Sun,May 05 ,2024

مطويات الرعب والتوعية عبر الترهيب لقضايا الإيدز

2020-12-25


زيادة نسب الوصم ... تقليل فرص التعايش:

يعتبر الإيدز من الأمراض الخطيرة التي تجتاح العالم على الرغم من أن العديد من الدول وخصوصا المتقدمة منها أصبحت تقلل من نسب الإصابة إلى معدلات دنيا حسب الإحصائيات الجديدة عن مصابيه, وعلى عكس ما هو شائع في الثقافة المجتمعية في الوطن العربي بأن المحافظة والسلوك الاخلاقى يعتبر من أهم سبل الوقاية من هذا المرض إلا أن المنطقة العربية حسب موقع "بى بى سى " تعانى من ثاني أكبر معدل للإصابة في العالم .

وقد يكون للجانب الاخلاقى فعلا دور في الحد من انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة في الدول العربية ولكن الجهل بطرق إنتقال الفيروس المختلفة وشيوع نظرية إنتقاله عبر الجنس فقط في جميع أوساط المجتمع بدون إستثناء غلب على المعلومات الأخرى المتعلقة بطرق إنتقاله فدائما ما يروج لقضايا الإيدز بإعتبار أن المصابون به هم من المغضوب عليهم ومن الأشخاص الغير أسوياء أخلاقيا وأن هذا المرض يعتبر عقابا دنيويا من الله يمهد لفضيحة في الدنيا للمصاب بهذا الفيروس وهذا ما يبدو واضحا في المطويات والبوسترات التي تصدر عن بعض المؤسسات والجماعات الإسلامية والمجتمعية.

مطويات الرعب :

تشكل بعض النشاطات التي تقدمها بعض المؤسسات والمجموعات الشبابية الدينية منها والمجتمعية نموذج يفترض مراقبته ومراقبة ما يروج فيه من معلومات خاصة بالإيدز على إعتبار أن الكثير من هذه النشاطات ينقصها الجانب العلمي وتركز على الجانب الديني في الموضوع محل التناول , وغالبا ما لا يأخذ المتدينيين هذا الموضوع بشكل جيد ويروجون لتناول هذه القضية عبر الترهيب والعقاب والفضيحة لمصابي الإيدز, وفى الحقيقة فأن سبب كتابتي لهذا الموضوع هو ملصق شاهدته في أكثر من وسيلة مواصلات يروج للفضيلة وهذا شي ممتاز في الحقيقة وتعتبر الجماعة التي قامت بهذا النشاط جماعة متميزة ولكن في المجمل فأن لي بعض التعليقات على هذه الملصقة التي بدت منتشرة في أكثر من وسيلة مواصلات مما يعنى أنها ستبقى لشهور طويلة أمام العامة من الناس وهذا يعنى أنها ستبث رسائل سلبية عبر المرض وعن المتعايشون معه والمصابون به وهذا خطر.

إن الإيدز في الغالب ليس موتا بطيئا إلا لغير المتعايشين معه بالشكل الجيد والحكيم فالكثير من الأشخاص المصابين به في العالم يمارسون حياتهم بأساليب العيش الجيد والإهتمام بالصحة والعلاج في ظل التعايش مع الإيدز وقد يمد الله في أعمارهم إلى سن لا يصل إليها المصابون بالسرطان و فيروس الكبد, وفي الحقيقة لقد أفزعتنى عبارات مثل " الإيدز موت بطيء في الدنيا وفضيحة في الآخرة " وخصوصا كلمة فضيحة التي يعتبر البعض أنها ملتصقة بالإيدز رغم أن الكثير من المصابين به كما علمت حصلوا عليه عبر نقل الدم أو زوجات شريفات عبر أزواجهن أو العكس فلا أعرف أين مكمن الفضيحة في هذه الأحوال.

ومن ناحية أخرى فلماذا لا توجد فضيحة لأشخاص أصيبوا بأمراض تنتقل بنفس طرق إنتقال الإيدز كفيروس الكبد, أم أن الثقافة المجتمعية العربية وكذا الدينية تعتقد فقط إن الإيدز فقط هو ينتقل عبر الجنس خارج نطاق الزواج الشرعي.

إن هذا وهم مبالغ فيه لدى الثقافة الدينية التي تضخم من هذا الاعتقاد لدرجة أن الكثيرين من الجمهور لا يعرفون أن الإيدز ينتقل بطرق أخرى غير الجنس ويربطونه تماما بالنشاط الجسدي الغير سوي مما يكثف من حجم الوصم في المجتمع للمصابين بالإيدز حتى ولو أصيبوا به عن طريق الحقن أو نقل الدم .

وفي التالي بعض المعلومات عن إنتقال الإيدز يمكن إعتبارها علمية لا ترتبط بالثقافة الدينية والمجتمعية.

  • عبر سوائل الجسم الأساسية: الدم، السائل المنوي للرجل، السائل المهبلي للمرأة، حليب الأم المصابه للطفل.
  • ينتقل عبر العلاقات الجنسية ، إذا تم ذلك دون استخدام الواقي الذكري ففيروس الإيدز يعيش في السوائل الجنسية لكل من الرجل والمراءة.
  • يعيش فيروس الإيدز في الدم أيضاً. لذلك يمكنه الانتقال عن طريق استخدام إبرة طبية مشتركة. لذلك نجد العدوى بين الذين يحقنون أنفسهم بالمخدرات أعلى بشكل خاص.
  • كذلك يعيش فيروس الإيدز في حليب الأم المصابة به. لذلك ينتقل عن طريق الرضاعة.

من ناحية ثانية لا ينتقل الإيدز عبر أي من الطرق التالية:-

  • عن طريق المصافحة، فالفيروس لا يعيش في الهواء أو على الجلد.
  • عن طريق التقبيل، أو الشرب من كأس مشتركة، فالفيروس يتواجد في اللعاب، إلا أن اللعاب يحتوي على إنزيم يقضي عليه مباشرة.
  • عن طريق لسعة البعوض لأن البعوضة لا تستطيع حمل فيروس الإيدز.
  • لا ينتقل عن طريق العلاقات الجنسية الكاملة التي تتم باستخدام العازل الجيد. لأنه يمنع تبادل السوائل الجنسية الحاملة للفيروس.

لماذا العلاقات الغير شرعية, وليس العلاقات المحمية :

بداية لا يوجد في هذه الجملة أي دعوة للإنحلال الجنسي وتبرير للعلاقات الجنسية " اللاشرعية " ولكنها محاولة لفهم الواقع بشكل أفضل, ذاك الواقع الذي يبدو متخما بما يسمى الزواج السياحي والعلاقات خارج نطاق الزواج و العلاقات بين المثليين, وهذه العلاقات تعمل على نشر فيروس نقص المناعة المكتسبة بشكل كبير في المجتمع, والترويج للفضيلة يعتبر من أهم الأدوات التي لها اليد الطولي في مناهضة فيروس نقص المناعة المكتسبة/ الأيدز ولكنه ليس الوحيد وخصوصا إذا مورس بطريقة غبية وتحمل الوصم على المتعايشين وتؤلب المجتمعات عليهم .

لا نستطيع القول أن العلاقات الشرعية هي الشكل الأكثر حماية للحد من إنتشار الإيدز لأنة قد ينتقل عبر نقل الدم أو حتى أن يكون احد الشريكين الشرعيين " مدمنا " للمخدرات عبر الحقن, وبالتالي فمن الممكن أن يكون حتى للطرق الشرعية هنا دور في إنتشار الفيروس بسبب جهل الأشخاص بالممارسات الصحية والمحمية جنسيا , ولا تبدو الفضيلة ناجحة جدا في الحد من إنتشار الإيدز في ظل ابتعاد الكثير من( النشطين جنسيا) إن صح التعبير عن أجواء الدين و أدبياته .

أن هناك العديد من التجارب الدينية الناجحة في مناهضة فيروس نقص المناعة المكتسبة مثل " مبادرة القادة الدينيين في مواجهه الإيدز في العالم العربي " والعديد من الأفكار والادبيات والقوانين والإعلانات من قبيل إعلان القاهرة, وكذا إعلان القائدات الدينيات حول نفس الموضوع فيما يسمى (إعلان طرابلس ) ليتوج النجاح في هذين النشاطين بشبكة الهيئات الإيمانية في مواجهه الإيدز في الدول العربية " شهامة " التي أثبتت نجاح هائل في الحد من التوعية بفيروس نقص المناعة المكتسبة عبر الإهتمام بتنمية الأخلاق الحميدة بالتوازي مع دعوات المعالجة العلمية والوقائية لنفس الموضوع ولدى نفس الجهات الدينية, ومن المهم اللجؤ إلى طرق أخرى للتوعية والترويج لمناهضة إنتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة وهذا ما يمكن أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدني عبر التوعية بمخاطر الجنس الغير محمى بالتوازي مع الترويج للعلاقات الشرعية والعمل على تحفيز تكوين علاقات شرعية بين الجنسين من بينها تخفيض المهور ومساعدة الشباب على الزواج وتكوين الأسر, وهذه الفكرة لا تدعى التقليل من أهميه الدين والأخلاق في التقليل من نسب إنتشار الإيدز ولكنها تركز أن إعطاء معلومات حول أساليب الوقاية " العلاقات المحمية " أولوية في التوعية هو من الطرق الممتازة في تقليل نسب الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة .

ومن المناسب التذكير أن القيادات الدينية يجب أن تكون أكثر حذرا في التوعية بمخاطر الإيدز بحيث لا يكون لذلك النشاط دور في التقليل من الحقوق الإنسانية للمتعايشين معه.