Tue,Nov 12 ,2024

الإعلام والحرب في اليمن

2020-12-25


كل شيء بيتغير فى الحرب على مستوى السياسات والنظريات والأعمال وطرق التغطية والإهتمام بكل وسائل الإعلام التقليدية والجديدة, وطرق التركيز على القضايا, وصناعة القصص الإنسانية من جانب, والحربية من جانب أخر, والسياسية من جانب ثالث, والكثير الكثير من الأعمال والأنشطة الإعلامية.

عن نفسي أميل الى تخيل الحرب بنفس الطريقة القديمة " مقدمة – قلب – ميمنة – ميسرة – مؤخرة ".

  1. في المقدمة يأتي الجيش .
  2. وفي القلب تأتي الإدارة .
  3. فى الميمنة يأتي المال
  4. وفي الميسرة يأتي الاعلام .
  5. وفي الخلف يأتي الجمهور كمحفز وحامي وممول .

وبالرغم من أن ميسرة الحوثيين تعتبر جيدة وفاعلة نجد أن ميسرة الشرعية مشلولة وغبية وكسولة ولا وجود لها بسبب رغبة الشرعية بالإحتفاظ بوزير لإدارة إعلامها في هذا الوقت العصيب, وهذا المنصب الكبير جدا على وزير الإعلام الحالي.

عند المقارنة ما بين اليمن في مرحلة الحرب ودولة أخرى لا تمر بمرحلة حرب "على الأقل في بلادها" نجد أن أي دولة تتواصل إعلاميا مع شعبها أكثر من رؤساء الحرب في اليمن, وبمقارنة بسيطة بين مؤسسة الرئاسة اليمنية والأمريكية نجد أن الرئاسة الأمريكية نشطة إعلاميا بشكل لا يصدق بالنسبة لليمن بالرغم أن اليمن في زمن صراع, والإعلام أهم الأدوات في الفوز أو الهزيمة في هذا الصراع, ومن الأنشطة التقليدية التي يقوم بها أي رئيس أمريكي التالي:

  1. خطاب اسبوعي يشرح حاله الإتحاد والقضايا الداخلية والخارجية الملحة.
  2. مقابلات تلفزيونية.
  3. خطابات رسمية شبة يومية في فعاليات داخلية وخارجية.
  4. تصريحات للصحفيين على هامش الفعاليات التي يحضرها بشكل دائم في الخارج والداخل.
  5. استعمال الشبكات الاجتماعية بشكل يومي لبيان الرأي في القضايا المحلية والدولية وسواء عبر حساب الرئيس لبيان وجهة نظره الشخصية أو حساب مؤسسة الرئاسة لنشر رؤيتها المؤسسية.
  6. عمل متحدث رسمي للبيت الابيض يقوم بلقاءات يومية مع الصحفيين والاعلاميين لبيان وجهة نظر الرئاسة في كل القضايا.
  7. يلقي الرئيس بيانات بجانب نظرائه في أي لقاء معهم في بلده أو في بلادهم.
  8. بلقي بتصريحات عقب كل لقاء مع الكونجرس أو أحد أفراد حكومته حول التطورات لأي قسم من أقسام حكومته في التعليم أو الصحة أو الدفاع .. الخ , وحول القضايا الخارجية التي تهتم بها بلده.

إنها كلها أنشطة لا تحتاج إلا لكتابتها بشكل جيد والخروج بها على وسائل الإعلام, ويفترض أن لدى كل حكومة وخصوصا التي نعيش مرحلة صراع نظام إعلامي متكامل يعمل على إظهار قيادات المتصارعين بشكل يومي على الشاشة لكسب أنصار لهم, وشرح وجهة نظر كل جهة في كل القضايا المطروحة, وبيان لأنشطة الجهات المتصارعة على مستوى الداخل والخارج للفوز بالحرب, وحتى في حال إدعاء الفقر في هذه الحرب من جانب المتصارعين في اليمن فأنه من الممكن إنجاح أي حملة لمهاجمة طرف بمبالغ زهيدة قد لا تتعدى بضع مئات من الدولارات ليصل خبرا ما لعدد يتجاوز الملايين على الإنترنت , ومن ثم ستقوم المشاركات والنسخ وإعادة الصياغة والترداد والشواش الالكتروني بصناعة حدث جيد لتشوية الطرف الاخر وتسريع عملية الثورة ضده أو التظاهر ضده وتكبيده خسائر تصل أرباحها إلى مئات أضعاف قيمة الحملة في الأساس, وبالرغم أن الحوثيين أغبياء إعلاميا على مستوى التكنولوجيا, ووسائل التواصل الاجتماعي ولا يستغلون 10 % من هذه الأدوات لصالح قضيتهم , بل ويشيطنون تلك الأدوات الإتصالية ويعتبرون من يستعملها أنه مع العدوان والتحالف وبقية التهم الجاهزة ضمن ما يسمونه الحرب الناعمة , إلا أنهم عند مقارنتهم بالشرعية وأصحابها الذين يملكون من الموارد ما يستطيعون به جعل كل هذه الأدوات تصب فى صالحهم. يعتبرون أي " الحوثيين " ناجحين للغاية وأذكياء فى استثمار هذه الأدوات لصالح قضيتهم ودعمها فى الشارع اليمني.

 لقد وصلت الشرعية القاع فى العمل الإعلامي لأجل خدمة أهدافها, وتفرغ كل من يعمل معها في هذا الجانب للكسب منها وليس لفائدتها ولصالح عودتها الى اليمن وأصبحت مع مرور سنوات الحرب ضعيفة ومهزوزة و لا تستطيع أن تسهم حتى في نجاح حملة فيسبوكية بسيطة وغير مكلفة تنتقد فيها ممارسات أعدائها.

إن بحث بسيط على الإنترنت سيجعل الباحث يجد صعوبة كاملة في إيجاد ملف إعلامي متكامل وجيد وذو قيمة يستعرض بشكل جاد الحرب فى اليمن, وكيفية إدارتها, ودورالمجتمع فيها, وتنوع أشكالها, والتأسيس الفكري لها, وتطبيقاتها, وتأثيراتها, وموازين القوى فيها, ومصادرها, وطرق تصعيدها, والرؤى السياسية والإجتماعية والاقتصادية لحلها, ومدى التأثر والتأثير بها وفيها سلبا أو إيجابا, ودور الحرب السلبي في تقويض الهوية الاجتماعية وممارسات العنف التي ظهرت نتيجة الحرب, ودور الدين في زيادة عنف الحرب أو حل الصراع, وكيف أثرت الحرب في حقوق الإنسان والديمقراطية, وكيف يمكن أن تتأثر الحرب بهاتين الآليتين للخروج إلى حل, ولكنك تجد فقط بيانات صحفية هزيلة ولقاءات إعلامية نادرة وخطب سياسية غبية من جميع المتصارعين.

وفي موضوع الخطب السياسية تحديدا يمكننا رفع يد أنصار الله عاليا كفائز بالضربة القاضية في هذا المجال تحديدا حيث يقف قائد الجماعة موقف المتحدث النشط لهم في كل مناسبة دينية وسياسية وإجتماعية أو أحداث أمنية وتطورات حربية, بينما نجد قيادة الشرعية صامتة لدرجة غير مقبولة حتى لدى أعدائها, وهناك الكثير من النشطاء والمثقفين يتسألون دائما عن هادي وأين هو من الأحداث؟ ولماذا لا يظهر إلا فيما ندر مما يسبب إنتشار أنصار الله وأفكارهم وإختفاء كبير للشرعية وأفكارها.

وما ذكر كان عن الإعلام اليمني الخاص بالمتصارعين في هذه الحرب ولكن ماذا عن الإعلام اليمني ككل؟ فلقد بدأ الإعلام المحلى اليمنى بالتخصص أكثر في تجييش مشاهديه لخدمه تكوينات سياسية أو دينية أو حزبية, وعمل في ضوء عدم وجود ضوابط على صناعة الكراهية, والحض على العنف, وزيادة الصراعات في المجتمعات المحلية, واعتمد على التمويل من قبل الممول لهذا الفكر السياسي أو ذاك التوجه الديني, وربما تتجه إلى الإنهيار في حاله تم الإستغناء عن خدماتها أو إنهيار الفكر الذي تخدمه, وبالتالي فان الكثير من المؤسسات الإعلامية " في اليمن " صنعت لخدمه مرحلة وليس للتطور والاستمرار, وهذا يعنى أن الكثير من وسائل الإعلام المحلى ستختفي خلال خمس إلى عشر سنوات قادمة, ولكن فى هذا الموضوع تحديدا, ما هي الضمانات الدستورية والقانونية, النظرية والتطبيقية التي تكفل عدم توجه هذه المؤسسات الاعلاميية على صناعه الكراهية والحض على العنف ومعاقبتها إن مارست اى دعوة لهما؟.

عند سؤالى من قبل أحد العاملين فى إنتاج فيلم وثائقى عن حرية التعبير, نظرت له بطريقة من يسألنى منكرا, وصحت به هى فين حرية التعبي؟ , فكل شئ يقول أن ما نمارسه هو التحريض والعنف فقط :

  1. تعزز القنوات الفضائية الممولة من قبل الحوثية في شمال اليمن مبادى العرقية والسلالية.
  2. تعزز القنوات الفضائية الممولة من قبل الاصلاح قيم السلفية والأصولية الدينية .
  3. تعزز القنوات الفضائية الممولة من الحكومة " القناه الرسمية للدولة " من فردانية الحاكم وعبقريته وتجنيبه اليمن ويلات الحرب وتضخيم الإنجازات .
  4. تعزز القنوات الممولة من قبل النظام السابق من الأخطاء المرتكبة في المرحلة الصعبة التي تمر بها اليمن وتقدمها بصورة تهويلية وصادمة للجمهور
  5. تنقسم الصحف والمواقع الإخبارية الألكترونية والحسابات الشخصية للأفراد لنفس تخصصات القنوات التلفزيونية المذكورة لنجد أن الإعلام في الحرب أصبح ضارا أكثر منه نافعا للوصول إلى السلام والتنمية في المستقبل.