Mon,Dec 23 ,2024

أزمة التوثيق الحقوقي

2020-12-25


تجدر الموافقة والشد على يد العديد من منظمات المجتمع المدني في اليمن في نشاطاتها الحقوقية التي تتضمن التوعية والتثقيف على حقوق الإنسان و حقوق الطفل والمرأة والبيئة الخ , وهناك العديد من المؤسسات والشبكات التي بدأت تعمل وتفعل الحراك الحقوقي في اليمن ونشر قيم ثقافة حقوق الإنسان على مستوى النخبة والشارع , ولكن ما يجعل من هذه النشاطات كنوع من أنواع العبث وقبض الريح هو عدم وجود توثيق حقيقي وجيد لها.

إن اغلب المؤسسات الحقوقية في اليمن تعمل بشكل جاد على نشر الحقوق وتوثق أعمالها كجزء من المشروع ككل, والتوثيق هنا يكون في الأغلب توثيق داخلي, ولا يكون هناك تغطية توثيقية تصل إلى مستوى الشارع إلا عبر تغطيات خبرية قصيرة وليست كاشفة, ومما يسؤ في هذه الأنشطة أنها تتجه للشارع, ولكنها لا تصل إليه حتى ولو كان هذا النشاط عبارة عن دورة تدريبية لمجموعة من النشطين إلا أن هذا النشاط لا يتم تغطيته إلا كخبر قصير ضمن النشاطات الإعلامية, وبالتالي يصبح هناك نوعا من الجزر المعزولة بين منظمات المجتمع المدني والناس.

وعند المرورعلى التغطيات الخبرية للنشاطات الحقوقية داخل الصحف اليمنية بشتى توجهاتها نجد التغطيات هنا تكون خبرية كما أسلفنا ولم يكن هناك أي تغطيات كاشفة لأوراق العمل المقدمة وعن ماذا تحدثت وكذا الدورات التدريبية وورش العمل وماذا كانت تفاصيلها , ولكن كلها تغطى خبريا عبر أخبار قصيرة للغاية لتقدم فيما بعد للممول وكأن المسألة ليست تثقيف الشارع بقدر ما هي إرضاء الممول عن التغطية الخبرية ضمن الصحف اليومية والأسبوعية والشهرية الخ .

إن التغطية الكاشفة تعني إفراد مكان واسع للحدث في البرامج التلفزيونية والصحفية بحيث تتعاظم فائدة هذا اللقاء أو تلك الورشة أو ذاك المؤتمر في تمرير معلومات الحقوق الإنسانية وأفكارها لهم , وخصوصا أنها ندوات وورش عمل حقوقية لا تقل أهمية في التأثير على مستوى الشارع لو وصلت إليه لتصبح مفدردات من قبيل حقوق الإنسان وحماية الأطفال ضمن أحاديثه اليومية .

إن مما يسؤ هو عدم جود مؤسسات مجتمع مدني تقوم بهذه النشاطات ” التوثيقية ” والتي تعمل من خلالها على جمع أوراق العمل والأدلة التدريبية والمقالات والتحليلات الصحفية وتقدمها داخل إصدارات توثيقية تعمل على حفظ تراث النشاطات الحقوقية التي أصبحت كما كبيرا من الأوراق المتناثرة والصعب الحصول عليها وتحليلها لتقييم أداءها عبر السنوات الماضية وكذا قياس أثرها على الشارع والحكومة والفئات المستهدفة وتنزيلها للشارع وتمريرها في أحاديثه اليومية, ومما يسؤ أكثر أن نشاط المانحين يستهدف النشاطات التدريبية أكثر من النشاطات الميدانية ولا يدعم بأي شكل من الأشكال أي نشاطات توثيقية تقوم بها منظمة من المنظمات الحقوقية التي قد تستشعر هذا الفراغ في الجانب الحقوقي في اليمن.

إن اقتناع الممولين وكذا الحكومة وحتى المنظمات الغير حكومية بأهمية التوثيق الجيد والنشر الواسع للنشاطات في الحقوق الإنسانية سيقدم للقراء والمهتمين والباحثين هناك في الشارع اليمني سيلا من المعلومات و التحليلات والأفكار التي من الممكن أن تشكل الأرضية لفهم الشارع لمفرادات التنمية والحقوق , وأن لا تكون هذه المفاهيم محصورة على ناشطيها.