Sun,Jul 13 ,2025

الخطاب السياسي
2021-01-05
يفترض أن الخطاب السياسي نوع مختلف عن الخطاب الديني, والذي قد يحتاج إلى الإطالة والإطناب وبعض القصص المؤثرة وربما الصوت العالي, وغير ذلك مما يحتاجه الخطيب في الجامع أو الفقية في حضرة الدرس, وهذا بخلاف الخطاب السياسي الذي يفترض أن يقدم معلومات مختصرة, ورسائل لأشخاص أو مؤسسات في الداخل والخارج لوطن المتحدث, وكذا يعرض خطط ورؤى الحاكم أو الحكومة للجمهور, وبالتالي اذا كنت تريد تعريف شيء بأنه "حقيقة كالشمس في كبد السماء " فيمكنك أن تقول هذه الكلمة ومن ثم تابع في مواضيع أخرى , لكن أن تمر دقائق وأنت تصيح .
إنها حقيقة كالشمس في كبد السماء
والقمر في وسط النجوم .
وإنها حقيقة كسحلية تمرح في الصحراء .
وحقيقة كصقر يجوب الفضاء
وكأفعى تسعى في غابة خضراء .
وإنها لحقيقة كجمال المرأة السمراء .
وطعم بروست مطاعم الأرض الخضراء .
وإنها لحقيقة كالحزن يظهر في الضراء
وحقيقة كالفرح يظهر في السراء .
ألا يمكنك قول إنها حقيقة كالشمس في كبد السماء وتتوقف .
إن الرطانة تضر.
تعاني اليمن حاليا من عدة حكومات زعمائها يتنوعون ما بين الخطيب الذي قد يستمر لساعات دون توقف, إلى الأخر الذي يعتبره الكثير من اليمنيين الشخص الأكثر صمتا في العالم, ومرورا بعدد من الزعماء الأخرون الغير قادرون أساسا على الحديث سواء كخطاب سياسي أو حديث إذاعي, وبالتالي فأن أغلبهم يظهر بشكل لا يمت بصلة إلى الزعامة الحقيقية القائمة على خطاب سياسي مختزل ومفهوم وشامل ومختصر.
لقد بت أعتقد من كثرة الثرثرة فى الخطاب السياسي للحكام الجدد أن هذا التوجه في الخطابة على وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل التواصل الإجتماعي ليس غباء منهم بقدر ما هو لعبة رمي لفكرة غبية للجمهور ليتسلى عليها فى الشارع وعلى الإنترنت ونسيان ما كان الأهم فى الخطاب ككل, إن كان يمكن إستخراج أي شيء مهم في الثرثرة, ولربما لا يكونوا أغبياء, وهذا هو الشكل الجديد للخطابة السياسية.
لقد كانت الزعامات القديمة تستند في خطابها السياسي على مجاميع من السياسيين والإعلاميين وكاتبي الخطاب السياسي ليكون هذا الخطاب قادر على الوصول للجمهور بسهولة ويسر ووضوح وضمن وقت محدد بحيث لا يكون قصيرا لا يشتمل على كل الرسائل التي تحتاج الدولة لإعلانها, وأن لا يكون طويلا حتى لا يصبح مملا للمشاهدين, وأن يكون واضحا ليصبح لدي المهتمين القدرة على تحليله ونقده وإستنباط رسائل من نص الخطاب , ولكن في الوقت الحالي أصبحت الزعامات الموجودة تستعين بقدرتها على الحديث المطول والمتشعب والخطابي والتقريري ليصبح هذا الخطاب مشتت وغير قابل للمتابعة أو الفهم أو التحليل من قبل المهتمين و الجمهور.
لقد أصبح من الضرورى جدا للحكام الجدد توظيف خبرات أناس متخصصة بالخطاب السياسي يكون فيها ما يحتاجه الخطاب السياسي المحترف من مقدمة ووسط وختام , إشارات وإستعارات ورسائل مكشوفة ومبطنة وكذا معلومات وحقائق وأرقام وخطط وإستراتيجيات ورؤى .
وأعترف أنني لم أقراء الكثير في الخطب السياسية ومعاييرها ولكني أعتقد أن الخطاب السياسي الجيد والذي يجب ان يلتزم به السياسيون هو كالتالي:
- قصير: لأن الناس عند إقتراب الخطر ستكون غير قادرة على مشاهدة مطولات وقصص وأساطير.
- متوازن: ليس لاحد ضد أحد أو مع فئة أو فصيل إلا في حالة الحرب وفي هذه الحالة يجب أن يكون الإتهام الموجه واضح وصريح يشرح الحدث وأثاره ومعالجاته وكيفية الرد عليه.
- مقطع : لجمل قصيرة بحيث يسهل تداولها فى عناوين الاخبار ونقلها بسهوله على الشبكات الاجتماعية من فيسبوك وتويتر أو على شاشه التلفون على الواتس اب أو طرحها فى شريط الاخبار .
- في حال الحاجة إلى إرسال تطمينات فمن المهم أن يرسلها بشكل مباشر وقد تكون هذه التطمينات لدول ورؤؤس الاموال الداخلية أو الجمهور العام أو غيرهم من المستهدفين المباشرين وغيرالمباشرين للخطاب.
- يرسل إنذارات في حال الحاجة لإرسالها وتوجه تلك الإنذارات لدول ورؤؤس الأموال أو الجمهور العام وغيرهم ممن يعتقد الخطيب السياسي أنهم يشكلون خطر ولا يمكن التفاوض معهم.
- يرسل إغراءات : ببرامج ووعود وخطط وإستراتيجيات للجمهور والمهتمين والمستفيدين من الحكومة الحالية أو أعدائها أو أصدقائها.
- مفصل: لا يجب أن تناقش كل فقرة من فقرات الخطاب أكثر من موضوع واحد في الخطاب وأن لا تحتوي الفقرة على أكثر من رسالة واحدة.
- موضوعى فليس هناك مجال لإتهامات باطلة أو قصص غير معقولة التفاصيل أو الإستناد إلى قصص وأساطير أو أخبار ملفقة أو أحكام غير مقبولة لدى المتفرج.
إن من العبثية بمكان أن يتم مشاهدة خطبة تستمر لساعات في وقت أصبحت فيه الأغنية التي زمنها أكثر من خمس دقائق طويلة للغاية وغير ناجحة لدى المستمعين, وإن من المقلق الإستماع إلى أشخاص لا يملكون أي حس بالخطابة أو أن الكلمات أصبحت ذات ثمن كبير بسبب من موقعهم السياسي أو عدم قدرتهم على الحديث أساسا .