Sat,Jul 12 ,2025

ما واجبنا نحو الأطفال بعد الحرب

2020-12-25


هناك حقائق مهمة حول الحروب, ومنها تزايد تورّط المدنيين في النزاعات المسلحة وعدم الإستقرار, وإن غالبية المدنيين الذين يتأثرون بالمواجهات التي يغلب عليها العنف هم من الأطفال, وقد أظهرت المسوح الدولية لأحداث الصراعات العرقية والحروب الأهلية والدولية أنه مقابل كل جندي يقتل / يموت 4 مدنيين، ويصبح 12 مدنياً لاجئاً و24 مدنياً مهجراً, وأن نصف عدد المهجرين اللاجئين هم من الأطفال دون سن السادسة عشرة, وإن ما يتعرض له الأطفال في الحروب كثيف ومؤذي ويشكل وشم أبديا في نفوسهم ومستقبلهم, فتعرضهم للقتل والإصابات والإعاقات الجسدية يزداد في أوقات الحروب, كما أن مشاهداتهم لأعمال العنف تشوه نظرتهم للمستقبل وتقلل من أمانهم الشخصي يزداد بشكل خطر, وتزداد في الحروب مشاكل التهجير واللجوء التي تخرج الطفل من بيئته الأمنة إلى بيئات خطرة هو غير متعود عليها, وتزداد أيضا في الحروب مشاركة الأطفال في القتال , كما أن هناك العديد من الأطفال يفقد أقاربه, ويصبح من الأطفال غير المصحوبين أو فاقدي الرعاية الوالدية, وهذا ما ينشر في محيط الأطفال العديد من الأمراض السلوكية مثل التعلق بالوالدين, والخوف من النوم بمفردهم , ومص الأصابع , واللعثم والتأتأة, وزيادة الكوابيس عند النوم, وتأثرهم النفسي والجسدي بالحرب يزداد لديهم قضم الأظافر والإتكال العاطفي , وكثرة الحركة بالإضافة الى مشاكل في الأكل والصراخ والتبول اللاإرداي , والشعود بالذنب والقلق االمستدام والمزاج العصبي , والإنسحاب والإنعزال والتشاؤم وعدم الثقة بالنفس والأخرين , وغني عن التعريف ما تقدمه الحرب من فكرة أن العنف هو الحل للمشاكل, وهذا يدفع الأطفال إلى العنف لحل مشاكلهم متناسين أو غير مدركين أو لا يعرفون الطرق الجيدة في إدارة مشاكلهم الحياتية.

إن العمل على عودة الحياة المنتظمة للأطفال دور مهم في رجوعهم لحياتهم الإعتيادية وعلاج مشاكلهم السلوكية, ويأتي دور المدرسة كأهم دور في عودة الحياة المنتظمة والإعتيادية لهم نظرا لما تعطية المدرسة من شعور بالأمان لهم, ويأتي السماح للأطفال بالمشاركة في حل قضاياهم الخاصة والتعبير عن أنفسهم بحرية , وخلق جو عاطفي مساند لهم , ودفعهم الى التقيد بالأخلاق الحميدة كأدوار مهمة للتعامل مع الأطفال في الحروب, وكذا فإن تشجيع الطفل على الانضمام إلى الجمعيات والنشاطات الرياضية في المدرسة وخارجها, ومحاربة التنمر والسلوك العدواني بينهم, وتشجيعهم على المشاركة في الصف والأنشطة الإجتماعية والثقافية والرياضية أدوار لا تقل أهمية في تقليل أثار الحروب عليهم.

إن العمل على مساعدة الأطفال لإستعادة ثقتهم بأنفسهم والتعبير عن مشاعرهم وخبراتهم في الحرب, وإستخدام الأدوات الثقافية والفنية والأدبية والتعليمية والرياضية في التعامل معهم لن يساعد فقط في علاجهم النفسي,  ولكنه وسيلة جيدة للتسلية لهمو ويساعد في إكتشاف الموهوبين منهم, وإستثمار هذه المواهب على المدى البعيد لصالح الأطفال الموهوبين بخاصة والأطفال المتأثرين من الحروب بعامة, ويدخل في ذلك كل الألعاب الذهنية والرياضية  المتوفرة والتي يمكن إقامتها للأطفال المتأثرين من الحرب بالإضافة الى الكتابة الإبداعية والقصصية والشعرية والمسرح ومسرح الدمى والرسم والفنون التشكيلية والموسيقى والغناء والرقص والتمثيل.

إن واجبنا نحو الأطفال في مرحلة الحرب وما بعدها كبير ومتشعب ويحتاج الكثير من الإبداع والعمل والتشبيك والمشاريع والأنشطة المختلفة لنستطيع علاج ولو جزء يسير من ما تركته الحرب في نفوس الأطفال, وإن تجاهل هذه التدخلات سيكون له ضريبة سلبية على الأطفال والمجتمعات في المستقبل ذات تكلفة أكبر بكثير مما قد يحتاجه المجتمع للعمل مع الأطفال حاليا, وبالتالي يجب الإسراع بالتدخل لصالحهم في أسرع وقت تتيحه ظروف الحرب في اليمن أو بعدها.