Thu,Jul 03 ,2025

التعليم للأطفال في الضواحي اليمنية
2025-04-23
إن التعليم هو اللبنة الأساسية للتنمية ونشوء المجتمعات المثقفة والنشطة في مجال العمل والأنشطة المدنية والحقوقية والتنموية، فهل يمكن أن تكون الضواحي في العاصمة صنعاء أو غيرها من المدن مساهمة إيجابية في كل ذلك أم أن الأطفال والشباب هناك لا يحصلون على التعليم الجيد ليصبحوا بعدها مواطني مساهمين إيجابيا في التنمية؟
البعيد عن العين
سؤال طالما ألح على خاطري ، فإذا كانت الرقابة في اليمن غير جيدة في العاصمة فكيف بالمحافظات الأخرى، وإذا كانت الرقابة داخل العاصمة ليست بذلك المستوى من الجودة فكيف بهامش المدينة؟، ونمط التعليم في الأرياف يجعل من المدرس يحضر يوما ويغيب أياما للرجوع إلى أسرته في المدينة أو قرية أخرى، والكتب تصل متأخرة، وهذا عدا الجباية التي يحضرها الطفل للمعلم سواء كان" عزومه يومية " لدى أحد الطلاب أو نصيب من القات من كل بيت كل يوم، وأغلب الظن أن الضواحي مثل الأرياف وليست مثل المدينة، ولنرجع إلى قضية الرقابة التي إذا انعدمت تصبح عملية الفعالية والتأثير التعليمية ليس بتلك الجودة المؤمل أن تصبح عليه.
إن عدم أو قلة الرقابة على المدارس تخلق تغيب من العمل بالنسبة للعاملين، وأيضا تكون محفزة لتواجد الفساد عن طريق تقديم الخدمات الغير مقننة وتسهيلها في مقابل المال، وهذا عدا أن الكثير ممن يعملون في هذه المناطق لا يحاولون تجويد أعمالهم أو تطويرها، ويبقى الحال كما هو عليه فربما يأتي التطوير بما لا تشتهى الأنفس، وإن كان الاعتقاد بأن العملية التعليمية في اليمن ليست بتلك الجودة المميزة فالأمر يأخذ طابعا دراميا في الضواحي، وفي الأغلب فأن الضواحي لا تقدم الخدمة التعليمية إلا للمرحلة الأساسية ولكنها في المرحلة المتقدمة كـ الثانوية يكون مركز المدينة هو من يستقبل اليافعين. وبالرغم من أن الهياكل التعليمية في الضواحي موجودة إلا أن الكثير من المعوقات يظهر جاعلا من العملية التعليمة هناك مخفقة، وكحكاية ما زلت أتذكر زيارة قريب لي لإكمال دراسته الإعدادية في صنعاء، وظل في بيتنا سنتان كاملتان، وعند أول دخول له للتسجيل لم يكن يقدر على القراءة والكتابة، وكانت لديه أخطاء إملائية كثيرة رغم أنه جاء وهو يحمل الشهادة الابتدائية قبل دمجها مع الإعدادية لـ تسمى فيما بعد المرحلة الأساسية وحينها تم تخفيضه إلى الصف الرابع، وهذا يعنى أنهم أرجعوه سنتان إلى الوراء، ولم يكن يستحق أن يواصل بالشهادة التي حضر بها من القرية، وقد أسر لنا حينها أنه كان ينجح كل سنة بحوالي عشرة كيلو جرامات من البن يعطيها للأستاذ من أرضهم المعروفة بجودة البن الذي تنتجه، وبالتالي كان من اللازم أن يرجع إلى الوراء عدة سنوات دراسية، وهذا يبين جودة التعليم بعيدا عن العاصمة صنعاء وعن مراكز المحافظات الأخرى، وهذه من الحكايات التي أذكرها عن التعليم والتي مررت بها شخصيا وحين كنت أكتب هذا الكتيب أحببت ذكرها لمدى ما تعطيه من دلالات عن مدة جودة التعليم خارج العاصمة.
لا تخرجي... فنحن نخاف عليك
بخلاف أن التعليم في الضواحي ليس بتلك الجودة إلا أن هناك الكثير من الملاحظات التي يمكن معرفتها ومنها أن الكثير ممن سكنوها هم ريفيين حالمين بعمل أفضل في المدينة، وهم كثر جدا بطريقة تحتاج للدراسات حول الهجرة الداخلية، وبالتالي فقد جلبوا معهم بعضا من ثقافتهم الريفية الغير محببة لتعليم الفتاة سواء كانت طفلة أو يافعة أو شابة، وهى ثقافة ريفية متأصلة، وهذا عدا أن الراغبين منهم بتعليم الفتاة لا يجد الأمان كما كان في قريته أو كما هو موجود في مركز المدينة، وهذين السببين من جملة أسباب تدفع السكان الجدد للضواحي إلى عدم تعليم الفتاة، وبالتالي تشكل الظروف الجغرافية والديموغرافية المحيطة بالضواحي وكذا الفقر المدقع معوقات جدية تمنع تعليم الفتاة.
هل ما يحتاجه الدار... يحرم على الجار؟
يقال في الشارع اليمني أن اليمن أصبحت مزبلة للاجئين وهى جملة تمييزية صارخة، وتحتاج إلى توعية المجتمع بحقوق اللاجئين وواجباتهم في الدول المستضيفة وإلا فلن يعيش الكثير من اللاجئين بسلام ومنهم الأطفال اللاجئين، واليمن في العموم شعب مضياف ولكن الحجم الكبير للاجئين من جهة وبعض الأعمال التي يقومون بها تحفز المجتمع ضدهم بشكل أو بأخر، وهذا يؤثر بشكل كبير على الأطفال.
وقد هرب إلى اليمن الاف منهم من النزاعات الداخلية أو الاحتلال في بلدانهم ومنهم العراقيين والفلسطينيين والصوماليين ومن الحبشة، وقد لا توجد مشكلة لدى العراقيين والفلسطينيين، ولكن الأمر يختلف مع مواطني الصومال أو الحبشة على اعتبار أن الثقافة المحلية عادة ما تربطهم كسود البشرة بالجنس التجاري والإيدز، وهذا اعتقاد وفكرة موجودة ومرتبطة بحجم المصابين بالإيدز في القارة الأفريقية مما جعل من أي شخص أسود متهم بإصابته بالإيدز إلى أن تثبت براءته.
بالنسبة للأطفال من اللاجئين ومدى تمتعهم بالحق في التعليم فإن جنسياتهم أولا تجعل من مستوى قبولهم في المدارس داخل مركز المدينة أقل من المطلوب، ويزداد الأمر سوءا في الضواحي، وكحكاية ما زلت أذكر حادثة لطفل من الحبشة تم رفض قبوله في أكثر من مدرسة داخل العاصمة لغياب بعض الأوراق وكذا لأنه مسيحي الديانة، وقد تدرب هذا الطفل على الرسم ضمن أنشطة مؤسسات غير حكومية، وتم التعرف على حكايته من خلال هذه الدورات، وهذه الحادثة أو الحكاية هي من الحكايات القليلة التي تعرفت عليها شخصيا.
بالنسبة للحكايات التي لا أعرف عنها فلا بد أنها ستكون درامية العدد، وإن عملية الإدماج قد تكون سهلة في حالة الأطفال من العراق وفلسطين ولكن لا يستطيع الصوماليين ومن الحبشة الفوز بمقعد دراسي لاختلاف اللغة، واختلاف الديانة في بعض الحالات، ومع ذلك فهناك العديد من الحلول المجتمعية التي فكر بها اللاجئون لتعليم أبنائهم منها الاتجاه إلى المدارس الخاصة.
وهناك قصص عن الفلسطينيين والعراقيين الذي استطاعوا الحصول على أعمال نوعية ومربحة في المدن بخلاف بقية الجنسيات، وهذا لا يعنى أن كلهم استطاعوا الفوز بهذا الحل فهناك أعدادا كبيرة لم تستطع اللحاق بركب التعليم في اليمن، ولكن هل هؤلاء الأطفال من اللاجئين هم كل المتواجدين في اليمن؟ بالطبع لا، فهناك مخيمات مخصصة للاجئين الصوماليين يقطن بها قسم كبير منهم وبالتحديد في مخيمات" خرز والبساتين" في عدن وفى هذه المخيمات يقدم للأطفال التعليم، ولكن عن مستوى جودته وشموليته فليس هنا مجال مناقشته.