Fri,May 09 ,2025

ثقافة الطفل فى اليمن

2025-04-23


دور الحكومة في مجال ثقافة الطفل

إن الواقع الثقافي في اليمن فقير إجمالا سواء على مستوى التجربة الثقافية للكبار أو على مستوى الطفل، ونفس الشيء يمكن قوله على مسرح أو دراما الطفل والتي لا تكاد تتواجد إلا في شهر رمضان عبر المسابقات الرمضانية، والتي ما زالت تحتاج الكثير من التطوير والنقد والتجديد، وتكاد ثقافة الطفل في اليمن أن تكون بلا هوية ثقافية خاصة، وبحسب إحصائيات المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في التقرير الدوري الثالث المقدم إلى جنيف والخاص بأعوام 89-2003م فقد بلغ عدد المطبوعات الدورية الموجهة للطفل سبع مجلات فصلية منها خمس متقطعة الصدور، وغير منتظمة ليصل الأمر لتوقفها في نهاية المطاف، وأما بالنسبة للدوريات الباقية وهى دوريتين فتتراوح فيها عدد النسخ المطبوعة ما بين 5000 نسخة إلى 20000 نسخة ، كما بلغ عدد المطبوعات الموجهة إلى الطفولة ستة عشر مطبوعة لم يتجاوز عدد النسخ منها 5000 نسخة، وهذه الأرقام ليست على مستوى الحلم في مجال تنمية ثقافة الطفل.

إن للحكومات دور كبير في هذا المجال بإعتبارها الممول والداعم الرئيسي لتعليم وصحة وثقافة الطفل، وأي نتاجات ثقافية من جهات أخرى لا تتمتع بنفس القوة وتعتبر إضافات أو سد لبعض الثغور التي تعتري النشاط الحكومي، وهذا لا يعنى تقويض مبداء الشراكة ولكنه يعنى أن هناك شريك أول وأساسي في ثقافة الطفل وتنميتها وحمايتها من الثقافات المستوردة التي قد تضر به وهو الحكومة، والتي تعتبر الضابط للكثير من النشاطات التي يقوم بها الفاعلون في المجتمع من أفراد ومؤسسات، بالإضافة إلى رصد الواقع الثقافي وإمكانيات تطويره،، وتفصيلا يكمن دور الحكومة في مجال تنمية ثقافة الطفل في:

1.             الرصد والمتابعة

تعتبر الحكومة الطريق الرئيسي لدخول الإنتاج المتعلق بالأطفال والتي تقوم بصناعتها الميديا العربية أو العالمية المسموعة أو المرئية أو المقرؤة أو الإلكترونية والألعاب وتعبر من أولويات عملها رصد ما يقدم للأطفال من دون المرور عليها عبر التقنيات المختلفة العابرة للجنسيات ومعرفة كيف يمكن تفادى السيئ منها وتحديدا يمكن تصنيف أعمال الحكومة في هذا الجانب عبر:

1.             رصد الواقع الثقافي وتوثيقه ودراسة سبل تطويره.

2.             متابعة الأنشطة والنتاج الثقافي المحلي وتحديد جوانب التميز والقصور.

3.             الشراكة مع قطاع المجتمع المدني في رصد ما يقدم للأطفال من نتاج ثقافي ودوره في تنميته.

2.             الرقابة

تعتبر الرقابة أهم أعمال الحكومة في مجال ثقافة الطفل حيث تعمل على تصفية وتحليل ما يقدم من نتاجات أدبية أو تلفزيونية أو إذاعية والألعاب الكترونية ومدى ملائمتها لثقافة الطفل، ويمكن تصنيف أعمال الحكومة في هذا الجانب من خلال الرقابة على ما يتم استيراده منكتب، ومجلات، وألعاب، ومسلسلات، وأفلام وغير ذلك من المنتجات الثقافية ومعرفة مؤامتها للطفولة في اليمن، وكذا الرقابة على الإنتاج الداخلي والرسائل الثقافية الموجهة له، والرقابة على مقدمي الخدمات الثقافية للأطفال وخصوصا بائعي الأفلام ومتاجر الألعاب الالكترونية.

3.             التقييم

تعمل الحكومة عبر آلياتها المختلفة على تقييم ثقافة الطفل، والتعرف على جوانب النجاح والفشل فيها، وإمداد جوانب القصور بالدعم المادي والمعنوي والفكري، وتحديدا يمكن تصنيف بعض أعمال الحكومة في هذا المجال عبر:

•              تقييم الإنتاج الثقافي اليمنى ومدى تطوره في مجال ثقافة الطفل.

•              قياس أثر هذه النتاج على شخصية الطفل عبر البحوث والدراسات.

•              دراسة التراث اليمنى وتحليله وتقديم ما يتواءم مع ثقافة الطفل لتكوين ثقافة ثرية وغير أحادية للطفل.

•              تقييم التوسع والشمول في مجال ثقافة الطفل وتمتع كل طفل بها في اليمن.

4.             الدعم

أهم ما يمكن أن تقدمه الحكومة لثقافة الطفل هو الجانب التمويلي للنشاطات المقدمة له من جانب الأفراد آو المؤسسات الغير حكومية فيما يمكن تسميته " توطين الإنتاج الثقافي " ولا يعتبر الدعم المادي هو الدعم الوحيد الذي تقدمه ولكن أيضا الدعم عبر عرض نتاجات هذه المنظمات والأفراد في قنواتها الإعلامية المختلفة، والترويج لها، والمساهمة في نشرها، وكذا من أهم أشكال الدعم الذي تقدمه الحكومة لثقافة الطفل إنشاء المكتبات التي تقدم للطفل الفرصة للقراءة والإستفادة من الإصدارات الثقافية المتميزة وهذا ما برعت فيه الحكومة في الآونة الأخيرة عبر مكتبات الطفل، وللحكومة أدوار كثيرة تتعلق بدعم النهوض بثقافة الطفل من أهمها فتح مسارح للأطفال، والترويج لقوانين ثقافية داعمة للأطفال, ودعم مسرح الطفل في المدرسة الذي ما يزال غير فاعل بالشكل المطلوب، وما يعيب الحكومة اهتمامها الكبير بالصحة والتعليم، ونسيانها مدى أهمية ثقافة الطفل، ودورها في التغيير المجتمعي، وفى الإمكان أيضا تحديد بعض أشكال الدعم الذي يمكن للحكومة أن تقدمه في تنمية ثقافة الطفل عبر:

1.             الدعم المعنوي عبر تشجيع النشاط الثقافي للفاعلين في هذا المجال.

2.             الدعم المادي لمشاريع ونشاطات الطفولة " الثقافية " المتعثرة منها أو المتوقفة.

3.             فتح المجال أمام الفاعلون في مجال تنمية ثقافة الطفل من الأفراد والمؤسسات لعرض نتاجاتهم عبر الوسائل الإعلامية التابعة للدولة.

4.             دعم بيئة قانونية لحماية الحقوق الفكرية للمبدعين في مجال الطفولة.

5.             دعم إنشاء مؤسسات تعمل في مجال ثقافة الطفل.

6.             دعم أو المشاركة في دعم الإنتاج الثقافي من مسلسلات وأفلام وكتب ومجلات الصادرة من الجهات المختلفة للأطفال.

دور القطاع الخاص في التنمية الثقافية للطفل

هناك إيمان كامل على أن القطاع الخاص يرغب بالربح ولكن هناك إيمان على أن هذا الربح يجب أن لا ينتهك حق أحد في العيش بكرامة ورفاه وحرية، والقطاع الخاص المتوجة إلى الطفولة كبير بداية من السلع الصحية والترفيهية والغذائية وليس انتهاء بالسلع الثقافية والتعليمية، ويعتبر القطاع الخاص من أهم المساهمين في تنمية ثقافة الطفل أو هدم هذه الثقافة، وتنبع قوة القطاع الخاص في البناء أو الهدم عبر الإيمان لدى هذا القطاع بأهمية بناء جيل الطفولة بالشكل الذي يجعله عامل استقرار وتنمية في المستقبل، ويمكن تصنيف ما يقدمه القطاع الخاص في مجال ثقافة الطفل:

1.             استيراد الإنتاج الثقافي من الدول العربية والأجنبية وبثه والترويج له.

2.             المساهمة في رفد الفعاليات الثقافية لمؤسسات المجتمع المدني بالدعم.

3.             توطين التكنولوجيا الخاصة بالإنتاج الثقافي للطفل.

4.             دعم الإنتاج الثقافي المحلى للمنظمات والشركات المحلية.

وهناك الكثير من التجارب لدى القطاع الخاص في مجال مقاربة بعض قضايا المجتمع في الدول العربية أذكر منها على سبيل المثال" رجال الأعمال في مواجهة الإيدز " وهى جمعية لرجال الأعمال تعمل على الترويج لمناهضة فيروس نقص المناعة المكتسبة، ويمكن بكل الأحوال الإستفادة من هذه التجارب ليس على مستوى فيروس نقص المناعة المكتسبة ولكن على مستوى جميع القضايا المجتمعية ومن ضمنها ثقافة الطفل، ووجود جمعية أو مؤسسة لشركات القطاع الخاص سيعمل الكثير لصالح الأطفال مثل تقنين الإستيراد في مجال ثقافة الطفل من لعب ومنتجات ثقافية بداية من الفيلم وليس انتهاء بألعاب البلاى ستبشن، وعند النظر إلى القطاع الخاص يجد المطلع على النشاطات الثقافية المقدمة من هذا القطاع ما زالت غير مراقبة على مستوى المواصفات والمقاييس، وهذا كما أسلفنا من مهام الحكومة ولكن أيضا يجب على القطاع الخاص إن لا يبحث عن الربح فقط، وأن يكون البحث عن الإستثمارات التي تعمل على بناء الطفل البناء الأمثل هو النشاط الأساسي لها، ومما يؤسف له، وبعد أن كان القطاع الخاص غير فعال بالشكل المطلوب أن يعمل بشكل سلبي على تكريس نمط معين في ثقافة الطفل، وتحديدا يمكن طرح ما يمكن للقطاع الخاص القيام به في تنمية ثقافة الطفل:

1.             وضع مقاييس للاستيراد الثقافي للإنتاج الموجه للأطفال والإلتزام به.

2.             إنشاء صندوق للفعاليات الثقافية ودعمها بما يخدم تنمية ثقافة الطفل.

3.             المساهمة في الإنتاج الثقافي الموجه إلى الأطفال ذات الصبغة المحلية.

4.             إنجاح التجارب الرائدة للفاعلون في مجال تنمية ثقافة الطفل بما يخدم هذه التجارب والمبادرات من نواحي الإستدامة.

5.             العمل على حماية ثقافة الطفل من الغزو الثقافي.

ومثل هذه الخطوة كما أذكر قامت بها العديد من المؤسسات في الوطن العربي وساهم فيها القطاع الخاص بالتشجيع والتمويل والوعود بالعمل على حماية الطفل ولكن هذا النشاط والأنشطة السابقة التي تم ذكرها تحتاج لقطاع خاص مستنير لا ينظر إلى الربح ولكنه ينظر إلى تنمية ثقافة الطفل وحمايته.

مؤسسات المجتمع المدني ودورها في مجال تنمية ثقافة الطفل

تعتبر مؤسسات المجتمع المدني ذات الباع الأكثر طولا، وبوابة التغيير، ومخزن الأفكار اللانهائي، والأكثر نشاطا في مجال تنمية ثقافة الطفل وحمايته ليس فقط من الغزو الثقافي، ولكن في مجال الحماية والمشاركة للطفولة، وهي المتخصصة في الرصد ورفع التقارير عن الوضع الخاص بحقوق الطفل، والترويج لحق الطفل في تنمية ثقافية متميزة، والتوعية للمجتمع بأهمية الثقافة في تكوين الأطفال روحيا وفكريا، وهي من تقوم بالضغط والمناصرة على الدولة لتبنى قضايا ثقافة الطفل، وعلى المانحين لتغيير إستراتيجيات المنح المقدمة بما يخدم ثقافته، وهي من تعمل مع القطاع الخاص بما يخدم تبنى القطاع الخاص لقضايا الطفولة وثقافتها، وهي الملاء للناشطين الفرديين في مجال الطفولة وتجعل النشاطات الفردية تتحول لنشاطات ومبادرات مؤسسية.

إن كل هذا يعتبر من أهم أعمال مؤسسات المجتمع المدني والذي تعمل عليه كل شبيهاتها في العالم، وهي من أهم المنتجين لثقافة الطفل عبر المنتجات الثقافية التي تقدمها هذه المؤسسات بداية من أفلام الكرتون ومرورا بالمسرح ومسرح الدمى، وإصدار المجلات المخصصة للطفولة، وليس انتهاء بالمشاركة في الفعاليات الثقافية ضمن المهرجانات التي تقوم بها الدولة أو القطاع الخاص أو منظمات المجتمع المدني الأخرى، وقد انتشرت مجموعه كبيرة من مؤسسات المجتمع المدني التي يعيبها الكم على الكيف بحيث أصبحت كثيفة العدد وقليلة التأثير،