Thu,Mar 28 ,2024

الثقافة واليمن

2020-12-24


يعتبر الكثير أن الثقافة ترف يمكن تناوله عند الحصول على مستوى مرتفع من الرفاة الإقتصادي, وهذا خطاء كبير, فدور الثقافة في المجتمعات الفقيرة والذي ينتشر فيها التعصب والجهل والتطرف أهم بكثير من دورها في المجتمعات الراقية, ولكن تختلف المعالجات فمن ثقافة التسلية في مجتمعات الوفرة إلى معالجات ثقافية جادة في المجتمعات الفقيرة تقوم على نشر قيم المحبة والخير والحق والجمال والتسامح وإحترام الأخر, وتدفع بالديمقراطية والحقوق الإنسانية والحريات العامة والتنمية بشكل يحترم الإنسان ولا يلغى خصوصية المجتمع و بما يحفز المجتمع إلى قبولها وقبول الأفكار التي تروج لها, وبخصوص الأطفال والشباب فواقع الثقافة الموجهة إليهم سيء في اليمن فحاليا لا توجد مجلة واحدة حكومية للطفل في الجمهورية اليمنية, وهناك تسرب كبير لكتاب الطفل من عملهم إلى أعمال أكثر ثباتا وأمانا وظيفيا, وانتكاس التجارب الفردية والمؤسسية التي نشطت لفترات في ثقافة الطفل والشباب ومن ثم إختفت.

إن الطفل والشاب اليمنى هما الأقل في العالم حصولا على المعلومات والكتب والمجلات المتخصصة وهما الأقل من ناحية المشاركة في الأفكار والإبداعات المختلفة بالرغم من وجود تجارب سابقة جيدة في مجال المشاركة لكنها في معظمها سياسية كبرلمان الأطفال أو برلمان الشباب والتي تستوعب في معظمها القليل جدا من الأطفال والشباب وكلها تجارب أصبحت غير مفعلة كما كان قبل 2011, واليمن مجتمع فتى أغلب سكانه في الفئة العمرية ما بين الطفولة والشباب من سن 0-25 عاما ومع ذلك يحصلون على الحد الأدنى من التعليم, وخصوصا بالنسبة للفتاة, والحد الأدنى من الثقافة التي وصلت لمستويات خطرة فتدنى مستوى الثقافة يعنى وقوع الأطفال في التعصب والجهل والتطرف وعدم التسامح مع الأخر, ووقوعهم في أدنى مستويات الإحترام للحقوق والحريات, وتدنى مستوى تذوق الجمال والحياة لديهم, ورفضهم لكل ما نادت به الإتفاقيات الدولية و الإقليمية من شرائع وإتفاقيات تهتم ببناء الإنسان ونمائه وبقائه بطريقة كريمة .

إن ما يحدث في اليمن منذ الحرب و مشاركة الاطفال واليافعين في الجماعات المسلحة  ليس إلا مثال على عدم الإهتمام بالهم الثقافي والإبداعي الذي يشذب الأطفال واليافعين والشباب, والوضع مرجح للتدهور أكثر لتصبح الثقافة الخاصة بالأطفال والشباب ثقافة فقيرة وريفية وداعية للعنف والتعصب والتطرف وهذا ما يصنع مجتمع غير مستقر لا يؤثر فقط على نفسه ومجتمعه ولكن تكون تأثيراته السلبية قوية على المجتمعات الأخرى.

 ويزداد الأمر سوءا عند التحدث عن الثقافة في محيط الأطفال والشباب ذوى الإعاقة والمهمشين والأيتام والأحداث وأطفال الشارع والشباب في بيئات خطرة حيث تصبح الثقافة العامة لديهم إقصائية وعنفية وغير متقبله للأفكار الجديدة والملهمة في تنمية وإحترام الحياة, فثقافة الإقصاء والفرز الطبقي والمجتمعي أصبحت موجودة في الشارع العام وهي شأن ثقافي وقضية ثقافية ومعالجتها ثقافية, وهذه القضية ليست وليدة الصراع في اليمن فقط ولكنها مستمرة منذ ما قبل 2011 وكذا 2014 فمنذ الماضي لا توجد آليات لاكتشاف الأطفال المبدعين في اليمن وطرق تنميه هذه الفئة وإمكانيات دفعها لتصبح مؤثرة في الحياة العامة وفى كل قضايا التنمية بالرغم من أن إستثمار هذه الفئات سيسد عجزا كبير في الكثير من الأنشطة التي تفتقر لرؤى مختلفة ومغايرة وأنيقة وذات بعد فكرى متميز, وإن وجود ثقافة إقصاء للأطفال والشباب والذين يحملون بداخلهم مواهب ملهمة من المشاركة في الحياة العامة و القضايا المجتمعية والشأن العام هو ثغرة غير مفهومة وشهرة سلبية لليمن.

وهناك تحديات هامة خاصة بإدماج الثقافة والإبداع في محيط الأطفال والشباب وكذا تحفيز الأطفال والشباب على المشاركة بمواهبهم وإبداعاتهم في الحياة العامة متعلقة بالتحديات التعليمية وارتفاع مستويات الأمية والطبيعة الجغرافية والتشتت السكاني والبنية التحتية المتخلفة للثقافة ولجميع الخدمات الخاصة بالأطفال, وقصور الأداء المؤسسي على صعيد الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.

 إن هذه التحديات ليست عقبة كبيرة فى حال التفكير فى مستوى الربح الذي سيرجع على اليمن فى المستقبل من إختيار هذا الإتجاه فالمجتمع اليمنى مجتمع يمتلك ثقافة ثرية على مستوى الحكايات والأمثال والعادات والتقاليد والأغاني والرقص وحتى على مستوى التنوع الديني والإجتماعي والإقتصادي والثقافي, وكل ما يحتاجه الأمر هو إختيار الثقافة كطريق للسلام والتنمية.