Mon,Apr 29 ,2024

المال وحقوق الإنسان

2020-12-24


تحتاج مسيرة حقوق الإنسان فى أى دولة سواء فى مرحلة صراع أو مرحلة سلام الى المال لكي تستطيع توفير الحد الأدني من الكوادر والأجهزة وتصميم المعايير والسياسات والقوانين الخاصة بإنفاذ حقوق الإنسان, وفى حالة اليمن غالبا ما مر العمل من أجل حقوق الإنسان بصعوبات شديدة بداية بالفساد الذى واكب مرحلة الرئيس صالح, والذي بلغت اليمن فى مراحل حكمة مستويات عالية رغم أنه كان يعطي قدر من الحرية للعمل فى مجال حقوق الإنسان, وهذا يحسب له برغم تظاهره بالديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان ولو على المستوى العلني وبالتالي ورغما عن توفر موارد كبيرة لتطوير حقوق الإنسان فى عهده إلا أنها لم تتطور بالشكل الذى يتناسب مع الموارد التي توفرت لمسيرة حقوق الإنسان فى تلك الفترة, وبعد الثورة على حكم صالح في 2011 أصبح هنا أيضا تدفق للموارد فى مجال حقوق الإنسان وتطويره, وواكب هذه المرحلة صعود هادي الى السلطة وبدء مؤتمر الحوار الوطني الذى مضى بالتوازي معه دعم لمجموعة كبيرة للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية لتطوير سياسات وقوانين ومقترحات لمشاريع قوانين فى تلك الفترة تم ضمها الى مؤتمر الحوار الوطني ومواده المختلفة والذي إحتوى هو والدستور اليمني على مجموعة من أهم مواد حقوق الإنسان فى جميع المجالات الحياتية, ولكن هادي كما كان صالح أصبح يتظاهر بالديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان دون وجود تطور فعلي فى الشارع إلا فيما يتعلق بالوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني التي تحسب كإنجاز كبير له .

فيما بعد 2014 ومن ثم بدء العدوان على اليمن وخروج المانحين من اليمن, وكذا وقوع المؤسسات الحكومية تحت سيطرة جماعات مسلحة دينية لا تؤمن كثيرا بالحقوق الإنسانية وظهور ما يسمى بالمجهود الحربي وإستنزاف كل الأموال المتوفرة للحرب وجدت حقوق الإنسان فى اليمن نفسها دون وجود موارد حقيقية تدعم تطورها بما فيه خير الشارع والمواطنين اليمنيين للأسف .

وقد حصل مع الحرب تدفق مالي خاص بالإغاثة الإنسانية وهي كبيرة الحجم حتى مقارنة بما كانت تحصل عليه اليمن فى عهد صالح وهادي ولكن توجهها ناحية الإغاثة الإنسانية الحصار على اليمن وصل الدعم المتوفر لحقوق الإنسان الى الصفر والإهتمام الكامل بالإغاثة الإنسانية وهذا ما جعل من حقوق الإنسان تتراجع كثيرا حتى عن المستوى الذى كانت قد وصلت إليه فى وقت سابق.

إن حقوق الإنسان فى الوقت الحالي تعيش أسواء مراحل حياتها فالعنف ضد المرأة وصل مستويات مرتفعة بينما تم إنتهاك الحق فى الحياة من قبل قوات التحالف فى اليمن أو من قبل الحوثيين فى مناطق يمنية يحاربونها, وقد بلغ العنف ضد الأطفال مستويات مقلقة سواء فى مجال عمالة الأطفال أو تجنيدهم أو حصولهم على التعليم المناسب والرعاية الصحية المناسبة وغير ذلك من الحقوق التي ضمنتها مجموعات من الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأطفال والنساء أو الأشخاص ذوى الإعاقة وغيرهم من الفئات الإنسانية.

إن مرحلة الحرب التي تمر بها اليمن لا تبرر أن لا تحصل الهيئات واللجان والمجالس والمنظمات الغير حكومية على الدعم لممارسة أنشطتها فى حماية حقوق الإنسان حتى فى مرحلة الصراع الذى تمر به اليمن ومن المحتم على العاملون فى هذا المجال من منظمات دولية أن لا يدفعون بحقوق الإنسان الى الخلف من إهتمامهم, ومن المفهوم صعوبة دعم مؤسسات حكومية تتبع جماعات مسلحة, ولكن يمكن دائما العمل على المؤسسات الغير حكومية المستقلة فى هذا الجانب .و يجب أن يكون هناك حدود لتجاهل إنتهاكات حقوق الإنسان حتى ولو كان هذا الإنسان يعيش ضمن سلطة متحاربة ويجب حماية وكفاله حقوق الإنسان حتى ولو كان هذا الإنسان يعيش تحت أي نوع من أنواع السلطات في اليمن, فالسجون على سبيل المثال وصلت مراحل متدنية لا تبرر تجاهلها والتدخل لرفع معاناة المساجين وكذا الخدمات الأساسية التي لا يجب أن يتم تجاهلها حتى فى مرحلة الحروب كالمياه والكهرباء و الرعاية الصحية والتعليم, وإن من الاهمية بمكان العمل على حقوق الانسان فى أى وضع وطرح إستفادة المواطن العادي ضمن أولويات التدخل ومن ثم يمكن التفكير فى الوضع القانوني للحكومة التى تسيطر على هذا المكان أو ذاك. وإجمالا يجب أن يبقى الاهتمام بحقوق الانسان له الاولوية فى الدعم والمساندة من قبل كل الجهات.