Fri,May 09 ,2025

الإغاثة الثقافية في اليمن
2025-04-23
تعتبر اليمن بحسب الاحصاءات الدولية والخرائط الأممية دولة ذات تعداد سكاني يصل ما يقارب 32 مليون نسمة وبمساحة تزيد عن نصف مليون كيلو متر مربع، وتعتبر من أفقر الدول في العالم بالرغم من الموارد الطبيعية التي تحتويها والثقافة الغير نمطية والمختلفة عن جميع ثقافات المنطقة وخصوصا في الجانب التاريخي والأسطوري وعلى مستوى العادات والتقاليد التي تعتبر ثروة ثقافية مهمة يمكن استثمارها لتصبح أهم مواردها الاقتصادية.
وقبل الصراع في اليمن منذ بداياته المبكرة في 2011 مع الثورة الشبابية على نظام الرئيس صالح في اليمن ودخول اليمن حينها مؤتمر الحوار الوطني ومن ثم انقلاب الحوثيين على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والدولة في 21 سبتمبر 2014 وبعدها الحرب على اليمن من قبل دول التحالف العربي في 25 مارس 2015 لم تكن اليمن تحتاج كثيرا الى برامج خاصة بالإغاثة الثقافية وإن كانت حينها وحتى الوقت الحالي تحتاج الى أن تضع الثقافة ضمن أولوياتها الملحة .
إن هناك نقطة ضوء جيدة بالنسبة للثقافة والتي كانت ضمن مؤتمر الحوار الوطني في المواضيع المتعلقة بالثقافة والفنون والآداب وضمن مؤتمر الحوار الوطني عمل أعضاء الحوار على صناعة مرحلة من البناء التشريعي الجديد الذي يتوافق مع طبيعة مرحلة ثورة 2011م لتتم صياغة مجموعة من السياسات والتوصيات الوطنية بعامة وفي المجالات الثقافية والإبداعية بخاصة ضمن الوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني وعلى مستوى الدستور المصاغ أيضا تتضمن مواد خاصة بالسينما والمسرح والإعلام والإبداع الفكري وحقوق الملكية الفكرية وات الطفل والإنتاج الفني والاهتمام بالتراث الشفهي والمكتوب والآثار والتطور المتحفي والسياحة الثقافية والصناعات الإبداعية .
ومع بدء النزاع في أصبحت مساقات الثقافة والفنون والآداب تقريبا من الأدوات المنسية في العمل المجتمعي والمؤسسي والحكومي وعلى مستوى المنظمات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة بالإضافة إلى القطاع الثقافي المستقل والمثقفين والمبدعين والفرق الشبابية الفنية والإبداعية والشركات العاملة في المجالات الفنية والثقافية والأدبية والإبداعية مع قلة الدعم الحكومي من قبل الصناديق الثقافية التي كانت تدعم الجانب الثقافي في السابق بالإضافة إلى التوقف الخاص بالبيوت الثقافية في مثل مؤسسة العفيف ومؤسسة النعمان والمؤسسة الثقافية التابعة لمجموعة عائلة هائل سعيد أنعم والتي إما قل نشاطها أو توقفت أو تدمرت بسبب القصف.
والآن وبعد مرور أكثر من ثمان على الحرب يبدو أن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية قد عملت على العديد من القطاعات الإنسانية في الجمهورية اليمنية وتناست تدخل مهم يعتبر من أولويات الاستجابة الإنسانية في أي دولة تمر بصراع مشابه وهو الإغاثة الثقافية والتي تعتبر من أنواع الإغاثة الإنسانية المنسية في أنشطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، وعلى مستوى الواقع العملي تهتم المنظمات المحلية والدولية بأنواع رئيسية من الاستجابة الإنسانية وعلى رأسها:
1. الأمن الغذائي والزراعة: ويعتبر من أهم الانشطة التي تعتمدها الوكالات الأممية والمنظمات الدولية والمؤسسات غير الحكومية المحلية في أي دولة تمر بمرحلة حروب، أو صراعات أو كوارث إنسانية أو طبيعية، وتعمل تلك المنظمات في تفاصيل أنشطة الأمن الغذائي والزراعة من قبيل الممارسات الجيدة لتوزيع الأغذية أو القسائم أو النقد المباشر للأسر المتضررة والنازحين واللاجئين والمجتمعات المضيفة.
2. التغذية الصحية: وهي من الانشطة المهمة في العمل الإنساني وخصوصا أنه في مرحلة الكوارث الطبيعية والحروب تزداد الأوبئة والمجاعات وسوء التغذية وبالتالي تعمل تلك المؤسسات على التخفيف من سوء التغذية في أوساط المجتمعات وتعزيز الطرق الجيدة لتوفير برامج التغذية للأطفال وطرق المكملات الغذائية وعلاج الأطفال المصابين بسوء التغذية ومراقبة تطور التغذية الصحية للمجتمعات المتضررة.
3. الصحة: وهي ثالث التدخلات الرئيسية في العمل الإنساني وتتعلق بالكثير من الممارسات الصحية وعلى رأسها طرق شراء وتجهيز وتوفير الادوية والمستلزمات الطبية للمتضررين من الكارثة الطبيعية أو الحرب والعمل على بناء القدرات في مجال توفير الرعاية الصحية للفئات المعرضة للخطر من سوء التغذية أو انتشار الأوبئة بالإضافة إلى التدريب على الطوارئ الصحية في المجتمعات المتضررة.
4. المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية: ويعمل هذا المساق الإنساني على ضمان أن المجتمعات المتضررة من الكارثة الطبيعية أو الحروب يحصلون على مياه الشرب الامنة وخدمات الصرف الصحي المضمونة والعمل على توفير الوقود ومواد التعقيم وإصلاح أنظمة إمدادات المياه وأنظمة الصرف الصحي وتوفيرها وتشغيلها وتفعيلها وتفعيل حمامات الطوارئ للمجتمعات بالإضافة إلى تنفيذ حملات النظافة الطارئة والمتكررة.
5. التعليم: وهو من أهم التدخلات الإنسانية التي تقوم بها المؤسسات الإنسانية الدولية في أي مجتمع متضرر من كارثة طبيعية أو حروب داخلية عبر العديد من الممارسات والانشطة التي تؤثر إيجابيا في وضع التعليم في المجتمعات المتضررة وتحديدا في طرق توزيع المستلزمات والكتب ومواد النظافة والاثاث والتوريدات الخاصة بالمدارس بالإضافة إلى تفعيل المراكز الصديقة للطفل والتي تقدم الخدمات التعليمية والترفيهية والصحية الخاصة بالطفل والمساعدة على الحفاظ على الخدمات التعليمية مستمرة.
6. المأوى وإدارة المواقع: وهو نشاط إنساني يكثر في المجتمعات المتضررة من الحروب والكوارث الطبيعية وخصوصا عند تواجد النازحين داخليا واللاجئين من بلد إلى آخر بحيث تعمل تلك المنظمات على توزيع مجموعات المأوى المنزلية والطارئة ومنح مستلزمات الشتاء وطرق تحديد الثغرات في إيصال الخدمات لتجمعات النازحين أو اللاجئين والطرق الفضلى للإعانات والمنح النقدية لهم وطرق بناء وإعادة تأهيل المأوى الخاص بهم بما يضمن حمايتهم وخصوصيتهم وكرامتهم الإنسانية.
7. الحماية: وتحتاج بعض الفئات الإنسانية للحماية كجزء من التدخلات الإنسانية التي تقوم بها المنظمات في أي مجتمع متضرر، وعلى رأس تلك الفئات الأطفال والنساء وكبار السن والمعاقين والنازحين واللاجئين والأشخاص شديدي الضعف، وعلى رأس تلك الممارسات المتعلقة بالحماية تلك المتعلقة بحماية الاطفال من العنف والإساءة والاهمال والاستغلال الجسدي والجنسي ومشاركة الاطفال في النزاعات المسلحة، وحماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي والكثير من الممارسات التي تزيد من حماية الأشخاص شديدة الضعف في المجتمع المتضرر.
بالإضافة لما سبق هناك بعض التدخلات الغير مباشرة التي تقوم بها المنظمات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة والتي لا ترتبط كثيرا بالعمل الإنساني وإن كانت مساهمة في نجاح الاستجابة الإنسانية ومن ضمنها أنشطة آليات الاستجابة السريعة والإمداد، والتموين وخدمات الاتصالات والتنسيق، والتدخلات الإنسانية سابقة الذكر هي كل ما تعمل المنظمات المحلية والدولية عليه في دون اهتمام بالإغاثة الثقافية كشكل مهم من أشكال الاستجابة الإنسانية، والتي لها دور مهم للغاية في أي استجابة إنسانية في أي دولة من الدول التي مرت بالصراع مشابه للذي تعيشه في الوقت الحالي وفيما عدا بعض تدخلات اليونسكو البسيطة وبعض التدخلات الفنية والثقافية في المراكز الصديقة للأطفال يمكننا القول إن الإغاثة الثقافية لم يتم الاهتمام بها.
إن هذا التجاهل والنسيان للإغاثة الثقافية بالرغم من ارتباطها بالكثير من الحقوق الإنسانية التي لا يجب تجاهلها حتى في المجتمعات التي تعيش الحروب أو النزاعات كالحق في الترفيه والحق في حرية التعبير والحقوق الثقافية بعامة.
وفي الحقيقة يمكن للإغاثة الثقافية أن تكون سنداً مهماً لبقية أدوات الاستجابة الإنسانية في من مزاوجة العمل الإنساني بالعمل الإغاثي الثقافي عبر تفعيل مبدأ الإغاثة الثقافية وتفصيلاتها، وصناعة دائرة ثقافية متكاملة تهدف لرصد الانتهاكات الخاصة بالثقافة مثل حماية الآثار بالإضافة إلى استعارة بعض المفردات الإغاثية ومزاوجتها بالثقافية لتصبح على شاكلة "التغذية والثقافة " و"التعليم والثقافة" و"الصحة والثقافة" و"حماية الأطفال والعنف القائم على النوع الاجتماعي والثقافة" بالإضافة إلى "الأمن الزراعي والزراعة والثقافة" والتراث الشفهي والمادي للمجتمعات المحلية بالإضافة إلى تحوير بعض التفصيلات الإغاثية الدقيقة ودمجها في الثقافة فمقابل النقد مقابل العمل الذي تقوم به وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
ويمكن تكوين شكل من أشكال العمل الثقافي الإغاثي للمثقفين مثل مساعدات نقدية لهم مقابل المقالات والقصص والشعر والفنون التشكيلية والصور التي يقومون بإبداعها بما يجعل المثقفين قادرين على العيش بشكل مقبول في ظل انحدار تمتع المثقفين والمبدعين بالحق في العيش الكريم كحق من حقوق الإنسان.
ويمكن لبرنامج الإغاثة الثقافية أن يكون له دور إيجابي في تفعيل حقوق الطفل كالحق في التعليم عبر البرامج الثقافية والفنية والإبداعية لهم في المدارس أو في المؤسسات الرعائية والإيوائية والمراكز الصديقة للطفل، وأن يكون لها دور مهم في تحقيق بعض من حقوق النساء في المجتمعات المتضررة من الصراع، وهناك أفكار رائعة تم تنفيذها في مجتمعات تمر أو مرت بما تمر به اليمن حاليا من ظروف وقد تكون تلك البرامج من قبيل تدريب النساء على الصناعات التراثية التقليدية ليصبح لهذه المنتجات دور في إغاثة هذه النساء وأسرهن من دخل مستدام لهن في مرحلة الصراع.
إن من الممكن الربط ما بين حقوق الإنسان والإغاثة الثقافية من تبني المفهوم الحقوقي في الثقافة والفنون والآداب وتحقيق مفهوم أن احترام الحقوق الثقافية شرط أساسي لصيانة الكرامة الإنسانية وتوضيح مكانة الحقوق الثقافية في منظومة حقوق الإنسان واعتبار " الحقوق الثقافية " عامل حاسم في الاستجابة الإنسانية وتناسق التنمية المستدامة القائمة على عدم تجزئة حقوق الإنسان بما في ذلك حماية التنوع الثقافي ودراسة الحقوق الثقافية والحقوق المجاورة وتطبيقاتها لصالح من الاستجابة الإنسانية في الشارع اليمني.
وترتبط الإغاثة الثقافية كثيراً بمفاهيم حقوقية مهمة من قبيل الهوية والتراث واحترام تنوع أنماط التعبير والتفكير والدين والرأي والتعبير بالإضافة إلى التحفيز على في الحياة الثقافية كمدخل للمشاركة في تفعيل الحقوق الإنسانية واتباع نمط حياة لدى الجمهور ي يبرز قيمة رصيده الثقافي ودور هذا الرصيد في الحصول على حمايته من أضرار الحرب وحصوله على بعض من حقوقه الإنسانية الثقافية من قبيل الحق في الحصول على المعلومات والحق في التعبير وحماية حقوق الملكية الفكرية وتعزيز الديمقراطية وصناعة السلام وتنمية الاقتصاد والتربية والتعليم، وتعزز من إمكانية مشاركة الجمهور الأنشطة الثقافية ضمن برامجها من مساعدة الجمهور على التعبير عن ثقافتهم المحلية وتراثهم الثقافي ودور هذا التراث في الترويج للحقوق الإنسانية والحقوق الثقافية.
وللإغاثة الثقافية دورها الإيجابي في عملية التغيير السياسي والاجتماعي من تحفيزها لمشاركة المجتمع في الحياة الثقافية وتلقى الخدمات الثقافية، وتعزيز حرية الإبداع الفني وإمكانيات رفعه على المستوى الجمعي وتطوير إمكانيات ومواد ومعايير الرصد والمتابعة والمراقبة لتطبيق حماية الحقوق المادية والمعنوية لأصحاب الأعمال الفنية والثقافية، ومن جانب آخر يمكن لبرامج الإغاثة الثقافية في حال تم تفعيلها ضمن مسارات الاستجابة الإنسانية للمنظمات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة أن تعمل على البحث والحد والتقليل من الانتهاكات التي قد تحصل للمثقفين والمبدعين مثل الاعتقال أو السجن أو التهديدات، والمساهمة في حماية المواقع الثقافية والاثرية أو للتراث الثقافي والفكري والهوية الثقافية من القصف أو السرقة أو المتاجرة بها.
إن جميع المسارات ضمن الاستجابة الإنسانية في اليمن لا تحتوي ما يمكن أن تحتويه برامج الإغاثة الثقافية من أنشطة وتدابير تعمل على صيانة العلم والثقافة وإنمائها وإشاعتها في فترة الصراع الذي تمر به حاليا ولها تأثير إيجابي على وضع الصراع وما بعده ودخول مرحلة السلام، وإن اعتبار الإغاثة الثقافية في المستقبل جزء لا يتجزأ من الاستجابة الإنسانية في سيعمل بشكل كبير على تحفيز المجتمعات المتضررة على في الاستجابة الإنسانية الثقافية، وتلقى الخدمات الثقافية ورفع سقف حرية الإبداع الفني وتطوير إمكانيات وموارد ومعايير الرصد والمتابعة والمراقبة ومناهضة الانتهاكات للثقافة والحقوق والتراث والهوية الثقافية، وتتبع الانتهاكات التي تتم في مجال الحقوق الثقافية ومناصرة القضايا التي تواجه هذه الانتهاكات مثل الحق في التعليم والمعرفة و الحصول على المعلومات والحق في التعبير وحرية الفكر والمعتقد والتنظيم.
ومن الممكن للمؤسسات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة في حال تم وضع الإغاثة الثقافية كجزء من برامج الاستجابة الإنسانية أن تعمل على العديد من البرامج من قبيل الرصد والمراقبة للانتهاكات في مجال الثقافة والفنون وخصوصا في مرحلة الحرب الحالية من قبيل إنشاء مرصد الحقوق الثقافية والتنوع الثقافي، وبناء القدرات والتأهيل للعاملين في المجال الثقافي و / أو الحقوقي وتنويعاتها وتطبيقاتها وحدودها ومعاييرها وبنودها وطرق ترويجها، والتوعية بأهمية التراث المادي والمعنوي في حياة الشعوب والأفراد ومدى تأثير هذا التراث على التنوع.
ومن الممكن أن تعمل برامج الإغاثة الثقافية برامج توعوية تعمل على الترويج للحقوق الثقافية المنسية في الشارع اليمني ودمجها في الحديث العام ومساندة الإيمان بها بما يدعم حماية الحقوق الثقافية ونشرها وتطبيقها.
ويمكن تفعيل برامج المناصرة والمدافعة عن الانتهاكات التي تحدث للحقوق الثقافية للأفراد أو للمجتمعات المحلية أو للمجتمع ي ككل سواء كانت هذه الحقوق فردية كحق التعبير أو مجتمعية كالحق في الحفاظ على التراث والتنوع الثقافي من التدمير، وبالإضافة إلى ما سبق قد تخلق برامج الإغاثة الثقافية في حزم من البرامج التي يمكنها العمل على تحديد أولويات العمل على السياسات الثقافية وتحديد احتياجات القطاع الثقافي الحكومي وغير الحكومي والتجاري والفردي وتلبية تلك الاحتياجات بما يعود بالنفع على الشارع ومن تلك على سبيل المثال لا الحصر مشاريع خاصة بحماية المبدعين في ظروف الحرب والنزاعات في، وتصميم برامج خاصة بالإغاثة الثقافية، ومناصرة قضايا الأشخاص المعتقلين بسبب ممارستهم للحق في التفكير والوجدان وحرية الضمير.
إن هناك الكثير من الفئات الإنسانية التي يمكنها الاستفادة من الإغاثة الثقافية في حال أصبحت ضمن مسارات الاستجابة الإنسانية للمنظمات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة في الأرياف والمدن متناسية بعض الفئات الإنسانية المهمة والتي تحتاج إلى المساعدة الإنسانية في الوضع الذي تعيش به.
إن تلك الفئات الإنسانية تتنوع من قبيل المثقفون والأدباء والمبدعين والفنانين التشكيليين و مبدعي التصوير الفوتوغرافي والمغنين وممثلي المسرح والنشطاء الثقافيين مع الاهتمام بالأطفال عبر مكون الثقافة والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في ظل النزاعات و مرورا بالنساء عبر مكون تمكين النساء في مرحلة النزاعات والعنف القائم على النوع الاجتماعي في النزاعات ومزج العمل الثقافي مع مناهضة العنف ضد النساء مع الاهتمام بالمؤسسات الثقافية الحكومية وغير الحكومية والشركات التي تعمل في مجال الفنون ومساعدتها على الوقوف مجددا بعد أن توقفت أو أغلقت معظمها الحرب، وأخيرا الجمهور بصفته مستهدف نهائي من مشروع الإغاثة الثقافية في اليمن.
ومن المسارات الإيجابية التي يمكن أن تتحقق في هذا المجال تقليل الانحدار المريع على مستوى الحركة الثقافية أو الحقوقية في اليمن، وتكوين رؤية ثقافية وإغاثية وحقوقية حقيقية لما يمكن أن تمر به البلاد في المستقبل والتأسيس للقادم من الأيام وضمان وجود حركة ثقافية مستقلة وديناميكية، والتأسيس لمرحلة قادمة تتميز باحترام تفعيل الثقافة والفنون والآداب وتعزيز الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية والعامة للمفكرين والمبدعين المستقلين والمثقفين والمنتجين والمبتكرين والجمهور بعامة في اليمن.
ويمكن لبرامج الإغاثة الثقافية العمل على حماية المكتسب الناتج عن وثيقة مؤتمر الحوار الوطني والدستور والقوانين المنفتحة، ومراقبة الانتهاكات وتقليل التأثير السلبي للحرب والصراع على اليمنيين.
إن دور الإغاثة الثقافية سيكون مهماً في وجود مؤسسات وشركات ثقافية وفنية وأدبية فاعلة ونشطة لديها استراتيجيات وأنظمة وسياسات ومشاريع تتعلق بالعمل الثقافي الإنساني في مما سيعزز دورها في زيادة إيمان المجتمع بأهمية الإغاثة الثقافية في خضم الصراع وما بعد الصراع والبدء بالاهتمام بها عبر التمويلات والشراكات والتعاون في مشاريع وأعمال وأنشطة ثقافية وفنية وإبداعية وأدبية توفر المعلومات والتجارب والأفكار والمعارف حول الاستجابة الإغاثية الثقافية في اليمن، والعمل على صناعة الطلب والعرض للخدمات الثقافية ضمن العمل الإنساني في اليمن.
وقد تعيق مسارات الإغاثة الثقافية في اليمن بعض المعوقات التي غالباً ما تواجه جميع مسارات الاستجابة الإنسانية الرئيسية ولكنها في حال التفعيل المناسب سوف تتجاوزها كما تجاوزت المساقات الإنسانية الاخرى تلك العوائق، ومن هذه المعوقات والتحديات المذكورة أدناه:
1. المعوقات السياسية وضبابية صناعة القرار في مدن المختلفة التي تتبع كل منها سلطة مختلفة عن الأخرى ومعادية لها مما يجعل من الاستجابة الإنسانية ككل والإغاثة الثقافية بشكل خاص نشاط غير قابل للتنبؤ والإدارة بالشكل الصحيح.
2. المعوق الأمني بسبب الحرب بين والتحالف وزيادة عدد الجماعات المسيطرة على الدولة التي لا ترتبط كثيرا بها ولا تؤمن كثيرا بآليات وطرق الدول في ادارة المجتمعات ضمن صراعات أو حروب أو فترات السلام.
3. المعوق الثقافي المجتمعي ومدى تغير المجتمع في تعامله مع الثقافة في اليمن، ولقد تغيرت النظرة المجتمعية إلى الثقافة في الفترة الماضية فمن ثقافة مجتمعية كانت تذهب إلى السينما والمسرح وتعزز ثقافة الغناء والنشر والرقص إلى ثقافة تخدم الأصوليات الدينية والسياسية مما تسبب في الاختفاء التدريجي لثقافة متنوعة ومتسامحة وثرية وقادرة على في التنمية.
4. المعوق الخاص بالتمويل حيث تتوجه كل المنظمات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة إلى المعروف والمتداول والمتفق عليه في مسارات الاستجابة الإنسانية دون النظر في أهمية الإغاثة الثقافية في أنشطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.
5. المعوق المؤسسي حيث أصبحت المؤسسات غير الحكومية الثقافية والإبداعية محاربة من قبل الجماعات الأصولية من جانب، وندرة التمويل وعدم إيمان المؤسسات الدولية ووكالات الأمم المتحدة بأهمية الإغاثة الثقافية من جانب آخر مما دفع الكثير منها إلى تجميد أعمالها أو إقفالها أو الخروج خارج اليمن وممارسة العمل الثقافي على المستوى الإقليمي أو الدولي بعد استحالة القيام بنفس العمل على المستوى المحلي.
6. المعوق الحكومي والمعوقات الخاصة بإعطاء التراخيص للمؤسسات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة للعمل والتي حوصرت في مجال إعطاء التراخيص لأنشطة الأمن الغذائي والصحة والمأوى وبقية التدخلات الإنسانية الرئيسية ورفض إعطاء تراخيص العمل للمشاريع التي تلبي الاحتياجات الإعلامية والحقوقية والثقافية.
7. المعوقات على مستوى المفاهيم فقد غيرت الحرب الكثير من المفاهيم فمن السينما الجميلة إلى السينما كمركز للصعاليك، ومن الانترنت الذي يخدم التعليم إلى الإنترنت الذي لا يدخله الا الباحثين عن الجنس، ومن الغناء الذي يمارسه نخبة المثقفين إلى الغناء الذي يعتقد الشارع أنه لا يمارسه الا الاشخاص من الطبقات الاجتماعية المتدنية.
إن التفعيل الحقيقي لمسار الإغاثة الثقافية في مسارات الاستجابة الإنسانية في اليمن سيفتح الباب على معلومات وتحليلات مهمة عن العديد من القضايا الإنسانية ويسهم في تفعيل دور أطراف مجتمعية فردية ومؤسسية للقيام بدور حقوقي ودفاعي وتثقيفي وإغاثي بالإضافة إلى أن تفصيلات الأدوات التي يمكن استخدامها في الإغاثة الثقافية ممتازة للغاية في تعزيز التواصل الأدبي والفني والثقافي.
الأدوات الثقافية والفنية التي يمكن استثمارها في الإغاثة الثقافية
هناك المئات من الأدوات الثقافية والفنية والإبداعية التي يمكن العمل عليها في أي مجتمع، وفي داخل كل مكون من المكونات الإبداعية كالكتابة الكثير من التفصيلات التي تحتاج كل تفصيله منها متخصصين وموهوبين ومحترفين ففي مجال الكتابة وهي مساق بسيط في عالم الإبداع يمكن أن نذكر التدقيق اللغوي كـ تفصيله من تفاصيل عملية الكتابة يقوم بها متخصصين في اللغة ومؤسسات متخصصة سواء كانت مدنية أو تجارية، وقس على ذلك كل مكون إبداعي في جميع الأدوات الثقافية والفنية والإبداعية يحتمل بداخله العشرات من التفاصيل.
إن هذا التنوع الكبير في مجال الأدوات والمكونات الثقافية والفنية والإبداعية يعني فيما يعنيه أنه في حال هناك تركيز على الإغاثة الثقافية ضمن الاستجابة الإنسانية في اليمن فإن هذا يعني الكثير من المشاريع والأنشطة والاستفادة الكبيرة للمؤسسات والأفراد الموهوبين في اليمن بالإضافة الى المجتمعات المحلية والمؤسسات التجارية والمجتمع اليمني ككل.
إن هناك الكثير من الأدوات الثقافية التي يمكن ذكرها من قبيل الكتابة الإبداعية وكتابة الشعر والقصص والروايات ورواية القصص الخلافية نحو ثقافة مستدامة والموسيقى والكورال والأوبريت والإنشاد والغناء والمسرح الغنائي والفنون التشكيلية و الاوريجامي والكولاج والمعارض التشكيلية والمسرح بكافة أنواعه والتصوير الفوتوغرافي والسينما والمتاحف والأزياء والفنون التقليدية و البصرية والرقمية والمعاصرة والدراما الإذاعية و الوثائقية والتسجيلية والحكواتي ورواية القصص والنحت والعمارة والزخرفة والتصميم والرقص والتمثيل والأعمال الحرفية واليدوية والسرد والتقنيات الإبداعية الرقمية والمؤسسات والشبكات الإبداعية ومختبرات الإبداعية وصناعة الأفلام وانتاجها والسيرك والتهريج فنون التراث والأغاني الشعبية والمواقع التراثية وفن الطهو والشعر والتقاليد المحلية والجرافيك والفنون الجميلة والأداء الصوتي والطباعة والهندسة الإبداعية.
وهناك الكثير من الأنشطة التي تتداخل مع كل ما تم ذكره من الأدوات الثقافية من قبيل ورش عمل وتقنية المائدة المستديرة والمؤتمرات والتحالفات والتدريب والأحداث والبحوث الإبداعية والشراكات والتبادل الثقافي والمهرجانات والتربية الموسيقية والفنية والعلاج بالإبداع الموسيقي أو الكتابي والتعليم الإبداعي وبناء قطاع الفنون والإبداع.
إن الحديث عن الأدوات الثقافية والفنية والإبداعية وتفصيلاتها يحتاج إلى كتاب خاص يتم فيها جمع تلك الأدوات وتصنيفها وبيان تفصيلاتها وهذا ليس هدف الكتاب هنا وبالتالي فقد تم سرد القليل من تلك الأدوات والأنشطة على سبيل المثال لا الحصر.