Mon,Dec 23 ,2024
المجلس الاعلي للأمومة والطفولة والدور المفتقد
2020-12-25
كان المجلس الأعلى للأمومة والطفولة من المؤسسات المهمة التي قدمت للأطفال فى الجمهورية اليمنية الكثير من الخدمات والقوانين والشبكات والأعمال التي صبت فى صالح الأطفال منذ إنشائه, ولكن لا أدري ما الذى أصابه منذ 2014 فقد أصبح أشبة بمؤسسة خالية من أى فعاليات خاصة بالأطفال بالرغم من أن حال الأطفال فى اليمن حاليا يتطلب عشرة أضعاف العمل الذى كان يقوم به قبل الحرب على اليمن.
لقد مارس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة فيما مضى أعمال تتعلق برسم السياسات الخاصة بالأطفال من نواحي التعليم والصحة والحماية من العنف والدعم النفسي والاجتماعي, وتقديم التقارير الخاصة بوضع الأطفال فى اليمن, وكانت هذه التقارير تعتبر مرجع مهم للمهتمين بحال الأطفال فى اليمن, وكان لدي المجلس العديد من الشبكات التي كانت تعمل على قدم وساق لأجل الأطفال سواء الشبكة الوطنية لمناهضة العنف ضد الأطفال, أو الشبكة الخاصة بأطفال الشارع, أو الأطفال فى نزاع مع القانون, ومن الضروري أن تستمر هذه الشبكات والأعمال وان تزيد من وتيرة أعمالها فى اليمن فى الوقت الحالي, ولقد قدم المجلس الأعلى للأمومة والطفولة العديد من الحملات الإعلامية التي كانت تستهدف حماية الأطفال من العنف ومن هذه الأعمال التي أذكرها والذي كان لى إطلاع عليها الأفلام الخاصة بطرق التعامل مع المتفجرات أو الممارسات الفضلى لحماية الأطفال فى القصف.
أن المجتمع اليمني حاليا يحتاج المجلس بشكل كبير ومن المهم أن تكون إنتاجات المجلس متواترة ومستمرة وأن تصل الى كل المستهدفين, وأن يكون هناك رجوع للعمل فى مجال الطفولة كما كان فى العصر الذهبي للمجلس فالأطفال يحتاجون الأن للمجلس أكثر من أى وقت مضى, ولقد كان المجلس هو القبلة الأولي لكل الوزارات التي لديها عمل مباشر أو غير مباشر مع الأطفال فى اليمن وكان يقوم بالتنسيق مع كل الجهات المحلية والدولية والوطنية العاملة فى مجال الطفولة ويحاول أن يقدم بناء قدرات لهم وأن يكون لديه كل المعلومات الخاصة بحقوق الطفل وجميع الأعمال المتعلقة به فى جميع الجهات ضمن قدرة تنسيقية هائلة كان يعيشها المجلس بينما نجد الان أنه لم يعد محل زيارة لأحد ولا ذكر له فى الصحف والمواقع الإخبارية التي تتحدث عن مشاريع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة إلا فيما ندر وكأن المجلس لم يعد يقوم بأى برنامج لصالح الأطفال فى الوقت الحالي وفى حاله الحرب التي تمر بها اليمن وواقع الإنتهاكات التي تحصل على الأطفال.
إن المجلس مطالب بأن يرجع الى قوته السابقة وأن يكون الجهة الأولى التي يتم التنسيق معها فى مجال الطفولة محليا وإقليميا ودوليا ومع كل الجهات العاملة مع الأطفال في العملية الإنسانية التي تمر بها اليمن, ويبدو من المعيب للغاية أن تكون المعلومات المتوفرة عن حال الأطفال لدى بعض المؤسسات الغير حكومية الصغيرة أو متوسطة الحجم أكبر بكثير من قاعدة البيانات أو المعلومات المتوفرة لدى أعلى جهة عاملة فى مجال الطفولة فى اليمن بحسب القانون !!.
إن هذا لا يعني أن القائمون على المجلس الأعلى للأمومة والطفولة غير خبراء فى مجال الطفولة وحقوقها وإنتهاكاتها أو لا يستطيعون العمل على الشبكات التي تعمل فى مجال الطفل بل بالعكس ففي المجلس أهم الخبرات فى مجال الطفولة, وإتفاقية حقوق الطفل, وقانون حقوق الطفل اليمني وأيه معاهدات أخرى خاصة بالأطفال فلديهم الخبرة والقدرة على تفعيل برامج تحسن من حال الأطفال فى اليمن والسؤال حاليا من قام بتجميد المجلس الأعلى للأمومة والطفولة؟.
إن الطفولة عالم كبير للغاية وحتى المجلس عندما كان يعمل بكل طاقته لم يكن يستطيع أن يغطيها كاملة فكيف وقد زادت احتياجات الأطفال وضراوتها وقوتها وتنوعها بسبب دخول عنصر جديد فى حياه الأطفال وهو الحرب والحصار والفقر والأوبئة, وبالتالي فالمجلس مطالب بالعمل أكثر من أى وقت مضى لأجل رفع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية الخاصة بالأطفال فى اليمن كما يجب عليه العمل على أن لا يتخلف أى طفل عن التعليم, وأن يحظى كل طفل بالرعاية الصحية المناسبة, وأن يجرم أى تجنيد للأطفال من قبل أى جهة من الجهات المتحاربة دون خوف من أى جهة من هذه الجهات سواء كانت الشرعية أو الانقلابية, ويجب على المجلس أن يمارس دورة الحقيقي فى حماية الأطفال من أى عنف أو إساءة أو استغلال أو أى انتهاكات أخري سواء كانت الزواج المبكر أو التحرش بالفتيات أو حق الفتاه فى التعليم وخصوصا فى مرحلة الحرب التي تمر بها اليمن, وأن يكون للمجلس صوت فى أى تجنيد للأطفال من قبل أي جهة, وأن يمارس المجلس سيادته فى كل تراب اليمن فهو لا يتبع أحد من أطراف النزاع ولا يجب أن يتبع أحد من أطراف النزاع, وأي طرف يقوم بممارسة إنتهاكات على الأطفال يجب أن يعمل المجلس الأعلى للأمومة والطفولة على مناصرة القيام بمعاقبته.
إن أى مجلس أعلى للأطفال فى أى دولة دور مهم ومحوري فى حماية الأطفال بينما لا نستطيع أن نجد عمل واحد حاليا يمكن أن يقدم لنا المجلس كمؤسسة نشطة فى مجال حقوق الطفل في الحرب الحالية حتى أن موقعهعلى الإنترنت, وصفحته على شبكات التواصل الاجتماعي تبدو أفقر من موقع وصفحة أصغر مبادرة محلية تعمل فى مجال الأطفال فى الوقت الحالي.
إن الأطفال العاملين وأطفال الشارع والأطفال فى نزاع مع القانون و الأطفال المجندون ما زالوا ينتظرون تحرك يومي قوي من المجلس الأعلى للأمومة والطفولة وممارسة المجلس لسلطاته فى إلزام جميع أطراف الصراع فى اليمن بالالتزام الكامل باتفاقية حقوق الطفل وجميع الاتفاقيات والقوانين المحلية التي تحمي الطفل بدون خوف, وإن الطفل حاليا فى ظل الأوبئة والحصار يحتاج أكثر من أى وقت مضى الى مشاريع متكاملة تقلل من سوء التغذية الحاصلة عليه, وأن تعزز الرعاية الصحية للأطفال وخصوصا فى مجال النظافة الشخصية وسوء التغذية و الدعم النفسي والاجتماعي الخاص, وفيما بعد إنتهاء الحرب وبدء العدالة الإنتقالية على أنصاف الأطفال من الضرر الذي حصل عليهم خلال فترة الحرب, وخصوصا الأطفال المجندين وتقديم كافة أوجه الدعم لهم بسبب الأهوال التي واجهوها فى فترة الحرب والصدام ما بين الجهات المتحاربة والإفراج عن أي طفل لدي أى جهة كأسير والعمل على أن يكون للمجلس الدور البارز فى تحرير الأطفال من الأسر أو الاعتقال لدى كل الأطراف المتصارعة .
إن للمجلس نجاحات كثيرة أيضا في مجال تعليم الأطفال وتعزيز العملية التعليمية فى اليمن من خلال عدد من المشاريع التي واكبت بنفسي بعضها فى زمن سابق ولكن الان وعند حاجة الأطفال الى الحصول على خدمة تعليمية متميزة ومستمرة وأمنه نجد تراجع المجلس عن دورة فى هذا المجال وهذا مؤسف, ولقد كان من الأصوب أن يكون لدى المجلس دور فى صياغة إستراتيجيات تعمل على أن يحصل الأطفال على الخدمة التعليمية بشكل مناسب وجاد ومفيد ومستمر, و أن يقوم المجلس بإستقطاب كل الأفكار والجهود التي من شأنها أن تصب فى مصلحة التعليم للأطفال فى اليمن حاليا إما عبر التطوع أو عبر استقطاب تمويلات فى هذا الصدد أو الضغط على قيادات الصراع فى اليمن بتحييد التعليم من الصراع بحيث لا تتضرر العملية التعليمية أي ضرر من الصراع الحاصل فى اليمن .
إن الفقر الذى وصله اليمنيين في كل المحافظات أصبح يلقى بظلال سلبية على الأطفال من عدة نواحي وليس التعليم والصحة إلا المشهور منها ولكن أيضا هذا الفقر دفع بالآلاف من الأطفال الى العمل فى أعمال لا تتناسب مع أعمارهم و لها جوانب سلبية كثيرة على حياه الأطفال وسلامتهم الجسدية والجنسية, ولعل العدد الكبير من الأطفال العاملين على تقديم خدمة الوزن " الميزان " واللذين أصبحوا بالعشرات فى كل شارع فى مدينة كصنعاء يعطي رؤية لما قد يكون حدث للأطفال فى مدن هامشية فقيرة أو فى الريف, ولنقس على ذلك الأطفال الذين يقدمون خدمات غسيل السيارات أو بيع الإكسسوارات والكثير من الأعمال ذات الخطورة على الأطفال فى الشارع .
مع الحرب زادت معاناة الأطفال وهذا كان يتطلب إرتفاع نشاط المجلس الأعلي للأمومة والطفولة الى أضعاف ما كان يقوم به فى السابق ولكن العكس هو الذي حصل وهذا تصرف غير مفهوم من جانب مؤسسة تصنف بالجهة العليا فى التعامل مع قضايا الأطفال في اليمن, والسؤال الأن عن من الذى قام بتجميد هذه المؤسسة المهمة هل هم أعضاء المجلس وإدارته أم الحوثيين وعدم اهتمامهم بالطفولة, أم أنها الشرعية وتجاهلها الغير مفهوم لوضع الأطفال فى اليمن, أم أن المانحين أنفسهم لم يعودوا يقدمون الكثير للأطفال فى اليمن أو أن المانحين لم يعودوا يؤمنون بأهمية المجلس فى التعامل مع قضايا الأطفال حاليا .
يجب أن يرجع المجلس لعصره الذهبي فجميع أطفال اليمن يحتاجونه بشده.