Sun,Dec 22 ,2024

كيف تنجح المراءة

2020-12-24


من المعترف به في الأدبيات الاجتماعية أن المرأة نصف المجتمع, وأن العمل على تنشئتها مذ كانت طفلة التنشئة الصحيحة, والتي تضمن تعليمها التعليم المثري لحياتها وخبراتها, وكذا العمل على تثقيفها الثقافة الجادة من جميع النواحي سواء كانت المتعلقة بها هي كالثقافة الصحية والأدبية أو التي تتعلق بمشاركتها في الحياة العامة كالثقافة والسياسة والقضايا الإجتماعية بما يصبح ضمانات لتمكينها للتفاعل مع جميع أوجه الحياة بالشكل المناسب, ورغم ذلك فما زالت المرأة العربية والمرأة اليمنية خصوصا دون معيار المشاركة الكاملة في الحياة العامة بشكل يعتبر مرض إجتماعى وثقافي .

يرجع ذلك إلى تدنى الإحساس لدى جمهور الشارع بقدرة المرأة على المشاركة بفعالية في الحياة العامة, ودليل ذلك لدى الشارع هو الشكل الفسيولوجي والسيكولوجي للمرأة, والذي يعتبره عامل من عوامل عدم قدرة المرأة للإنخراط في البناء المجتمعي , وتزداد المشكلة تعقيدا إذا كانت مثل هذه المفاهيم موجودة لدى المرأة نفسها, وتروجها لنفسها وعن نفسها كنوع من التبرير لعدم قدرتها على المشاركة, وهذا أيضا يشكل عقبة أصعب في تخطيها من إعتقادات الشارع نفسه.

ومن المهم أن نذكر المركزية الدينية الموجودة, والتي تعمل بشكل قوى على تثبيط أي توجه للمرأة نحو الخروج إلى الشارع والمشاركة في قضاياه , ويرجع ذلك إلى عدم فهم الدين بالشكل الأمثل, وكذا ترويج بعض الرؤى الأصولية الخاطئة , التي قيدت من حريات المرأة وتغليب هذه الرؤى على النص الديني الصحيح بشكل جعل من هذه الرؤى والتي لا تعدو كونها تفسيرات لعدد من العلماء القدماء والمعاصرون أهمية وإنتشار على النص الديني الحقيقي نفسه وإكتساب التفسيرات الخاطئة قدسية تفوق قدسية النص الديني, وتعمل العادات والتقاليد من جهتها على تثبيت هذه النظرة لدى الشارع على المرأة وعلى تعميقها في نفسية المرأة نفسها, وتأخذ من الدين ما يخدم أغراضها في السيطرة على المرأة بحيث لا تعدو المرأة في النهاية أكثر من جارية للخدمة وزوجة الإنجاب وأي تحرك من قبلها خلاف ذلك يجعلها من المغضوب عليهم .

إن المرأة يجب أن تفهم أنه لكي تنجح في العمل, وأن تصبح فاعلة ومشاركة فيجب عليها أن تعمل في الشارع وتغيير إعتقادات الجمهور, وهذا ما لم تفعله المرأة اليمنية والعربية إلا في النادر.

إذا حاولنا أن نتعرف على نشاطات المرأة و نجاحها في النزول للشارع وتغيير حزمة الإعتقادات السائدة فسنجد كمية لا تحصى من الفعاليات الفندقية, والتي تدور معظمها على نفس الوجوه النسوية في المجتمع مما يسبب مجموعة من الإخفاقات والفشل الذريع لهذه الأنشطة , فأغلب نشاطات المرأة من ندوات وورش عمل غالبا ما تكون مغلقة على المرأة نفسها, ومن يشاركها همومها من النخبة والمثقفين, والمؤمنين بأهمية مشاركة المرأة ولكن كل هذه الاجتماعات تكون داخل أماكن مغلقة تغطيها تغطيات خبرية بدائية لا يعرف الشارع عنها شئ .

بالنسبة للإصدرات, وأنا هنا أتحدث عن تجربة شخصية, فأن الاصدرات التي تناقش وضع المرأة لا تنزل إلى الشارع أبدا , ولكنها توزع فقط للمهتمين, وحتى أنه في بعض الأحيان يصبح لدى هذا المهتم أو ذاك مجموعه من الكتب النسوية بنسخ مكررة, وأنا نفسي حصلت على العديد من النسخ من نفس كتاب نسوى ومن عدة ورش عمل حضرتها, وكأن المسألة فقط أنه في أي ورشة يقدم للحاضرون نسخ من الإصدرات المتوفرة حتى تنتهى لتطبع غيرها, بالرغم من أن مستلموها غالبا نفس الأشخاص والإنتظار حتى تنتهى النسخ المطبوعة في المخزن لطباعة المزيد لنفس الأشخاص وهم بالعشرات, و لن يستطيعوا التغيير الجاد إما لعدم إيمانهم الجاد بالموضوع برمته و حضورهم أقرب إلى المجاملة, وإما لأنهم مشغولون أساسا بقضايا أخرى تشكل من وجهه نظرهم أهمية أكبر .

ثالثة الاثافى إذا صح تسميتها كذلك تكمن في المرأة الموظفة في مؤسسات أو هيئات تعمل في مجال قضايا النساء نفسها, ومدى إيمان تلك الموظفات بالمرأة ومشاركتها في الحياة العامة , وغاليا لا يعملن على تحقيق مشاركة فعلية للنساء في ظل سيادة جو الوظيفة في عملهن, فأغلب النساء الموظفات في تلك الهيئات النسوية يأخذن الموضوع برمته كوظيفة يستلمن علية الأجر والمرتب مع مجموعه من الحوافز المتمثلة في البدلات المختلفة والسفريات المختلفة ؟ وكأن هذه النشطة نسويا ممرضة أو معلمة تقوم بعملها الروتيني ودمتم!!!.

بالتأكيد هناك وجود لنساء مؤمنات فعلا بالعمل لأجل المرأة دون الاهتمام بالوظيفة وكأنها هي كل شئ في حياتهن ؟, وهناك وجود لتلك النسوة والمجتمع المدني مترع بهن, وكذا في الهيئات الحكومية وشبة الحكومية ولكن هل هذا يشكل تكتل مؤثر, وتستطيع النساء من خلاله التغيير بالشكل المطلوب ؟ والجواب أن هذا لا يشكل فعالية فليس بجزء من المرأة يستطاع التغيير, ولكن المرأة ككل يجب أن تشارك, وليس المرأة فقط ولكن الرجل أيضا يجب أن يمد يد المساعدة.

ولثقافة المرأة دور مهم في إثراء الحركة النسوية - إن صح تسمية الأفعال المشتتة للمرآة اليمنية بحركة نسوية - عبر العديد من الدراسات التي تقوم بها المرأة نفسها, وكذا ما تستطيع المرأة تقديمه عبر وسائل الإعلام من أفكار خلاقة, وإجتهادات تغير من سلوك الشارع تجاه قضايا النساء, ولكن الحاصل أن الكثير من النسوة ما يزلن في طور المراهقة فكريا من ناحية آليات عمل التغيير الشعبي, وكذا الإطار الفلسفي للحركة النسوية العالمية ومدى ملائمتها للحركة النسوية في اليمن, وحسبنا في ذلك العديد من القيادات النسوية واللواتي يظهرن في شاشات التلفزة واللواتي لا يظهر منهن رأي واحد مؤثرا ومقنعا ومثريا للمشاهد أو القارئ إلا في النادر هذا على إعتبار أنهن النخبة النسوية.

وإذا كانت النخبة بهذا الفكر فكيف بالقاعدة ؟؟

أنا لا أنكر هنا دور النخبة ولكني أنكر أن يظل الموضوع إلى الأبد نخبويا ومغلق على قاعات الفنادق الفخمة وصالات الإجتماعات في المؤسسات النسوية, وإن نجاح المرأة يعتمد إعتماد قوى على نزولها الشارع, وكذا فأن المرأة ما زالت تحتاج الكثير من بناء الفكر الفلسفي والعلمي والإجتماعي في مجال قضاياها الجوهرية, وتحتاج بشكل مؤكد الكثير من العمل الجاد لتستطيع التغيير .