Mon,May 06 ,2024

شيطنة الثقافة

2020-12-25


أن الثقافة لا تحتاج دعم الحكومة فى حال كان الجمهور مؤمن بأهمية الثقافة والفنون والآداب فسيعمل على دعمها والترويج لها وشراء المنتجات الثقافية مما يقلل فعلا من إحتياج الثقافة والفنون والآداب للدعم الحكومي, وسيدفع لوجود منافذ للممارسات الإبداعية عبر الشراء للمنتجات الثقافية والفنية والأدبية, و سيكون هناك صناعات إبداعية تعمل على زيادة الدخل القومي, وستكون هذه الإبداعات والمنافذ حرة لأنها لا ترتبط بالحكومات التسلطية ولكن هل يمكن أن يحدث ذلك فى القريب المنظور ؟.

إن المشكلة الآن لم تعد فى العصبوية والقبيلة والنمطية فقد تطورت كثيرا المشكلة لتبدأ الأصولية الدينية أيضا فى التداخل مع الثقافة والفنون والآداب, ومما يخيف أن هذه الأصولية الدينية أصبحت هي المتحكمة بالقرار في اليمن وعملت على إغلاق العديد من المنافذ الثقافية من صحف ومراكز ومنظمات غير حكومية, وتحارب الفعاليات الثقافية وتقفلها وتسجن بعض منفذيها ممن تبقوا في اليمن , وأما من أرادوا ممارسة نشاطهم الإبداعي بحرية أكبر فقد خرجوا من اليمن بسبب زيادة العنف ضدهم وضد والنشطاء الثقافيين.

لقد زادت معدلات هروب الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية ونشطاء الثقافة وحقوق الإنسان والمؤثرين الإجتماعيين لدى الحوثيين فى صنعاء وعمران وصعده وحجة وريمه وذمار والحديدة, وكذا بسبب الأصولية الدينية لدى أنصار الشريعة فى الضالع و القاعدة وحضرموت وبالتالي أصبحت الثقافة ليس مكرسة للتنمية والحرية ولكنها ميتة أو فى أحسن الأحوال تعمل كجارية مطيعة للسياسة التي أصبح يتحكم في معظمها الأصولية الدينية.

إن السبب الرئيسي لشيطنة الثقافة من قبل الحكومات أو الجماعات الأصولية وعدم استخدامها كأداة لحل المشاكل الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والمدنية هو بسبب معرفتهم بأهميتها وقدراتها الكبيرة فى التغيير الإيجابي, والتوجه لدى هذه الجماعات المتطرفة هو دفع الشارع اليمني إلى الأصولية وذلك لزيادة قوتها من جهة, وكجدار حماية للرد على أصوليات أخرى فمع إستيراد جماعة الحوثيين لمواضيع وأفكار معارك دينية قديمة نجد الأصوليين فى الشق المقابل يتجهون لنفس المرحلة الزمنية للرد على تلك الجماعة ليجد الشارع نفسه غارق فى الأصولية الفكرية والثقافية ولا يستطيع أن يخرج من تاريخ الصراع الذى حدث قبل مئات السنين وما زالت تأثيراته حتى الآن.

وبالطبع هناك اتجاه لدى بعض الشباب نحو العلمانية أو الخروج من المرحلة الزمنية شديدة الماضوية ولكن تجد أن الكثير منهم مهددون وهربوا من اليمن إلى دول الخليج العربي وتركيا ومصر أو الدول الأوروبية والأمريكية, وكان يوجد عدد كبير من المواد الخاصة في الوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني والدستور خاصة بالثقافة وللأسف بعد 2014 تم تجاهل العمل بالوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني والدستور الجديد ومن ثم قامت الحرب عبر دول التحالف على اليمن ليتجمد العمل بكل شي .