Sun,Dec 22 ,2024

الإعلام والمجتمع المدني

2020-12-24


يعتبر التوجه الإعلامي لمؤسسات المجتمع المدني حجر الزاوية في النجاح الخاص بها حيث يضمن التوجه الإعلامي الصحيح والمحترف شهرة لهذه المؤسسات تستطيع من خلالها ترويج أهدافها وتعريف المجتمع بأنشطتها مما يساهم في مشاركة المجتمع في تصميم مشاريعها ونقدها وتقييمها وزيادة متطوعيها, ويعمل الإعلام الجيد على الترويج للحقوق الانسانية والحريات العامة والديمقراطية والتنمية وغيرها من خلال محتوى البيانات الصحفية والإعلامية بشكل غير مباشر, وهذا ما يصنع إيمان مجتمعي بها على المدى الطويل, وتعتبر الأنشطة الإعلامية الصحيحة والمحترفة , والمتميزة بالشفافية والمصداقية من الطرق الهامة لإيمان المانحين بأعمال المؤسسات المدنية, وطريقة جيدة للوصول اليهم, وسبيل من سبل التقاطع معهم, فأغلب المانحين يبحثون عن من يتقاطع معهم في أهدافهم ورؤيتهم للحلول الاجتماعية والحقوقية من منظمات المجتمع المدني المحلية بما يتلاءم مع الأهداف المشتركة والتي تضم على راسها الحق في التعبير, والحق في حرية الرأي كحقوق ذات أصول ثقافية, بالإضافة لنشر ثقافة حقوق الانسان, والترويج لحقوق الانسان الثقافية التي نصت عليها المواثيق الدولية .

لقد كون الإعلام والمؤسسات الإعلامية عبر عشرات السنين من العمل العديد من الأدوات التي تساهم في رفع شأن أى مؤسسة إن استطاعت إدارتها وإستثمارها بشكل جيد من قبيل الصحف والإذاعات والإعلام الورقي والإلكتروني وتقنيات الإعلام الإجتماعية والإعلام الشفاهي عبر مستفيدي المؤسسة , مرورا بالمطبوعات ذات الصبغة الإعلامية للمؤسسة والتي تشرح لمستفيديها ومتطوعيها رؤية وهدف ورساله المؤسسة وأحلامها في تطوير المجتمع, والقضايا الرئيسية التي تعمل عليها, وبالتالي فالإعلام ذو أهمية استثنائية في هذا المجال, ويجب أن يشكل أولوية في تصميم استراتيجياته وخططه وأعماله التنفيذية لتسهم في صناعه توجه إعلامي محترف وشمولي للمؤسسات المدنية بما يضمن معرفة الجهات ذات العلاقة في اليمن وخارجه بأنشطتها المختلفة, وبما يدعم التقاطع في الأهداف والشراكة في مشاريع مستقبلية.

ويصل الإعلام الجيد للمؤسسات المدنية إلى أصحاب المصلحة من المستهدفين من أنشطتها من الأفراد وصناع القرار والإعلاميين والذين يشكلون الفئة الاهم لأي عمل مؤسسي ومشاركتهم في هذه الأعمال بصفتها متوجهه اليهم, وتنشط بالإستناد لمدى تفاعلهم مع أنشطة المجتمع المدني ومشاريعه, وتناولهم لأعمال هذا المجتمع بشكل إيجابي.

إن من المهم العمل في أي مؤسسة مدنية إيجاد قاعدة بيانات خاصة بكل من تهتم بالإتصال بهم, و العمل على إعلامهم بأنشطتها بشكل متكرر, من قبيل القنوات التلفزيونية, والإذاعات المحلية والوطنية, والصحف اليمنية القومية والأهلية والخاصة بمنظمات المجتمع المدني, ومواقع الأخبار الإلكترونية, والعمل على أن تكون معلومات التواصل محدثة بشكل مستمر, بما يضمن وجود المؤسسة وأخبارها لدى المستفيدين أولا بأول, و تحديد مسئول التواصل لتفعيل وتطوير علاقة المؤسسة مع الكيانات الإعلامية, ولضمان وجود تاريخ لدى المؤسسة وتوثيقه من خلال الإعلام لتصبح دليلا على أعمال تلك المؤسسات ودورها في المجتمع.

ندرك أن الإعلام حاليا قد مر بأحداث سيئة كما لم يمر به أي كيان أو مفهوم أخر في ما بعد 2011 ومن ضمنها سجن الصحفيين, وإغلاق مؤسسات إعلامية, وإختفاء الكثير من المنصات الإعلامية, ويأتي الاستقطاب أيضا كأسواء أنواع الواقعية الإعلامية في اليمن فمنذ العام 2011 ونشوء الثورة الشبابية وبعدها أحداث 2014 و2015 وما تلاها أصبح الإعلام مرهون في أغلبه لخدمة شخصيات سياسية وجماعات عسكرية ودينية لا تحترم المجتمع المدني وحقوق الانسان والحريات العامة والديمقراطية ومباديء حرية الإعلام وحرية التعبير, ومن المزعج إختفاء الإعلام التنموي والحقوقي فيما عدا بعض الإشارات لهن في وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحاول من خلال الافراد مالكى هذه الحسابات جعل الحقوق الانسانية والحريات العامة والديمقراطية في متناول يد الجمهور العام, ومع ذلك تبدو بعض المعالجات في هذا الجانب بدائية وتفتقر إلى التنظيم والعمل المؤسسي والفكرة المتميزة والاسلوب الجيد في التناول, فمهما يكن فما يزال حتى لدى النشطاء الأبرز في اليمن تلك الأمية الحقوقية, وتدني الاحساس العميق بأهمية الحقوق والحريات والديمقراطية في نشوء مجتمع مسالم ومتسامح ومتفهم وديمقراطي.

إن فرز التنوع اللوني الاجتماعي في اليمن والذى كان متداخلا إلى وقت قريب وتحويلها إلى الوان صارخة ومنقسمة على بعضها,وتحارب بعضها جعلت ممن الإعلام والمنصات الإعلامية أبواق لأصحاب السلطة من السياسيين والحركات الدينية التي أصبح بعضها مسيطرا على الحياة العامة والحياة السياسية مما زايد من همجية اللوحة اليمنية وعنفها وتوترها.

تاريخيا مرت اليمن بتطور إعلامي جيد بعد الوحدة اليمنية وفتح المجال أمام التعددية السياسية والاجتماعية ونشوء منظمات المجتمع المدني والأحزاب والصحف, مما ساهم بشكل كبير في إثراء الشارع بالإعلام والصحف المستقلة, حتى بدأت مرحلة الاستقطاب الحالية في تاريخ الإعلام في اليمن وأصبح يضر بمسيرة المجتمع نحو السلام، ومن الجيد أيضا أن ننظر إلى أن مؤسسات المجتمع المدني كونت سابقا تجارب ممتازة في إصدار صحف ومجلات ولكن ما يعيب هذا الجانب هو ارتباطه بالممول وانتهائه حين انتهاء التمويل ومن ثم إنتهاء المؤسسات نفسها من خلال محاربتها أو إغلاقها أو تجميدهامما دفع بالإعلام المدني الحقوقي إلى الزوال, وبالتالي فالإعلام في اليمن وفي مؤسسات المجتمع المدني يحتاج إستراتيجيات وخطط للعمل والإستمرارية في الصدور, والإستقلالية, وتبني مقاهيم لا تعمق الصراع , وتقديم المعلومات للقراء بشكل نزيه وشفاف وموضوعي ,

ومن ناحية مؤسسات المجتمع المدني فقد أصبحت تحتاج تعزيز مصداقيتها في التغطية الإعلامية بما يخلق هوية إيجابية لها, وزيادة المعرفة بالجهات الإعلامية والمستهدفة من أنشطتها, و جذب اهتماماتهم وطرق التواصل الفضلى معهم, وبما يضمن تأثير أكبر لهذه المؤسسات وقضاياها, وهذا ما يعزز الحاجة لبناء قدرات هذه المؤسسات وكوادرها في طرق عمل البيانات الإعلامية والتخطيط الإعلامي وتفعيل تواجدها على الشبكات الاجتماعية بما يضمن توجه أعلامي محترف لها, وإستثمار التقنيات الجديدة في العمل الإعلامي داخلها بما يضمن تواجدها وترويج اسمها ومشاريعها في المجتمع, مع أهمية تواجدها على وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر وغيرها من المواقع الالكترونية, وكذا يضمن توثيق تاريخها العملي والمهني في مجال حقوق الانسان والحريات العامة والديمقراطية والتنمية ككل.

أن أغلب مستخدمي الإنترنت هم من الشباب ولديهم ألفة في التعامل مع مواقع التواصل الإجتماعي على الانترنت, ويمكن للمؤسسات المحلية بناء قدراتها من على المواقع المتخصصة في المجال الإعلامي والتي تقدم الدراسات والبحوث والدورات التدريبية في هذا المجال بما يخلق خبرة لها ولكادرها يضمن لهم التواجد على الأرض بكثافة وبدون تكاليف تقريبا, والتشبيك مع المنظمات التي تعمل على بناء قدرات المؤسسات المجتمع المدني في المجال الإعلامي وهي كثيرة داخليا وخارجيا, وإن ما يجب على المؤسسات المدنية في العمل الإعلامي وخصوصا في فترة الحرب التي تمر بها اليمن هو اتزامها بالشفافية والنزاهة والشمولية والموضوعية وخصوصا في قضايا حقوق الانسان والحريات العامة والديمقراطية والتنمية ككل, ومشاركة المعلومات الصحيحة مع الفئات المستهدفة من المؤسسات والأفراد وأصحاب المصالح, كما يجب عليها الدعوة إلى احترام الحق في التعبير لها ولغيرها من الكيانات الإعلامية.

إن لدى المؤسسات المدنية اليمنية صعوبات جمة في العمل الإعلامي بسبب حداثة التجربة المدنية, ووقوعها في فخ الصراعات السياسية والإجتماعية, والتي تؤثر على تطورها وتراكم تجربتها بالإضافة الى قلة وندرة وجود المؤسسات المدنية التي توجد بها سياسات وأنظمة للعمل الإعلامي, وتدني مخصصاتها الإعلامية مقارنة بمخصصات الأنشطة الأخرى, وإعتمادها على أشخاص من غير الماهرين وقليلي الخبرة في العمل الإعلامي ضمن كوادرها , والامية في اليمن تجعل من القدرة على الوصول بالمؤسسة للمستهدفين صعبة ومكلفة وتحتاج مواد إعلامية قادرة على الوصول إليهم, وكذا كان للصراع تأثيرا سلبيا وبشكل كبير على اهتمام المؤسسات الإعلامية من صحف وقنوات وإذاعات ومواقع بالعمل المدني وإهتمامهن بالشأن السياسي والحربي.