. وتوفير الكوادر البشرية المؤهلة لحماية الأطفال وتوجيههم وإرشادهم إلى حقوقهم وكيفية المحافظة عليها والتعبير عنها.
وأخيرا من المهم العمل على توفير الرعاية الشاملة للأسرة والطفل وتقديم الخدمات في الجانب التعليمي والاجتماعي والصحي والأشغال اليدوية و إلحاق الأطفال بالمدارس القريبة منهم وعمل مسح ميداني حول أطفال الشوارع بالمشاركة على نطاق ثمان محافظات، وتنظيم ورشة عمل وطنية لمناقشة نتائج الدراسة والخروج بتوصيات بمشاركة صناع القرار والمنفذين، و تدريب مدربين من العاملين مع أطفال الشوارع، والإعلاميين ومسؤولي الاتصال حول حماية الطفل مع التركيز على حقوق أطفال الشوارع، ودعم إصدار عدد من المواد الإعلامية التلفزيونية والإذاعية والرقمية.