Thu,May 08 ,2025

التربية على حقوق الإنسان أولوية

2023-05-23


إن التربية على حقوق الإنسان هي بناء لشخصيات الأطفال والشباب ليصبحوا عند البلوغ متفهمين ومؤمنين وممارسين لأدبيات وممارسات حقوق الإنسان في حياتهم الشخصية والمجتمعية وبالتالي هي طريقة من طرق البناء للمستقبل الخالي من الإنتهاكات الحقوقية في المجتمعات, ويمكن أن يتم تفعيل التربية على حقوق الإنسان عبر التعليم ومحاولة تطوير العقول والإيمان بما لحقوق الإنسان من أهمية في تطوير الإنسان والمجتمع وبما يعمل على تغيير حياة كل شخص إلى الأفضل وجعل كل شخص مواطنا كونيا يؤمن بما يؤمن به كل شخص في هذا العالم فحقوق الإنسان كونية ومن يؤمن بها هو مواطن كوني وهذا لا ينتقص من مواطنته المحلية لوطنه الأم ولكنه تطوير لرؤيته وحياته لتصبح ممارسات إنسانية شامل.

أن التربية على حقوق الإنسان في الغالب تتجه إلى الأطفال والشباب فهي بالتالي بناء لعالم بدون إنتهاكات إنسانية مرهقة في المستقبل، وشكل من أشكال الإستثمار في الإنسان والمجتمعات المحلية.

إن التوجه إلى التربية على حقوق الإنسان والإستثمار في المستقبل هو أحد الحلول الناجحة لمستقبل حقوقي حقيقي وخصوصا أنه يتجة إلى الأطفال والشباب عبر التعليم والتثقيف وبناء القدرات والعمل مع هذه الفئات يعتبر زرع للإيمان بحقوق الإنسان في ضوء أن التوجة للكبار لم يكن ناجحا بالشكل الكبير خلال الفترات الماضية واللذين يقوموا بإستقبال مفاهيم حقوق الإنسان وهم محصنون بأفكار مسبقة وطرق تربية محلية متأصلة فيهم تجعلهم غير قادرين على إستقبال مفاهيم حقوق الإنسان بالشكل المستقل, وبعقل منفتح, وقلب راغب بالتغيير نحو الأفضل وهذا ما جعل مسيرة حقوق الإنسان في الماضي القريب لا تصل إلى هدفها الحقيقي وهو ان يحصل كل فرد في هذا العالم على حقوقة الأساسية التي كفلتها له المواثيق الدولية.

لقد أصبح من المهم إعطاء التربية على حقوق الإنسان حقها في الإهتمام والتمويل والأنشطة لما لها من أهمية متفردة تتفوق به على جميع الأنشطة والأفكار التي يتم العمل بها في حركة حقوق الإنسان في العالم فكل دولار سيتم إنفاقه على هذا المجال سيعود أضعافه في المستقبل القريب لصالح الحركة الحقوقية العالمية, فبناء الوعي الذاتي للحقوق لدى الأطفال والشباب سيخلق كل يوم شخص جديد قادر على حماية حقوقه وحقوق مجتمعه والدفاع عنها, وهذا بالإضافة إلى أن العمل على التربية على حقوق الإنسان الأن سيخلق في المستقبل وعي جماعي بهذه الحقوق مما يخلق حاجز صد منيع للإنتهاكات التي يمكن أن تحدث للأفراد والمجتمعات, فمجتمعات تدرك مفاهيم وأدوات حقوق الإنسان ستكون قادرة على حماية نفسها ومواطنيها>

أن المجتمعات الحقوقية أو الحساسة للحقوق هي مجتمات لا تؤمن بالعادات والتقاليد الضارة بالحقوق الإنسانية وخصوصا تلك المتعلقة بالطفولة والنساء, وقادرة على تفهم أهمية كرامة الإنسان, وتعتمد على الحوار الذي تضعه حركة حقوق الإنسان في مقدمة الحلول للإختلافات بين البشر فمجتمعات تؤمن بالحقوق ستؤمن بأخطاء العنف والصراع والحرب في تسوية الإختلافات بين بني البشر, وبالتالي فإن التربية على حقوق الإنسان تصنع مجتمعات تتصف بالتفكير العقلاني والسلمي, وهذا بالإضافة أن المجتمع المحلي الذي يؤمن بحقوق الإنسان بالإضافة الى مجتمعات محلية أخرى تؤمن بنفس الشيء تصنع عالم من التفاهم الكوني بين المجتمعات جميعها مما يخفف بشكل كبير الصراعات الدولية والانتهاكات العابرة للأوطان.

وبرغم الأهمية التي تحتلها التربية على حقوق الإنسان في بناء مجتمعات كونية حقوقية ومتحررة إلا أنها عانت الكثير في وجودها في اليمن لأسباب عدة ومن ضمنها التناول السطحي والتمثيلي لحقوق الإنسان لدى الحكومات والسلطات ما قبل ثورة 2011 والتي كانت تتعامل مع حقوق الإنسان من منطق الترويج لنفسها كديمقراطية ناشئة برغم إعتوار نظام ما قبل 2011 بعدد من الأمراض السلطوية العربية المزمنة, ومن بعد ذلك التقلبات السياسية والأمنية التي مرت بها اليمن منذ ما بعد مؤتمر الحوار الوطني ومن ضمنها إستيلاء أنصار الله على السلطة في 2014 والحرب على اليمن في 2015 والتي إستمرت حتى كتابة هذه السطور والتي جعلت من العمل الحقوقي بعامة في اليمن صعب, ودمرت التطور الحاصل في السابق برغم رداءته أصلا.

في المقابل فقد كان هناك وما يزال في اليمن عدم إقتناع بالمفاهيم التي تأتي من الغرب ومن ضمنها بل وعلى رأسها حقوق الإنسان والديمقراطية والتي ناقشها الشارع اليمني في الماضي والحاضر بصفتها نوع من التغريب والإنحلال الجزئي لمجتمع محافظ كاليمن, وخصوصا مع وضع حقوق الإنسان النساء في مقدمة الفئات المهمشة التي يجب أن يحصلن على حقوقهن لينتشر الخوف في المجتمع الأبوي اليمني من الحقوق الإنسانية بصفتها تقوض سلطتهم التاريخية, وهذا بالإضافة الى أن حقوق الإنسان تتعارض ي قيمها مع بعض القيم السلطوية لدى أجهزة الدولة وهذا ما جعل تلك المؤسسات تسهم في شيطنة حقوق الإنسان في اليمن خلال السنوات الماضية وعلى مدار كل الحكومات التي تعاقبت في حكم اليمن.

أن التربية على حقوق الإنسان تعمل بالأساس مع الأطفال والشباب وإن البيئة المدرسية أو التعليمية سواء كانت في مدرسة أو في إطار أنشطة لا صفية مع منظمات غير حكومية فإن من المهم العمل على تطوير البيئة التعليمية والعاملين فيها مع الأطفال والشباب ليستطيعوا العمل على بناء إيمان وارتباط حقيقي ما بين الأطفال والشباب وحقوق الإنسان وهذا يأتي أولا عبر حكومة مؤمنة ومتفهمة ما لحقوق الإنسان من أهمية في الحفاظ على كرامة مواطنيها ومستقبلهم وكذا تحفيز هذه الحكومات للسلطات التعليمية لبناء استراتيجيات للتربية على حقوق الإنسان في البيئة التعليمية اليمنية وبناء قدرات المحيطين بالأطفال والشباب من المعلمين والمربيين والمدربين في منظمات المجتمع المدني حول مفاهيم واليات حقوق الإنسان العالمية وخصوصا الاتفاقيات ذات الإرتباط بحياتهم اليومية وممارساتهم الحياتية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المراءة.

وكذا من المهم العمل على استثمار أدوات ومفاهيم وأدلة تدريبية تقترب من أفكار الأطفال والشباب, وكذا التخطيط لورش عمل قادرة على اجتذاب الأطفال بشغف لحقوق الإنسان ومفاهيمها حتي يستطيع المعلم أو المدرب إثارة حماس الأطفال والشباب لهذه المفاهيم وزراعتها بشكل مستدام في عقولهم وجعلها ممارسة حياتية لهم في الأن والمستقبل لما لهذا من دور في تنمية خبرات وطرق تعامل الأطفال مع أنفسهم ومع اقرانهم وأسرهم ومجتمعاتهم , ومعرفتهم بتطور الحقوق الإنسانية ومفاهيمها وتطبيقاتها في حياتهم وكيف أنها حقوق شمولية وكونية وترتبط بكرامتهم وكرامة كل إنسان وحقهم هم وكل من حولهم من الكبار والصغار في كل العالم في التعليم والصحة والأمان والمساواة والحرية والتنمية والتملك والحماية وبناء الأسرة والإستفادة من الضمان الإجتماعي والحصول على المساعدة عند حدوث إنتهاكات , وغير ذلك من الحقوق التي ضمنتها اتفاقيات حقوق الإنسان لكل الناس بغض النظر عن الإعاقة واللون والجنس والدين والجنس والجنسية وغيرها من أشكال التمييز.