Tue,Dec 24 ,2024

حقوق الإنسان وأهمية الترويج لها عبر الثقافة والفنون والأداب

2020-12-25


كنت سعيدا بإفتتاح الدورة التدريبية التي قامت بها المؤسسة التي كنت أعمل بها وهي مؤسسة إبحار للطفولة والإبداع في البرنامج المعنون بمدونات مبدعون من أجل حقوق الإنسان بالتعاون مع الصندوق العربي لحقوق الإنسان والذي أعتبره شخصيا من البرامج المهمة التي نفذتها المؤسسة ومن البرامج المهمة التي أقيمت في اليمن في الحقوق الإنسانية, وبحسب ما أعتقد فإن تجاهل الأدباء والشعراء والفنانون التشكيليون والمسرحيون في مجال حقوق الإنسان من نواحي التدريب والتأهيل والتوجيه لهم لكي يكونوا فاعلين في هذا الجانب هو تعطيل لجزء مهم ولفئة مهمة تستطيع التغيير بشكل كبير في نسيج المجتمع اليمنى.

وتوجد في الوطن العربي العديد من التجارب التي إستهدفت هذه الفئات وخصوصا في مجال السيناريو الذي توجهت إليه العديد من المؤسسات في البلدان العربية وفى مجالات محددة لعل أهمها الأهداف الإنمائية الألفية التي وجدت لها بعض المشاريع, والتي كان المستفيدين فيها من الأدباء والشعراء وكتاب السيناريو بالذات كنوع من توجيه إبداعاتهم إلى أن تكون خادمة للحقوق الإنسانية وداعية لها عبر الإنتاج الفني والأدبي والشعري والتشكيلي, وأعتقد في داخل نفسي أنه لا يوجد نص أدبي في التاريخ لم يكن ضمنه الحقوق الإنسانية فجميع نصوص العالم تحتوى بشكل أو بأخر دعوة للحرية والجمال وقيم الحق والخير والكثير منها حارب الظلم وأظهر بشاعته وهناك نصوص تحدثت عن التعذيب وأهواله والسجون وظلماتها وإنتهاك النساء وظلمهن عبر التاريخ والتعامل السيء مع السود والرق والإستعباد عبر التاريخ, وبنظرة حقوقية في تلك النصوص الأدبية والشعرية والتشكيلية والمسرحية سنجد هناك دعوة لإحترام الحقوق الإنسانية وحرية الإنسان وسعادته وكلها تصب في صالح الحقوق الإنسانية وإن كانت بشكل فطري وإبداعي أو لنقل بصفتها إقتناعات عامة لدى أي شخص لديه جزء ولوبسيط من الثقافة, وإن كانت كل النصوص الأدبية والشعرية والمسرحية والتشكيلية تضمنت الحقوق بداخلها ولو بشكل غير مبرمج فما الذي سينتجه المبدعون في حال حصلوا على التدريب في هذا المجال وأصبحوا متخمين بأفكار وبرامج ومنتجات ومواد إتفاقيات حقوق الإنسان.

إن أغلب الأدباء والكتاب في اليمن لم يتم الإلتفات إليهم لتوعيتهم ببعض مفردات الحقوق الإنسانية العالمية والاتفاقيات الدولية ومحاولة دفعهم إلى أن تصبح مفرداتهم ومشاهدهم المرسومة أو المكتوبة أكثر وضوحا في تضمين الحقوق الإنسانية في سياقها وهذا إستثمار سيء لهذه الفئات الأكثر من مهمة في المجتمعات, وأعتبر أن من الغباء بمكان الإعتماد كليا على النشطاء في مجال الحقوق الإنسانية وتدريبهم فيها والإكتفاء بهذه النخبة التي أصبحت متخمة بالقوانين والإتفاقيات الدولية, ويجب صراحة توجيه بعض المشاريع في المنطقة العربية بإتجاة فئات لم يتم الالتفات لها وعلى رأسهم الأدباء والكتاب والشعراء والفنانون ولن أبالغ إذا قلت نجوم السينما أيضا .

فى هذا الصدد ما زلت أتذكر إن النجمة يسرا نشطت في مجال الإيدز لفترة وكانت ضمن الحضور في بعض الفعاليات التي حضرتها شخصيا في مصر والمتخصصة في هذا المجال, وكذا كان للنجمة هند صبري تدخل أكثر من جميل في فيلم حول فتاة متعايشة مع فيروس نفص المناعة المكتسبة في أحد افلامها , كما أن العديد من النجوم العرب هم سفراء للنوايا الحسنة لليونيسيف, وبعض النجوم العالميين أيضا. وبالتالي فمن المهم أيضا استقطاب النجوم للترويج والتوعية بأهمية العدالة والإنصاف والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان.

كنت فرحا عند إفتتاحى للبرنامج المتخصص بدمج ودفع مجموعة من الأدباء والكتاب والشعراء اليمنيين الشباب في مؤسستي السابقة , ومتحمسا أن يكونوا فاعلين في مجال الحقوق الإنسانية عبرالاستفادة من مواهبهم في الترويج الحقوق الإنسانية, وفخورا بهذا البرنامج و فكرته وخصوصية الفئة المستهدفة فيه, وقد كنت أفكر بالفعل وأنا أتحدث للحضور في حفل الإفتتاح وفى حفل الإختتام أن هذا المشروع لو كتب له النجاح والإستمرار للسنوات المقبلة فسوف يقدم للحقوق الإنسانية عبر الشبكة المعلوماتية والثقافة والفنون والآداب الكثير من النصوص الجميلة والرائعة التي تبتعد بالحقوق الإنسانية عن الوعظ والإرشاد والتوجيه والتقريرية إلى فضاءات إبداعية مهمة وملهمة ومغايرة, وتبتعد بالحقوق الإنسانية من مجتمع الكهنوت الحقوقي المتمثل في سيطرة النشطاء على كل ورش العمل والمؤتمرات والدورات التدريبية التي توجه لهم داخليا وخارجيا وما زالت توجه لهم وستظل توجه لهم إلى أمد بعيد يعلم الله وحدة متى ينتهي, وأن هذه الأنشطة سوف تقترب رويدا رويدا من فئة الموهوبون في الأرض لأنهم الأكثر أهمية في المجتمعات كافة.

 لقد أصبح الوقت ملائما للعمل على فئات جديدة وبشر جدد وفاعلون جدد لتخرج للعالم أفكار جديدة تدفع بالحقوق الإنسانية إلى الأمام كما نحلم دائما بذلك, والسؤال الذي أساله لنفسي هل سيأتي اليوم الذي أسمع فيه أن اللجنة الوطنية للمرأة في اليمن على سبيل المثال لا الحصر قامت بعمل ورشة عمل للأديبات اليمنيات لمناقشة مدى تطور حقوق الملكية الفكرية وحمايتها للأدب النسوى في اليمن, أو مشاركة الروائيات وكاتبات القصة في مشروع لكتابة قصص وروايات عن حقوق النساء في اليمن, أو حتى تحفيزهن لكتابة قصص عن حقوق النساء, والكثير الكثير من هذه الأفكار وما يشبهها.

ربما ما يزال الوقت مبكرا لتفكر المؤسسات اليمنية بأهمية ذلك النشاط وأهمية المبدعين والمبدعات في تطور الحقوق الإنسانية أو ربما أصبح الوقت متأخرا للغاية للعمل على هذا الأمر بعد الحرب التي تمر بها اليمن, وربما كنت محقا أو مخطئا, ولكن هكذا تأخذني الأفكار دائما بهذا الاتجاه وربما سيتحقق يوما ما .