Mon,May 13 ,2024

أهمية الدعاية والوصول للجمهور المستهدف في أنشطة المجتمع المدني في اليمن

2020-12-24


إن الدعاية والوصول للجمهور المستهدف ليست بالأمر السهل في مجتمع متنوع على كل المستويات، السياسية وتفاعلاتها، الإقتصادية وتناميها، والإجتماعية بطبقاتها، والجغرافية بتنوعها وتنوع لهجاتها وطريقتها المعيشية, ورؤية كل جماعه للمشاكل المحلية والوطنية وطرق حلها, والتي تختلف جذريا عن الجماعات الأخرى, وعلى نفس المنوال الإختلافات الدينية والمذهبية, ومدى تأثيرها في الشارع اليمني والإختلافات في مستويات الدخل, ونوع الجنس, والأعمارالمتفاوتة للجمهور, والخبرات الحياتية أو العلمية أوالعملية لهم.

أن المجتمع المفتوح والمتنوع بهذا الشكل يحتاج لأكثر من إستراتيجية أو خطة لفهمه وفهم طرق التعامل معه والوصول له بما يلبي إحتياجاته في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية والتنمية, وكذا مشاركتهم في تنفيذ الأنشطة والمشاريع ورقابتهم لمدى نجاح هذه المشاريع وشفافيتها وتأثيرها الإيجابي, بما يزيد من العلاقات والروابط بين والمجتمع والمؤسسات المختلفة فيه, وأصحاب المصالح من صناع القرار والإعلاميين والحقوقيين والمؤثرين وبما يضمن الإستفادة من المشاريع المنجزة وتطوير الإنجازات.

إن مشاركة مؤسسات المجتمع المدني للجمهور في أعمالها هو الطريق الأمثل لنجاحها وتأثيرها في المجتمع, وبالتالي فوجود طرق وأنظمة وفعاليات وأنشطة حول سبل الدعاية وطرق الوصول للجمهور يستدعى التفكير في السبل المتبعة لتنظيم شكل التفاعل المجتمعي مع أنشطة المؤسسة ومشاركتهم فيها, وإيمانهم بعمل المجتمع المدني والذي سيعمل على زيادة نسبة المتطوعين في المؤسسات وإثراءها بالأفكار والأعمال والحماية لها, كما أن الإستفادة الكبيرة للجمهور من المجتمع المدني يستدعى إيمان المانحين بدور المجتمع المدني في التغيير والتحديث والتطوير للمجتمع لمستوى أرفع في الايمان بحقوق الانسان والحريات العامة والديمقراطية كثلاث قضايا رئيسية تعمل عليها مؤسسات المجتمع المدني.

إن المؤسف أن لا تعمل المؤسسات الغير حكومية في اليمن على وضع إستراتيجيات وخطط أو أنشطة خاصة بالدعاية والوصول للجمهور المستهدف, فالمجتمع المدني في اليمن يعتقد نفسه مجتمع نخبة يقوم هو بإختيار المشاكل التي تتناسب مع أولوياته وليست أولويات المجتمع, و يختار هو الحلول التي تتناسب مع أفكاره وقدراته وتوصيات مانحيه دون العمل على مشاركة الجمهور المستهدف وأفكاره حول الحلول المجتمعية المناسبة له , وهذا ليس فقط في مؤسسات المجتمع المدني ولكن على المستوى الحكومي, ويدل على ذلك أن اليمن ربما تكون من الدول القليلة التي برغم وجود منصات للمشاركة المجتمعية إلا أنها لا تتواصل مع الجمهور المستهدف من أنشطتها, و بالرغم من أن اليمن من أكثر الدول التي لديها أياما وطنية وعالمية ودينية الا أن نسب تفعيل هذه الأيام مع الجمهور العام يقل كل عام ويسيطر على المجتمع المدني في اليمن الفعاليات الفندقية والتي لا تخرج عن كونها دورات تدريبية وورش العمل والندوات والمؤتمرات, وربما كان لموضوع الحرب في اليمن ومرور اليمن في مرحلة بالغة الصعوبة والتعقيد دفع المؤسسات لتبني خطط أمنية تقتضى أن تكون جميع أعمالها فندقية أو إلكترونية لضمان الامان لهم ولمستهدفيهم مع إختفاء شبة كامل للوصول الى الجمهور العريض, ولكن بعد إنتهاء الحرب يفترض أن تكون مشاركة الجمهور في العمل المدني وإعادة الأعمار وغيرها من قضايا ما بعد الحرب كبيرة وفاعلة وشمولية وتفاعلية.

إن هذه الأنظمة والمعايير والأنشطة والخطط والإستراتيجيات التي تعمل على تفعيل الجمهور في أعمال المجتمع المدني يجب أن تتصف بالشمولية والموضوعية والمصداقية في التعامل معهم وإحترام تنوعهم وأراءهم, وإعتماد المعلومات الصحيحة لبناء الإستراتيجية الخاصة بالوصول إليهم, والتفعيل المتكامل لها, بالإضافة إلى الإتساق الكامل ما بين المجتمع المدني وأهدافه ورؤيته ورسالته مع أهداف ورؤية ورسالة الجمهور, فمشاركة الجمهور المستهدف في أعمال المجتمع المدني اليمنية سيطور بشكل مستمر من تأثير هذه المؤسسات في تطوير حقوق الإنسان ومفاهيم الحريات الأساسية والديمقراطية للجمهور من خلال تبادل الأفكار والخبرات بين المؤسسات المدنية وجمهورها, ومن القيم المضافة لهذه المشاركة هو تقديم الجمهور دعاية حقيقية وجماهيرية وغير مكلفة لأعمال المؤسسات غير الحكومية في الشارع ومن جهة أخرى وصول حقيقي ومؤثر للجمهور وتطوير أفكارهم وممارساتهم الحياتية, وإن هذا يحتاج أن يكون المجتمع المدني صاحب معرفة بتنوع الجمهور المستهدف وطرق التواصل معهم وإحترام تنوعهم وإختلافهم ضمن أسس ديمقراطية.

بالطبع سيكون هناك صعوبات في تحقيق أهداف الوصول للجمهور المستهدف من أعمال وأنشطة المجتمع المدني وقد تكون هذه الصعوبات نتيجة قلة الممارسات في هذا الجانب من ناحية المجتمع المدني وحداثتة ومروره في منعطفات سياسية تدمر ما تم تبنيه وتحقيقه في السابق, وقلة التمويل الخاص بأنشطته مما يجعلها غير قادرة على تبني أنشطة كبيرة تصل لجمهور عريض من مستفيديها , ولكن العمل على وضع الخطط الجيدة في هذا المجال هو الطريق الأبسط لتحقيقه وخصوصا في حال إستثمار تلك المؤسسات للشباب كمتطوعين في مجتمع شبابي في الأصل كاليمن, وأيضا إستثمارها للإنترنت كأحد الطرق السريعة والمجانية للتواصل مع الجمهور.

إن تخوف المجتمع المدني من التنوع الجغرافي وما يتتبعه من تنوع في اللهجات والثقافات مفهوم, ولكنه قد يكون أحد أسباب نجاح المؤسسات في التغيير نحو الأفضل وخصوصا لدى تلك الجماهير في القرى والعزل والمجموعات السكانية الصغيرة, وإن لدى المجتمع المدني اليمني أفكار يجب أن تستبدل أوتطور من خلال حوارات مفتوحة مع الجمهور بكافة تنويعاته بما في ذلك التنوع الطائفي والمذهبي والمناطقي وغير ذلك من الإختلافات بين اليمنيين فالشارع اليمني مرن يتقبل الأفكار الجديدة والمتطورة في كل المجالات.