Mon,Apr 29 ,2024

أزمة التقييم

2020-12-25


تتداعى في هذه المرحلة الحرجة من مراحل الديمقراطية اليمنية الناشئة مجموعة من الإحتكاكات وتبادل الإتهامات بين أطراف العملية الإنتخابية, وهذا لا يتضمن الإنتخابات الرئاسية أو المحلية فقط , بل يمتد للإنتخابات النيابية والتي يحدث فيها الكثير من تبادل الإتهامات التي تأخذ في بعض الأحيان الطابع العنفى, والناتج الحاصل عن هذه العمليات التي تعتور سير كل عملية إنتخابية يجعل من الجمهور, وهو هنا يمثل دور الناخب غير قادر على تحديد المرشح النزيه الذي لم يصيبه رذاذ الإتهامات سواء كانت حقيقية أو كاذبة, وينتج هذا في الأساس لأسباب كثيرة ولكن من أهمها جهل الشعب بالنشاطات التي تقوم بها جميع الأطراف المعنية, وجهل الشارع بصيرورة العملية التنموية, والتي تعمل عليها هذه الأطراف والتي منها الحكومة والقطاع الخاص وحتى المعارضة والمجتمع المدني.

الحكومة على سبيل المثال لا تعطى لمفهوم الشفافية في نشاطاتها أي لفتة إذا استثنينا التغطيات الخبرية البدائية التي تقوم من خلالها بالترويج لمشاريعها, وحتى وأن أصبحت مثل هذه التغطيات لحركة الحكومة تغطيات كاشفة فغالبا ما تكون محملة بالإنجازات والنجاحات دون الإعتراف بالإخفاقات والفشل سواء الناتجة عن جهاله أو الناتجة عن قصد فيما يمكن تسميته بالفساد مما يعطي معارضيها فرص إتهامها مستندين إلى هذا الغموض في الحراك الحكومي وعدم شفافيتها في العمل, وبالنسبة للمعارضة فإنها ولنفس السبب, أي جهل الشعب بمستوى أداء حكومتة وعدم قدرتة على تقييمها التقييم المناسب والموضوعي يستغل منافسوها من الحكومة أو الأحزاب المنافسة هذه النقطة باتهامات مباشرة داخل إعلام تشهيري يفتقد هو أيضا للمصداقية والموضوعية, ويستند في إنتشاره على عدم شفافية المعارضة في أعمالها .

وعند الرجوع إلى المجتمع المدني فأن المتابع لحركته غالبا ما يحس ويسمع داخل هذا القطاع أن أزمة الأزمات بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني تكمن في عدم القدرة على تقييم الأداء وقياس الأثر لمشاريعها أو قدرتها على مراقبة الإنتخابات لأنها تمر بنس ما تمر به الأحزاب والحكومة من إنغلاق وغياب للشفافية والموضوعية لنجد أن الثلاث القطاعات الفاعلة في أي عملية إنتخابية تغرق في النزاعات والإتهامات الغريبة والناتجة عن عدم معرفة الشارع بمن يعمل لأجله بشكل حقيقي ومؤثر وشفاف .

يمكن القول أن غياب الشفافية والموضوعية وكذا عدم تفعيل مبداء حرية تبادل المعلومات وإباحتها تجعل من عملية تقييم الأثر عملية صعبة بالنسبة للناخب تجاه المرشح, وبالتالي يصعب من عملية الإختيار الصحيح, والناتج عن إقتناع, وكل هذا يجعل من ديمقراطيتنا تلازم مكانها منذ بدايات الترويج لها.

أن الوضوح والموضوعية والشفافية قبل الإنتخابات عبر برامج واضحة وأجندة مدروسة تقدم للناخبين, وبعد الإنتخابات عبر تقييم الأداء وقياس الأثر بشكل حقيقي, وإتاحة هذه المعلومات لكل الناخبين في جو من المساواة في الحصول عليها سينتج إنتخابات أكثر نزاهة عبر ناخبين أكثر معرفة بالجيد من السيء في المرشحين, وضمنيا يمكن إعتبار أيعملية تقييم يقوم بها الناخب في هذه الأيام أو غيرها من المواسم الانتخابية غير موضوعية, وسينتج عنها إختيارات تراوح بالتنمية وبالإنسان في نفس المكان منذ الماضي البعيد وحتى الان.

من المهم أن تكون هذه العمليات من التقييم خارج نطاقات دعايات الحكومة والدعايات المضادة للمعارضة وذلك عبر الصحف الأهلية المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني وأيضا عبر مؤسسات الحكومة الرقابية والمعارضة أيضا, مع التأكيد على أن الجميع ملزم باللجوء للموضوعية والمصداقية في الترويج لإنجازاته أو في الإعتراف بإخفاقاته وأساليب معالجة هذه الإخفاقات حتى لا يصبح هدفا لمنافسية لينشرون عنه إشاعات قد تكون كاذبة ولكنها تضره كثيرا.