Thu,Apr 25 ,2024

التعليم الإلكتروني والاستجابة الإنسانية

2023-01-05


مع بدء التحرك الشعبي العربي في 2011 ، ونجاح البعض منها في القفز على عقبة الفوضى، والبدء بعملية الانتقال السلمي للسلطة، والبدء بخطوات في مجال الديمقراطية، والسلام، والتنمية نجد أن البعض الأخر سقط في الصراع إلى القاع، وعاشت الشعوب التي فشلت في الانتقال من مرحلة الثورة لمرحلة الاستقرار مرحلة صعبة على المستوى الإنساني، لتزيد معدلات النزوح الداخلي في الدول التي تعيش الحرب داخل حدودها بين الأطراف السياسية المتحاربة، وزادت أيضا نسب اللاجئين من هذه الدول للعالم، ومن تبقى أصبح يعيش أوضاع غير مستقرة، وخطيرة، ولا تتمتع بتوفر الخدمات الضرورية التي يحتاجها الإنسان، وساهم في ذلك أوضاع هذه الشعوب والحكومات الغير مستقرة، والعقبات المتعلقة بالنزاعات من قبيل القيود على الواردات، وانهيار الخدمات الأساسية والمؤسسات، والتدهور الاقتصادي الحاد، وفقدان سبل كسب العيش، وصعوبة الوصول للأسواق، وانخفاض قيمة العملات، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والسلع الأساسية وزيادة حالات عدم الاستقرار.

احتاجت هذه الأوضاع العديد من التدخلات من المنظمات المحلية، والدولية، ووكالات الأمم المتحدة، ووكالات التنمية في العالم لتغطية الاحتياجات الإنسانية الأساسية في هذه الدول المتضررة، ونشطت في البرامج المرتبطة بالاستجابة الإنسانية من قبيل الأمن الغذائي، والزراعة، والمواضيع المتعلقة بالصحة بما في ذلك تفشي الأوبئة والأمراض السارية، وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة، وارتفاع كبير في سوء التغذية خصوصا لدى الأطفال، بالإضافة لحاجة النازحين واللاجئين لخدمات الإيواء في المخيمات وحاجاتهم للمواد الغذائية وغير الغذائية الأساسية.

 

من جانب أخر احتاجت فئات إنسانية ضعيفة لخدمات الحماية وخصوصا الأطفال، وتدني مستوى الخدمات التعليمية، وتدني قدرات المجتمعات المحلية في الدول المتضررة في التحمل والمرونة مما رفع من تكاليف العملية الإنسانية في كل الدول المتضررة من النزاع.

وساهمت النزاعات في ارتفاع معدلات العنف للنوع الاجتماعي، وقدرات المجتمعات المحلية على مناهضتها، وقلة المشاركة المجتمعية في هذه المجتمعات على معالجة قضاياهم الاجتماعية الحالية وحاجتهم للدعم، وبناء القدرات، والتمكين المحلي لهم ليصبحوا قادرين على الصمود، وزاد الاعتماد على المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، والتي عملت على تطوير آليات الاستجابة السريعة للاحتياجات الإنسانية، وتعزيز آليات الإمداد والتموين، ورفع قدراتها في مجال التنسيق الإنساني وخدمات الاتصال في الطوارئ، ومع دخول هذه المنظمات والوكالات احتاجت لتطوير ممارساتها وأهدافها وقدرتها على رصد المؤشرات الإنسانية، وتحقيق الأهداف الإنسانية التي بسببها تدخلت في هذه الدول التي تعاني النزاعات، وبسبب من هذه التدخلات، وزيادة التمويل الإنساني، واتساع رقعة التدخلات لهذه المنظمات في عموم المدن المتضررة أصبحت هناك حاجة لعمال إنسانيين بأعداد كثيفة ليكتشف الجميع قلة الأيدي الماهرة والخبرات الإنسانية الجيدة لدى منفذي الاستجابة الإنسانية فتجربة الصراع في الدول العربية تعتبر حديثة.

وبالرغم من تكون المجتمع المدني في وقت مبكر في بعض منها كاليمن إلا أنه كان يعمل في القضايا التي ارتبطت ببيئة متنامية وشبه ديمقراطية، ولم يتكون لديه خبرات فعلية في الاستجابة الإنسانية، ولم تتكون لدى النشطاء في هذه المؤسسات الخبرة العملية في العمل الإنساني، وتفاصيله المعقدة، وبالتالي فقد عانت المنظمات والوكالات الدولية في بدايات التدخل من القدرة على الحصول على الموظفين الإنسانيين القادرين على تنفيذ برنامج إنساني ناجح، وقد تطور العمل الإنساني كثيرا بعد مرور سنوات من العمل الميداني، وتكونت خبرات عملية لدى الموظفين الإنسانيين المحليين يستطيعون من خلالها تنفيذ مثل البرامج بشكل جيد.

مع استمرار الصراع بدا أن العمال أو الموظفين الإنسانيين كونوا خبرات ميدانية ولكن كانت الفجوة النظرية والخاصة بالمعايير الإنسانية، وأنظمة العمل المحترفة، وتفاصيل الاحتياجات الخاصة بالفئات الإنسانية المختلفة ما زالت موجودة وبقوة، ومن أجل عمل إنساني جيد ومؤثر إيجابيا في المجتمعات المتضررة أصبح هناك ضرورة أن يكون لدى العمال الإنسانيين حزم من المهارات الشخصية والعملية للعمل باحتراف في مجالات العمل الإدارية، والتنظيمية، والعملية، والميدانية للعمل الإنساني بحسب الآليات الاحترافية التي تم تطويرها خلال عشرات السنين من العمل الإنساني في العالم، وأصبح من المهم على العمال الإنسانيين أن يكون لديهم الخبرات العملية في مجالات متنوعة ليصبحوا قادرين على العمل الإنساني بجودة، والقدرة على التعامل مع المستفيدين، والحصول على تغذية راجعة منهم حول جودة العمل الإنساني، وسبل تطويره، ومشاركتهم في صناعة القرار حول احتياجاتهم، ولأسباب تتعلق بالصراع، وعدم القدرة على بناء القدرات للعمال الإنسانيين بشكل مباشر أصبح من اللازم تطوير خبراتهم ومهاراتهم في إدارة العمل الإنساني عن بعد عبر الإنترنت، وهذا ما استدعى وجود الكثير من المنصات التدريبية التي تقدم بناء القدرات في تفاصيل العمل الإنساني، وتعريب مئات الدورات المتخصصة في هذا المجال، وتحفيز أولئك العاملين الإنسانيين للاستفادة منها.

إن هناك أساسيات يجب على كل عامل في المجال الإنساني التعرف عليها وأن يحصل على بناء قدراته فيها، ومنها التعرف على السياق الإنساني، والأنظمة والمعايير المرتبطة به، وبناء قدراته، وخبراته في المبادئ الإنسانية، والقانون الإنساني الدولي، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والتي تحتوي على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، والعهد العالمي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد العالمي الخاص بالحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، بالإضافة لاتفاقيات جنيف المتخصصة بحماية الأشخاص في أوضاع الحروب، وبناء خبرات العامل الإنساني في الممارسات الإنسانية الأساسية، وليس انتهاء بالقيادة الإنسانية كنموذج متقدم من الخبرات للعمل مع الشعوب المتضررة من الصراع، وبعيدا عن الأساسيات فهناك تفاصيل في العمل الإنساني تستدعي أن يكون لدى العامل الحد الأدنى من المعرفة باليات وممارسات وسياسات العمل العالمية، وخصوصا في مجال تخصصه الإنساني كالأمن الغذائي، والصحة والحماية والطفولة وغيرها، وفي التالي بعض من المهارات الأساسية المتعلقة بكل فئة إنسانية أو عمل إنساني يجب على كل عامل في المنظمات الدولية والوكالات الأممية أن يحصل عليها، إن العامل في مجال الطفولة في مرحلة الصراعات، والمتخصص في مجال العمل الإنساني لهم يفترض به أن يكون محيط بقضايا الأطفال والصراعات وطرق العمل معهم، وما هي نوعية المشاريع التي يمكن أن تقدم لهم، وبالتالي يجب عليه أن يكون على معرفة عميقة باتفاقية حقوق الطفل كبنية أساسية للعمل معهم، ومن ثم تكوين خبراته في مجال تخصصه في العمل مع الأطفال في العمل الإنساني، والأطفال في النزاعات، وحماية الأطفال في الطوارئ، وكيفية تحقيق نتائج إيجابية لهذه الفئة، وطرق التخطيط والبرمجة لحمايتهم، والطرق الفضلى لتحقيق نتائج إيجابية في تنمية الأطفال واليافعين في الصراع.

ومن المهم بالنسبة للأطفال جعل العملية الإنسانية مؤثرة إيجابيا لهم، وبناء القدرات للعاملين في البرامج الأساسية المتوجهة للأطفال في الطوارئ كالصحة العقلية والنفسية، والدعم والرعاية الاجتماعية، وحماية الأطفال من العنف والإساءة والإهمال والاستغلال الاقتصادي والجنسي، وتجنيد الأطفال، والزواج المبكر، وطرق حماية الأطفال في الاستجابة الإنسانية، وإجراءات ومبادئ الحماية لهم، والمعايير الدنيا لحمايتهم، وتعزيز مشاركتهم في العمل الإنساني بصفة المشاركة أحد المعايير الأساسية لاتفاقية حقوق الطفل، وتحديد الاحتياجات الخاصة بهم في الصراع، وتنسيق المشاريع الخاصة بهذا الغرض، وبناء قدرات المشرفين العاملين معهم، وصناعة الاستراتيجيات الخاصة بحمايتهم، والنظر في جودة القدرات الخاصة بالعاملين مع الأطفال في الصراع من قبيل إدارة الحالات الخاصة بانتهاكات الأطفال، وطرق الإحالة الخاصة بالحالات التي تحتاج الى المساندة والعلاج، وإدارة المراكز الصديقة للأطفال، والمراكز المجتمعية التي تقدم خدماتها لهم.

إن الاهتمام ببناء قدرات العاملين مع الأطفال ويهتمون بهم بحسب أعمارهم، وحاجة كل عمر لطرق حماية مختلفة كالطفولة المبكرة واليافعين والشباب، وبحسب ظروفهم الاجتماعية كالأطفال المجندين، والأطفال في الشارع، والعاملين، والأطفال المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب، والأطفال ذوي الإعاقة، والمتسربين من التعليم، ومن يعانون من التهريب في الدول التي تعاني من الصرع، ومن يعيشون في أوضاع هشة خطرة عليهم وعلى حياتهم وصحتهم الجسدية والعقلية والنفسية، والأطفال فاقدي الرعاية الأسرية، وغيرهم الكثير، وتعاني النساء من الصراع كثيرا من نواحي تفشي العنف القائم على النوع الاجتماعي، والعنف الجنسي، والتهجير، والنزوح، واللجوء، وعدم القدرة على الحصول على الموارد التي تستطيع من خلالها الصمود أمام الصراع، وتدني قدرتها على الحصول على المساعدات الإنسانية، وبالتالي يفترض لدى العامل الإنساني القدرة على التعامل مع قضايا النساء في الصراع من قبيل التأثير الإيجابي في صحة المرأة في الصراع، والقدرة على تعريف ومناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والعنف الجنسي، وإدارة هذا النوع من العنف، والعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين في الوصول للمساعدات، وتعزيز التنوع، والشمول في هذا الجانب، وتعزيز الاتصال والتنسيق في حماية النساء في الصراع والاستجابة الإنسانية له، والتعرف على الاحتياجات المختلفة والفرص المتساوية للجنسين في العمل الإنساني، وتحديد ومساعدة النساء المتعايشات مع الايدز، وتطوير العدالة في مجال النوع الاجتماعي.

وبخصوص الأشخاص ذوى الإعاقة يفترض بالعامل الإنساني العمل على بناء قدراته في مجال القدرة على تحديد إعاقتهم وحاجتهم، ودرجة ارتباط العمل على مساعدتهم ببقية أنواع الاستجابة الإنسانية مثل الأشخاص ذوى الإعاقة والأمن الغذائي، والصحة، والقدرة على الوصول للمياه والصرف الصحي والتعليم والمأوى، ودرجة حساسية كل هذه الأنواع لهم وقدرتهم على الحصول عليها، وهناك أيضا كبار السن، والنازحين، واللاجئين، والأشخاص من الأقليات الدينية والعرقية والاثنية، وتتطلب هذه الفئات بناء قدرات العاملين في مجال تتبعهم وتحديد احتياجاتهم، والطرق الفضلى لتوفيرها.

ومع المرور على الفئات الإنسانية واحتياجاتها يصبح من المهم أن يكون هناك بناء قدرات للعاملين في الاستجابة الإنسانية في مجالات العمل الإنساني نفسه، وطرق إدارتها بالشكل الصحيح، والمتعارف عليه دوليا، وفي هذا الجانب تدخل مهارات من قبيل تصميم وإدارة مشاريع في مرحلة الصراع، وما هي أدوات الحساسية للصراع، وقواعد عدم الأذية، وأبجديات التأثير في العمل لأجل الصحة والنظافة في الطوارئ، وتوزيع المواد الاغاثية، وتنفيذ مشاريع التعليم في الطوارئ، واليات حماية الأطفال، والطرق المثلى لتحديد الاحتياجات، وأدوات الاتصال وتبادل المعلومات، والرقابة والتقييم والمسألة والتعلم في أوضاع الاستجابة الإنسانية، وطرق التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، وطرق واليات الأمن والحماية، وتصميم الخطط الأمنية للمنظمات والعاملين فيها، وتحليل المخاطر وسياقها والتعامل معها في العمل الإنساني، وما هي الطرق لبناء استجابة أفضل للعمل الإنساني، ويضاف الى المهارات المتعلقة بالتعامل مع الفئات المتضررة من الحروب مهارات إدارية وشخصية ذات صلة بالعمل بشكل عام ولكنها تفيد في العمل الإنساني كممارسات إدارة المشاريع، وتدبير التمويل، ومهارات تطوير العلاقات للمدراء، وقيادة الفرق، واختيار وتجميع وتحليل وتنظيف البيانات، وتحويلها لبيانات صورية مفيدة وسهلة، وتطوير نظريات التغيير الاجتماعي، واليات المناصرة للقضايا الإنسانية، والصحافة الإنسانية، والطرق الفضلى لإدارة الصراع وتحليله سواء كان ذو منشأ ديني أو سياسي، وإدارة الوقت والأولويات والذات، وتقنيات الكتابة، ومهارات كتابة التقارير، وأنماط الاتصال المحترف>

ويدخل في ذلك بعض المهارات التي تحتاجها الأنشطة الإنسانية، وعلى سبيل المثال في مجال الأمن الغذائي يحتاج العمل الإنساني إلى مهارات منها ما هو مفهوم الأمن الغذائي، وطرق تنفيذ مشاريعه، وخفض المخاطر المتعلقة بنقص الأمن الغذائي في المجتمعات، وطرق جعل الأمن الغذائي ذو تأثير إيجابي، وطرق التشبيك وتبادل المعلومات والتنظيم في هذا المجال، والبرمجة الجيدة، وطرق الرقابة والتقييم للأمن الغذائي وأنشطته، وكذا الجودة النوعية والرقمية في برامج الأمن الغذائي والطرق الفضلى لكتابة التقارير الخاصة بهذا الجانب، وعلى مستوى أعلى يفترض بالعاملين في المجال الإنساني أن يكونوا على معرفة جيدة بالمعايير العالمية التي تنظم العمل في المجال الإنساني كمعايير إسفير، والمعايير الدنيا لحماية الأطفال في الطواري، والمعايير الدنيا للعمل مع كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في الطوارئ، والمبادئ الإنسانية الأساسية، والمبادئ الأساسية لتحليل الأسواق في الطوارئ، والمعايير الخاصة بحماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي في الصراع، والقانون الإنساني الدولي، واتفاقيات جنيف ذات الصلة.

ويجب على العامل الانساني التركيز على مقدمي الخدمات التدريبية عن بعد وأنواعها وهل هي مفتوحة أو مخصصة للأعضاء أو شبة مفتوحة لأعضاء المنظمة والضيوف، وما هي الدورات التدريبية الموجودة فيها، ومن تخدم من العمال الإنسانيين، وهل هي مجانية أم لا، وما هو مداها الجغرافي محلي أو إقليمي أو عالمي، وهل هناك جامعات لديهن مساقات تدريبية إنسانية، وما هي المواقع التي تقدم التدريب الإنساني على الإنترنت بشكل تجاري، والتعرف على دور المساقات التدريبية غير ذات الصلة في العمل الإنساني في مجال العمل الإنساني نفسه، وما هي أهم المواقع الالكترونية التي لا تقدم خدمة التدريب ولكنها تعتبر ذات أهمية في الإحالة للراغب في التعلم إلى أهم المواقع التدريبية العالمية، ومن جهة أخرى هل هناك تطبيقات للهاتف تعطي بناء قدرات للعامل في المجال الإنساني، وأهميتها وأين توجد، وكيف يمكن الاستفادة منها، ونفس الشيء عن الألعاب الالكترونية ومدى وجود بعض منها يقدم لتدريب في العمل الإنساني عن طريق المحاكاة وأهمية هذا في بناء قدرات العامل الإنساني في الدول التي تعيش الصراع