Sat,Apr 26 ,2025

الإنترنت في خدمة قضايا الطفولة

2025-04-25


من ناحية إيجابية، تعتبر الإنترنت هي المحتوى الرقمي الأكثر ثراء من ناحية المعلومات بما تتضمن من كتب ودراسات وبحوث ورسائل جامعية وصحف ومجلات ودوريات، ويمكن وصفها بأكبر مخزن فكرى في التاريخ.

ومن ناحية سلبية فإن الصناعة الجنسية استفادت من الإنترنت عبر نشر الكثير من نشاطاتها عبر مواقع تقدم تنويعات من هذه النشاطات السيئة، ومنها التصوير الجنسي للأطفال والذي يعتبر انتهاكا لإنسانية الطفولة واستغلال بشع لها، والمقارنة بين ما تقدمه الإنترنت للطفولة من نواح إيجابية وسلبية مقارنة صعبة يجعل من المستحيل وصفها بالشريرة، والسؤال تتعقد إجابته إذا كان نصه" هل الإنترنت تنتهك الطفولة أم تحميها؟".

وتتحدث بعض الإحصائيات على أن هناك أكثر من مليون طفل من الجنسين يعملون في التصوير الإباحي، والإنترنت اعتبرت نافذة واسعة لهذه الصناعة لتصدير إنتاجها، وهناك الكثير من الحروب الإلكترونية لمحاربة هذه الأشكال من الاستغلال البشع، والذي يعتبر من أسوأ أشكال عمالة الأطفال في العالم.

وقد أفردت الأمم المتحدة بسبب انتشار هذه الصناعة عالميا " البروتوكول الاختياري الملحق لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية "ومن هنا يأتي السؤال هل الإنترنت وسط فعال في استغلال الأطفال، والجواب المنطقي نعم.

من ناحية أخرى فالإنترنت وفرت وما زالت توفر مساحة كبيرة للنشاط لملايين المؤسسات المجتمع المدني المحلية والعالمية التي تعمل في مجال الطفولة وحقها في البقاء والنماء والأمان والتربية والتعليم وأقصى قدر يمكن بلوغه من الصحة والحرية والحماية فالإنترنت مليئة بالعديد من الدراسات والبحوث والتقارير التي تقدمها المؤسسات البحثية أو مؤسسات المجتمع المدني العالمية في مجال مراقبة تطورات حقوق الطفل بشكل لم يكن بالإمكان الوصول إليها عبر الطرق التقليدية، وقس على ذلك توفر الكتب والدوريات والقصص التي توجه للأطفال، وتقدم للباحث والناشط وللطفل نفسه خدمات سهلة للوصول إليها.

إن الإنترنت وسط نشط لبث أخبار أنشطة مؤسسات المجتمع المدني، وتقديم أنشطتها للمهتمين من القراء والمتصفحين، وربما الخدمة الأكبر التي تقدمها الإنترنت للناشطين في مجال الطفولة هو أنها مجال رحب وسريع لصناعة علاقات عامة مع الكثير من المؤسسات الدولية والتي تتطور إلى الشراكات والتشبيك مما تحسن من مستوى أداء المؤسسات الوطنية وخدمتها لفئاتها المستهدفة، وربما استطاعت الإنترنت أن تلغى عذر المؤسسات الوطنية أن مستوى أداءها منخفض وغير فعال بسبب عدم وجود تدريب وتأهيل أو عدم توفر المعلومات.

والإنترنت وفرت الكثير من الأدلة التدريبية التي تستطيع المؤسسات تنزيلها بشكل مجاني والاستفادة منها في تطوير نشاطها وبناء قدراتها، والتي لم يكن ليتوفر هذا الدفق المعلوماتي للعاملين في مجال الطفولة والحقوق بعامة عبر الإنترنت، وإن أهم ما تقدمه الإنترنت للناشطين هو النصوص والمواثيق الدولية من (إعلانات -مواثيق -اتفاقيات -توصيات -أوراق عمل -بروتوكولات)، وهذه بمجملها متوفرة على الشبكة ويستطيع أي إنسان أن تصبح في حوزته، وهذا ممتاز على اعتبار أن الحصول على كتاب لاتفاقية حقوق الطفل على سبيل المثال صعب لمحدودية المنظمات التي تعمل على طباعته ومحدودية مدى توزيعها الجغرافي بينما نجد الإنترنت توفر ذلك في أي مكان وزمان، فهل الإنترنت بهذا العمل تشكل حماية للطفولة في العالم. الجواب أيضا نعم.

أين تنشط الإنترنت، ومن المستفيد منها، وهل نحن في اليمن استطعنا الحصول على الفائدة القصوى منها لخدمة أعمالنا والفئات التي نساعدها، والجواب هو لا، فالاستفادة من الإنترنت تكثر في دول الغرب فهناك الكثير من مؤسسات المجتمع المدني العالمية التي تنشط في مجال الطفولة وحمايتها وحقوقها كصناعة مهمة متنامية تفوق حتى الصناعة الإباحية التي تستغل الأطفال، وهذا يرجع أن الغرب عموما هو المصدر الأول لهذه الصناعة والمحارب الأول لها، والمستفيد الأكبر من الإنترنت والمتعامل الأكبر معها بينما نجد الدول النامية والأقل نموا خارجة عن السرب لا تحارب السلبيات، ولا تستفيد من الإيجابيات.

إن الدول النامية أو الأقل نموا ومنها اليمن لا تستفيد من الإنترنت بشكل جاد، وقس على ذلك مدى استفادتها من الكتب والدراسات والبحوث والأدلة التدريبية وصنع علاقات عامة وشراكات، وفى نفس الوقت لا تثرى هذا المحتوى برؤيتها وأفكارها وبحوثها إن وجدت.

إن الإنترنت مساحة ومنصة واسعة للتأثير في مجال حقوق الطفل، ومناهضة كل أشكال استغلالهم، ولكن المحك الأخير هو الإنسان فهل هو في الدول النامية ومنها اليمن قادر على تطوير قدراته لأقصى ما يمكن بلوغه لخدمة نفسه ومجتمعه أم لا، وكتجربة شخصية اكتشفت حجم الجهل لما تقدمه الإنترنت لكل عامل ليس في مجال الطفولة بحسب ولكن في مجال الشباب والمرأة والبيئة وغيرها، وهناك القلائل فقط من يتعاملون مع هذه التقنية بإيجابية وتفاعل حقيقي.

وفى العديد من المؤتمرات وورش العمل وكذا التدريبات التي كنت أحضرها أو كنت أساعد في تحضيرها وإخراجها للنور كنت وما زلت أرى وأسمع الكثير من الأفكار التي تتصف بالبدائية، وتعطى المستمع إيحاء بمدى محاصرة المتحدث لنفسه من ناحية الأفكار والتجارب والنشاطات التي تخدم قضيته، والتي يمكنه الحصول عليها من خلال الاطلاع على تجارب وأفكار وأنشطة الآخرين في دول العالم المختلفة.

إن الكثير من الجهل والتجاهل بمدى أهمية الإنترنت في خدمة قضايا الطفولة ناتج إما عن عدم قدرة على التعامل مع الإنترنت أو عن عدم رغبة وعدم معرفة بمدى أهميتها في عملية الإثراء الشخصي والمؤسساتي فالإنترنت من التقنيات التي أحدثت ثورة في عالم الاتصالات والمعلومات والتي يمكن أن نعتبرها هبة التكنولوجيا للإنسان للتعرف على عالمة بشكل أفضل، وللطفولة فقد قدمت الإنترنت الكثير من الدراسات والأبحاث والكتب والعديد من الفرص لاكتساب العلاقات والتشبيك والشراكات والعضويات الخاصة بشبكات ومؤسسات عالمية تملك من الخبرة والثراء المعلوماتي.