Mon,Dec 23 ,2024
أولويات حقوق الإنسان فى اليمن
2020-12-25
يبدو الحديث عن حقوق الإنسان فى الفترة الحالية ترف, فمع الحرب ووصول عدد كبير من الأسر والأشخاص الى مستويات متدنية للغاية من الفقر لا يبدو أن حقوق الإنسان أصبحت ذات أهمية لهم فهم بالكاد يحاولون الوصول للقمة عيش كريمة, ويأتي فى المقابل وجود حكومات دينية تسلطية ا تهتم كثيرا بحقوق الإنسان و أولويات العمل على هذه الحقوق فى ظل توجهها إلى الحرب كشكل محبب للعيش لهذه الجماعات التي ترى فى الموت أهمية تفوق الحياة, والحق فى الحياة لها أو لمواطنيها .
أن من الأولويات التي أعتقد أنها يجب العمل عليها فى حقوق الإنسان فى اليمن الان أو بعد الوصول الى إتفاقيات سياسية هي العمل على صياغة منظومة تشريعية جيدة التكوين وشاملة تضمن أن يحصل كل المواطنين فى اليمن على جميع حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية وتكون متؤائمة مع الإتفاقيات الدولية ولا تقفز عليها أو تلتف حولها, أو تطوير ما تم العمل عليه في العهود السابقة والتي كانت نشطة على مستوى حقوق الإنسان والقوانين المحلية لتحتوي القضايا الجديدة التي ظهرت مع الصراع في اليمن.
ومن الأهمية بمكان بعد العمل على مستوى التشريع والموائمة مع الإتفاقيات والصكوك الدولية العمل على التطوير الداخلي لحقوق الإنسان, وتعزيز الممارسات الداخلية لهذا المجال, والتعاون مع المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية فى تطوير الممارسة للحقوق الإنسانية والعدالة والبناء المؤسسي للمؤسسات الحكومية الوطنية,ومؤسسات المجتمع المدني لتكون جبهة متكاملة للنهوض بالحقوق الإنسانية فى اليمن.
وكما أسلفنا فأن العمل على القانون والمؤسسات لن يكون ذو أهمية إذا لم يقتنع المواطن اليمني الغارق الان فى الدعاية للكراهية والحض على الموت بأن الحقوق الإنسانية وإحترامها يكون عبر الممارسة الفعلية و اليومية لمبادىء حقوق الإنسان وحرياته, وبالتالي فالأمر منوط بالمؤسسات الغير حكومية وغير الحكومية لتشيع قيم وأفكار ومواد حقوق الإنسان لتصبح أحد المراجع التي يرجع لها المواطنين فى الشارع اليمني وليس النخبة فقط فى حياتهم اليومية, ويأتي هذا بنشر مفاهيم حقوق الإنسان فى المدارس والمعاهد والجامعات والإستعانة بخطباء الجوامع والقيادات المجتمعية والمؤثرين فى المجال الحقوقي و الفني والثقافي و الإعلامي ليصبح العمل على نشر هذه المفاهيم أكبر من العمل على نشر المفاهيم المذهبية أو الطبقية أو المناطقية التي إنتشرت بكثافة فى مرحلة الصراع في اليمن , وبما يجعل من التربية على حقوق الإنسان أحد أهم الأعمال التي تقوم بها الحكومات اليمنية المستقبلية .
إن هذا يعني فى المجمل أن تكون هناك جهود متكاملة وشاملة تعزز حقوق الإنسان يشارك بها المؤسسات الدولية والحكومات المقبلة و المؤسسات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات التعليم والتربية و المؤسسات الثقافية والإعلامية وحتى المواطنين العاديين لكي تصبح اليمن دولة ذات تنمية مستدامة, وليصبح كل مواطن مهما بلغ مستوى تعليميه لديه حساسية للحقوق والحريات فحينها فقط سيكون هناك تطور وتنمية .
إن ما سبق يشكل أولويات حقوق الإنسان من وجهة نظري فى اليمن, وقد يكون الوقت الحالي صعب فى تحقيقها, ولكن لا بد من أن تكون حقوق الإنسان على رأس إهتمام كل شخص فى مرحلة ما بعد التسوية السياسية فى حال حدثت فى المستقبل .