Sat,Dec 21 ,2024
الزواج المبكر ... ماذا يقول الرجال
2020-12-24
في حركة الشارع توجد القضايا وعبر أحاديث الشارع تتخلق الأفكار والاقتناعات وتأتى قضية الزواج المبكر عند رجل الشارع دائما محملة بوجهين الوجه الذي تكرسه الكلمة والرغبة بالظهور داخل قالب المثقف والمهتم بمحاربة هذه الظاهرة , والوجه الأخر الذي يكرسه الفعل , وعند الغالب ممن إستطلعت أرائهم ضمن هذا السياق بداء الأغلب محاربون لهذه الظاهرة أو غير محددين رؤية واضحة والسؤال الذي يطرح نفسه الآن .. إذا كان الأغلب مناهض لظاهرة الزواج المبكر فما السبب وراء ارتفاع أعداد هذا النوع من الزيجات وإذا كان الكل يردد ما يسمعه في وسائل الاتصال والتوعية المختلفة فقط لمجرد إعادة كلام غلب علية التكرار ولم ينتج في النهاية إلا نجاحات ما زالت تحت المستوى الذي يؤمل عليه , ونأتي الى أول الآراء التي تم إستطلاعها عند مجموعة ممن يملكون رؤى مختلفة حول ظاهرة الزواج المبكر
عبد الرحمن الشرجبي – موظف 30سنة فقد إستشهد بحديث نبوي حيث تحدث عن قول الرسول قال صلى الله علية وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج " - يقول عبد الرحمن "إن الزواج يرتبط أكثر ما يرتبط بالقدرة والقدرة هنا تعنى إعالة الأسرة وتربية الأبناء , وأن التنشئة تلعب دورا مهما في تنمية قدرات الشاب والفتاة فأحيانا نجد من هم دون سن الثامنة عشرة والسادسة عشرة ولديهم القدرة على إعالة الأسرة وتربية الأبناء وفى أحيان أخرى نجد أن هناك من تجاوز الثلاثين وليس لديه تلك المقدرة ولذلك أرى أن تحديد سن الزواج يتحكم بها البنية الجسدية والقدرة على الإعالة والتربية الصحيحة ".
ويرى منصور الحاج – طالب -18 سنة : إن " الزواج المبكر ظاهرة سلبية لان الفتاه في الأول والأخير هي المظلومة بسبب حدوث تدهور نفسي وجسدي عبر العديد من الأمراض خصوصا بسبب الحمل والولادة المتكرر و في حالة نجاة الفتاة من أخطار الحمل والولادة لا نستطيع أن نؤكد قدرتها على تربية الأبناء وهم الجيل القادم بالطريقة الايجابية وبالنسبة للزواج المبكر للولد فهذه ظاهرة أيضا منتشرة وينتج عنها عدم مواصلته تعليمه وتحقيق مستقبله وفى النهاية الزواج المبكر يؤدى الى تدهور أسرى دائم" .
ويرى إسماعيل الضبيبي , 22سنة بقوله "أنا سأتزوج زواج مبكر فالفتاة التي ارغب بها يجب أن تكون صغيرة من أجل أن أؤسسها بالقالب الذي أرغب به من أخلاق ودين وطاعة لأنها في ذلك الوقت تكون في مرحلة تكوين الشخصية" .
ومن الموافقة الخجولة على ظاهرة الزواج المبكر الى موافقة صريحة تحدث بها الأخ / محمد ناجى – مقوت من الصافية حيث قال " زوج بنت الثمان وعلى الضمان والحمد لله أنا لحد الآن معي ثلاثة ذكور وما قد بلانى الله ببنت لحد الآن وأنتم هكذا يا جماعة حقوق الانسان "تدوروا البعاسس "
وتتحدد الرؤية أكثر مع السنين وفى هذا الموضوع قال لنا الطيب الحاج /فنان تشكيلي سوداني -55عاما إن "الزواج المبكر ليس في صالح الفتاه أبدا فهو يضع عليها أشياء غير متوقعة بالنسبة لها مثال ذلك أن تكون مسئولة عن البيت والميزانية وهى ما زالت في طور اللعب وفى نفس الوقت تكون ملزمة تجاه الزوج بواجبات عاطفية وجسدية لم تتكون لديها القدرة على ذلك وحتى على مستوى العلاقات الاجتماعية ففي الغالب تكون ملزمة أيضا بالتواصل مع ربات بيوت أكبر منها سنا وتجربة وهذا يعنى في النهاية صدمة نفسية لها ودفع عنيف لها لكي تصبح إمرأة في وقت ما زالت فيه في طور الطفولة" .
ويوافق عبد الرزاق علوان المقطرى –موظف – لحج 28 سنة على أهمية مناهضة ظاهرة الزواج المبكر من قوله " ظاهرة الزواج المبكر موجودة ويجب أن تختفي لأجل حياة أفظل للأسرة اليمنية فهي من جهة تولد الجهل لان الفتاة التي تتزوج تترك الدراسة غالبا وتولد المرض عن طريق الحمل والولادة في وقت مبكر وهذا بدورة يولد الفقر ليس على مستوى الأسرة الفقيرة في الغالب ولكن على مستوى الدولة التي تتكبد ميزانيات كبيرة للصحة العامة والتي من الممكن أن تخف كثيرا في حالة كانت هناك ثقافة صحية بمخاطر الزواج المبكر ومن ثم أن الزواج المبكر أيضا ينتج عنه مجموعه من القضايا الأخرى التي ترتبط به بشكل او بأخر مثل العنف ضد المرأة تحت مبرر تربيتها وتأديبها وتعدد الزوجات الذي يحدث دائما في حالة الزواج المبكر" .
وعند سؤاله كيف أجاب" في حالة أن الزوج كبير في السن فهذا يعنى أنه قد تزوج قبلا و أن الزوجة الصغيرة ستصل وفى استقبالها الزوجة الأولى , وفى حالة كان الزوج والزوجة صغارا –ولنقل خمسة عشر عاما - فهذا يعنى أن الزوج سيتزوج بأخرى في المستقبل فالمرأة بسبب الزواج المبكر والحمل والولادة المتكررين وكذا الأعمال الشاقة المسئولة منها المرأة خصوصا في الريف ينتج عجوزا في الأربعين وهى فترة يصل فيها الرجل الى أقصى رجولته في وقت تمر فيه المرأة بسن اليأس مع افتقادها لجزء كبير من جمالها وهذا ينتج بالضرورة ودائما تعدد الزوجات فقضايا المراءة مرتبطة مع بعضها البعض والفتاة الصغيرة المتزوجة من فتى صغير تصبح في النهاية هي الزوجة الأولى التي ستستقبل الزوجة الثانية ( الصغيرة هي أيضا) في دائرة جهنمية لا يبدو لها حلا في الأفق القريب" .
وعن الحلول التي يمكن من خلالها الحد من هذه الظاهرة كرر الأخ / عبد الرحمن الشرجبي مقولته عن" أهمية التنشئة والقدرة على الإعالة ولم يهتم بمسألة السن الذي له أهمية ثانوية من وجهه نظره".
وفى رؤيته الأقرب الى الرومانسية تحدث منصور الحاج عن الحلول من وجهه نظرة قائلا" كل شخص يحب أولادة وعندما يعرفون أن الزواج المبكر يفعل كل هذه الأمراض بأبنائهم سيكفون عن ذلك ولكن يجب أن تكون هناك توعية لهؤلاء الآباء والأمهات حتى يدركون الخطاء اللذين يقعون فيه لأنهم إذا أدركوه فستختفي هذه الظاهرة ".
ولم يبد إسماعيل رغبة في قول الحل من وجهه نظره ولكنة في النهاية قال " إذا كانت الدولة ضد هذا الزواج فمن اللازم علينا أن ننفذ هذا الأمر والذي لا ينفذه يعاقبوه بالسجن ".
وبعد رفض محمد ناجى للتحدث عن الحل لأنه يرى أن لا مشكلة أساسا, روى الفنان التشكيلي الطيب الحاج عن رؤيته عن الحل حيث قال" عندنا في أفريقيا, ما أذكر والله في أي دولة قامت الحكومة بترويج أخبار لشيوخ القبائل و المجتمعات المحلية على أن الارتقاء والترفع في مناصب الدولة سيتم عبر تقييم أداءهم في مجالات مناهضة الزواج المبكر والعنف ضد المراءة والعنف المحلى بمجمله وكافة القضايا المرتبطة بهذه المجتمعات بحيث أن من كان أداؤهم ممتاز أضيفوا الى مناصب الدولة وهكذا تركت الدولة مراقبة ما يحدث في المناطق التي لا تستطيع مراقبتها لشيخ القبيلة أو عاقل المجتمع فشيخ القبيلة أو المجتمع المحلى هو أقرب الى المواطنين من الدولة وبالتالي يكون أقدر على مراقبة و محاربة هذه الظواهر وغيرها وبالفعل نجح الأمر فلماذا لا تستفيد دولة اليمن من هذه التجربة عبر إستغلال وسط المثلث المجتمعي في إيصال رسائلها الى الطبقة العظمى من الشعب وبالأخص الريف".
وعن رؤيته للحل يرى عبد الرزاق أن " القانون أولا وثانيا وثالثا ومن ثم يأتي دور التوعية والتوجيه والترغيب والترهيب وكل ما تمارسه الدولة على المجتمع" .
أما عن المجتمع المدني فقد أبدى إستغرابه قائلا " أسمع عنه ولا أشاهده فانا أسمع جعجعة ولا أرى طحينا , والمجتمع المدني نخبوى بطبيعته فأنا مثلا رغم رفضي القاطع للزواج المبكر إلا أنه لم تصل يدي حتى الآن ولا ورقة تحمل في طياتها معلومات عن مخاطر الزواج المبكر ويأتي هذا بسبب أن الكثير من نشاطات المجتمع المدني نخبويه ولا تنزل الى الشارع للقيام بدورها في تثقيف رجل الشارع ومرأة الشارع وطفل الشارع وأنا أعرف أن النزول الى الشارع يتطلب الكثير من الوقت والمال والجهد ولكن هذا يهون في سبيل نبل القضية ولن تصدقني إذا ذكرت لك أنها هذه هي المرة الأولى التي اسمع بها عن مؤسسة مجتمع مدني تحارب هذه الظاهرة فهذا جيد جدا ويريحني فعلا".
لقد أصبح من الملاحظ أن التعليم والتثقيف يفعل دورا مهما في مجال مناهضة هذه الظاهرة فالأغلب الأعم ممن استطلعت أرائهم وكانوا على قدر من التعليم ابدوا رفضهم لهذه الظاهرة او على الأقل تقييدها بشروط التنشئة والقدرة على الإعالة كما في حالة /عبد الرحمن وأعتقد أن التعليم للمرأة يكتسب أهمية مضاعفة على اعتبار أنها الأكثر تعرضا لهذه الظاهرة والعمل الجاد على تعليم الفتاه والزامية هذا التعليم سوف يكون له أكبر الأثر في تقليص هذه الظاهرة وخصوصا في الريف وإن العمل على تكثيف نشاط التوعية والتثقيف بمخاطر الزواج المبكر عند رجل الشارع الريفي والحضري كما تحدث / عبد الرزاق "سيعمل بشكل كبير هو أيضا على تقليص هذه الظاهرة ولكن الموضوع برمته يحتاج مزيد من العمل والانتشار الافقى الواسع والمخطط له ."
- نزل هذا المقال في مجلة الشيماء تصدر عن شبكة الشيماء, وهي شبكة وطنية لمناهضة العنف ضد المراءة 2009.