Sat,May 18 ,2024

هل الإنتخابات اليمنية زائفة دائما

2020-12-25


أولا يجب الإشارة أن الإنتخابات لا تعتبر نزيهة بنزاهة صندوق الإنتخابات فالصندوق لا يحوى كل الديمقراطية بداخله وإنما هو مكون وجزء من الحياة الديمقراطية ككل, والتي تشتمل على إحترام الحقوق الإنسانية وتطبيق وكفالة الحريات الأساسية وضمان الحق في التعبير ودعم المؤسسات الإعلامية, وتفعيل الحق في التجمع ومشاركة منظمات المجتمع المدني في حل قضايا الأمة بالإضافة الى دعم مشاركة النساء في الحياة العامة , والفصل الكامل بين السلطات ودعم حرية وفعالية المجالس النيابية والتشريعية وكذا الأجهزة التنفيذية الحكومية, وليس إنتهاء بإحترام التنوع الفكري والإثني والسياسي والإجتماعي للشعوب ودعم حرية وتأثير القطاع الخاص في تنمية المجتمعات.

والآن ما هي الإنتخابات عموما؟

 يمكن القول أنها “حركة الشعب لانتخاب ممثليه ليعملوا على تسيير شئونه وتنظيم صيرورة حياته داخل قوالب من التشريعات والقوانين التي تحفظ حياة الفرد ورفاهه وتوسيع خياراته في مرحلة زمنية محددة “فأن نجح الناخبون في أداء نشاطاتهم التي من أجلها اكتسبوا مناصبهم فمن الممكن أن يرشحوا أنفسهم لمرحلة قادمة دون السيطرة أو المنع على أي مرشحين آخرين يملكون أفكار جديدة من الحصول على حق الفوز هم أيضا داخل جو ديمقراطي يحترم إرادة الناخب .

نحن هنا نتحدث عن المفترض وهو أن الجمهور هو الذي يقرر شكل ونشاط حكوماته وذلك لترجمة عمق مفهوم الديمقراطية التي تعنى حكم الشعب نفسه بنفسه, ولكن هل يمكن إعتبار الإنتخابات اليمنية نزيهة أم زائفة ؟

أغلب الظن أن الصندوق وحيدا لا يستطيع أن يحدد نزاهة أم زيف الإنتخابات والديمقراطية ككل فما يسبق الصندوق هو من وعود وبرامج وأجندات يفترض فيها بعد الصندوق أن تترجم لواقع فعلي داخل إطار من تقييم الأداء وقياس الأثر والرقابة المتواصلة . فهل هذا يحدث ؟.

فلنتحدث أولا عن الوعود والبرامج , فلا يمكن القول أن الوعود والبرامج تكتسب صدقيتها من طوباويتها أو تقديمها للجمهور بشكل يصعب تحقيقه ضمن الإمكانيات المتاحة وبالتالي فأن أي وعود من هذا القبيل تعتبر زائفة بغض النظر عن مدى دغدغتها لمشاعر الجمهور, وكذا فأن الوعود حتى وأن كانت ضمن الإمكانيات المتاحة ولكنها لا تتحقق لسبب من الفساد أو لعدم وجود الرغبة في العمل على تحقيقها لدى المرشحون الفائزون بإعتبارها وعود وقتية الغرض منها الفوز في الإنتخابات أو حتى تحقيقها ولكن ليس ضمن إطار من الجودة مقبول يجعل من هذه الوعود زائفة وبالتالي تصبح حتى الإنتخابات التي رفعت أولئك الناخبون لأماكن صناعة القرار زائفة حتى لو كانت نزيهة في الممارسة الفعلية.

وما الذي يمكن أن نتحدث به عن الأشخاص أو البشر المنفذون لهذه الوعود التي قطعوها على أنفسهم ؟ أولا يجب أ، نسال هل البشر المرشحون لهذه المناصب قادرون على تسيير شئونها بالقدر الذي يضمن نجاحها ونجاح الخدمة التي يقدمونها, لأنهم إن لم يكونوا قادرون على ذلك فتعتبر عملية إنتاخبهم زائفة حتى وإن كان الصندوق نزيها !.

من ناحية القدرة كمفهوم فما هي (الفورمة) التي يجب أن يظهر بها المرشحون بمعنى هل هم يملكون شهادات , تجارب , خبرات , أم الحاصل أن الفائزون غالبا يكتسبون ما يكتسبون لمجرد كونهم من مراكز وقوى مالية أو قبلية أو دينية الخ, ولعدم كونهم يملكون أدنى معرفة بطرق الحكم والعمل التنموي ككل تصبح أيضا انتخاباتهم زائفة حتى ولو كان الصندوق نزيها!فيجب للمرشح أن يملك على الأقل أبسط المهارات التي تجعله قادر على تحقيق وعوده للناخبين.

 ومن الطريف أن اغلب الشعب لا يعرف ناخبيه إلا وقت الإنتخابات حيث يظهر هؤلاء في كل شارع وتلصق صورهم المترعة بالإبتسامات على كل جدار ولكن هل يجد الناخبون فرصة للقاء مرشحيهم بعد الفوز بالانتخابات؟, والكثير من أفراد الشعب غالبا ما يتندرون على هذه المسائل ولكن بعيد عن التندر والطرف هل يمكن القول أن عدم إحتكاك الكثير من الفائزين بناخبيهم طوال مدة نشاطهم تجعل من نشاطهم في موسم الإنتخابات نشاطا زائفا ومن إبتساماتهم المرسومة على الصور إبتسامات زائفة تجعل من عملية الإنتخابات برمتها بعيدة عن الجودة والجقيقة وقريبة جدا من الزيف.

نحن هنا لا نتحدث عن نزاهة الصندوق فللصندوق من يحمية ويراقبه ويقوم بتقييم مدى نزاهته من قوات الأمن والمراقبين الدوليين والمحليين, ولكننا نتحدث عن الحياة قبل وبعد الإنتخابات, وهل هي نزيهة ؟ الجمهور يقول لا! وهذا واضح في المقايل والشارع وحتى على نطاق الأسرة فهل الجمهور على حق ؟ وإن كان على حق فما الذي سيقدمة لنا من علقت صورهم على الجدران وقت الإنتخابات من حلول لهذه المعظلات والتي على رأسها التهمة الموجهة إليهم بالوعود الزائفة.

بتلخيص أفضل, إن الصندوق حتى ولوكان نزيها فهذا لا يحدد نزاهة الإنتخابات ولكن ما يحددها هو نوعية الحياة التي من المفترض أن يصل الناخبون اليها عبر المرشحين ممن أعطوهم الثقة, فهل يملك المرشحون والفائزون منهم على وجه الخصوص خططا لنوعية حياة نزيهة تعمل لبناء من إنتخبهم ؟.

إن كل ما يقع في كل إنتخابات وما قبلها وما بعدها لا يثبت إلا أننا نعيش وهم كبير بمشاركتنا في إختيار ممثلينا ووهم أكبر بعيشنا للديمقراطية, وأن العملية بأكملها منذ وضع ورقة الناخب في الصندوق إلى المرة الثانية التي يقوم بها بنفس هذا الفعل لم تكن إلا عملية زائفة وتمثيلية ومخادعة للنفس والأخرين.