Sat,May 18 ,2024

هل وصلت لإتفاق مع نفسي لأتفق مع الأخر

2020-12-25


ها أنا أدخل الشهر الرابع بعد الأربعون عاما . ففي 5 ديسمبر وصلت العقد الرابع من العمر وبدأت أول عام بداخله ولم أصل بعد إلى إتفاق مع نفسي , عملت في مؤسسة تختص بالطفولة وقضاياها ومع ذلك أحببت الشباب وإندفعت في العمل معهم متناسيا أن لدى خمسة عشر عاما أو أكثر من العمل مع الطفولة وفى حال كانت إستمريت بنفس النشاط كنت أصبحت أفضل مما أنا عليه بدلا من الإنتقال من أرض إلى \ أخرى ما زالت تحتاج \ البناء من جديد على كل الأصعدة, ابتداء بالقراءة حول الشباب ومرورا بالكتابة عنهم وصنع علاقات معهم وإنتهاء بالمشاركة في فعالياتهم المختلفة .

هل أرجع للطفولة, فأنا لم أعد شابا, ويفترض مع أول يوم من عامي هذا أن ارفع يداى إلى السماء وأدعو أن رب أوزعني أن اشكر نعمتك ....... الخ , وهل أظل في هذه الأرض " الشباب " التي دخلتها قبل حوالي السنتان وكونت فيها جميع أصدقائي من الجنسين في كل أنحاء الوطن العربي .

أغلب الظن أنى سأظل في الأرض الجديدة لاننى أحببتها, على الأقل حتى أصل إلى القرار الأخير, فالطفولة مهما يكن كانت وما زالت بالنسبة لي جزيرة خضراء من الجنون و اللعب والضحك الذي يرتدى ثوب العمل الجاد .

مع بدايات عملي مع الشباب شاركت في حوار مع الشباب الأوروبي ضمن فعاليات من التي تقام دائما في إحدى الدول العربية, حينها فكرت وما زلت أفكر في مثل هذه المشاركة ومدة نفعها على أفكاري وحياتي ومعتقداتي, وفكرت أيضا بمدى صعوبة الحوار مع الأخر وخصوصا عندما لا تعرف أنت نفسك أولا, وإنني لم أصل بعد إلى قرار رغم أننى تحاورت كثيرا مع نفسي " تلك النفس التي أحس أنى أدركها تماما " فكيف بالتحاور مع الأخر الذي لا أعرفه, ولا أدرك أفكاره المغايرة , ولا أريد فهمها لأني مطمئن لثقافتي وأحبها ,وأغلب الظن أنني كنت سأستطيع فهم العربي أكثر لأنه جزء منى يفكر كما أفكر ويحس بما أحس ولدينا نفس القضايا التي تهمنا ولكن الأخر الأوروبي كيف أتعامل معه ؟.

في جولتي اليومية للتدخين والتي أمر بها بداية من باب منزلي لأدور حول سور صنعاء القديمة دورة دائرية كاملة لأعود لباب المنزل من الجهة الأخرى, فكرت خلال اليومين الماضيين بمجموعه من الأسئلة هل في حال كان لي فرصة المشاركة في الحديث في المنتدى ومنها:

هل سأقبل ما يقال من الشاب الأوروبى فقط لأنه أوروبي حتى ولو كانت أفكاره لا تعجبني؟, وهل سأقبل أفكار الشاب الأوروبي إذا كانت جيدة ومقنعة؟, أم أنى فى الحالة الثانية ستأخذني العزة بالإثم وسأقول كلا حتى ولو كانت أفكاره مميزة حقا .

ومن ناحية هل سيقبل هو أفكاري حتى ولو كانت لا تعجبه؟, أم أنه لن يقبل أفكاري حتى ولو كانت تعجبه فقط لأنى عربي قالوا له منذ كان رضيعا أنني " متطرف وإرهابي؟. "

هل هناك طاولة للموضوعية ترن عندما يخرج أحدنا عن مسار الموضوعية؟, وهل هناك فى المنتدى طاولة للإحترام تصفر عندما يبدأ أحدنا بإنتهاك الأخر؟, ولماذا لا نختلف, الإختلاف جيد, وأساسا يجب أن نختلف إن لم يكن في الرؤى الأساسية ففي الآليات المحققة لها, وإن لم يكن في الآليات فعن مستوى النتائج التي يفترض أن نصل إليها .

أليس من المعقول أن لا يفهم أحدنا الأخر, ويمثل الفهم كي لا يعطى صورة سيئة عن نفسه أنه غبي, ولإعطاء رعاة المنتدى تلك النتيجة التي تجعلهم يقولون "لقد كان منتدى ناجح" ويزفرون زفرات الإرتياح وكل يمضى في حال سبيلة.

كثيرة هي الأسئلة وقليلة هي الإجابات, والتي أجيبها لنفسي, ولكنى لا أقتنع, وأبحث عن المزيد من الإجابات, تلك الإجابات التي تجلعني أفهم نفسي أولا قبل أن أجلس على طاولة لأفهم الأخر.