Thu,Jul 03 ,2025

الثقافة للأطفال في الضواحي
2025-04-23
تعتبر الثقافة هي الأساس لكل شيء فهي كما يقال كل ما يتعلق بالإنسان من طقوس وعادات وتقاليد وفكر واعتقادات، والثقافة جذر أساسي لكل المشكلات المعاصرة، وهي في نفس الوقت الحل الجذري لها، والاعتماد فقط على كينونة الثقافة، وهل تتجه لصناعة الحل أم لصناعة المشكلة، وهل الثقافة الفردية أو المجتمعية منفتحة ومواكبة وحرة، أم أنها متخلفة ومغلقة وأصولية، وحين فكر الغربيون في تسمية الصراع الحاصل بين الشرق والغرب لم يستطيعوا أن يسمونه بغير "صراع الثقافات “،على اعتبار أن الاقتصاد والسياسة والاجتماع يدخل ضمن رداء الثقافة، ولا تدخل الثقافة في رداء أي مفهوم آخر.
من هنا فإن الاتجاه لطرح الثقافة كأخر مقال من سلسلة "الأطفال في الضواحي اليمنية" هو إيمان بأن الثقافة تأتي في آخر الصف لتلقف كل ما أطلقته المفاهيم الأخرى من الأرض، وهناك إيمان كامل بأن الثقافة التي رفعها الغرب إلى عنان السماء أنزلها العرب إلى القاع حيث اهتم العرب بالسياسة والسياسيون وأخبارهم، ولم يلتفت الكثير إلى أهمية الثقافة ودورها في خلق قيم الحق والخير والجمال والحب والمساواة والعدل. وبالنسبة للأطفال في الضواحي اليمنية فالثقافة تعتبر أخر همهم إن لم تكن تقدم لهم إلا في النادر، وهذا ليس لهم وحدهم في الجانب الثقافي في اليمن متدهور إجمالا فالمسارح غير نشطة بالشكل الذي تقترب به من المسارح الخليجية أو المصرية، واليمنيين ككل يعتبرون المسرح ليس مهما برغم أهميته الكبيرة في حياة الأمم، وبالنسبة للسينما فمنذ دخولها وهي تتعرض كما الإنترنت لحملة تشويه مجتمعية لكل من يدخلها حتى تدهورت حالتها وأغلقت كل دور السينما في العاصمة ولم تبق سوى دار واحدة أصبحت تقدم مباريات رياضية إقليمية ودولية ولا تهتم بعرض الأفلام، وعلى مستوى المسرح المدرسي فهو غير مفعل وإن كانت بعض مؤسسات المجتمع المدني تجاهد لتحضير روح المسرح ومناقشة قضايا الطفولة في اليمن من خلاله إلا أن هذا نموذج فردى لا يتطور إلى تسميته ظاهرة مجتمعية، وهذا يحدث بأكمله في العاصمة أما في الضواحي أو المدن الأخرى رئيسية أو هامشية فلا وجود لهذه النشاطات، وهذا بالنسبة لما يمكن تسميته بالثقافة الرفيعة والمتعلقة بالسينما والمسرح أما عن النشاطات الثقافية الأخرى فلا تبدو بأحسن حالا.
بالنسبة لمكتبات المدارس تغلب الحلول الفردية، وبالرغم من وجود مبادرات وخصوصا المتعلقة بالصندوق الاجتماعي للتنمية والهادفة إلى استثمار معارض الكتاب الدولية وشراء وتأثيث مكتبات للطفل إلا أن هذه المبادرة توقفت مع بدء الحرب على اليمن، وبالتالي فالعديد من المدارس هناك إن لم نقل كلها لا تحتوي بداخلها على مكتبات، وتحتوي على ما يمكن تسميته برف من الكتب كمساهمة من المدرسين، وفى الغالب ما تكون دينية وليست متنوعة وتعطى الطفل الثراء اللغوي والفكري والخيال الذي يحتاجه، وبصراحة إذا كانت كتب المنهج تتأخر لنهايات السنة، وإذا كانت الكراسي لا تكفى والكثير من الطلاب يتعلمون وهم على الأرض فسوف يصبح من الترف الكلام عن مكتبة غنية للأطفال للمدارس في الضواحي.
النوادي الثقافية والمؤسسات الثقافية في الضواحي اليمنية
من الواضح أننا نكرر أنفسنا مع كل فصل من فصول الكتيب فمع مناقشتنا قضايا التعليم كان من المهم التعريج على دور المجتمع المدني في الضواحي ووجدناه منعدما، وكذا الأمر بالنسبة للصحة، والأمان، وبالتالي فإن موضوع الثقافة لا يبدو بعيد عن هذه الفكرة ويعاني من نفس المشكلة، وبالنسبة للنوادي الثقافية والتي لا تتواجد في المدن يبدو ترفا وجودها في الضواحي ومع ذلك فهناك العديد من نوادي الألعاب "الجيم" التي تكثر في أي مكان يوجد به أطفال أو يافعون وتقدم خدمات العاب " البلاى ستيشن " والبلياردو وغيرها، ولكن حتى هذه النوادي ما زالت تحتاج مقاربة نقدية لبعض الظروف التي تحيط بها.
الثقافة كآلية لمشاركة الطفل في الضواحي اليمنية
تتواجد في العاصمة العديد من الفعاليات الثقافية موجودة هناك، والتي تطرح الطفل كمشارك أساسي إما عن طريق تخصيص بقعة داخل هذا المهرجان أو ذاك للرسم أو عن طريق إصدارات ثقافية لإبداعاته القصصية والشعرية، وبالنسبة للضواحي فما يزال الوقت مبكرا لنتعرف على مشاركات الأطفال هناك على اعتبار أن المجتمع المدني لم يمر من هناك ولو لمجرد السياحة بالرغم إن فرص الثقافة في التغيير المجتمعي هناك كبيرة ومؤثرة، وعلى مستوى الثقافة المختصة بالعلم والتعليم فالمجتمع في الضواحي والريفي لا يحبذ تعليم الفتاة وبالتالي فهناك فرص كبيرة للعمل على الترويج التوعية بأهمية تعليم الفتاة والمساواة بين الجنسين في سن مبكرة في التعليم في فرص التعليم بما يشكل نماء للمجتمع في الضواحي بشكل عام.
على مستوى الزواج المبكر فهناك فرص لمؤسسات نشطة داخل العاصمة للعمل على التوعية بمخاطره على الأطفال من الجنسين لما له من أثر مدمر على مستقبلهم في المدى المتوسط والبعيد وعلى صحتهم، وخصوصا الفتاة، وكذا على مستوى الثقافة الجنسية فمن المهم عدم الاقتناع بما يقدمه المنهج من قوالب جامدة، والعمل عبر النشاطات الخاصة بمؤسسات المجتمع المدني على الترويج للصحة الإنجابية والقضايا المتعلقة بالأمراض المنقولة جنسيا، وعلى مستوى الثقافة في حل النزاعات فإن من المهم تفعيلها في مناصرة ودعوة الضبط الجنائي والأمن للنشاط في فض النزاعات، وحماية المنازل، وحماية الأطفال من كافة أشكال العنف.
توصيات
1. توفير الأمان للضواحي من خلال توفير ونشر مراكز شرطة.
2. العمل على تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على التواجد، وتحفيزها لتبني مشاريع في الضواحي.
3. زيادة مستوى الرقابة على التعليم في الضواحي.
4. توفير مستلزمات المراكز الصحية في الضواحي وخصوصا مراكز التحصين ومراكز الأمومة والطفولة.
5. تشكيل شبكة من مؤسسات المجتمع المدني في الضواحي وربطها بالمؤسسات في العاصمة لتبادل الخبرات والمعلومات.
6. تشجيع المجالس المحلية على تبني مشاريع حمائية وتطويرية لرفاه الأطفال.
7. تخصيص جزء من إيرادات الضواحي في المجالس المحلية لنظافة البيئة وبناء حدائق للأطفال قريبة وآمنة.
8. توفير المستلزمات المدرسية للطلاب ضمن نطاق الضواحي اليمنية.
9. عمل مؤتمر خاص بالأطفال في الضواحي اليمنية للتعرف على برامج المانحين والحكومة ومنظمات المجتمع المدني في هذا المجال.
10. عمل دراسات وأبحاث حول الظروف الجغرافية وخطورتها على قاطني مناطق الضواحي.
11. تشكيل شبكة من المؤسسات الحكومية الخدمية ودفعها إلى تبني مشاريع خاصة بالمياه والكهرباء والبنية التحتية في الضواحي
12. العمل على الإثراء المكتبي لمدارس الضواحي بالكتب الثقافية.
13. دفع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة لـ إنشاء مكتب خاص بالأطفال في الضواحي ينسق لمشاريع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية هناك.
14. القيام بفعاليات توعية بأهمية تعليم الفتاة في الضواحي اليمنية.
15. دفع الصحافة في اليمن إلى الكتابة حول الظروف الخاصة ببيئة الضواحي عير تغطيات كاشفة ونقدية تقوم على مشاركة سكان الضواحي قضاياهم وطلباتهم.
16. تسهيل عمليات إنشاء المؤسسات الغير حكومية والجمعيات الأهلية في مناطق الضواحي وإعفائها من الرسوم المخصصة للإنشاء في حال تواجدت.
17. العمل على تنويع المؤسسات العاملة في الضواحي أو دفع المؤسسات في العاصمة إلى تنويع فعالياتها هناك.
18. عمل برامج وثائقية حول الضواحي تشرح حال الأطفال واحتياجاتهم وتلقي الضوء على قصص لحوادث حصلت عليهم.
19. عمل دراسات حول مدى إسهام الضواحي الفقيرة في اليمن لمراكز المدن بالأحداث وعمالة الأطفال والتسول والجريمة الخ.
20. ربط النوادي التجارية للألعاب بـ جهة رقابية تابعة للحكومة مع ممثلين من منظمات المجتمع المدني.
21. ربط مراكز تحفيظ القرآن بوزارة الأوقاف ومراقبتها عن كثب.
22. دفع القطاع الخاص إلى تبني مشاريع في مجال حماية ورفاه الطفل في الضواحي.
23. العمل على تشكيل استراتيجية وطنية خاصة بمقاربة قضايا الأطفال في الضواحي اليمنية.