Thu,Jul 03 ,2025

التعليم الديني في الضواحي
2025-04-23
تتجه الأسر اليمنية في هذه المناطق إلى التعليم الديني لغلبة الإحساس بالدين في أوساط اليمنيين وعلى الأخص الريفيين وهذا يجعل من العديد من مراكز التحفيظ منتشرة، وفى عدم وجود رقابة على المدارس الحكومية الممولة على مستوى المرتبات والمصاريف من الدولة فكيف سيكون عليه الحال بالنسبة للمراكز المختصة بالتحفيظ وعلوم الدين المستقلة عن قوة الدولة وتمولها وتنشطها جماعات دينية مختلفة، وقد لا تجد مدرسة أو مركز صحي داخل أي حارة من الحوارى في الضواحي ولكنك بالضرورة ستجد مسجدا يقدم بخلاف العبادة دروس التحفيظ وعلوم الدين والحديث والسيرة ضمن قوالب تقوية المنهج للطلاب في مراحلهم الدراسية المختلفة، وهى للذكور.
وفى النادر ما يوجد نشاط مثل هذا مخصص للفتيات، وتقوم هذه المراكز بعمل أنشطة صيفية للأطفال لـ تلقينهم وتحفيظهم أمور دينهم بالإضافة إلى نشاطات رياضية كالسباحة والرحلات، وتقدم الدعم لهذه المراكز المساجد نفسها بالإضافة إلى الأحزاب الدينية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الاتجاه الديني وتكون تابعة لحزب أو مؤسسة دينية كبيرة ومشهورة في المدينة، وهذا جيد في العموم، ولكن يجب الرقابة على هذه المراكز على المدى الطويل لأنها قد تنتج من هؤلاء الأطفال مجموعة من المتطرفين في الرؤى والتفكير.
أين مؤسسات المجتمع المدني
إن مؤسسات المجتمع المدني وما تقدمه " في المدينة " من تعليم وتدريب نوعية للأطفال مهم ولكننا نسأل عن غيابها في الضواحي، وفى واحدة من زياراتي وجدت بعض اللافتات الخاصة بانتخابات "برلمان الأطفال" وهو نشاط خاص بمؤسسة مجتمع مدى يمنية رائدة تسمى “المدرسة الديمقراطية" وكان من الفعاليات النادرة في هذه المناطق، ويبدو أن بقية المجتمع المدني في اليمن والمتمركز في المدن لا يطرح قضية هوامش المدن وحوافها ضمن برامجه في ظل غرقه الكامل في الفعاليات الفندقية تحت مسميات " ورش عمل – ندوات – دورات تدريبية الخ من مفردات العمل المدني اليمنى الفندقية"، وإذا كان تم ذكر برلمان الأطفال وهو نموذج مهم من نماذج تحقيق مبادئ مشاركة الطفل إلا أن هذا المفهوم غائب غيابا تاما عن الضواحي.
إن مشاركة الطفل مبدأ تقوم به مؤسسات مجتمع مدني كثيرة ولكنها محصورة في العاصمة ومشاركة الطفل تتحقق فقط هناك، وربما فى مراكز بعض المدن الكبيرة، ولا عزاء لأطفال الريف والضواحي، وهذا بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني المشهورة والمؤثرة في العاصمة ولكن هناك مؤسسات مجتمع مدني " جمعيات" في الضواحي ولكنها ليست مؤسسات أو منظمات حقوقية أو تنموية بل جمعيات نسوية خيرية لا تعرف من العالم بأكمله إلا الخياطة والتطريز أو جمعيات دعوية تعمل في جمع النقود لصالح فلسطين أو لمرضى السرطان، وهذه الجمعيات المنشأة في هذه المناطق غالبا ما تكون مفرخة عن مؤسسات دينية كبيرة تعمل كما تعمل في مركز المدينة على بناء الجانب الديني لمستهدفيها ومن ضمنهم أطفال الضواحي وتبدو بعيدة عن الرقابة.
إن كل ما ذكر سابقا ليس تقليلا من أهمية الدين فهو يشكل أساسا مهما للغاية في حياة المجتمعات وهذه المراكز والمؤسسات موجودة حتى في مراكز المدن ولكن التحفظ والاستفسار هو عن مدى وجود الرقابة لأنشطتها، وهذا لا يعنى أيضا تضخيم حجم الرقابة ودورها في هذه المناطق ولكنها دعوة أن تكون مستويات الرقابة فاعلة في جميع المناطق القريبة والبعيدة وعلى هامش هذين البعدين لتصبح العملية التعليمة ذات مردود جيد في المستقبل.
إجمالا فإن الضواحي مرشحة لتكون مخزن للمتطرفين على مستوى الفكر الديني، وأطفالها اليوم هم من سيقومون بأعمال عنيفة تتحدث عنها الأخبار مستقبلا، ومشكلات التعليم في اليمن كثيرة ومعروفة تبدأ من المنهج ولا تنتهي عند العنف ضد الأطفال في المدارس، والذي رغم وجود مبادرات لمناهضته، و قانون عدم جوازه إلا أنه ما يزال يمارس بشكل كبير في المدارس فكيف سيكون عليه الأمر في مدارس خارج نطاق الاهتمام مثل الضواحي.
إن العنف ضد الأطفال في المدينة يخف نوعا ما بسبب وجود رقابة، وربما ينعدم في الريف لوجود مصالح بين المدرس وتلاميذه، ولكنه في الضواحي مستشري لأنهم على الهامش والهامش لا حكم له، ورجوعا لما سبق فإذا كانت الضواحي جغرافيا مساعدة على استغلال الأطفال، وبيئتها مساعدة على ممارسة العنف ضدهم فإن من المهم معالجة الأمر، وما يزال هناك الكثير مما يمكن مناقشته في" التعليم للأطفال في الضواحي اليمنية" ولكن لا يسع المجال هنا لذكرها هنا، ونكتفي بالقول إن مشكلة التعليم في الضواحي هي جمع ما بين مشكلات التعليم في اليمن بصفة عامة زائدا ظروف الضواحي الجغرافية والديموغرافية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية بصفتها ضواحي وليس بصفتها أي شيء آخر.