Fri,Apr 26 ,2024

خسائر العنف وأرباح السلام

2021-10-03


مع الحرب في اليمن يبدو الوضع مزريا أكثر على مستويات عدة كالتنمية والحقوق والحريات والخدمات ومدى جودتها, ومع انشغال السلطات بكافة أنواعها  في حربها بدأت الكثير من الخدمات تسوء وهي التي أصبح الكثير من اليمنيون لا يعيشون إلا بها, ويأتي على رأس هذه الخدمات الخدمة الكهربائية فمن عدم إطفاء للكهرباء في أوقات سابقة, إلى إطفاء مرة في اليوم , ووصل الإطفاء مرتين, وحتى الوصول إلى الإطفاء من ثمان لعشر مرات يوميا مناصفة ساعتين بساعتين ما بين النور والظلام للوصول للظلام الكامل وتدخل القطاع الخاص لتقديم هذه الخدمة بأسعار مبالغ فيها للغاية خلال السنوات الماضية لا يستطيع أغلب المواطنين الوفاء بهذه المبالغ فيعيشون الظلام أو العمل على حلول غير ذات قيمة, وبالطبع  مع الحرب فلم يكن لدى أي سلطة من السلطات المنتشرة في اليمن  الوقت أو التمويل لصيانة أو إصلاح الأعطال التي أدت لهذه الخدمة السيئة بسبب انشغالها في الحرب وقد سبب هذا استياء لدى الجمهور في اليمن مما فاقم من تقليل السلام الاجتماعي, ذلك السلام الذي لا يستطيع العيش في الظلام الذي يعيش به اللصوص و ويمارسون فيه طقوسهم .

ومن سؤ خدمات الكهرباء لسوء خدمات المياه التي أصبحت لا تأتى إلى كل منزل إلا كل أربعة أيام, وغالبا لا تأتى إلا بعد أن يصل المستفيد لمرحلة مزرية من العيش بسبب تدنى الخدمة وجودتها فهي في الغالب تصل صفراء من الصدى التي يعلوها بما يجعلها تنشر الأمراض قبل أن تنشر الحياة, ونحن حتى الآن نتحدث عن المدن الهامشية ولكننا نتحدث عن صنعاء كعاصمة, ويبدو أن الأوضاع في المدن الأخرى والقرى أصعب بكثير على مستوى هذه الخدمتين الرئيسيتين التي جعلتهما الحرب والعنف الدائم في اليمن شئ ثانوي أمام ما تعانيه الحكومة من مشاكل عنف في الشمال و الجنوب وكذا الحرب مع التحالف.

إن عدم وجود السلام في المجتمع يدفع لعدم البحث عن حلول جديدة أو موارد جديدة أو أفكار لحل هذه المشكلات المجتمعية التي تدخل فى صلب حياة الإنسان المعاصر بسبب انشغال الجميع بالحرب، ووجود السلام يكثف من عمليات البحث عن حلول لمشاكل مجتمعية، وبالتأكيد فمع وجود العنف فأن الأطراف المتحاربة تخصص أجزاء كبيرة من الموارد للقتل وللنصر على الأخر وهذا سئ في المجمل ويؤثر على رفاهية الأفراد.

ولنبداء بشكل أخر من أشكال الخسائر التي أصابت الجماهير اليمنية بسبب الحرب وعدم وجود السلام كما هو خلال السنوات الماضية  وخصوصا في رمضان فقد تعودت الناس من الحكومة على مرتب في أول الشهر ومرتب في آخره وهو المخصص للشهر القادم مع إكرامية مرتب كامل في كل عام, وبالتالي فقد تعود الموظفين على هذه العادة وإشتروا بالمرتب في بداية الشهر الكريم كل مصاريفه الموسمية والمعروفة على المائدة الرمضانية وقد مر شهر رمضان لمرة ومرتان وخمس وست سنوات وما يزال هناك شهور رمضانية عديدة قادمة والناس أو الموظفون تحديدا اللذين يعيشون بشكل متوسط ينتظرون الإكرامية السنوية, والتي كانت ستوجه لمصاريف العيد من ملابس وحلويات وسيخصص المرتب الذي سيأخذوة أخر الشهر لشهر أكتوبر أو شوال بالتقويم الهجري كما كل عام, ولكن ما حدث إن زيادة حجم العنف في اليمن وبالتحديد مع وجود الحرب أثقل كاهل الدولة وجعلها لا تعطى ملايين الموظفين لديها مرتباتهم لسنوات مضت حتى الأن ناهيك عن إكرامية شهر رمضان مما صدم الكثير من الأسر والتي ترعى الكثير من الأطفال وجعلتهم يعيشون حياتهم حرفيا على الكفاف.

إن العنف والصراع له تأثير سلبي على الشعوب وخصوصا الأطفال والنساء وينشر العديد من المشاكل التي يقع بها الفقراء والمساكين والمهمشين ومحدودي الدخل الذي تقصم ظهورهم الحرب, ولا يستطيعون الفكاك بشكل كامل من الفقر الذي يعيش بينهم , ومن الشواهد على ذلك ما كان يشارك به القطاع الخاص بتمويل الأنشطة التي تدعم الفقراء وتوزيع الزكوات والصدقات عليهم والتي وبسبب من الحرب ضخت الكثير من الأموال إلى الجبهات بحيث قللت هذه المخصصات من جانب القطاع الخاص إلى حد كبير مخصصات أموالهم الموجهة سنويا للفقراء والمحتاجين من غير الموظفين, وليس الموظفون فقط من يعانون أو الفقراء المنظمون لدور الرعاية وأنظمة الضمان الإجتماعي ولكن أيضا الفقراء في القرى والذين لا يجدون الكثير ليأكلونه مع الكثير من زراعه القات, والكثير من النزاعات التي تلتهم دائما وأبدا أي مكاسب من بيع القات .

إن العنف يجب أن يتم التعرف عليه وتعريفه كحفرة تلتهم قدر أكبر من راحة الناس " الملايين منهم " ورغبتهم في العيش بكرامة وحرية وببطون ممتلئة كما كل خلق الله في كل البلدان، وإن بحث النخب في اليمن عن مصالحها وعدم إهتمامها ب صلحة الجميع هو سبب الصراع، وما سيجعل من خسائر الصراع على من أشعلوه أكبر بكثير من الخارج الذي يدعمه بالمال وستكون نتائج هذا الصراع كبيرة بحيث لن يتمكن التاريخ من نسيانها ومسامحتها.

إن خسائر الصراع تبدو واضحة تماما في المدن وبالتحديد في العاصمة، ولكنها تبدو مفجعة أكثر في المدن الهامشية والقرى الذين لم يعد يهمهم الكهرباء والجلوس أمام التلفزيون لمشاهدة المسلسل الدرمي في السهرة، ولكن يهمهم أكثر الحصول على لقمة عيش جيدة ومياه نظيفة، وهذا ما تتضال الفرص لتواجده يوما بعد يوم.

 إن عدم إكتشاف أرباح السلام عند الحاكم ومقدار ما يوفره السلام من أموال وثروات يدل على غباء هذا الحاكم والجهات المتصارعة معه، و إن ما يحدث في اليمن بخصوص الصراع والعنف غير مفهوم وغير منطقي، ولكن ما هو الشى المنطقي في اليمن بخصوص السلام تحديدا.