Wed,May 01 ,2024

حقوق الإنسان والحرب ..ما الذى يمكننا عمله؟

2020-12-25


بالطبع إن كل الفئات الإنسانية تضررت من الحرب فى اليمن بعدة مستويات وعلى جميع حقوقها كالحق فى التعليم للأطفال, والحق فى الرعاية الصحية بالنسبة للمرضى, والحق فى التجمع و التنظيم, وكذا الحق فى الإقتراع والإنتخابات والحق فى التعبير, وغيرها الكثير, وهناك فئات كان الانتهاك عليها جسيما للحد الذى يتطلب معالجات عاجلة لقضاياهم وعلى رأسهم السجناء والمعتقلين وضحايا التعذيب وكذا أهالي الشهداء وجرحى الحرب والنازحين فكل هذه الفئات عاشت خلال سنوات الحرب الكثير من الصعاب وإنتهاك حقوقهم الإنسانية بشكل مفرط .

إن من المهم أن يكون هناك عمل مخطط له ومنهجي فى مجال التعامل مع حقوق هذه الفئات التي تكلمنا عنها ويجب أن يكون هناك تنفيذ لهذا المخططات, و الذى يبدأ أولا بالتفتيش الفوري من جانب المؤسسات الدولية والمحلية والفاعلين للسجون اليمنية التابعة للحكومات اليمنية المختلفة, والتعرف على كيفية التعامل مع المعتقلين, وأسباب إعتقالاهم, وإطلاق جميع المعتقلين الذين لا تثبت عليهم التهم المنسوبة إليهم, ويجب أن تكون تلك التهم جنائية ومعروف ظروفها وأحكامها فى القانون اليمني, ومعاقبة من قاموا بسجنهم دون وجه حق, ومن الضروري معرفة مدى ما تعرضوا له من تعذيب أو سوء معاملة وحمايتهم خلال فترة تواجدهم فى المعتقلات من أى معاملة سيئة تمارس بحقهم وإلزام الجهات الرسمية بالتعاون مع جهات مدنية بالتحقيق مع هولاء السجناء بشكل دوري وسريع حتى لا تتراكم مظلومياتهم خلال فترات طويلة من الإعتقال الغير مبرر ومن أجل أن يحصل المعتقلون على العدالة يجب أن يتم بناء قدرات والنيابات العامة والقضاء فى اليمن ليصبح لديه القدرة على التعامل مع هذه القضايا و الحكم فيها بعدالة, وومن المهم بعد الحصول على العدالة للمعتقلين أن يحصلوا على الدعم النفسي والاجتماعي بما يضمن عودتهم الى المجتمع بشكل إيجابي.

إن من المحزن فعلا أن يتم اعتقال الأشخاص بسبب بعض الآراء السياسية أو الإنتماء لجماعة معينة فهذه كلها تحميها حقوق الإنسان فى المواد المتعلقة بالحق فى حرية التعبير, والحق فى التنظيم, والحق فى التجمع وبالتالي لا يجوز إعتقال أي شخص بسبب هذه الانتماءات الدينية أو السياسية أو الإجتماعية .

إن من المفيد تصميم برامج للدعم النفسي والاجتماعي للمعتقلين, وهذا العمل الذى يبدو أن المنظمات الدولية والمحلية فى اليمن ل تعمل عليه بشكل جاد بسبب عدم وجود إشارات لنهاية الحرب عما قريب, ولكن فى النهاية يجب العمل على برامج العدالة الانتقالية وتصميم برامج خاصة بهذه القضايا وبمظلومية هؤلاء المعتقلين والمختفين قسريا فى اليمن بسبب أي من الحكومات التي تسيطر على اليمن حاليا.

إن ضمان هذه البرامج سلامة وكرامة الضحايا وحماية الشهود الذين سيقدمون معلومات عن التعذيب والمعاملات اللاإنسانية الذي تعرضوا لها سيكون له أثر إيجابي في الدخول في فترة السلام بعد الحرب بشكل صحي ومستدام , وسيكون من السيء فعلا أن يفلت الكثير ممن مارسوا التعذيب فى فترة الحرب من العقاب لسبب أو لأخر, وبالتالي يجب أن يكون هناك لجنه مستقلة تعمل على جمع الملفات وتقديمها للعدالة والعمل على أن يحصل كل ما وقع عليه الظلم على الإنصاف سواء كان المنتهك من قبل القوات الحكومية التابعة للشرعية أو الجماعات الأخرى الحاكمة في أجزاء اليمن فالعقاب العادل فى المستقبل سيضمن وجود التسامح الذى سيفضى فى النهاية الى تعايش أبناء اليمن مع بعضهم البعض, ولكن يجب أن يكون العقاب العادل ناتج عن محاكمات تلتزم بالشفافية والنزاهة والموضوعية والعدالة, ويكون مخرجاته فى نهاية الأمر تحسين حالة حقوق الإنسان, وتحقيق العدالة الكاملة للضحايا فالمعتقلين والمخفيين قسريا من الفئات التى يجب أن تكون رئيسية فى أيه برامج قادمة للحلول, والتحقيق فى الانتهاكات الحقوقية التى حصلت عليهم هى أحد الانشطة التى يجب أن يقوم بها فئات فاعلة فى العداله الانتقالية فى المستقبل, والعمل على رعايتهم وإعادة تأهيلهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم هو شكل من أشكال الاعتذار لهم لما لحقهم من ضرر وإن عقاب من قام بهذه الجرائم الانسانية هو أحد جوانب هذا الدعم النفسي للضحايا وإرجاع بعض من حقوقهم المنتهكة فالإعتقال دون وجة حق , والتعذيب دون جريرة , من ثم الافراج دون تعويض سيكون له أثر سلبي بالغ فى حقوق الانسان وسيضر بأي تسوية سياسية فى المستقبل مهما كانت مدعومة أو متفق عليها من قبل الجهات الفاعلة فى الحرب فى اليمن وبالتالي يجب أن تأخذ حقها الكامل فى الاهتمام والحل .

إن معالجة اثار الحرب هو الطريق الرئيسي للتسامح, وهذا يعني العمل على كل ما دفع بالصراع الى الواجهة فى اليمن وليس فقط الحكومات أو الشخصيات الرئيسية التى إنتهكت حقوق الانسان, ولكن أيضا كل من قاموا بالقتل و الحصار و التقطع على مصالح الناس وكل الاشخاص ممن روجوا للصراع أو العنف أو قاموا بالتحريض على الكراهية سواء كان ذلك بسبب تصفية حسابات سياسية أو مذهبية أو بسبب الحصول على مغانم ومكاسب أثناء فترة الحرب, وهذا يعني فيما يعنية العمل فى كل مكان فى اليمن فالحق الانساني يستوي فيه كل شخص فى أى مكان تحت مبدأ الشمولية والمساواة, وأن لا يترك حق من حقوق الانسان غير معالج فى الفترة القادمة لان أى حق يتم تجاهلة سيكون هو الوقود لصراع قادم .