Thu,Jul 03 ,2025

الصحة للأطفال في الضواحي اليمنية
2025-04-23
الحق في الصحة والرعاية الصحية من الحقوق الإنسانية المهمة، وتزداد أهميتها عند الحديث عن صحة الأطفال وفي التالي بعض مشاهدات لحال الأطفال في الضواحي.
فاقد الشيء لا يعطيه
تخسر اليمن كل سنة ملايين الدولارات على سفر الأشخاص إلى الخارج للعلاج، ويأتي هذا السفر المتزايد بسبب عدم الثقة في المستشفيات اليمنية والتي اشتهرت في أوساط الناس برداءة خدماتها، ويعانى اليمنيين من أزمة ثقة كبيرة بالمؤسسات الصحية بالرغم من أنهم يملكون الكثير من الأمراض الناتجة عن طقوسهم الثقافية كـ تناول القات و"الشمة" والتدخين بالنسبة لليافعين والشباب أو " المداعة" بالنسبة للكبار من الجنسين، ولا ننسى "الشيشة" بالنسبة للشباب والفتيات.
بخلاف هذه الطقوس المتعلقة بالمزاج فالجانب الغذائي ليس صحيا بالقدر الكافي، بالإضافة للنشاطات اليومية التقليدية للشعب اليمنى في الأكل والشرب ومواد الكيف التي تدفع بالصحة العامة في اليمن إلى القاع، ومع كثرة الأمراض الناتجة عن هذه الثقافة اليمنية لا يكاد يجد المريض مستشفى يمكن الركون إليه والاطمئنان لخدماته، ونحن الآن نتحدث عن مركز العاصمة ومراكز المدن ولم نتحدث عن الضواحي، والتي يصدق فيها مقولة " فاقد الشيء لا يعطيه" و مركز المدينة والذي يحتوي على المستشفيات والمراكز الصحية بالكاد يقدم الخدمة الرديئة، ومن المؤكد أن الخدمات الصحية الجيدة في الضواحي غير موجودة.
ماذا يوجد في الضواحي على مستوى الصحة؟
لا وجود لـ مستشفيات كبيرة في الضواحي فأغلب سكانها عند حدوث مرض يتجهون إلى المدينة، وربما يرى القطاع الخاص والحكومة أن من غير المجدي اقتصاديا عمل مستشفى هناك، ويمكن الاكتفاء بالوحدات الصحية ومراكز الأمومة والطفولة، والتي ليست بتلك الكمية التي تغطي احتياجات المجتمع في ضوء أن البيئة نفسها للضواحي محفزة للأمراض، وهذه المراكز تقدم فقط الخدمات العلاجية البسيطة مثل الإسعافات الأولية أو خدمات التطعيم والتحصين، ولا تقدم أي خدمات ثقافية خاصة بالصحة.
إن كل إنسان يجب أن يحظى بأعلى قدر يمكن بلوغه من الصحة والخدمات الصحية سواء كان جارا لمستشفى أو يعيش في الحدود البعيدة، والضواحي تستحق وجود خدمات صحية جيدة لجميع ساكنيها وبالأخص الأطفال.
النشاط الإنساني لا يتم تغطيته بالخدمات الحكومية وهذا يجعل القمامات منتشرة
إن من أوجه الخطورة على الصحة ما يمكن تلخيصه في:
1. التضاريس: إن الضواحي المحيطة بالعاصمة صنعاء جبلية والجبال عموما لها مخاطرها المتعلقة بالاهتزازات سواء كانت بسيطة أو عنيفة وما تبثه هذه الاهتزازات من رعب وخوف لسكان الضواحي، ومخاطر الانهيارات الصخرية و كارثة الدويقة في مصر ليست بعيدة عن الأذهان وعن مدى إمكانية تكرارها في اليمن فقد تكررت في ريف اليمن في قرية تسمى الظفير في أعوام سابقة، ومدى إمكانية تكرارها في الضواحي الجبلية القريبة من العاصمة أمر فيه نظر، والجبال صعبة التعبيد مما يجعل من خدمات رصف الطرقات مكلف ويحتاج لموارد كبيرة.
2. المناخ: مناخ صنعاء العاصمة كبقعة جغرافية مرتفعة عن مستوى سطح البحر بحوالي 3000 متر يعنى أنها تتميز بالبرودة أغلب شهور العام، والضواحي كبقع سكنية جماعية على الجبال المحيطة ستكون أكثر برودة من قاع المدينة الذي يستمد الدفء من احتضان الجبال له من جميع جوانبه، والبرد سبب رئيسي لأمراض الأنفلونزا والنزلات الشعبية والتهاب اللوزتين والحلق والزكام وبعض الأمراض الجلدية وهذا سببا أخر من أسباب ضرورة تواجد مؤسسات صحية هناك.
3. النشاط الإنساني: لمخلفات البناء أثر واضح على الإنسان في هذه المناطق وبالأخص الأطفال الذين يلعبون بجانب مخلفات البناء وهذا يشكل خطرا على حياتهم وعلى صحتهم إجمالا.
4. البيارات: " حفر استيعابية لمياه الصرف " والتي بخلاف أنها تشكل خطورة لأنها تكون مفتوحة خلال حفرها على الحياة نفسها للأطفال والكبار فهي تشكل خطورة من خلال تكدس مياه الصرف مع المياه المخزونة في الجبل والتي تستخرج عبر محطات المياه لبيعها للمواطنين في هذه المناطق يشكل خطرا على الصحة.
إن ما تحدثنا عنه من عيوب يمنية خالصة توجد في الضواحي باعتبار القاطنين بها أغلبهم من اليمنيين ويسرى عليهم وعلى أطفالهم نفس ما يسرى على الإنسان اليمني في الريف والحضر من طقوس المأكل والمشرب والمزاج وما يترتب على كل ذلك من أمراض، وبالنسبة للصحة النفسية فقد تكلمنا عن مستوى العنف في الضواحي وما يخلقه الخوف المستمر من أمراض نفسية على الأطفال.
إن كل ما تحدثنا فيه في السابق يندرج تحت أهمية وأولوية مطلقة بصفته يتعلق بالصحة العامة والتي تؤثر على الإنسان تأثيرا كبيرا، وإن المجتمع الريفي يورث طقوسه للأجيال فعدا أنه يؤمن بأهمية الزواج المبكر فهو يتقبل مضغ الطفل للقات في سن مبكر، وحتى بالنسبة للسجائر وباقي الطقوس المزاجية، وهذا يؤثر على صحة الطفل على المدى البعيد، وقس على ذلك كل أمراض المجتمع الريفي الذي أحضرها إلى المدينة من الزواج المبكر مرورا بالعنف ضد المرأة، وليس انتهاء بانقلاب شكل العيش ما بين الاستيقاظ مبكرا في الريف إلى التعود على عادات المدينة السلبية.
قمامات في كل مكان
في داخل العاصمة وخصوصا الأحياء التجارية والراقية التي تحتوي على سكن رجال الأعمال والبعثات الدبلوماسية غالبا ما يكون كل شيء نظيف بحيث يمكن أن تكون قارورة مياه فارغة عمال نظافة يرفعونها، ولكن ماذا بالنسبة للضواحي.
إن الانتشار السريع وتسلق الجبال المحيطة بصنعاء يجعل من الحكومة غير قادرة على تغطية هذه المناطق بعمال النظافة والتخلص من القمامات بشكل يومي.
إن من المألوف أن تجد أكوام القمامة موجود في زاوية كل حارة بالضواحي، ووجود هذه القمامات له أثر على صحة الأطفال قاطني الشارع على مدار اليوم فالآباء في الأعمال والأمهات في البيوت ويبقى الأطفال بجانب هذه القمامات يلعبون ألعابهم مما تشكل خطورة عليهم من نواحي تفشى حالات تسمم أو جروح قطعية ناتجة عن اللعب بجوارها وغير ذلك من الحوادث المتكررة.
الأطفال والثقافة الصحية في الضواحي اليمنية
يعانى الأطفال من عدم الاهتمام وتثقيفهم على مفردات الصحة العامة والوقاية والثقافة الصحية في الضواحي، فالمدارس بالكاد تقدم المنهج الرسمي بمستوى متدني من الجودة بينما لا تركز مراكز تحفيظ القرءان على هذه المفاهيم، وقس على ذلك التواجد البسيط والذي لا يذكر لمؤسسات المجتمع المدني، وبالنسبة للتلفزيون فلا يوجد مقياس لمدى تأثير برامج التلفزيون في مجال الثقافة الصحية لسكان الضواحي والأطفال فيها، وبالتالي لا يمكن معرفة ما يوجد من أفكار لدى الأطفال وأهاليهم حول الثقافة الصحية، والسؤال “هل تقدم مراكز التحصين ومراكز الأمومة والطفولة الثقافة الصحية لقاطني الضواحي"، والجواب يكمن في مراكز التحصين أو مراكز الأمومة والطفولة هناك، وتقدم مراكز الأمومة والطفولة هناك بعض المعلومات عن صحة المرأة والطفل لزوارها، وخصوصا في التحصين للمرأة أو للطفل الزائر ولكنه غير كاف، وبالنسبة للأطفال لا يقدم أي محاضرات أو ورش عمل متعلق بأثر العنف ضدهم وعلى صحتهم، وأثره عليهم، وبالنسبة لليافعين لا يتم تقديم أي محاضرات أو ورش عمل متعلق بالثقافة الجنسية والصحة الإنجابية والأمراض المنقولة جنسيا، وفي ظل عدم وجود المعرفة وعدم وجود آليات للاكتشاف المبكر لهذه الأمراض فقد تتزايد مع مرور الزمن، وإن تدني أعمال مراكز التحصين ومراكز الأمومة والطفولة لا يعنى أنها ليست فاعلة ولكن يعني أنها بحاجة لتعاون بقية المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في أنشطتها لتصبح كافية وجيدة.
أين مؤسسات المجتمع المدني
إن أعمال التوعية والترويج والتدريب والتأهيل وإطلاق مبادرات علمية وأدبية خاصة بالتثقيف الصحي هو من أعمال مؤسسات المجتمع المدني وبما أنها غير موجودة في هذه المناطق فهذا يعنى أنه ما يزال هناك الكثير من الوقت للأطفال في الضواحي قبل أن تصلهم المعلومات الخاصة بالثقافة الصحية والجنسية والإنجابية والأمراض المنقولة جنسيا.
إن تمركز مؤسسات المجتمع المدني داخل العواصم وعدم تنازلها عن" برستيجها " الفندقي له أثر واسع على الأطفال ليس في الضواحي فقط ولكن على مستوى اليمن ككل.